التقدم إلى الأمام: جامعات اليابان تواجه مستقبلا مليئا بالتحديات

التصنيف العالمي للجامعات: كيف يتم قياسه؟

علوم تكنولوجيا مجتمع ثقافة

تهدف إدارة آبي لوضع المزيد من الجامعات اليابانية في قائمة أفضل ١٠٠ جامعة في العالم! ولكن هل يمكن الاعتماد على أرقام الترتيب هذه ؟ وفي هذا المقال يُوضِّح خبير أكاديمي كيف يجري قياس التصنيف العالمي وكيف أنه لا ينبغي أن يكون ذلك هدفاً سياسياً.

لقد صدمتُ من مقال ظهر في الطبعة الصباحية لصحيفة نيكي (نيهون كيزاي شيمبون) في ٢ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٥، حيث أشار المقال إلى أن الحكومة أدخلت أهدافاً رقمية لقياس نتائج الخطة الأساسية الخامسة للعلوم والتكنولوجيا والتي تشكل جوهر سياسات العلم والتكنولوجيا لسنوات خمس قادمة اعتبارا من السنة المالية ٢٠١٦ ولغاية ٢٠٢٠ وبأنّه أحد الأهداف المعتمدة سيكون التصنيف العالمي للجامعات اليابانية.

وفي ١٠ ديسمبر/كانون الأول، كشف مجلس العلوم والتكنولوجيا المشروع المقترح للخطة الأساسية الجديدة. ولم يسَّمِ مشروع القرار صراحة إلى تصنيف الجامعات العالمية كهدف ولكنه اكتفى بذكر ”المقارنة الدولية للجامعات“. ما يعني أن هذا المصطلح غير واضح، ولكن إن كان يشير إلى التصنيف العالمي، فكل ما أخشاه هو أن يكون لاختيار هذا الهدف يكون عواقباً قد تدعو للأسف.

وقد تم اعتماد تصنيف الجامعات العالمية للمرة الأولى كهدف كمي للسياسة العامة في استراتيجية وذلك قي إطار تنشيط اليابان التي أُعلنت في يونيو/حزيران عام ٢٠١٣. وهذه الاستراتيجية، التي وضعها مجلس التنافسية الصناعية، أدرجت كأحد أهدافها أن يكون عن ”لا يقل عن ١٠ من (الجامعات اليابانية) بين أكبر ١٠٠ جامعة في الترتيب العالمي للجامعات“. وعلى هذا الأساس أُدرج تصنيف الجامعات العالمية كأحد أهداف الخطط الوطنية وبرامج وسياسات وتدابير الجامعات اليابانية.

ترتيب يفضل الجامعات الأكبر

ويجدر القول إن التصنيفات العالمية الثلاث للجامعات الأكثر شهرة على نطاق واسع هي التصنيف الأكاديمي لجامعات العالم (ARWU) الذي بدأته جامعة شنغهاي جياوتونغ عام ٢٠٠٣ في الصين، وتصنيف جامعات العالم من قبل مجلة تايمز للتعليم العالي (THE) اللندنية منذ عام ٢٠٠٤، وتصنيفات جامعات QS العالمي التي تصدرها مؤسسة كواكواريلي سيموندس البريطانية منذ عام ٢٠١٠(*١). وفي رأيي، ومع ذلك، فإن ARWU، المعروف أيضا باسم تصنيف شنغهاي، من الأفضل عدم استخدامه كمرجع ويوجد لديّ عدد من الأسباب لتبنّي هذا الرأي، ولكن الخطأ الأكثر جدية هو أن ٩٠٪ من العوامل المكونة، يعتبر نتائج الجامعات ذات الأداء المماثل متناسبة مع حجمها. وهذا يجلب نتائج غريبة: على سبيل المثال، لو سبع جامعات وطنية يابانية كانت سابقا جامعات امبراطورية تم دمجها في مؤسسة واحدة، ولربما ستتربع على التصنيف العالمي وفقا لـARWU. وأنا بدوري لست راضيا أيضا على تصنيفيّ THE وQS حيث يستخدم كلاهما عامل ”السمعة“ - الذي يرتبط بالحجم - كالعامل الأكبر، ومع ذلك فإنّ درجة التحيز تجاه التوسع والنمو هي أقل من ذلك الموجود في تصنيف ARWU (*٢).

ويستخدم تصنيفا THE وQS منهجية مماثلة لوضع ترتيباتها، ونتائجها بحيث تميل نوعا ما إلى أن تكون مماثلة. لكنها تظهر بعض الاختلافات: ففي عام ٢٠١٥، على سبيل المثال، وَضع تصنيف QS خمس جامعات يابانية ضمن أفضل ١٠٠ جامعة، ولكن تصنيف THE شمل اثنين فقط من الجامعات اليابانية. ويمكننا أن نلاحظ بعض الظواهر الغريبة، كما هو الحال في تقييم جامعة طوكيو للتكنولوجيا (حيث أعمل)، الذي صعد إلى المركز الـ ٥٦ في عام تصنيف QS لعام ٢٠١٥ لكنه انخفض بشكل حاد إلى مجموعة ٢٠١-٢٥٠ في تصنيف THE لنفس العام.

وعلى الرغم من أنها تستخدم منهجيات مماثلة، فإن كلتي المؤسستين تعملان على إعداد ترتيباتها بناء على وجهات نظر متميزة خاصة بها، ولذلك فمن الطبيعي رؤية اختلاف نتائجها. وفي الواقع، فإن جميع أنواع التصنيفات بما فيها المتعلقة بالجامعات وكذلك بالتقييمات بشكل عام تتأثر بوجهات نظر أولئك القائمين على هذه التصنيفات. ويُمكن أن يقال إن هذه سمة مشتركة في عملية التقييم وحتى مع ذلك، نرى على نطاق واسع نتائجاً متباينة مثل تلك المتعلقة بجامعة طوكيو للتكنولوجيا حيث يترك بداخلي شعورا طويلا من الشك حول هذه التصنيفات.

أثر السمعة على ترتيب الجامعات اليابانية

ويعرض الجدول ١ المبيّن أدناه المؤشرات (الاعتبارات) والأوزان التي تستخدمها كلٌ من THE وQS كأساس لترتيبها. تستخدم المؤسستان مؤشرات مختلفة بعض الشيء، ولكن تضع كلاهما ثقلاً أكبر على نتائج المسوحات المتعلقة بسمعة الجامعات، ثم عدد الاستشهادات حول الأوراق البحثية لكل جامعة (*٣).

الجدول ١. مؤشرات وأوزان الترتيب

THE

 التصنيف  المؤشر  الوزن
التعليم مسح السمعة ١٥ ٪
النسبة بين عدد الطلاب وعدد الموظفين ٤.٥ ٪
النسبة بين البكالوريوس والدكتوراه ٢.٢٥ ٪
نسبة الحاصلين على الدكتوراه إلى الموظفين الأكاديميين ٦ ٪
الدخل المؤسسي ٢.٢٥ ٪
البحث مسح السمعة ١٨ ٪
دخل البحوث ٦ ٪
إنتاجية البحوث ٦ ٪
الاستشهادات عدد الاستشهادات لكل ورقة بحثية ٣٠ ٪
النظرة الدولية نسبة بين الطلاب المَحلييّن والطلبة الأجانب ٢.٥ ٪
النسبة بين الموظفين المَحلييّن والموظفين الأجانب ٢.٥ ٪
نسبة الأوراق البحثية المشتركة دوليا ٢.٥ ٪
دخل الصناعة حصة للباحثين الأكاديميين من الصناعة ٢.٥ ٪

QS

المؤشر الوزن
السمعة الأكاديمية ٤٠ ٪
سمعة المشغل ١٠ ٪
نسبة بين عدد الطلاب والهيئة التدريسية ٢٠ ٪
عدد لاستشهادات ضمن الإطار الأكاديمي ٢٠ ٪
نسبة أعضاء هيئة التدريس الأجانب ٥ ٪
نسبة الطلاب الدوليين ٥ ٪

المصادر: https://www.timeshighereducation.com/news/ranking-methodology-2016  THE،
http://www.topuniversities.com/university-rankings-articles/world-university-rankings/qs-world-university-rankings-methodology QS

وفي ربيع كل عام تُصدر مؤسسة THE أيضا مجموعة من تصنيفات تعتمد على السمعة فقط. ولدى بعض الناس في اليابان أنّ فكرة تصنيف السمعة مجحفة للجامعات اليابانية أو على الأقل لجامعة طوكيو وجامعة كيوتو. ويبدو أن هذا اعتقاد خاطئ. وفي الرسم البياني أدناه وضعت نتائج ٥٠ جامعة من تصنيف THE العالمي لعام ٢٠١٤-٢٠١٥، مع نتائج السمعة باعتبارها المحور الأفقي والنتائج الشاملة باعتبارها المحور العمودي. وينحدر المنحنى البياني لوغاريتمياً كنتيجة حيث الجامعات الموضوعة أعلى وإلى يسار المنحنى لها نتائج سمعة منخفضة مقارنة مع نتائجهم العامة، في حين أن الجامعات الموضوعة في الأسفل وإلى يمين المنحنى لها نتائج سمعة مرتفعة مقارنة مع نتائجهم بشكل عام. كما مبين، جامعة طوكيو وجامعة كيوتو على حد سواء في هذه الفئة الأخيرة. وبعبارة أخرى، فإن تصنيف السمعة يعمل في الحقيقة لصالحها.

منهجية جديدة تدفع العديد من الجامعات اليابانية إلى مراتب منخفضة

في تصنيف كل من THE وQS لعام ٢٠١٥، شوهدت تحولات كبرى في نتائج الجامعات اليابانية. تصنيف THE وعلى وجه الخصوص ظهر انخفاض كبير، حيث اسقطت جامعة طوكيو من المرتبة ٢٣ إلى المرتبة ٤٣، وجامعة كيوتو من المرتبة ٥٩ إلى المرتبة ٨٨، وجامعة طوكيو للتكنولوجيا من ١٤١ إلى المجموعة ٢٠١-٢٥٠، وجامعة أوساكا من ١٥٧ إلى المجموعة ٢٥١-٣٠٠ وجامعة توهوكو من ١٦٥ إلى المجموعة ٢٠١-٢٥٠. كما شوهدت انخفاضات كبيرة لجامعات يابانية أيضا في التصنيف العالمي QS، باستثناء جامعة طوكيو للتكنولوجيا وجامعة واسيدا، حيث ارتفع تصنيفها العالمي. وترجع هذه التحولات في جزء كبير إلى التغييرات في المنهجية المستخدمة في الاستشهادات التي تحتل المركز الثاني في الترجيح بعد السمعة كمؤشر.

وفي تصنيف QS العالمي، تم إدخال عدد الاستشهادات الإجمالي عام ٢٠١٥ وذلك بغية الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات في متوسط معدلات الاستشهادات في كل مجال تدريسي. وهذا يعني انخفاض تأثير علوم الحياة والطب، وزيادة تأثير الهندسة والتكنولوجيا. ويبدو أن هذه التغييرات مسؤولة عن التحولات في الترتيب المشار إليه أعلاه.

كما عدل تصنيف THE أيضا منهاجه: ففي السابق كانت بيانات الاستشهادات تقاس داخل البلدان للسماح بمعرفة تأثير ظروف كل البلد مثل اللغة والثقافة، على أعداد الاستشهادات (*٤). ولكن في عام ٢٠١٥، قللت من مستوى هذا التعديل إلى النصف. وأدى ذلك إلى انخفاض حاد لمستويات الجامعات اليابانية، حيث أرقام الاستشهادات هي أقل من المتوسط العالمي. تم إجراء تغييرات مختلفة في المؤشرات الأخرى كذلك، لكنّني لم أتمكن بعد من فهم تأثيرها الكامل.

ومن الشرح أعلاه أعتقد أنه من الواضح أن التصنيف العالمي للجامعات وألتي تخضع لتحولات كبيرة على أساس تفكير المؤسسات التي تنتج منها، ليست شيئا يتوجب القلق، كما أنها ليست مناسبة لاعتمادها كأهداف عددية. ومع ذلك، أعتقد أننا يجب أن نكون قلقين تجاه الوضع الحالي للجامعات اليابانية، كما ينعكس ذلك جزئيا ولو نوعا ما في ترتيبها الدولي.

معاهد آسيا رائدة المعاهد تحرز تقدما سريعا

في خريف عام ٢٠١٥ قمتُ بتجميع بيانات من قاعدة بيانات Scopus للاستشهادات للأوراق البحثية التي استشهد بها أكثر من ١٠٠٠ مرة، حيث تطرقت إلى أربع جامعات آسيوية (*٥). النتائج معروضة في الجدول ٢ أدناه.

الجدول ٢. أعداد أوراق بحثية استُشهِد بها ونُوِّه لها لأكَثر من١٠٠٠ مَرّة

إصدار ٢٠٠٠-٢٠١٤ إصدار ٢٠٠٨-٢٠١٤
جامعة طوكيو ٧٤ ١٩
جامعة كيوتو ٤٧ ٩
جامعة بكين ١٤ ٨
جامعة سنغافورة الوطنية ٣١ ١٦

ملاحظة: بينما صُنفت الأرقام عن طريق عملية بحث بصرية لأسماء الجامعات في البيانات، قد يكون هناك إغفال ناجم عن التناقضات والأخطاء في تدوين الأسماء.

للأبحاث المنشورة في الفترة الممتدة من عام ٢٠٠٠ حتى عام ٢٠١٤، تقود جامعة طوكيو وجامعة كيوتو بشكل كبير الجامعات الآسيوية الأخرى ولكن النتائج الأحدث عهدا ٢٠٠٨-٢٠١٤ تشير إلى احتمال لحاق هذه الجامعات الآسيوية الأخرى بالركب. وهذا يعكس الدعم القوي الذي تتلقاه من حكوماتهم. لذا يجب على الجامعات في اليابان الحصول على نفس النوع من الدعم.

على الرغم من وجود بعض من أوجه القصور في التصنيف العالمي للجامعات، فإن الأرقام والبيانات ذات الصلة التي تكمن وراءها تزودنا بإشارات تتطلب منّا أن ننظر إليها بجدية.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، ونشرت في ١٩ يناير/كانون الثاني ٢٠١٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: مبنى قاعة ياسودا بجامعة طوكيو (يسار)، صرح برج الساعة وقاعة الذكرى المئوية لجامعة كيوتو).

(*١) ^ حتى عام ٢٠٠٩، تعاونت QS مع THE في إصدار تصنيف التايمز السنوي، ولكن منذ عام ٢٠١٠ بدأت في إصدار التصنيف الخاصة بها.

(*٢) ^ على سبيل المثال، حقيقة أن معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، الذي وضع في المرتبة الأولى في تصنيف THE للعام ٢٠١٥-٢٠١٦، أنه لا يسجل سمعة عالية جدا، يمكن اعتباره نتيجة لصغر حجمه نسبيا.

(*٣) ^ تستخدم كلٌ من مؤسسة THE وQS أساليب مختلفة لمطابقة مقاييس بيانات استشهادات، وهذه الاختلافات تؤدي إلى ترتيبات متباينة على نطاق واسع للجامعات اليابانية.

(*٤) ^ للأسف لا يوجد تفسير واضح لطريقة القياس المستخدمة.

(*٥) ^ في قياس الاستشهادات، فمن الشائع استخدام التصنيفات المئوية بدلا من الأرقام الخام، ولكن الأوراق البحثية التي لديها أكثر من ١٠٠٠ استشهاد بها يمكن أن ينظر إليها بأنها ممتازة للغاية. والجامعات التي تنتج أعدادا كبيرة من هذه الأوراق من المحتمل أن تكون تجري البحوث الرائدة في المجال. ومع ذلك، هناك عوامل مختلفة، وهكذا ينبغي أن تؤخذ هذه تماما كمقياس تقريبي.

جامعة طوكيو جامعة كيوتو