برج طوكيو سكاي تري: معلم حضاري يتجاوز الزمان والمكان في اليابان
سياحة وسفر
ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
تصميم البرج المميز
أثار التصميم الفريد لبرج طوكيو سكاي تري، بهيئته الانسيابية وشكله المستقبلي، دهشة وحيرة العديد من المواطنين، الذين اعتادوا على التصميم الأنيق لبرج طوكيو المثلثي الشكل ذو القاعدة العريضة. ومع ذلك، قد أصبح برج طوكيو سكاي تري الآن، جزءًا مألوفًا من المشهد الحضاري للعاصمة اليابانية.
يرجع التصميم الشائك للبرج إلى حقيقية أنه تم بناؤه على مساحة أرض ضيقة وصغيرة بامتداد طولي من الشرق إلى الغرب، وقد تمكن المصممون، من استخدام قاعدة مثلثة تسمح بإقامة وتثبيت أعمدة ومفاصل تصل إلى 70 متراً، بدلاً من استخدام قاعدة دائرية لبناء الأساس الخرساني للبرج والتي كانت لا تسمح إلا بحيز لبناء هيكل مربع قاعدته 60 مترًا فقط، وذلك للاستفادة من مساحة الأرض بالكامل وزيادة قوة ثبات الهيكل.
ومع ذلك، فقد تعقدت مهمة التصميم مرة أخرى نظرًا للحاجة لبناء برج دائري الشكل، وذلك لضمان الإرسال المتساوي لموجات الراديو والإشارات التلفزيونية والسماح للزوار بمشاهدة بانورامية للمدينة بزاوية قدرها 360 درجة من منصات المراقبة. ولتحقيق ذلك، توصل المصممون إلى طريقة تتحول فيها القاعدة المثلثة تدريجيًا إلى برج دائري كلما أرتفع في السماء (في المستويات العليا للبرج). وقد استوحى المصممون شكل البرج من الانحناءة المحدبة للسيف الياباني الرشيق والأعمدة الدائرية في المعابد القديمة.
من المثير للاهتمام أن التصميم المعقد جعل رؤية البرج تختلف اعتمادًا على الزاوية التي تراه منها. ففي بعض الاتجاهات، يمكن أن يبدو متماثلاً، وفي اتجاهات أخرى يبدو كما لو أن إحدى ساقيه ممدودة في وضع ”الراحة“، أو يبدو مائلاً قليلاً.
للوهلة الأولى، يبدو الشكل الخارجي للبرج بسيطًا جدًا، ولكنه سرعان ما أصبح جزءًا أساسيًا من المشهد الحضاري للعاصمة، ومع ذلك إذا نظرنا عن كثب، سنجد أن هذا البرج يخفي تصميمًا دقيقًا معقدًا يتجاوز تحديات تصميمه على مساحة أرض ضيقة ويجعلنا لا نمل من رؤيته. يعد برج سكاي تري تحفة معمارية مصممة على أساس مفهوم ”بناء رمز يتجاوز الزمان والمكان“.
أحدث التقنيات في العالم
برج طوكيو سكاي تري هو أول بناء في العالم يستخدم تقنية شينباشيرا، أو ”العمود المركزي“ لمقاومة الزلازل، والتي توفر الحماية للبرج ذي المظهر الدقيق القابل للكسر.
يوجد داخل هيكل التروس للبرج، أسطوانة من الفولاذ المقوى بطول 375 مترًا وعرض 8 أمتار، حيث توجد السلالم والمصاعد. هذه الأسطوانة عبارة عن مزيج من المثلثات، تضم عضوًا رئيسيًا وعضوًا جانبيًا وعضوًا قطريًا، يتم تثبيت الثلث السفلي (حتى ارتفاع 125 متراً) من هذه الأسطوانة بقوة بالهيكل المحيط بواسطة ألواح فولاذية، بينما يترك الجزء المتبقي والمتمثل بالثلثين العلويين (حتى ارتفاع 375 متراً) غير ملحوم بالبرج، ويمكن لهذا الجزء المنفصل من الشينباشيرا أن يتأرجح بحرية، فهو متصل بالبرج عن طريق مخدات الزيت والتي تمنحه قدرًا من الحركة أثناء الاهتزاز. وبسبب هذا المزيج، تصل الموجات الزلزالية أولاً إلى هيكل البرج ثم العمود المركزي، مما يبطل الاهتزازات ويقلل الحركة ويعيد الهيكل مجددًا إلى وضعية الثبات.
تم اختبار الشينباشيرا لأول مرة عندما حدث زلزال شرق اليابان الكبير في 11 مارس 2011، بينما كان البرج لا يزال تحت الإنشاء. ولكن تقنية امتصاص الاهتزازات نجحت تمامَا كما كان مخططًا لها ولم يتضرر الهيكل. وبعد أسبوع واحد فقط، قام العمال بتثبيت مانع الصواعق على قمة البرج، ليصل ارتفاعه الكامل إلى 634 مترًا. يؤكد كونيشي أتسو، المهندس الإنشائي للمشروع في شركة نيككين سيكي، أن التكنولوجيا أثبتت جدواها، مما مكّن البرج من الصمود ليس فقط أمام حركة الاهتزازات التي تحدث لفترات طويلة (مثل زلزال شرق اليابان الكبير) ولكن أيضًا الموجات الزلزالية القصيرة الحادة التي من المحتمل أن تحدث مباشرة بعد الزلزال.
أنظمة الإضاءة الليلية للبرج تنير سماء طوكيو
تعد الإضاءة الليلية إحدى السمات المميزة لبرج طوكيو سكاي تري. فعندما تم بناء البرج، لم يكن هناك مبنى في العالم بمثل هذا الحجم الضخم مضاء بالكامل بمصابيح led.
تنتج المصابيح المتوهجة التقليدية ألوانًا باستخدام فلاتر لمنع الأطوال الموجية غير المرغوب فيها، مما يؤثر على درجة الإضاءة والسطوع ويؤدي إلى اختفاء اللون تدريجيًا مع مرور الوقت. لذلك، تم اختيار استخدام مصابيح LED التي تتكون من مجموعة من المركبات الكيميائية المختلفة، وتنتج أضواءً براقة ساطعة، كما أنها توفر استهلاك الطاقة بنسبة 40٪.
وقد ساهم بناء برج سكاي تري في تطوير تقنية الإضاءة LED، والتي كانت في ذلك الوقت في طور نشأتها، وتستخدم هذه التقنية الآن في العديد من المرافق الكبرى.
تتميز إضاءة LED بأنها صغيرة جدًا ومتعددة الاستخدامات. يستخدم هذا البرج نمطًا غير عاديًا من الإضاءة، حيث تم تركيب معدات الإضاءة لتوجيه الضوء إلى الأسفل. يتوهج الضوء الناتج عن أجهزة إضاءة led المثبتة بشكل مخفِ تحت حافة منصة المراقبة والجاليري، بشكل تدريجي وتصبح الإضاءة باهتة كلما نزلنا إلى أسفل البرج، وهو ما يذكرنا بالتدرج الجميل للألوان في جبل فوغي المغطى بالثلوج. يصف كايهو كويتشي، المسؤول الرئيسي عن الإضاءة في البرج، بأن هذا يشبه “غسل وصباغة” البرج بالألوان وليس مجرد الإضاءة. فهو المعلم المناسب لمنطقة سوميدا، حيث لا تزال أصداء ثقافة عصر إيدو قائمة.
ساعد استخدام نظام الإضاءة المتجه لأسفل (الهابط) أيضًا في تقليل التلوث الضوئي، والذي يمكن أن يؤثر على الجيران الذين قد يعانون من الإزعاج من الإضاءة الزائدة غير المرغوب فيها، وذلك من خلال حصر الإضاءة والتحكم في تسرب الضوء قدر الإمكان واقتصاره على الحدود الضيقة للبرج.
تكونت مجموعة تصميم الإضاءة في البداية من اللون الأزرق الباهت إيكي الذي يستحضر الأسلوب الأنيق للحياة المتبع من قبل سكان إيدو القديمة، واللون الأرجواني مع الظل الذهبي الذي يسمى ميابي، أو الأناقة الراقية. في عام 2017، تمت إضافة نوبوري لافتة باللون البرتقالي. وفي عام 2020، تم تجديد معدات الإضاءة، وكذلك أنماط الألوان الثلاثة المعتادة، والآن يتوهج البرج أكثر من أي وقت مضى في ليل سماء طوكيو.
بعد مرور عشر سنوات على الافتتاح، يواصل برج طوكيو سكاي تري التطور المستمر، وكذلك المنطقة المحيطة به. وقد تسببت جائحة كوفيد-19 بشكل كبير في انخفاض عدد الزوار إلى المنطقة، ولكن مسؤول العلاقات العامة في مجمع طوكيو سكاي تري تاون يعرب عن امتنانه للمجتمع المحيط ومستخدمو السكك الحديدية توبو على دعمهم ويؤكد أن الاندماج مع الحي والمساهمة في مزيد من التطوير كان القرار الصحيح.
قد يقول البعض إن زيارة واحدة إلى برج طوكيو سكاي تري تكفي، ولكن الاكتشافات والمعالم السياحية الجديدة في المنطقة تنتظر العائدين. قم بالتنزه في الحي واكتشف بنفسك.
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية والترجمة من الإنكليزية. إعداد التقارير والنصوص والصور من قبل Nippon.com. صورة العنوان: يعرض برج طوكيو سكاي تري إضاءة ميابي التي تصور المشاهد الجمالية لعصر إيدو)