أقـدم جـوامـع اليـابان وأضخم الجـوامـع الحـديثة

مجتمع ثقافة

جامع كوبي هو أحد أقدم مساجد اليابان. لقد ظل هذا الجامع صامداً ضد الزلازل والحرب التي مرت على اليابان وبقي شامخاً حتى وقتنا الحالي. وقد بني الجامع من خلال التبرعات التي جمعها المسلمون باليابان عام ١٩٢٨ وافتتح عام ١٩٣٥. على الجانب الآخر في إمارة أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة بني جامع الشيخ زايد الكبير والذي يعد واحداً من أكثر المعالم الإسلامية التي تحظى باهتمام كبير حول العالم مؤخراً. نقدم لكم هنا شرح وتعريف مبسط عن جامع كوبي ذي التاريخ والأصالة وجامع الشيخ زايد الكبير ذي البهاء والفخامة.

يوجد باليابان العديد من الجوامع التي تخدم الجالية المسلمة، ومن ضمن الجوامع هناك "جامع كوبي" الذي يعد أقدم جوامع اليابان على الإطلاق ولديه تاريخ عريق، لكنه ليس فخماً من ناحية البناء والزخرفة، كما أن الأعداد التي تقوم بزيارته في غير أوقات الصلاة خاصة صلاة الجمعة قليلة. مع ذلك فإن هذا الجامع الذي بني عام ١٩٣٥ يمتلك من التاريخ ٨٠ عاماً في اليابان والتي كانت لديها علاقة سطحية وغير عميقة بالمسلمين. ويعد أحد معالم مدينة كوبي لقدمه وكذلك لأنه من المباني القليلة التي صمدت في تاريخ المدينة العاصف، فقد نجا بأعجوبة من الحرق في غارة جوية على كوبي أثناء الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥، كما صمد بقوة أمام زلزال هانشين أواجي العظيم عام ١٩٩٥.

جامع كوبي من الخارج

جامع كوبي وسط الأحياء السكنية

إن الاسم الرسمي لجامع كوبي هو ”جامع كوبي للمسلمين“، ويقع الجامع بمحافظة هيوغو مدينة كوبي حي تشوأو بمنطقة سكنية وسط المنازل والشقق السكنية. ويغلب على شكل الجامع من الخارج الطابع الهندي، حيث أنه بني بتبرعات من مجموعة من التجار الهنود والتتار الذين قطنوا المدينة في ذلك الوقت.

ومع ذلك، فإن جامع كوبي ليس أول محاولة لبناء جامع في اليابان. فقد كانت طوكيو مرشحة لذلك عام ١٩٠٩ لكن لم يتم توفير الأرض المطلوبة لبناء الجامع فباءت تلك المحاولة بالفشل. وقد وقع الاختيار على مدينة كوبي لبناء الجامع بها بعد زيادة عدد المسلمين الذين انتقلوا للعيش بالمدينة أثناء الحرب العالمية الأولى (١٩١٤ـ ١٩١٨).

وتم التعاقد مع المقاول تاكيناكا للبناء، وقام المهندس المعماري التشيكي يان جوزيف سواقا بوضع تصميم الجامع الذي يتكون من ثلاثة طوابق فوق الأرض وطابق واحد مبني تحت الأرض.

المحراب والمنبر داخل جامع كوبي

مرور ٨٠ عاماً على إنشاء جامع كوبي

لقد تم الانتهاء من بناء جامع كوبي في نهاية شهر يوليو/ تموز عام ١٩٣٥، ورفعت به شعائر صلاة الجمعة يوم ٢ أغسطس/ آب. ويستقبل الجامع عامه الثمانين هذا العام. وقد إتخذته القوات البحرية اليابانية كملجأ لها في خضم الحوب العالمية الثانية عام ١٩٤٣.

جامع كوبي من الداخل

بالإضافة إلى ذلك، فقد نجا الجامع بأعجوبة من الغارات الجوية التي تم شنها على مدينة كوبي أثناء الحرب العالمية الثانية وذلك بعد اكتماله بعشرة أعوام في مارس/ آذار ١٩٤٥. وبعد مرور خمسين عاما تم استخدامه كملجأ ومأوى للسكان بعد أن ضرب زلزال هانشين أواجي العظيم مدينة كوبي في ١٧ يناير/ كانون الثاني عام ١٩٩٥، حيث أن الجامع نجا للمرة الثانية من الدمار وصمد أمام الزلزال وما أعقبه من حرائق امتدت في عدة مناطق من المدينة.

الطابق الأول بالجامع مخصص للرجال والطابق الثاني مخصص للنساء، ويتوافد على الجامع المسلمون من كافة أنحاء منطقة كانساي وليس من مدينة كوبي فقط من أجل صلاة الجمعة، ويقال إنه يجتمع به أكثر من ٢٠٠ مصل. ويمكن لأي أحد أن يقوم بجولة داخل الجامع بغض النظر عن دينه. لكن في حالة الزيارات الجماعية يجب الاتصال بالقائمين على شؤون الجامع بشكل مسبق. ويلتزم الزوار بالآداب العامة المتعارف عليها داخل الأماكن المقدسة من ملابس مناسبة للزيارة وخلافه.

جامع الشيخ زايد تحفة معمارية فاخرة

جامع الشيخ زايد الكبير من الخارج.

يعتبر جامع الشيخ زايد الكبير أعجوبة تستحق الزيارة والمشاهدة سواء بمعايير الحجم أو الطراز المعماري أو المهابة. فقد أصبح الجامع المهيب أقوى الصروح الدينية والوطنية حضوراً في إمارة أبوظبي كما يوصف بأنه أكثر الإنجازات المعمارية أهمية لدولة الإمارات العربية المتحدة ومجتمعها. وقد جاء بناء هذا الجامع بمبادرة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،حيثوضع حجر الأساس في أواخر التسعينات.

يتميز جامع الشيخ زايد بمجموعة من الصفات المعمارية التي تجعل منه وأحد أروع التحف المعمارية على مستوى العالم. وقد أطلق على هذا الجامع اسم مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيسها الأول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. استمر العمل بهذا المشروع الضخم ١٠ أعوام بتكلفة إجمالية تصل تقريبا إلى ٢.١٦٧ مليار درهم إماراتي. وانتهى العمل به عام ٢٠٠٧ بعد وفاة الشيخ زايد بثلاثة أعوام. ويتميز بمساحته الضخمة حيث تبلغ مساحته الإجمالية ٢٢.٤١٢ متراً مربعاً أي ما يعادل حجم خمسة ملاعب كرة قدم، تتضمن ساحة الجامع أكثر من ١٠٠٠ عمود، كما توجد بالجامع ٨٢ قبة وتعد القبة الرئيسية أكبر قبة مسجد في العالم، ويبلغ ارتفاعها ٨٥ متراً وقطرها ٣٢.٨ متراً من الخارج. ويتسع المسجد لنحو ٤٠ ألف مصلٍّ، وقاعة الصلاة الرئيسة لنحو ٧٠٠٠ مصلٍّ.

ثريا مطلية بالذهب عيار ٢٤ قيراط بقطر ١٠ أمتار في جامع الشيخ زايد الكبير.

والجامع مزود بسبعة ثريات مطلية بالذهب عيار ٢٤ قيراط بتكلفة بلغت قرابة ٣٠ مليون درهم. ويبلغ قطر كبرى الثريات ١٠ أمتار وارتفاعها ١٥ متراً. وهي أضخم ثريا في العالم إذ تزن ١٢ طن واستخدم في صناعتها ملايين قطع الكريستال من نوع سواروفسكي.

غير أن التحفة الحقيقية في الجامع التي تجذب الأنظار لأصالتها وحرفيتها العالية هي السجادة الفارسية الأضخم في العالم والتي حيكت يدوياً لتزين فناء الجامع الكبير. واحتاج صنع السجادة ذات اللون الأخضر والتي تبلغ مساحتها ٥٦٢٧ متر مربع جهود ١٢٠٠ من الحرفيين الإيرانيين الذين قاموا بالعمل لما يقرب من العامين بشكل متواصل لإنهائها.

كما أن هذا الصرح المعماري الجديد استقطب أيضاً قدراً كبيراً من الاهتمام لتسجيله ثلاثة أرقام قياسية سجلت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية بفضل وجود أكبر سجادة في العالم وأكبر ثريا في العالم وأكبر قبة من نوعها في العالم.

(اليمن) أكبر سجادة فارسية في العالم، (اليسار) جامع الشيخ زايد الكبير من الداخل.

ويتميز الجامع بالفخامة من الداخل وأحيطت الأروقة الخارجية للمسجد ببحيرات مائية تعكس واجهات المسجد، مما يضيف إليه تميزاً من الناحية التصميمية، وأرضياتها مكسوة بالرخام الأبيض مع استعمال رخام أخضر في الممرات التي تؤدي إلى الصحن، كما روعي بأن تكون أعمدة الأروقة الخارجية من الرخام الأبيض المطعم بالأحجار شبه الكريمة، وقام بتثبيتها عمال مهرة استقدموا خصيصا من الهند، بالإضافة إلى تاج الأعمدة، والمصمم بشكل رأس نخلة من الألمنيوم المذهب.

(النص الأصلي باللغة اليابانية في تاريخ ١٦ يونيو/خزيران ٢٠١٥.)

اليابان الإسلام مسجد الإمارات العربية المتحدة