إنفوغرافيك اليابان

اليابان: جدل محتدم حول تعديل مادة من الدستور تنبذ حق شن الحرب

سياسة

إن الجدل المتصاعد حول تغيير الدستور الياباني ينصب على المادة التاسعة وما به من نصوص نبذ الحرب. فيما يلي نقدم خطوطاً عريضة ومختصرة عن القضايا الرئيسية والمواقف في الجدل الدائر حول البند التاسع.

المادة التاسعة وقوات الدفاع الذاتي

لقد تم تصنيف الدستور الياباني لعام ۱٩٤٧ باعتباره دستوراً سلمياً، ويأتي هذا اعتماداً بشكل رئيسي على المادة التاسعة الذي ينص صراحة على نبذ الحرب وامتلاك الإمكانات الحربية وينكر على اليابان حقها في شن أي حرب:

الفصل الثاني نبذ الحرب

المادة ٩ من الدستور اليابانيالفقرة ١: رغبةً في إحلال السلام الدولي بشكل صادق بموجب العدالة والنظام، فإن الشعب الياباني ينبذ الحرب كحق سيادي للأمة والتهديد أو استخدام القوة كوسيلة لحل النزاعات الدولية.

الفقرة ٢: من أجل تحقيق الهدف المنصوص عليه في الفقرة السابقة، لن يتم الحفاظ على قوات أرضية وبحرية وجوية بالإضافة لإمكانيات الحرب الأخرى أبدا. ولن يتم الاعتراف بحق الدولة في إعلان حالة الحرب.

ومع ذلك، فقد كان المعنى والمقصد من المادة ٩ محل نقاش ساخن منذ الخمسينيات، حين شرعت اليابان في بناء قدراتها الدفاعية. وتضم قوات الدفاع الذاتي اليابانية اليوم حوالي ۲٥۰ ألف من القوات البرية والبحرية والجوية، وتصل ميزانية الدفاع اليابانية إلى أكثر من ٥ تريليون ين، بما في ذلك النفقات المخصصة لدعم إعادة تنظيم القوات الأمريكية في اليابان.

رئيس الوزراء شينزو آبي (في الوسط) يتفقد جسر حاملة طائرات الهليكوبتر JS إيزومو في خليج ساغامي خلال مراجعة لقوات الدفاع الذاتي البحرية في ۱٨ أكتوبر/ تشرين الأول ۲۰۱٥. جيجي برس.

 

على مر السنين، اتخذت الحكومة اليابانية موقفاً يقضي بأن مفهوم ”نبذ الحرب“ الوارد في الدستور يشير فقط إلى العدوان العسكري؛ ولا ينكر على اليابان نهائياً حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها ضد كل ما يهدد وجودها. وزعمت الحكومة بأن قوات الدفاع الذاتي دستورية كونها لا تعد ”إمكانات حرب“ وإنما هي الحد الأدنى من القدرة اللازمة لليابان كي تدافع عن نفسها.

وقد عملت التشريعات التي تم تمريرها منذ تسعينات القرن الماضي على توسيع نطاق مهمة قوات الدفاع الذاتي، وأفسحت الطريق أمام مشاركة أكبر لها في العديد من عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. بيد أن الحظر المفروض على ”التهديد باستعمال القوة أو استخدامها“ يحد كثيراً من نوعية الموظفين الذين يمكن أن ترسلهم اليابان إلى الخارج والظروف التي يمكنهم العمل فيها. وفي السنوات الأخيرة، نادى رئيس الوزراء شينزو آبي وآخرون من الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم بضرورة تعديل المادة ٩ على أساس أنها لا تتناسب مع الأوضاع الأمنية الحالية.

في لجنة الدستور بمجلس النواب التي تشكلت عام ۲۰۰٧، تركز جزء كبير من الجدل الدائر حول تعديل المادة ٩ على ثلاثة نقاشات رئيسية أثارها الحزب الليبرالي الديمقراطي: (۱) الحاجة إلى توضيح دستورية القوات المسلحة الوطنية، (۲) الحاجة إلى تأكيد صريح على مبدأ الحق في الدفاع عن النفس، و (٣) الحاجة إلى نصوص دستورية تتعلق بالتعاون العسكري وغير العسكري من جانب اليابان في جهود الحفاظ على الأمن الدولي.

وبينما يصر الحزب الليبرالي الديمقراطي على ضرورة تعديل الدستور لكي يعكس واقع اليوم، يعتقد السياسيون المعارضون من اليسار بضرورة تغيير واقع السياسة الأمنية اليابانية لكي يعكس روح النصوص الواردة في الدستور السلمي. وفي خضم كل هذا، يؤكد العديد من المعتدلين على أن أفضل طريقة للتكيف مع الظروف المتغيرة هي الاستمرار في تمرير قوانين جديدة بموجب الأحكام الحالية للمادة ٩. وبالإضافة إلى ذلك، دعا عدد من السياسيين الليبراليين إلى مراجعة الدستور لهدف مختلف تماما عن الحزب الليبرالي الديمقراطي: وهو تعريف وتحديد نطاق الدفاع عن النفس وواجبات قوات الدفاع الذاتي بشكل أكثر دقة، بما في ذلك المشاركة في الأمن الجماعي.

مواقف الأحزاب بشأن المادة ٩

وفي ربيع عام ۲۰۱۲، أصدر الحزب الليبرالي الديمقراطي مشروع دستور معدل يؤكد صراحة على حق اليابان في الدفاع عن النفس والدور الشرعي للقوات المسلحة اليابانية والتي ستعاد تسميتها بقوات الدفاع الوطني. إن مشروع الخاص بالمادة ٩ المقدم من الحزب الليبرالي الديمقراطي يحافظ على التوجه السلمي للفقرة ۱ الموجودة حالياً، ولكنه يحذف الفقرة ۲ التي تحظر على اليابان الإبقاء على إمكانات الحرب. ويستبدلها بقسم جديد بعنوان ”قوة الدفاع الوطني“ يحدد وظيفة الجيش والغرض الأساسي من وجوده.

ويدّعي حزب كووميتو، وهو شريك الحزب الليبرالي الديمقراطي في الائتلاف الحكومي منذ فترة طويلة، بأنه منفتح على تعديل الدستور، ولكن حتى الآن لم يقدم دعماً لأي محاولة لمراجعة المادة ٩. في عام ۲۰۱٥، ساعد الحزب مجلس الوزراء برئاسة آبي على تمرير تشريعات أمنية مثيرة للجدل (سارية منذ مارس/ آذار الماضي) استنادا إلى تفسير جديد للمادة ٩ يسمح بالمشاركة في الدفاع الجماعي عن النفس. وعند سؤاله حول تعديل المادة ٩ خلال مؤتمر صحافي عقد في ۲۱ يوليو/ تموز، أشار رئيس كووميتو ياماغوتشي ناتسوؤ إلى أن حزبه دافع عن دستورية التشريع الأمني الجديد وقال ”ليست لدينا أدنى نية لأن تتناقض مع موقفنا“.

حزب يمين الوسط أوساكا إشين نو كاي (مبادرات من أوساكا) تؤيد بقوة تعديل الدستور لكنها تؤكد أن الوقت غير مناسب لمراجعة المادة ٩. مشروع التعديلات الصادر عن الحزب في مارس/ آذار الماضي تركز حصرياً على حق التعليم المجاني (بما في ذلك المدارس الثانوية والجامعات)، واعتماد نظام إقليمي للإدارة المحلية (دووشووسيي)، وإنشاء محكمة دستورية للبت في دستورية القوانين.

وفي داخل الحزب الديمقراطي المتنوع إيديولوجياً، يفضل عدد كبير من السياسيين تعديل المادة ٩ من أجل تحديد واضح للنطاق الذي يشمل حق اليابان في الدفاع عن نفسها. غير أن الحزب قد ندد بعدم دستورية التشريع الأمني الذي تم سنه مؤخرا (والذى يسمح بالمشاركة في الدفاع الجماعي عن النفس)، وصرح بأنه سيعارض أي محاولة تقوم بها الحكومة الحالية لتعديل الدستور.

ويدافع الحزب الشيوعي الياباني بشدة عن المادة ٩ مؤكداً على ضرورة أن تسعى اليابان في النهاية إلى حل قوات الدفاع الذاتي وفقا لأحكام تلك المادة.

القضايا والمواقف المطروحة في النقاش السياسي حول المادة ٩

التعديل ضروري التعديل غير ضروري، والحاجة إلى تشريعات جديدة الضرورة لا تستدعي إجراء تعديلات أو إصدار تشريعات جديدة
 دستورية القوات المسلحة
ينبغي أن يضفي الدستور شرعية على دور قوات الدفاع الذاتي ليست هناك حاجة للتغيير
ينبغي أن يضفي الدستور شرعية على دور قوات الدفاع الوطني يهدف إلى حل قوات الدفاع الذاتي وفقا لمبادئ الدستور
 حق الدفاع عن النفس (الفردي والجماعي)
ينبغي أن يوضح الدستور حق اليابان في الدفاع الفردي عن النفس التمسك بالمادة ٩ مع السماح بالحد الأدنى من استخدام القوة اللازمة للدفاع عن النفس
ينبغي أن يوضح الدستور حق اليابان في المشاركة في الدفاع الجماعي عن النفس ينبغي ألا تشارك اليابان في الدفاع الجماعي عن النفس
المعاهدة الأمنية بين اليابان والولايات المتحدة، ومشاكل القواعد الأمريكية
ينبغي أن يحظر الدستور تمركز القوات المسلحة الأجنبية في الأراضي اليابانية ينبغي إلغاء المعاهدة الأمنية بين اليابان والولايات المتحدة وفقا لمبادئ المادة ٩
ينبغي مراجعة اتفاقية وضع القوات الأمريكية اليابانية
 التعاون الأمني الدولي
ينبغي أن ينص الدستور حصرياً على التعاون في المجالات غير العسكرية بهدف الحفاظ على الأمن الدولي هناك حاجة إلى إصدار تشريعات أساسية تنص بشكل حصري على التعاون في المجالات غير العسكرية بهدف الحفاظ على الأمن الدولي ليست هناك حاجة للتغيير
ينبغي أن ينص الدستور على التعاون العسكري وغير العسكري في جهود الحفاظ على الأمن الدولي التشريع الأساسي يحتاج إلى أن ينص على التعاون العسكري (الدفاع الجماعي عن النفس) فضلاً عن التعاون غير العسكري في جهود الحفاظ على الأمن الدولي
 الأسلحة النووية
ينبغي أن يشتمل الدستور على المبادئ الثلاثة غير النووية لليابان والتزامها بنزع السلاح النووي ينبغي أن تتم صياغة المبادئ غير النووية الثلاثة لليابان في شكل قوانين ليست هناك حاجة للتغيير

المصدر: استنادا إلى المواد الصادرة عن لجنة الدستور في مجلس النواب.

الدعم الشعبي للمادة ٩

وقد أظهر استطلاع أجرته هيئة الإذاعة الوطنية NHK في إبريل/ نيسان ۲۰۱٦ حول المواقف المتباينة تجاه الدستور دعما ضعيفاً نسبياً لتعديل المادة ٩. حيث أجاب ۲۲.۱٪ فقط من الذين شملهم الاستطلاع بأن ”تعديل المادة ٩ ضروري“ بينما أجاب ٣٩.۲٪ بأن ”التعديل غير ضروري“.

ومن بين الذين أكدوا على الحاجة إلى تعديل المادة ٩، كانت الحجة الأكثر شيوعا التي اختاروها تبريراً لهذا الموقف هي ”وجوب أن ينص الدستور بوضوح على أن اليابان بإمكانها الإبقاء على القدرة اللازمة للدفاع عن نفسها“ (٥٥.۱٪)، تليها ”وجوب أن يسمح الدستور بالمشاركة في العمليات العسكرية المدعومة من الأمم المتحدة (۲۲.٦٪). من بين الذين اعتبروا تعديل المادة ٩ أمراً غير ضروري، كانت حجتهم الأكثر شيوعا هي ”إنه أهم نص في دستورنا السلمي“ (٦٥٪)، تليها ”يمكننا معالجة القضايا عن طريق التفسير الدستوري دون اللجوء إلى التعديل“ (۱٥.۰ ٪)، و ”إن هذا سيفتح الباب لاستخدام القوة في الخارج“ (۱۲.٤٪).(*١)

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية في ۱۰ أغسطس/ آب ۲۰۱٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: مبنى البرلمان الوطني في طوكيو، جيجي برس.)

(*١) ^ أجرى استطلاع الرأي القومي هاتفياً في الفترة من ۱٥ إلى ۱٧ أبريل/ نيسان ۲۰۱٦، على عينة تقدر بـ۲٤۲٥ مواطن ياباني من الجنسين تتراوح أعمارهم بين ۱٨ عاما فأكثر (تم اختيارهم من خلال الاتصال العشوائي بالرقم)، ووصلت الاستجابات الصحيحة إلى ۱٥۲٣ (٦۲.٨٪).

الدستور قوات الدفاع الذاتي التعديل الدستوري المادة التاسعة