الطريق إلى اليابان

«أوريغامي»... تعرف على فن طي الورق الياباني

ثقافة

فن الأوريغامي، الذي يعني حرفياً ”طي الورق“ باللغة اليابانية، له جذور تاريخية عميقة تعود إلى العصور القديمة في اليابان، حيث كان يُستخدم لأغراض دينية وطقوسية. تطور الأوريغامي على مر العصور، حيث أصبح أكثر شيوعًا وانتشارًا بين عامة الناس، خاصة بعد أن أصبح الورق أكثر توافرًا وبأسعار معقولة. في العصر الحديث، انتشر الأوريغامي خارج حدود اليابان ليصبح نشاطًا عالميًا يُمارس في جميع أنحاء العالم، جاذبًا مجموعة واسعة من الهواة والفنانين والعلماء الذين يجدون فيه مصدرًا للإلهام والتحدي. وقد ساعد هذا الانتشار في تطوير الفن ليشمل تقنيات طي معقدة وأشكالًا جديدة، مما فتح الباب أمام استكشافات إبداعية لا حدود لها.

متعة طي الأوراق

الأوريغامي هو فن تقليدي ياباني يعتمد على طي الورق لإنشاء أشكال متنوعة من الأشياء بدءًا من الحيوانات والطيور إلى الأشجار والأزهار. يعبر الأوريغامي عن تقاليد يابانية عميقة في الفن والثقافة، وهو يعكس الابتكار والدقة والبساطة في التصميم.

يتميز الأوريغامي بأنه يمكن تنفيذه باستخدام قطعة واحدة من الورق، دون الحاجة إلى قص الورق أو تقسيمه، ولكن في بعض الأحيان يتطلب بعض التصاميم الأكثر تعقيدًا استخدام عدة أوراق وطيات دقيقة.

بالإضافة إلى الجمالية الفنية، فإن الأوريغامي يعتبر نشاطًا مسليًا ومهاريًا يمكن للأشخاص من مختلف الأعمار الاستمتاع به. كما أنه يعكس قدرة الإبداع والتفكير المنطقي، ويشجع على تطوير مهارات التركيز والصبر.

تتنوع تصاميم الأوريغامي بين البسيطة والتي يمكن تنفيذها بسهولة للمبتدئين، إلى التصاميم الأكثر تعقيدًا التي تتطلب مهارات وخبرة أكبر للمحترفين. تشمل التصاميم الشائعة شخصيات من الثقافة الشعبية مثل شخصيات الأفلام والكرتون والأبطال الخيالية.

يعكس انتشار الأوريغامي في جميع أنحاء العالم الاهتمام المتزايد بالفنون التقليدية والثقافة اليابانية، وقد أدى إلى تنظيم مسابقات ومعارض وورش عمل حول العالم لتعزيز هذا الفن الجميل والمثير.

لقد أصبحت تقنيات الأوريغامي تطبق في مجالات مختلفة خارج نطاق الفن التقليدي، وهذا يعكس قدرتها على التطور والتكيف مع الاحتياجات الحديثة والتحديات التكنولوجية. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات الأوريغامي في الهندسة الميكانيكية والهندسة الطيرانية لتصميم هياكل معقدة وخفيفة الوزن، مما يساهم في تقليل التكلفة وزيادة الكفاءة في الصناعات الفضائية والطيران.

بالإضافة إلى ذلك، يستخدم الباحثون تقنيات الأوريغامي في مجالات مثل الرياضيات والفيزياء لفهم الأنماط الهندسية والتناظرية والتصاميم المعقدة. ويمكن أن تساهم دراسة الأوريغامي في تطوير نماذج رياضية تساعد في فهم الظواهر الطبيعية والميكانيكية بشكل أفضل.

الجانب المثير للاهتمام في الأوريغامي لا يقتصر على الفن والحرف اليدوية فحسب، بل يمتد إلى تطبيقاته في حل المشكلات الفنية والعلمية. فقد وجد باحثون في مجالات متعددة مثل الهندسة، الطب، وعلوم الفضاء، إلهامًا في الأوريغامي لتطوير حلول مبتكرة لتحديات معقدة. على سبيل المثال، تم استخدام مبادئ الأوريغامي في تصميم أنظمة قابلة للطي في المركبات الفضائية، وفي تطوير أجهزة طبية قابلة للتوسع والطي لتسهيل عمليات الإدخال الجراحية الدقيقة.

بهذه الطريقة، يواصل فن الأوريغامي تأثيره وإسهامه في الثقافة العالمية، ليس فقط كممارسة فنية تقليدية، ولكن أيضًا كمصدر للإلهام والابتكار في العديد من المجالات العلمية والتكنولوجية.

التصميمات الكلاسيكية

طائر الكركي

يعتبر طائر الكركي المصمم ورقياً أحد أشهر التصميمات الكلاسيكية في فن الأوريغامي. هذا الفيديو يوضح خطوات الطي المتبعة أثناء عملية التصميم


أوريغامي: تصميم طائر الكركي بطريقة الطي الورقي.

يعتبر طائر الكركي في اليابان رمزاً تقليدياً يعبر عن طول العمر. ولهذا السبب يتم تصميم 1000 أوريغامي في شكل طائر الكركي وربطها ببعضها البعض بواسطة خيط. وتقول الأسطورة اليابانية القديمة أن من يطوي ألف طائر كركي ورقي فإن الآلهة ستمنحه أمنية، ويعتقد البعض بأنها تمنح الحظ الجيد السرمدي عوضًا عن أمنية واحدة فحسب مثل: عمرًا مديدًا أو شفاء من مرض أو إصابة، فهذا ما جعلها هدية شائعة للأصدقاء المميزين والعائلة. ويعتبر طائر الكركي في اليابان أحد المخلوقات الروحية أو المقدسة. وهي تمثل أيضا تعبيراً عن الرغبة في السلام.

(Senbazuru) (ألف طائر كركي مصمم بطريقة الطي الورقي)

خوذات محاربي الساموراي

تعد خوذات الساموراي هي الأخرى واحدة من التصاميم الكلاسيكية للأوريغامي، حيث تمثل رمزاً تقليداً للاحتفال بـ (Boys’ Day) (يوم الأولاد)، وهو مهرجان يقام في الخامس من مايو/ أيار للاحتفال بالولادة والنمو الصحي للأطفال الذكور. وخلال العطلة يقوم العديد من المحتفلين باستخدام ورق الصُحف لعمل الأوريغامي في أشكال خوذات ساموراي كبيرة الحجم بما يكفي لارتدائها.

ورق الصحف مناسب لعمل الخوذات الكبيرة

خطوات الطي المتبعة لتصميم خوذة محاربي الساموراي الورقية

الصناديق

تصميم صناديق الأوريغامي الملونة ليس فقط أمراً ممتعاً وشيقاً، ولكنها أيضاً مفيدة للاحتفاظ بالأشياء الصغيرة كمشابك أو دبابيس تجميع الورق.

أشكال مختلفة لصناديق الأوريغامي

أصل نشأة فن الأوريغامي

إن تاريخ الأوريغامي يعود إلى القرن السابع عندما وصل فن صناعة الورق إلى اليابان من الصين، حيث ظهرت الإبداعات الورقية المطوية لأول مرة كجزء من الطقوس الشنتوية في تغليف القرابين المقدمة للآلهة، ولا تزال التصاميم الزخرفية الشكل تُستخدم حتى وقتنا الحاضر في أغراض عدة من بينها مثلاً مظاريف الهدايا في حفلات الزفاف. واستُمدت هذه العادات من تقليد (origata) (آداب طي الورق) التي كانت منتشرة بين عائلات الساموراي كعائلة أوغاساوارا وعائلة إيسي في عصر موروماتشي (1333-1568).

هدايا تُقدم في حفلات الخطوبة مغلفة باستخدام فن طي الورق (origata).

ولقد أصبح فن طي الأوراق يُعرف بالأوريغامي في عصر إيدو (1603-1868). ومع انتشار الورق الياباني على نطاق واسع زادت شعبية الأوريغامي بين عامة الناس، وأصبح يمارس كهواية من قبل الصغار والكبار على حد سواء. ويعتبر أقدم كتاب معروف يتحدث عن الأوريغامي هو (Hiden senbazuru origata) (The Secret of Folding 1,000 Paper Cranes) (أسرار الطي الورقي لتصميم ألف طائر كركي) المنشور في عام 1797، ويعرض 49 طريقة مختلفة لتصميم طائر الكركي.

واليوم نجد الأوريغامي في جميع أنحاء العالم ويُستخدم في مختلف المجالات من التعليم إلى إعادة التأهيل. ومع عرض أساليب وطرق جديدة في فن الطي الورقي عبر الإنترنت، فهناك فرص أكبر للتعلم أكثر من أي وقت مضى.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة الموضوع: طائر الكركي بألوانه الزاهية واحد من أشهر التصميمات المعروفة في فن الأوريغامي)

أوريغامي