من فكرة إلى إمبراطورية: رحلة صعود شركة كاسيو اليابانية

ثقافة

السيد توشيو هو الأخ الثاني بين الإخوة كاشيو الأربعة الذين أسسوا شركة كاسيو للآلات الحاسبة (مقرها الرئيسي في حي شيبويا في طوكيو). وقد كرس حياته للاختراعات مثل ابتكار الساعات الرقمية والآلات الموسيقية الإلكترونية، منذ أن قام باختراع آلة حاسبة صغيرة كهربائية بشكل كامل في عام 1957.

تولى السيد ماسودا يوئيتشي منصب رئيس شركة كاسيو للآلات الحاسبة (في حي شيبويا في طوكيو) المعروفة بساعاتها الرقمية ”جي شوك (G-Shock)“ والآلات الحاسبة والآلات الموسيقية الإلكترونية وغيرها في أبريل/ نيسان عام 2023. وقد أصبح حديث الساعة لكونه ”أول رئيس للشركة من خارج العائلة المؤسسة“.

على اليمين السيد ماسودا بعد ترقيته لمنصب رئيس الشركة في مؤتمر صحفي عُقد في 27 فبراير/شباط. وعلى اليسار السيد كاشيو كازوهيرو الرئيس السابق للشركة والذي أصبح رئيسا لمجلس الإدارة، وهو الابن الأكبر للسيد كازؤ والابن الثالث بين الإخوة كاشيو الأربعة. تقديم الصورة: شركة كاسيو للآلات الحاسبة.
على اليمين السيد ماسودا بعد ترقيته لمنصب رئيس الشركة في مؤتمر صحفي عُقد في 27 فبراير/شباط. وعلى اليسار السيد كاشيو كازوهيرو الرئيس السابق للشركة والذي أصبح رئيسا لمجلس الإدارة، وهو الابن الأكبر للسيد كازؤ والابن الثالث بين الإخوة كاشيو الأربعة. تقديم الصورة: شركة كاسيو للآلات الحاسبة.

شارك السيد ماسودا في مشروع الجيل الأول من ساعات جي شوك، وقام بقيادة مشروع الساعات الذي أصبح الآن العمود الفقري لشركة كاسيو. حيث دخلت الشركة مجال صناعة الساعات في عام 1974، وكان ذلك بعد أن قام السيد توشيو (1925-2012)، الأخ الثاني بين الإخوة كاشيو الأربعة المؤسسين، بتطوير ساعة ”كاسيوترون“ التي تُعتبر أول ساعة يد مزودة بوظيفة التقويم التلقائي في العالم.

وقام السيد توشيو باختراع منتجات مبتكرة مثل آلة حاسبة صغيرة كهربائية بالكامل، وآلة موسيقية إلكترونية تعزف نغمات مختلفة، ووضع بذلك حجر الأساس للشركة العالمية شركة كاسيو للآلات الحاسبة. وأصبح منزله في منطقة سيجو الذي قضى فيه وقته في تطوير الشركة مفتوحا الآن للعامة تحت اسم ”متحف كاشيو توشيو التذكاري للاختراع“ (حي سيتاغايا في طوكيو)، لذا أود في هذا المقال القيام بتتبع سيرة حياته وإنجازاته ومصدر أفكاره.

متحف كاشيو توشيو التذكاري للاختراع في منطقة سيجو في حي سيتاغايا. البناء والأثاث على شكل الطائر الذي كان يحبه كثيرا مشهد يستحق المشاهدة.
متحف كاشيو توشيو التذكاري للاختراع في منطقة سيجو في حي سيتاغايا. البناء والأثاث على شكل الطائر الذي كان يحبه كثيرا مشهد يستحق المشاهدة.

معروضات تتعلق بساعات ”كاسيوترون“. الصورة في منتصف اليمين للسيد توشيو في سنواته الأخيرة.
معروضات تتعلق بساعات ”كاسيوترون“. الصورة في منتصف اليمين للسيد توشيو في سنواته الأخيرة.

المخترع الذي نشر لوحة المفاتيح الرقمية التي استوحاها من الآلة الحاسبة في العالم

نظرا لأن شعار العلامة التجارية لشركة كاسيو للآلات الحاسبة هو ”CASIO“، فإن بعض الناس لا يعرفون أن الاسم الرسمي للشركة يتضمن كلمة ”الآلات الحاسبة“، وأن مؤسس الشركة اسمه ”كاشيو (اسم العائلة)“.

فقد توسع السيد كاشيو توشيو من مصنع صغير باسم مصنع كاشيو، وقام بإنشاء شركة كاسيو للآلات الحاسبة في شهر يونيو/حزيران من عام 1957. ثم قام بتطوير أول آلة حاسبة صغيرة كهربائية بالكامل ”14-A“ في العالم. وانتصر في ”حرب الآلات الحاسبة“ مع الشركات المصنعة المنافسة التي استمرت من منتصف الستينيات إلى أوائل السبعينيات من القرن الماضي، فترسخ التصور بأن ”كاسيو هي آلة حاسبة“. وعلى الرغم من قيام الشركة بالتعامل مع مجموعة واسعة من المنتجات بدءا من الآلات الموسيقية الإلكترونية وحتى الأجهزة الطبية، واحتلال مبيعات مشروع الساعات أكثر من نصف مبيعاتها في الوقت الحالي، إلا أنها لا تزال تعتز بأصلها، وتستمر في الحفاظ على اسم الآلة الحاسبة كاسم لها حتى الآن.

كما أنّ اسم الشركة بالحروف اللاتينية (CASIO) يرتبط بالآلة الحاسبة أيضا. ويعود السبب في رواج مبيعات الآلة الحاسبة 14- إلى زيادة سرعة الحساب بشكل كبير مقارنة بالمنتجات التقليدية، لكن الإخوة كاشيو توصلوا بعد النقاش فيما بينهم إلى أن ”KASHIO لا تعطي إحساسا بالسرعة“، وقرروا استخدام كلمة CASIO (في البداية Casio) التي تذكرنا بكوكبة ”ذات الكرسي (Cassiopeia)“.

الآلة الحاسبة 14-A (وسط) والآلة الحاسبة AL-1 (أقصى اليسار) معروضتان في متحف كاشيو توشيو التذكاري للاختراعات. الجزء الخلفي من المكتب الدراسي مجهز بدارة مرحل كهربائي.
الآلة الحاسبة 14-A (وسط) والآلة الحاسبة AL-1 (أقصى اليسار) معروضتان في متحف كاشيو توشيو التذكاري للاختراعات. الجزء الخلفي من المكتب الدراسي مجهز بدارة مرحل كهربائي.

لقد تضاءل وجود الآلات الحاسبة بعد تزويد الهواتف الذكية وأجهزة الحواسيب بوظائف الحساب وبرامج جداول البيانات في السنوات الأخيرة. ولكن عند الحديث عن الشخص الذي قام بنشر ”لوحة المفاتيح الرقمية“، فإن حتى الشباب في الوقت الحاضر ربما يستطيعون إدراك الإنجازات التي قام بها.

فقد كانت معظم الآلات الحاسبة قبل الآلة الحاسبة ”14-A“ تستخدم ”نظام المفاتيح الرقمية الكامل“ الذي يقوم على ترتيب الأرقام من صفر إلى تسعة لكل منزلة. وكان يتم استخدام الترتيب الشبيه بلوحة المفاتيح الرقمية في الآلات الحاسبة اليدوية في الولايات المتحدة قبل ذلك، ولكن توشيو قام بتجميع الأرقام في أربعة أسطر وثلاثة صفوف بحيث يمكن تشغيل الآلة الحاسبة بسهولة وبيد واحدة، دون أن يعرف بذلك، ووضع العلامة العشرية على يمين الرقم ”صفر“ في الأسفل. ثم شاع هذا الترتيب من خلال آلات كاسيو الحاسبة، ومازال يُستخدم حتى وقتنا الحاضر في لوحات مفاتيح الحواسيب الشخصية، وآلات تسجيل النقود في المتاجر، وتطبيقات الآلات الحاسبة، وغير ذلك.

تصميم نفس ترتيب لوحة المفاتيح الرقمية الحديثة قبل ما يقرب من سبعين عاما.
تصميم نفس ترتيب لوحة المفاتيح الرقمية الحديثة قبل ما يقرب من سبعين عاما.

آلة ”Compet“ الحاسبة التي تعمل بلوحة ترانزستورات كاملة والتي أصدرتها شركة شارب التي كانت شركة منافسة في حرب الآلات الحاسبة في عام 1964. تم استخدام ”نظام المفاتيح الرقمية الكامل“ الذي يتم فيه ترتيب الأرقام لكل منزلة. الصورة: تقديم جيجي برس/شركة شارب.آلة ”Compet“ الحاسبة التي تعمل بلوحة ترانزستورات كاملة والتي أصدرتها شركة شارب التي كانت شركة منافسة في حرب الآلات الحاسبة في عام 1964. تم استخدام ”نظام المفاتيح الرقمية الكامل“ الذي يتم فيه ترتيب الأرقام لكل منزلة. الصورة: تقديم جيجي برس/شركة شارب.

البدء بتطوير الآلة الحاسبة

وُلد توشيو في طوكيو في عام 1925، وقد تأثر بسيرة إديسون عندما كان في المدرسة الابتدائية، وكان يطمح إلى أن يصبح مخترعا. فعمل كموظف تقني في وزارة الاتصالات في سن الخامسة عشر، ثم التحق بالعمل في مصنع كاشيو الذي يديره شقيقه الأكبر تاداو بعد الحرب العالمية الثانية.

وكان أول اختراع لاقى رواجا له هو ”خاتم حمل السجائر“ الذي بدأ بيعه في عام 1946. فبعد فترة وجيزة من نهاية الحرب كان هناك نقص كبير في السلع، وكان الكثير من الناس يدخنون السجائر المقطوعة الطرفين والتي لا تحتوي على فلتر، لدرجة التعرض للحروق عندما تصبح قصيرة. ولاحظ توشيو ذلك، فقام بتصميم أنبوب يتم وضعه فوق خاتم معدني ويتم إدخال السيجارة فيه. فحقق ذلك الاختراع شهرة لأنه كان آمنا للتدخين حتى طرف السيجارة، كما جعل من السهل القيام بأعمال أخرى أثناء التدخين، الأمر الذي أدى إلى بيعه بكميات كبيرة. وبفضل ذلك تطور المصنع الصغير الذي كانت تديره العائلة التي كانت عالقة بالعمل من خلال التعاقد بالباطن حتى ذلك الحين، إلى الحد الذي أصبح فيه من الممكن تأمين التمويل لمشاريعه.

وكان الناس غالبا ما ينظرون إلى توشيو على أنه خبير في الكهرباء بصفته فردا في عائلة كاسيو المؤسسة، لكن توشيو كان يقول دائما ”إن الاختراع هو فقط ما يكون مفيدا لحياة الناس“، وقام باختراع أشياء مستوحاة من الحياة اليومية. وبلغ مجموع براءات الاختراع التي حصل عليها خلال حياته، بما فيها الاختراعات المشتركة والاختراعات الأخرى كتلك المتعلقة بهوايته في لعب البولينغ 313 براءة اختراع.

”خاتم حمل السجائر“ الذي يعتبر أول منتج لاقى رواجا. كان توشيو مخترعا وثيق الصلة بحياة الناس العاديين.
”خاتم حمل السجائر“ الذي يعتبر أول منتج لاقى رواجا. كان توشيو مخترعا وثيق الصلة بحياة الناس العاديين.

وكانت نقطة التحول المشاركة في معرض المعدات المكتبية الذي أُقيم في حي جينزا في طوكيو في عام 1949. ففي الوقت الذي كان من البديهي فيه استخدام المعداد الياباني (سوروبان) للقيام بالعمليات المحاسبية في اليابان، وقع نظر توشيو على آلة حاسبة كهربائية أجنبية الصنع. لقد كانت آلية عملها تقوم على تدوير المسننات، وكانت كبيرة وصوت تشغيلها فظيعا، وباهظة الثمن كالسيارة، لكن كان هناك حشد كبير من الناس حول تلك الآلة ”الحديثة“.

لقد استخدم توشيو ”مرحِّلا كهربائيا“ يفتح ويغلق الدارة بتيار كهربائي لتصغير حجم الحاسبة 14-A إلى حجم مكتب دراسي، فنال بذلك تقييما عاليا لسرعة القيام بالعمليات الحسابية، إضافة إلى صوتها الهادئ عند التشغيل. كما توالت المنتجات التي لاقت رواجا بعد ذلك بعد قيامه بتطوير الآلة الحاسبة ”14-B“ التي يمكنها حساب الجذر التربيعي، والآلة الحاسبة العلمية التقنية ”AL-1“، الأمر الذي أدى إلى وضع الأعمال الإدارية على مسارها الصحيح.

الآلة الحاسبة ”AL-1“ التي تُعتبر سلف الآلة الحاسبة العلمية التقنية والتي تم إنتاجها لفترة طويلة.
الآلة الحاسبة ”AL-1“ التي تُعتبر سلف الآلة الحاسبة العلمية التقنية والتي تم إنتاجها لفترة طويلة.

حياة الاختراع بدعم الإخوة

قد تبدو إنجازات الإخوة الآخرين باهتة أمام إنجازات توشيو، ولكن هذا ليس صحيحا. فعلى شبه مقولة إديسون الذي يحترمه توشيو والتي يقول فيها ”العبقرية هي عبارة عن 1% من الإلهام و99% من الجهد“، فقد ترك توشيو عبارة تقول ”الاختراع هو عبارة عن 1% من الإلهام، و49% من الجهد، و50% من الحظ“، وأضاف قائلا ”الحظ بالنسبة لي هم ”إخوتي“، حيث كان يثق بهم ثقة كبيرة.

لقد كان بارع في خلق الأفكار الجديدة، ولكنه لم يكن جيدًا في التفكير في نوع المنتج الذي يجب صنعه وكيفية تسويقه. فتولى الأخ الأكبر تاداو قيادة الشركة، ووصل الأخ الثالث كازؤ إلى أسواق جديدة بقدراته التجارية. أما الأخ الرابع المهندس يوكيو فقد كان دوره قائما على الاستفادة من اختراعات توشيو وتحويلها إلى منتجات للتمكن من إنتاجها بكميات كبيرة. وهكذا، فبفضل قوة الإخوة فقط تمكنت أفكار توشيو من الانتشار إلى العالم.

 عند تأسيس شركة كاسيو للآلات الحاسبة. من اليسار توشيو، كازؤ، تاداو، يوكيو تقديم الصورة: شركة كاسيو للآلات الحاسبة.
عند تأسيس شركة كاسيو للآلات الحاسبة. من اليسار توشيو، كازؤ، تاداو، يوكيو تقديم الصورة: شركة كاسيو للآلات الحاسبة.

 عند تأسيس شركة كاسيو للآلات الحاسبة. من اليسار توشيو، كازؤ، تاداو، يوكيو تقديم الصورة: شركة كاسيو للآلات الحاسبة.
عند تأسيس شركة كاسيو للآلات الحاسبة. من اليسار توشيو، كازؤ، تاداو، يوكيو تقديم الصورة: شركة كاسيو للآلات الحاسبة.

رسم تخطيطي يدوي لدارات الآلة الحاسبة 14-A، وهو شيء لا يمكن تصديقه في الوقت الحاضر. كانت مهمة توشيو الرئيسية هي تجميع المخططات، واعتمد على إخوته فيما تبقى

عندما بدأت شركة شارب في بيع الآلة الحاسبة المكتبية الإلكترونية التي تستخدم نظام الترانزستور في عام 1964، حذت حذوها أيضا شركة كانون وغيرها من الشركات الأخرى. بينما تراجعت الآلات الحاسبة لكاسيو بسبب تركيز توشيو على نظام المرحِّل الكهربائي، فدخلت الشركة في أزمة مالية.

لذلك قرر الإخوة تغيير سياستهم لدخول سوق الآلات الحاسبة المكتبية الإلكترونية، فسارع تاداو إلى جمع الأموال، وافتتح كازؤ قنوات بيع جديدة، وطور يوكيو نظاما للإنتاج، وقاموا بإصدار أول آلة حاسبة مكتبية إلكترونية ”001“ لشركة كاسيو في غضون أربعة أشهر فقط.

 أول آلة حاسبة مكتبية إلكترونية ”001“ لشركة كاسيو. كان الحرف الأول فقط من شعار الشركة مكتوبا بأحرف كبيرة آنذاك.
أول آلة حاسبة مكتبية إلكترونية ”001“ لشركة كاسيو. كان الحرف الأول فقط من شعار الشركة مكتوبا بأحرف كبيرة آنذاك.

عند زيادة الطلب على الآلة الحاسبة بعد تحويلها إلى شكل جهاز مكتبي، دخلت السوق حوالي خمسين شركة، واندلع صراع على حصص السوق سُمي بـ ”حرب الآلات الحاسبة“، حتى كتبت أول آلة حاسبة شخصية في العالم ”كاسيو ميني“ التي طورها يوكيو نهاية تلك الحرب.

واستهدفت تلك الآلة الحاسبة المكتبية المتاجر الصغيرة والأسر العادية، وامتازت بالقدرة على حساب رقم مكون من اثنتي عشرة منزلة، وتم تحديد عرض الشاشة بستة أرقام والوحدة هي مئة ألف، وتم تحديد سعرها بحوالي ثلث سعر الشركات المصنعة المنافسة. واعتقدت الأغلبية في الشركة أنه ”لن يتم بيعها“، لكن كازوؤ الذي راهن على إمكانية دخول أسواق الأفراد، دعم تطويرها قائلا ”يمكننا بيع مئة ألف آلة حاسبة شهريا“.

ثم حققت الآلة الحاسبة الإلكترونية نجاحا كبيرا عندما تم طرحها للبيع مقابل 12800 ين في شهر أغسطس/آب من عام 1972، حيث تم بيع أكثر من مليون آلة حاسبة في أقل من عام. فقامت الشركات المصنعة الأخرى بسحب آلاتها الحاسبة من السوق واحدة تلو الأخرى، وانتشر التصور الذي يشير إلى أن ”كاسيو هي آلة حاسبة“ حتى بين عامة الناس.

 اجتاحت أغنية الإعلان التجاري ”الإجابة واحدة! كاسيو ميني“ العالم.
اجتاحت أغنية الإعلان التجاري ”الإجابة واحدة! كاسيو ميني“ العالم.

توالى ظهور المنتجات الناجحة مثل بطاقة كاسيو ميني (يمين) والآلة الحاسبة ” SL-80“ بحجم بطاقة الائتمان (يسار).
توالى ظهور المنتجات الناجحة مثل بطاقة كاسيو ميني (يمين) والآلة الحاسبة ” SL-80“ بحجم بطاقة الائتمان (يسار).

توظيف تكنولوجيا الآلة الحاسبة وابتكار اختراعات متتالية

كانت الخطوة التالية لتوشيو هي تطوير ساعة رقمية. والسبب واضح وبسيط يتمثل في أن ”الوقت عبارة عن عملية جمع تتمثل إضافة ثانية واحدة في كل مرة“، ولأنه اعتقد أنه يمكن توظيف تكنولوجيا الآلة الحاسبة في ذلك.

كانت ساعات اليد آنذاك مصممة بحيث يتم ضبط عرض التاريخ يدويا في نهاية ”الأشهر القصيرة“، لكن توشيو طور ”وظيفة التقويم الآلي“ لضبط التاريخ آليا لأول مرة في العالم. وتم إصدار ساعة ”كاسيوترون“ المزودة بتلك الوظيفة لأول مرة في العالم في عام 1974، وجذبت قدرا كبيرا من الاهتمام. وبعد ذلك أيضا، واصلت شركة كاسيو بيع الساعات المبتكرة والمزودة بآلة حاسبة أو وظيفة دليل الهاتف، إلى أن وصل الأمر إلى تحقيق نجاح كبير في ساعة جي شوك (اُصدرت في عام 1983).

الساعتان على اليمين هما كاسيوترون، وعلى اليسار ساعة ”X-1“ المجهزة بساعة عالمية ومؤقت لأول مرة في العالم (اُصدرت في عام 1976).
الساعتان على اليمين هما كاسيوترون، وعلى اليسار ساعة ”X-1“ المجهزة بساعة عالمية ومؤقت لأول مرة في العالم (اُصدرت في عام 1976).

في الركن المخصص لساعات جي شوك تصطف الطرازات الشهيرة المتتالية مثل الطرازات القديمة القيمة.
في الركن المخصص لساعات جي شوك تصطف الطرازات الشهيرة المتتالية مثل الطرازات القديمة القيمة.

وبدأ دخول الشركة في مجال الآلات الموسيقية الإلكترونية من خلال تفكير توشيو العاشق للموسيقى والمتمثل في ”الرغبة في تسهيل الأمر على أي شخص للاستمتاع بالأداء الموسيقي“. وحتى في هذا المجال، ومن خلال نظرته الفريدة، أنشأ توشيو ”نظام الأصوات الساكنة والأصوات المتحركة“ لمصادر الصوت من أجل إعادة تشكيل أصوات الآلات الموسيقية.

فعلى سبيل المثال، يبدو صوت البيانو الذي نسمعه في لحظة الضغط على المفاتيح مختلفا عن الصوت الذي يتردد صداه باستمرار عند العزف. وقام توشيو بتشبيه ذلك بأصوات الحروف الساكنة والحروف المتحركة في الكلمات التي يصدرها الإنسان، وقام بتقسيم الجزء الصاعد من صوت الآلة الموسيقية إلى ”صوت ساكن“، والجزء المستمر إلى”صوت متحرك“، ومن خلال القيام بالعزف المتناوب بينهما قام بتحسين إعادة تشكيل النغمات.

وفي شهر يناير/كانون الثاني من عام 1980، قامت الشركة بإصدار لوحة المفاتيح الإلكترونية ”كاسيو تون 201“ التي يمكنها عزف 29 نغمة مختلفة مثل نغمات الآلات الوترية مثل القيثارة والكوتو (آلة موسيقية يابانية)، وآلات النفخ مثل البوق والناي، بالإضافة إلى الآلات الموسيقة التي تحتوي على لوحة مفاتيح مثل البيانو والأورغن والهاربسكورد. وكان سعرها في متناول اليد حيث بلغ 97 ألف ين، وحققت اللوحة الإلكترونية نغمات طبيعية وصفها حتى خبراء الصوت المعاصرين أيضا بأنها ”لا تصدق بالنسبة للدارات الإلكترونية منخفضة الأداء في ذلك الوقت“. ومنذ ذلك الحين، تساهم آلات كاسيو الموسيقية الإلكترونية في زيادة عدد الموسيقيين حول العالم.

لوحة مفاتيح كاسيو تون 201 عبارة عن لوحة مفاتيح قياسية مكونة من 49 مفتاحا مع مكبرات صوت مدمجة.، اكتسبت شهرة لسهولة حملها.
لوحة مفاتيح كاسيو تون 201 عبارة عن لوحة مفاتيح قياسية مكونة من 49 مفتاحا مع مكبرات صوت مدمجة.، اكتسبت شهرة لسهولة حملها.

الجدار خلف مجموعة الصوت في غرفة المكتب من الرخام الصلب المناسب للتأثيرات الصوتية. يمكن الشعور باهتمام توشيو بالموسيقى.
الجدار خلف مجموعة الصوت في غرفة المكتب من الرخام الصلب المناسب للتأثيرات الصوتية. يمكن الشعور باهتمام توشيو بالموسيقى.

مكان ذو قيمة للاستمتاع بتجربة حياة كُرست للاختراع

يمكن التعرف على مصادر اختراعات توشيو في متحف كاشيو توشيو التذكاري للاختراع، مثل مكتبه الذي قضى فيها كل وقته في التفكير والعديد من الأشياء الأخرى المحببة بالنسبة له. وما ترك انطباعا لدي على وجه الخصوص هو عبارات توشيو الفريدة من نوعها مثل قوله ”ليست ”الحاجة أم الاختراع، بل ”الاختراع أم الضرورة““، و”أريد أن أستمر في القول كل يوم: لقد كنت أحمقا بالأمس!!“.

وبالنسبة لتوشيو، فإن الاختراع لا يعني الاستجابة لـ ”حاجة“ شخص ما، بل يعني اكتشاف الاحتياجات الكامنة التي لم يدركها أحد بعد. فعند انتشار منتج مبتكر يتم الترحيب به بذهول في جميع أنحاء العالم، ويصبح هذا المنتج فيما بعد ”منتجا لا غنى عنه“، وتتم إضافة تحسينات له ويتطور مع استخدام الكثير من الناس له. وكان توشيو يفكر بأن مثل هذا فقط هو ما يعطي للاختراع قيمته.

الممر مزين بصور توشيو مع العديد من العبارات التي تركها وراءه.
الممر مزين بصور توشيو مع العديد من العبارات التي تركها وراءه.

المخططات الأساسية للآلات الموسيقية الإلكترونية مكتوبة بخط اليد. استمر توشيو في الاختراع باستخدام الورق وقلم الرصاص والمسطرة فقط حتى نهاية حياته.
المخططات الأساسية للآلات الموسيقية الإلكترونية مكتوبة بخط اليد. استمر توشيو في الاختراع باستخدام الورق وقلم الرصاص والمسطرة فقط حتى نهاية حياته.

يُقال إن توشيو كان يقول ”لقد كنت أحمقا بالأمس“ كما لو كانت عادة لديه. وربما كان يشغل عقله كل يوم بأقصى طاقته، ويتوصل إلى أفكار جديدة لم تخطر على باله في الأمس.

يقول مسؤول الإعلانات الذي كان يعرف توشيو جيدا في نهاية حياته ضاحكا ”لقد كان يسأل موظفي الشركة أيضا ويقول لهم ”هل عملت بجد لدرجة أنك تستطيع القول ”لقد كنت أحمقا بالأمس“؟“. وكان الجميع لا يعرفون بماذا يجيبون“، وأضاف ”حتى بعد بلوغه سن الثمانين، كان أحيانا يسهر طوال الليل مستغرقا في الابتكار. لقد ضحى بحياته بالفعل من أجل الاختراع“. ويُقال إنه حتى بعد أن أصبح توشيو رئيسا لمجلس الإدارة، استمر في تخصيص مكتب لرئيس مجلس الإدارة في مركز هامورا التقني (مدينة هامورا في محافظة طوكيو) وهو مركز البحث والتطوير لشركة كاسيو، وليس في المقر الرئيسي للشركة في وسط طوكيو.

وعلى الرغم من أن عبارات توشيو ليست مشهورة لدرجة تسميتها أقوالا مأثورة، إلا أنها عبارة عن عبارات بارعة مفعمة بالإنسانية تخترق القلب بسهولة. وهي تشبه منتجات كاسيو سهلة الاستخدام وذات الأسعار التي في متناول اليد، على الرغم من أنها غنية بالميزات المبتكرة وذات التصميم الرائع. إنها منتجات تأسر قلوب عامة الناس وتندمج في حياتهم اليومية.

عرض الأعمال الفائزة في ”مسابقة كاشيو توشيو لأفكار الاختراع“ التي تتم إقامتها سنويا وتستهدف طلاب المدارس الابتدائية.
عرض الأعمال الفائزة في ”مسابقة كاشيو توشيو لأفكار الاختراع“ التي تتم إقامتها سنويا وتستهدف طلاب المدارس الابتدائية.

جزء كبير من حديقة المتحف مفتوح لعامة الناس باعتبارها ”مساحة خضراء للمخترعين“. ما رأيك بأن تجرب التنزه في الحديقة حيث انغمس توشيو في التفكير؟
جزء كبير من حديقة المتحف مفتوح لعامة الناس باعتبارها ”مساحة خضراء للمخترعين“. ما رأيك بأن تجرب التنزه في الحديقة حيث انغمس توشيو في التفكير؟

متحف كاشيو توشيو التذكاري للاختراع

  • العنوان: مدينة طوكيو، حي سيتاغايا، سيجو 4-19-10
  • أيام العمل: نظام الحجز بشكل كامل. يرجى التأكد في الموقع الرسمي
  • رسم الدخول: مجاني
  • وسائل المواصلات: 15 دقيقة مشيا من محطة ”سيجو جاكوين مائي“ على خط أوداكيو

(النص الأصلي باللغة اليابانية، النص والصور من قسم التحرير في nippon.com)

الشركات اليابانية التكنولوجيا التاريخ الياباني