
مهرجانات الرقص في اليابان
سياحة وسفر
ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
رقص في الشوارع
فصل الصيف في اليابان هو موسم رقص ”بون أودوري“. ومن الشائع أن يتحلق الراقصون في انسجام تام حول ”ياغورا“، وهي منصة مرتفعة يقف فوقها موسيقيون يعزفون أغاني تقليدية. ولكن الكثير من رقصات بون أودوري تتخذ شكل ”ناغاشي-أودوري“ أو عروض رقص.
تبدأ مواكب الرقص وتنتهي عند نقاط ثابتة، ويتبع الراقصون فيها مجموعة من الحركات المتناسقة. تعزف في هذه الفعاليات ألحان شعبية، ويتنقل الراقصون عبر الأحياء وهم يرتدون ملابس تقليدية تضفي على كل فعالية جوا مميزا. وفي هذه المقالة نستعرض 3 مواكب رقص مثيرة للإعجاب على نحو خاص.
أووارا كازي نو بون
(1-3 سبتمبر/أيلول، في توياما بمحافظة توياما)
راقصات تختبئ وجوههن تحت قبعات منسوجة من القش بينما تؤدين عروضهن بدون كلمات، لكن أصابعهن الممدودة تنقل رسالة (© مكتبة هاغا).
يصف مقطع من رواية ”أغنية حب لكازي نو بون“ لعام 1985 للمطرب تاكاهاشي أوسامو، أجواء هذا المهرجان على نحو رائع، حيث يقول ”عندما تتوهج الفوانيس ويتردد صوت كوكيو في الهواء، تصبح ليلة كازي نو بون طويلة“.
على الجانب الآخر من نهر إيدا يمتد شارع ضيق يسير بشكل صاعد على طول جدران حجرية، إلى الجنوب من محطة إتشو ياتسوؤ على خط جيه آر تاكاياما الرئيسي. وفي حي ياتسوؤماتشي-سوواماتشي الواقع على هضبة فوق المدينة، تصطف منازل تقليدية على طول الشارع المرصوف بالحصى، ما يخلق مشهدا رائعا صُنف ضمن ”أفضل 100 شارع“ في اليابان. يقام مهرجان أووارا كازي نو بون هنا وفي حي ياتسوؤ فوكوشيما بالقرب من محطة سكة الحديد.
تضيء الفوانيس منحدرا عند الغسق (© مكتبة هاغا).
على الرغم من أن المهرجان يسمى كازي نو بون، إلا أنه يقام بعد فترة بون الصيفية. ففي لهجة المنطقة يطلق على الفترة الفاصلة بين الفصول اسم بون. ووفقا للتقويم الياباني التقليدي فإن فترة الخريف تبدأ بعد 210 أيام من ”ريشّون (بداية الربيع)، ويُقال إنه هو وقت يكون الجو فيه عاصفا، حيث تحدث أعاصير في كثير من الأحيان. وقد نشأ المهرجان منذ 300 عام على أمل منع حدوث ”كازي“، وهي الرياح القوية التي من شأنها أن تلحق الضرر بمحصول الأرز قبل وقت حصاده، وللصلاة من أجل حصاد وفير.
يقطن منطقة ياتسوؤ فوكوشيما حوالي 2000 شخص، ولكن رقصات كازي نو بون تجتذب أكثر من 200 ألف زائر على مدار أيام المهرجان الثلاثة. وهناك قواعد صارمة في هذا المهرجان تتمثل في منع عبور الطريق أمام الراقصين، ومنع المشاهدة من الطريق، ومنع التصوير الفوتوغرافي مع الفلاش، من أجل الإبقاء على حجاب الليل الذي يعد جزءا مهما من سحر الفعالية.
في ظل غياب إنارة الشوارع، فإن الفوانيس هي المصدر الوحيد للإضاءة (© مكتبة هاغا).
زوجان يرقصان على أنغام أغنية يتمحور موضوعها عن حب غير متبادل (© مكتبة هاغا).
تتعاظم حشود المتفرجين مع حلول الليل، ويبدأ العزف على آلة الشاميسين. ثم ترقص مجموعات من الرجال والنساء يرتدون زي يوكاتا، في الشارع بينما يتقدمون ببطء على طول المسار. أسلوب رقص النساء الأنيق يتناقض مع أسلوب الرجال الأكثر ديناميكية. وفي الأماكن المفتوحة، يرقص الرجال والنساء معا في عروض مفعمة بالحركات الحسية.
يسير خلف الراقصين مغنون وموسيقيون، ويتردد في الأجواء صوت شجي لكوكيو، وهي آلة وترية تقليدية تعزف باستخدام قوس، مصحوبة بآلة الشاميسين. وتكون نغمة كوكيو عالية النبرة متناغمة بشكل جميل مع سحر الحي والرقص الرشيق.
أصوات آلتي الشاميسين والكوكيو تصاحبان الرقص (© مكتبة هاغا).
لا يُسمح بالمشاركة في الرقص إلا للسكان المحليين العازبين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما (© مكتبة هاغا).
تبدأ المجموعات السياحية الكبيرة بالتفرق حوالي الساعة 11:00 مساء، ويعم البلدة صمت مطبق. ولا يتبقى سوى بضعة أشخاص من المتفرجين الذين يريدون مشاهدة العروض في وقت متأخر من الليل. يعاود الظهور الراقصون الذين أخفوا ملامحهم خلف قبعات من القش، حيث باتت وجوههم الآن مرئية. من الصعب أن أتخيل أن شبابا مظهرهم بريء كانوا يرقصون بإغراء شديد. وهذا الجانب بالنسبة لي، هو المتعة الحقيقية في البقاء حتى الفجر.
يملأ الراقصون في كل منطقة الشوارع على هواهم، وتستمر الفعالية حتى الفجر. عندما يستقل الزوار الذين شاهدوا المهرجان طوال الليل القطار المبكر للعودة إلى منازلهم، يؤدي الراقصون من حي فوكوشيما رقصة الوداع على رصيف المحطة.
وداع الزوار بعد ليلة من الرقص (© مكتبة هاغا).
أوا أودوري
(12-15 أغسطس/آب، في توكوشيما بمحافظة توكوشيما)
تؤدي كل مجموعة رقصة مختلفة، وكل أداء عبارة عن عرض لرقصات خيالية (© مكتبة هاغا).
نشأ أوا أودوري في عام 1586 كاحتفال بإكمال تشييد قلعة توكوشيما، حيث خرج سكان البلدة إلى الشوارع لمدة 3 أيام للرقص والاختلاط مع بعضهم البعض بسعادة دون أي اعتبار للرتبة أو المركز. ثم اندمجت هذه الفعالية لاحقا مع تقليد بون أودوري الذي يكرم الأسلاف الراحلين، لتتطور في النهاية إلى شكل من المواكب في الشوارع. يشتهر مهرجان أوا أودوري بأنه أحد أكثر مهرجانات اليابان حيوية.
عندما تصل القطارات إلى محطة توكوشيما على خط جيه آر وينزل الركاب، يمكن سماع صوت عزف آلة الشاميسين يتردد في الهواء. يزور مهرجان أوا أودوري كل عام مليون شخص (أربعة أضعاف عدد سكان المدينة)، وكلهم شوق لرؤية موكب الرقص ينطلق على طول الشارع الرئيسي. هناك أيضا 4 مناطق مخصصة للمتفرجين مع مقاعد مدفوعة الأجر وأخرى مجانية، بالإضافة إلى الكثير من الفرص لرؤية والمشاركة في رقص مرتجل يجوب الشوارع. تعيش المدينة بأكملها على مدار الأيام الأربعة لمهرجان أوا أودوري على إيقاع هذه الفعالية المفعمة بالحيوية.
تؤدي العروض أكثر من ألف فرقة رقص تسمى ”رين“ وتضم كل منها 20 إلى 100 عضو. ينطلق الرقص في مناطق المتفرجين ذات المقاعد المدفوعة الأجر، بين الساعة 6:00 والساعة 10:00 مساء يوميا. إن رؤية فرق رين شهيرة تضم راقصين موهوبين واحدة تلو الأخرى أمر يبعث على الإثارة، حيث تقوم كل مجموعة باستعراض خطوات رقصها الرائعة.
تصاحب الموسيقى آلات الشاميسين والناي والصنوج الصغيرة وطبول التايكو (© مكتبة هاغا)
بمجرد أن تبدأ الموسيقى، تظهر راقصات وعلى رؤوسهن قلنسوات من القش وهن يرتدين أزياء يوكاتا ملونة، وتبدأ أيديهن بالتمايل برشاقة. وتتبعهن مجموعات من راقصين ذكور يقفزون بحيوية. تعلو البسمة والبهجة على وجوه جميع الراقصين، ومن الواضح أنهم يأخذون العبارة الشهيرة التالية المرتبطة بمهرجان أوا أودوري على محمل الجد: ”بعض الحمقى يرقصون، وبعض الحمقى يشاهدون. فأنت أحمق في كلتا الحالتين، فلماذا لا ترقص؟“
يمكن لأي شخص أن يشارك في متعة مهرجان أوا أودوري (© مكتبة هاغا).
تبلغ ذروة المهرجان في موقع ميناميؤتشي-ماتشي، حيث يؤدي ألف راقص من 14 رين عروضهم. ينساب الراقصون بين المتفرجين الواقفين على جانبي الشارع في موجة لا تنتهي، وتكون طاقة الرقص وحيويته تضاهي تلك في كرنفال ريو في البرازيل.
ينتهي مهرجان أوا أودوري بالمشهد الختامي الكبير ”سو أودوري“ (© مكتبة هاغا).
ياماغاتا هاناغاسا ماتسوري
(5-7 أغسطس/آب في ياماغاتا بمحافظة ياماغاتا)
درجت العادة على تأدية رقصة كونبو موغاميغاوا النسائية من أسلوب سيئتشو التقليدي، سنويا اعتبارا من 1963 (© مكتبة هاغا).
تحمل راقصات مهرجان هاناغاسا قبعات منسوجة من القش مزينة بـ”بينيبانا (أزهار القرطم) عاليا فوق رؤوسهن. ويستمد المهرجان من هذه الزخارف اسمه البديل ”بينيبانا أودوري“. يجوب الراقصون الشوارع على أنغام هاناغاسا أوندو، وهم يهتفون ”ياشّو ماكاشو“.
هناك 160 مجموعة تنقل إرث الرقص، وتأتي فرصتها لتصبح تحت الأضواء خلال مهرجان هاناغاسا ماتسوري الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام. يصطف 14 ألف راقص من جمعية الحفاظ على هاناغاسا أودوري على الطريق الذي يبلغ طوله 1.2 كيلومتر عند الغسق، ويرقصون في حشد يجوب الشوارع لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة.
تتحرك الراقصات في انسجام تام على أنغام أغاني تثني على الأماكن والتخصصات المحلية (© مكتبة هاغا).
يُعد موكب الرقص ابتكارا جديدا نسبيا، فقد بدأ خلال عصر تايشو (1912-1926)، وكانت ألحان مهرجان هاناغاسا أوندو في الأصل عبارة عن أغنية ”دونتسوكي أوتا“ وهي نوع من أغاني العمل تُغنى لمساعدة العمال في الحفاظ على إيقاع متساوٍ أثناء حفر خزان. وللاحتفال بإكمال حفر الخزان، ابتكرت حركات مصاحبة للألحان، أطلق عليها اسم هاناغاسا أوندو. ومن ثم تطور الرقص إلى موكب يجوب الشوارع، ليؤول في النهاية إلى هذا الاستعراض الرائع الذي نشاهده اليوم.
يعبر أسلوب سيئتشو للرقص التقليدي عن جمال الطبيعة والإنجازات البشرية، وتؤدى عروض منه في هاناغاسا أوندو. يُطلق على مجموعة الرقصات المصممة كونبو موغاميغاوا، مع عناصر من الرقص الياباني الكلاسيكي ”نيهون بوي“ اسم ”رقصة النساء“، في حين أن الرقصات الجريئة يُطلق على أسلوب ”زاؤ غيوكو (رقصة الرجال)“.
ينبغي أيضا عدم تفويت ”رقصة تدوير القبعة“ في أوبانازاوا موطن هاناغاسا أوندو. تجمع هذه الرقصة بين حركات الحفر الخاصة بأصل الأغنية وتدوير حيوي لقبعات كبيرة مشابهة لتلك التي كانت مستخدمة عندما ابتكرت الرقصة لأول مرة. كما طورت كل مجموعة رقص حركات مميزة تساهم في تحسين أجواء الفعالية.
يقام مهرجان أوبانازاوا هاناغاسا ماتسوري في أوبانازاوا، موطن مهرجان هاناغاسا ماتسوري الذي يقام في الفترة من 27 إلى 28 أغسطس/آب (© مكتبة هاغا).
تزين قبعات الراقصات اليوم بزهور اصطناعية على شكل ”بينيموتشي“ وهي أقراص مضغوطة ومجففة من بتلات بينيبانا المخمرة التي يُصنع منها أحمر شفاه بيني.
بدأت زراعة بينيبانا في المنطقة في فترة موروماتشي (1333-1568)، حيث التربة والمناخ في حوض نهر موغامي ملائمين تماما لزراعة هذه الزهور، وكان إنتاج المنطقة من زهور بينيبانا خلال سنوات الذروة الإنتاج يمثل ما يقرب من نصف الإنتاج الإجمالي لليابان من هذه الزهور. وكانت – على وجه الخصوص – الصبغة الموجودة في بتلات الزهور المزروعة في منطقة موغامي الداخلية شمالي المحافظة، تنتج أفضل ألوان شفاه بيني، حتى إنه كان يقال إنها تعادل قيمة الذهب. ولا تزال بينيبانا حتى اليوم هي فخر ياماغاتا، حيث ساهمت كثيرا في ازدهار المنطقة.
”بينيبانا“ هي الزهرة الرسمية لمحافظة وبلدية ياماغاتا. كانت هذه الزهور ثمينة، حيث لا تنتج كل واحدة منها سوى كمية ضئيلة من الصبغة المستخدمة في أحمر شفاه بيني (© مكتبة هاغا).
(النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. التواريخ المذكورة أعلاه هي تلك التي تقام فيها المهرجانات عادة. صورة العنوان: راقصات ”أوارا كازي نو بون“ في ياماغاتا، © مكتبة هاغا)