العلاقات اليابانية الأمريكية في عصر ترامب

النظام الدولي في عصر ترامب والدور الياباني

سياسة

كيف ستؤثر الأحداث السياسية المذهلة من العام الماضي على النظام الدولي في عام ٢٠١٧؟ انشقاقات في الحزب الجمهوري قد تصعب على حكومة دونالد ترامب الجديدة لتطوير سياسة خارجية متماسكة. يجب أن تتحلى اليابان بالصبر والمرونة في التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

نظام عالمي جديد؟

تصويت بريطانيا لترك الاتحاد الأوروبي وفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية جعلت من ٢٠١٦ عاما لا ينسى. لقد تحدت هذه الأحداث المريعة التوقعات العامة بأن تسود إرادة هؤلاء الذين صوتوا لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو انتخاب هيلاري كلينتون لخلافة باراك أوباما.

سوف تؤثر هذه التطورات على النظام الدولي في عام ٢٠١٧. ومن الغريب بما فيه الكفاية أن تطورات مماثلة مهمة للغاية لميزان القوى العالمية حدثت أيضا بالضبط قبل قرن من الزمان، في عام ١٩١٧، مع دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى، واندلاع الثورة الروسية. أدى الحدثان في نهاية المطاف إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كقوى عظمى مع أيديولوجيات معارضة في الحرب الباردة. الأهم من ذلك، أغلق الحدثان الستار على تفاهم أوروبا Concert of Europe، وهو اتفاق حافظ على السلام بين القوى الكبرى التي كانت في قلب نظام الدول الأوروبية والتي أيدت مكانها البارز في النظام الدولي. وبحلول نهاية الحرب، لم يعد هناك وجود لثلاث إمبراطوريات هي الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية الروسية.

ويمكن أن تساعد وجهة نظر تاريخية طويلة الأجل لجلب الطبيعة الجوهرية لتغييرات عام ٢٠١٧ تحت عدسة أكثر دقة. في مفاوضات السلام بعد الحرب العالمية الأولى، دعا الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون المبدأ الأساسي في تقرير المصير ودفع لإنشاء عصبة الأمم. وكانت هذه الخطوات الأولى في بناء نظام عالمي ليبرالي قائم على الديمقراطية والتعاون الدولي. أثمرت هذه المساعي في إعداد ميثاق الأطلسي تحت قيادة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية. إن النظام الدولي الليبرالي، الذي تم حمايته وإعادة تشكيله من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، هو الأساس بالنسبة للعالم الذي نعيش فيه اليوم.

تناول هذا النظام حتى الآن التهديدات الخارجية مثل الفاشية، الشيوعية، والإرهاب الدولي. ومع ذلك، تواجه كلٌّ من الولايات المتحدة وبريطانيا اليوم اضطرابات داخلية أدت إلى تسليم المواطن الأمريكي الغاضب ترامب، وهو أحد معارضي القيم الليبرالية، لمقاليد السلطة في الولايات المتحدة، بينما عززت الاضطرابات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والذي يعتبر رمزا للتعاون الدولي.

من منظور إيجابي، تشكل هذه التطورات إصلاحات ضرورية وأساسية للنظام في القرن العشرين الذي لم تعد له فائدة. ورغم ذلك لم نسمع من الرئيس المنتخب ترامب ولا رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أي حديث عن بناء نظام دولي جديد. كل ما نسمعه هو عبارة عن شعارات أنانية حول إعادة بناء الاقتصاد، والقضاء على انعدام المساواة، وخلق فرص عمل.

انقسام الجمهوريين

ومن المرجح أن يكون ٢٠١٧ عاماً مؤلماً ومثيراً للاضطراب بالنسبة للسياسات الأميركية والبريطانية والنظام الدولي الليبرالي. فبعض أنصار ترامب معادون لحلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك اللاتينيين مثل جارتها المكسيك، وكذلك المسلمين. أما الناخبون الذين صوتوا لصالح خروج بريطانيا فإن لديهم عداء تجاه الاتحاد الأوروبي، ويضعون أولوية قصوى على الخروج ومنع تدفق المزيد من المهاجرين.

السياسة الخارجية الأساسية في البيت الأبيض تحت إدارة ترامب سوف تصبح أكثر وضوحاً حالما تكتمل التعيينات السياسية. وعلى الرغم من أغلبية الحزب الجمهوري في كل من مجلسي الشيوخ والنواب، فإن الحزب مفتت اليوم بين الأمميين التقليديين، والمحافظين الجدد، وأنصار حركة الشاي وحركة ”أمريكا أولا“. لا أستطيع أن أرى وسيلة لرأب الصدع بين وجهة نظر ترامب الودية تجاه روسيا والموقف العدائي من قبل المشرعين الجمهوريين المحافظين. أيضا، مايكل تي فلين، المعين من قبل ترامب كمستشار للأمن القومي، قد لا يكون لديه الخبرة السياسية الكافية لتسوية الخلافات في مجلس الأمن القومي.

في حين أن الخطاب الشعبوي للرئيس الجديد سوف يشوق بعض الأمريكيين في عام ٢٠١٧، قد يثير عدم وجود اتجاه واضح في السياسة الخارجية تنافرا في وجهات النظر المتنافسة، مما يصعب من تحديد استراتيجية ثابتة وطويلة الأجل. إذا تطورت الأزمة، قد يؤدي ترامب إلى تفاقم الوضع من خلال تغريدات تحريضية تعوق التعاون بين الهيئات.

دور اليابان

سوف تحتاج اليابان كحليف للولايات المتحدة للتحلي بالصبر والمرونة في الاستجابة لأسلوب ترامب الساخر والقتالي. لحسن الحظ، تتمتع البلاد اليوم بوجود حكومة مستقرة سياسياً ودبلوماسياً في عهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. يجب على اليابان تبوء دوراً قياديا أكبر للحفاظ على النظام الدولي الليبرالي. ومن المهم أن تتعاون مع الولايات المتحدة من خلال الاستماع إلى وجهات نظر الإدارة الجديدة والتفاهم أثناء العمل مع واشنطن لتعزيز السياسات الرامية إلى إحلال السلام والاستقرار في المجتمع الدولي. وهذا سوف يشجع بكل أمل الولايات المتحدة للعودة إلى سياسة خارجية أكثر تعاونية واعتدالا.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية في ١٣ يناير/كانون الثاني ٢٠١٧. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: الرئيس المنتخب دونالد ترامب [الوسط] يتحدث للصحفيين بعد مناقشة الإنفاق العسكري مع قادة صناعة الأسلحة ومسؤولي وزارة الدفاع في بالم بيتش، فلوريدا، في ٢١ ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٦. خلفه مايكل فلين [يمين الوسط]، اختياره لمستشار الأمن القومي. الصورة: كيفن د.ليليس/نيويورك تايمز/ Aflo).

بريطانيا الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب السياسة الدولية