الحرب وتخليد ذكرى القتلى

ما هي مشكلة ضريح ياسوكوني ؟

سياسة مجتمع

مع اقتراب شهر أغسطس/آب كل عام، يشتعل الجدل في اليابان والدول المجاورة لها حول ما اذا كان رئيس الوزراء أو أيا من الشخصيات الحكومية الأخرى سيقومون بزيارة ضريح ياسوكوني المثير للجدل أم لا. ومن هذا المنطلق نلقي نظرة متعمقة على تاريخ هذا الضريح ووضعه في الوقت الحالي، والأهمية التي يتمتع بها.

مع بداية كل صيف في اليابان يعود ضريح ياسوكوني والقضايا السياسية والتاريخية المرتبطة به في الظهور مرة أخرى ويتداول على وسائل الإعلام الدولية والوطنية على حد سواء. والسؤال الذي يتم طرحه دائماً هو ما اذا كان رئيس الوزراء و أعضاء آخرين في حكومته سيقومون بزيارة ضريح ياسوكوني في ١٥ أغسطس/أب بمناسبة هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ويصبح الضغط الذي تتعرض له اليابان كبيراً ليس فقط على الساحة السياسية المحلية بل على نطاق السياسة الخارجية لليابان والعلاقات الإقليمية كذلك.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: ما هي بالتحديد المشاكل والتعقيدات المرتبطة بهذا الضريح الذي يقع في طوكيو؟ بالنسبة للكثير من المراقبين بما فيهم الموجودين في اليابان يتم التعريف بالمسألة بطريقة غامضة على النحو التالي : أرواح المحاربين أو الجنود والذين أدينوا كمجرمي حرب في محاكمات طوكيو (المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى) يتم تقديسهم والصلاة عليهم في ضريح ياسوكوني، بما يعني أن الصلوات والابتهالات التي يقوم بها رئيس الوزراء أو أعضاء الحكومة تعد بمثابة موافقة على الحرب التي شنت باسم إمبراطورية اليابان ودليل على أن الأمة في طريقها إلى إعادة إحياء النزعة العسكرية مرة أخرى.

هناك العديد من الأسئلة التي ينبغي أن الإجابة عنها في البداية. ما الذي يعنيه بالضبط ضريح ياسوكونى؟ لماذا يتم تكريم والاحتفاء بمجرمي الحرب في هذا الضريح من خلال عملية تعرف باسمgōshi ، أو إضافة أرواحهم إلى كامي أو الاله الذي يعبد في ذات الضريح ؟ ما هي خلفية تلك التطورات؟ في الواقع، هناك عدد قليل نسبياً من الناس حتى في اليابان نفسها الذين يمكن أن يعطوا إجابات واضحة على تلك الاستفسارات.

في الخارج عندما يطفو موضوع ضريح ياسوكوني على السطح مرة أخرى، فهو يرتبط دائماً مع صورة معينة في أذهان الناس وهي أن الضريح يرمز للنزعة العسكرية اليابانية. بعض الناس يذهبون إلى حد الاعتقاد بأن اللوحات التذكارية الخاصة بالضريح هي لمجرمي الحرب أنفسهم ، أو حتى رفاتهم. والكثير من الناس لا يدركون أن الضريح أصبح منذ نهاية الحرب العالمية شركة دينية خاصة، وليس مرفق تابع للدولة بأي شكل من الأشكال. ان أولئك الذين ينكرون اجتياح اليابان لدول أخرى بعدوانية هم مخطئون بشكل لا يقبل الشك، ولكن من الواضح أيضاً أن هناك سوء الفهم كبير عندما يتم التطرق لموضوع ضريح ياسوكونى في الخارج.

ضريح ياسوكوني باعتباره قضية دولية

يمكن قول الشيء نفسه عن زيارات رئيس الوزراء الياباني لضريح ياسوكوني، والتي أصبحت من الأحداث الدولية التي تجذب الأنظار كلما تحدث. بعد أداء شعائر gōshi  لمجرمي الحرب من الدرجة (أ) في عام ١٩٧٨، قام كل من رئيس الوزراء أوهيرا ماسايوشي (١٩٧٨-١٩٨٠)، سوزوكي زنكو (١٩٨٠-١٩٨٢)، وناكاسوني ياسوهيرو (١٩٨٢-١٩٨٧) بإظهار احترامهم وتبجيلهم للضريح دون التسبب بأي احتكاك بين اليابان والصين، على الأقل حتى زيارة ناكاسوني في ١٥ أغسطس/أب ١٩٨٥، وهو أمر لا يعرفه الكثيرون خارج اليابان. حتى في اليابان، يدرك البعض أن أساس المشكلة والحساسية التي تتسبب بها زيارات المسؤولين اليابانيين للضريح يعود للتغطية الإعلامية من الجانب الياباني لتلك الزيارات، ولكن هذا لا يقترن بفهم عن الأسباب التي دفعت بالإعلام لجعل زيارة المسؤليين للضريح رمزًا لمشاكل الاعتراف بالتاريخ.

كانت هناك بعض التحركات لمعالجة سوء الفهم وعدم الفهم الكافي لضريح ياسوكونى والمشاكل المتعلقة بالصلوات و الابتهالات التي تقام هناك. وكان الكتاب الذي نشرته مكتبة البرلمان الياباني على الانترنت في عام ٢٠٠٧ أحد هذه المشاريع التي تهدف إلى تقديم معلومات واقعية وحقيقية عن ضريح ياسوكوني، وهذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة مترجمة حديثاً من المواد والمراجع حول قضية الضريح (باللغة اليابانية فقط). حيث تم فيه التوسع في مجموعة نشرت أصلاً في عام ١٩٧٦، وهو مورد حيوي لتتبع التطورات المتعلقة بالضريح وتقديم مجموعة واسعة من معلومات واقعية حول القضايا المعنية به. ولكن مجموعة من هذا القبيل لا يمكنها أن تصبح على الفور شيئاً معروفاً ومتداولاً بين أوساط الشعب الياباني، أو الأجانب الذين لديهم اهتمام في ذات الموضوع، أي إنه لن يؤدي قريباً لتشكيل فهم مشترك لقضية الضريح المثير للجدل. بالفعل فإنه لمن الصعب اخذ مجموعة من المواد التاريخية وجعلها أساساً لفهم مشترك داخل المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المتعددة .

في هذه المجموعة من المقالات على Nippon.com نسعى للعودة إلى الأساسيات وإلقاء نظرة جديدة على ضريح ياسوكونى لتوضيح ماهية هذا المكان وطبيعة مشكلة زيارة ضريح ياسوكوني. بالطبع لا يمكننا دراسة القضية أو المشكلة من جميع الاتجاهات والزوايا، ولكننا سنقدم دراستين : إحداهما من قبل المؤرخ هياما يوكيو على طبيعة النصب التذكاري لقتلى الحرب في اليابان الحديثة وموقع ضريح ياسوكوني من الإعراب ضمن هذا السياق، ودراسة أخرى (المقالة باللغة الإنكليزية) لمتخصص في العلوم السياسية هو هيجوراشي يوشينوبو عن أهمية إدراج gōshi من مجرمي الحرب بين الآلهة في الضريح . وسوف يكون هناك أيضًا مقطعاً يوضح الخلفية الواقعية للضريح تنتجها هيئة التحرير لدينا.

نحن نعلم أنه مهما توافرت لدينا من معلومات حول هذا الموضوع فإنها لا تكفي لتغطي جميع زوايا هذا النقاش المعقد، ونحن نأمل أن تدفع المعلومات هنا بالقراء لإعادة النظر في قضية ضريح ياسوكونى وكيفية التعامل معها.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية)

الصين التاريخ الحرب العالمية الثانية ياسوكوني