ست سنوات في السلطة: ما هو التالي لرئيس الوزراء شينزو آبي وحكومته؟

من سيخلف رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في المستقبل؟

سياسة

 مراسل صحفي خبير في السياسة يقدم تعريف دقيق حول شخصيات السياسيين الذين ينظر إليهمكخلفاء محتملين لرئيس الوزراء الحالي شينزو آبي في منصب رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في البلاد ومنصب رئاسة وزراء اليابان

مع مضي رئيس الوزراء شينزو آبي في فترته الثالثة وربما الأخيرة كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي القوي، بدأت بالفعل التكهنات تحوم حول الخليفة المحتمل. وتوضح قائمة الشخصيات المحتملة لمنصب رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي ورئاسة الوزراء، الدلائل على كل من الاستمرارية والتغيير الملحوظ بداخل الحزب.

النجم الصاعد كويزومي شينجيرو

مع بداية الستينات وحتى طوال الثمانيات، خلال ذروة السياسات الفئوية للحزب الليبرالي الديمقراطي، كان كل المرشحين الجادين لقيادات الحزب بالفعل زعماء سياسيين، كفصيل متماسك وذو كثرة عددية هامة. وكان هذا طبيعيًا تماشيًا مع الهدف المعترف به أن لكل فئة زعماءها المنتخبين للمناصب العليا بالحزب (مما يضمن لهم بالتالي منصب رئيس الوزراء).

ولكن الآن، كويزومي شينجيرو، 37 عامًا، والذي يعد مجرد صبي بمعايير الحزب الليبرالي الديمقراطي التقليدية، أحد الأسماء التي يتردد ذكرها بشكل كأحد المرشحين لزعامة الحزب. وينشط كويزومي كعضو بمجلس النواب للفترة الرابعة، دون أن يكون له أي سابق خبرة بالعمل في الحكومة أو وجود أي فصيل يدعمه. ففي استطلاعات الرأي الأخيرة، رشحه المشاركون بجانب الأمين العام للحزب، إيشيبا شيغيرو كأحد أنسب المرشحين لخلافة رئيس الوزراء آبي.

ويعوض كويزومي بعائلته التي تتجذر في دروب السياسة اليابانية ما ينقصه بحسب ما يزعم البعض من حيث عدد سنوات الخبرة داخل الحزب. فوالده هو رئيس الوزراء السابق كويزومي جونيتشيرو، الذي بقي في الحكم لأكثر من خمس سنوات ونصف (بين 2001-2006)، بفضل نسب التأييد الجماهيرية المرتفعة بشكل غير معتاد. وجده، كويزومي جونيا، الذي شغل منصب المدير العام لوكالة الدفاع اليابانية في ستينات القرن الماضي، وجده الأكبر، كويزومي ماتاجيرو، الذي كان وزير اتصالات (اشتهر بخطبه البراقة وبوشم التنين) قبل الحرب العالمية الثانية. وهكذا، يتناسب كويزومي تمامًا مع شخصية سياسي الحزب الليبرالي الديمقراطي ’’بالوراثة ‘‘. ولكن أكثر من خلفيته الشخصية، فوسامته ومهاراته في مخاطبة الرأي العام ونبرة صوته التي لا تنسى، هو ما ساهم في الدفع به إلى دائرة الضوء في سن مبكرة جدًا.

ولا يعني هذا أن كويزومي الشاب يفتقر إلى الجوهر. فمن خلال توليه رئاسة قسم الزراعة بمجلس أبحاث سياسات الحزب الليبرالي الديمقراطي، لعب دورًا محوريًا في قيادة إصلاحات جريئة، منها إجراءات للحد من تأثير ونفوذ مجموعة الزراعة اليابانية على قطاع الزراعة وسياسات الحكومة. وباعتباره زعيماً فعلياً لمجموعة من المشرّعين الشباب في الحزب نادى بإصلاحات الأمن الاجتماعي والتعافي المالي، كما دعا إلى توفير رعاية نهارية وتعليم مجاني في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال نظام ’’تأمين الأطفال‘‘، مدعوماً بمساهمات من أرباب العمل والعمال.

وبعكس والده، الذي كان مستقلًا واستخدم المجال السياسي لتأمين شعبية ودعم لسياساته التي قوبلت بمعارضة الهيئات، يقوم شيغيرو ببناء توافقات مع النظام. وتنعكس تلك الطريقة المدروسة والحذرة في سلوكه السياسي بالمثل. وعلى الرغم من تصويت كويزومي لصالح إيشيبا شيغيرو وضد آبي في انتخابات زعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي في سبتمبر/ أيلول عام 2018، إلا إنه رفض الإفصاح عن اختياره للإعلام حتى قبيل بدء فرز الأصوات بقليل. وانتقد البعض هذا التوقيت، زاعمين أنه كان يتوجب على كويزومي الإفصاح بشجاعة عن اعتقاداته. ولكن في النهاية، كل هذا التدقيق الإعلامي يلقي الضوء على آماله المشرقة داخل الحزب الحاكم.

إيشيبا شيغيرو، سياسي من العيار الثقيل

يعد إيشيبا شيغيرو، 61 عامًا، مرشح تقليدي، فهو عضو بمجلس الشيوخ للفترة الحادية عشر. ويتزعم إيشيبا فصيله السياسي صغير الحجم (حوالي 20 عضو)، وشغل العديد من المناصب بالحكومة. وينادي إيشيبا بمراجعات شاملة للمادة 9 من دستور البلاد الرافضة للحرب، مرتكزًا على خبرته بالسياسة وتميزه في الأمن القومي بحكم قيادته لوكالة الدفاع ومن بعدها وزارة الدفاع.

وخبرة إيشيبا بالعمل بالحكومة تؤهله، حيث ترأس كذلك وزارة الزراعة، والغابات، والمصايد، وتولى منصب وزير إعادة إعمار الأقاليم، بالإضافة إلى تعيينه في منصب الأمين العام للحزب الليبرالي الديمقراطي في السابق، كسياسي من العيار الثقيل في القالب التقليدي. ونافس الرجل آبي في سبتمبر/ أيلول الماضي عند ترشحه لفترة ثالثة في منصب رئيس الحزب، بصفته زعيم فصيل سويغتسوكاي. وبينما حصل على نسبة 18% من بين الأصوات ذات الثقل لباقي أعضاء البرلمان،فإنه حقق خارج البرلمان إنجازًا مبهرًا، بحصوله على 45% من الأصوات بالتقريب من الأعضاء العموميين بالحزب.

ولكن تظل حظوظ إيشيبا، في الانتخابات الحزبية القادمة في 2021، أقل من مستوى بريق تاريخه الطويل. ويرجع ذلك من ناحية، إلى المنافسة التي سيلقاها من أمثال وزير الخارجية السابق كيشيدا فوميئو، الذي يرأس حاليًا مجلس أبحاث السياسات بالحزب (يرجى الرجوع إلى الجزء الخاص به أسفل المقال). ومن ناحية أخرى، إلى المتوقع بمواجهته بمقاومة من فصيل سيواكاي التابع لآبي، أكبر فصائل الحزب الليبرالي الديمقراطي، وكذلك من ناحية كبير أمناء مجلس الوزراء سوغا يوشيهيدي، الذي يحظى بتأثير بالغ بين السياسيين الشباب بالحزب.

معضلة كيشيدا فوميئو

كيشيدا فوميئو، 61 عامًا، زعيم آخر لأحد الفصائل الأخرى، ولكنه أحد من تفادوا الصدام مع آبي، وعضو بمجلس الشيوخ للفترة التاسعة. ويترأس حاليًا مجلس أبحاث السياسات بالحزب. ويدعي فصيل كيشيدا، انحداره مباشرة من فصيل كوتشيكاي العريق، الذي أخرج الكثيرين من الزعامات المحافظة باليابان. وخدم من 2012 حتى 2017 كوزير خارجية في حكومة آبي، دون أن يغير ذلك من الاختلافات الفكرية والسياسية بين وبين رئيس الوزراء، والتي تسببت في النظر إليه في كأحد المنافسين الأساسيين لآبي على زعامة الحزب في وقت من الأوقات. ولكنه أعفى نفسه من الترشح للانتخابات في عام 2015، ثم في عام 2018، على الرغم من شعور الكثيرين من فصيله أن الوقت قد حان للمنافسة. وأثار الإفصاح المتأخر عن دعم كيشيدا لآبي في ترشحه لفترة ثالثة، التساؤلات حول حنكته السياسية.

كيشيدا فوميئو، رئيس مجلس أبحاث السياسات بالحزب الليبرالي الديمقراطي، أثناء أحد جلسات لجنة الموازنة بمجلس النواب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. جيجي برس.

وفقد كيشيدا بشكل متواصل تأثيره السياسي، لابتعاده عن اتخاذ تحيزات. وتراجع في استطلاعات الرأي الأخيرة حول السياسي الأنسب لتولي زمام الأمور داخل الحزب، فقد جاء بعد كل من كويزومي وإيشيبا. وليس من الواضح إن كان سيترشح ليكون خليفة آبي المنتظر في عام 2021، أو سيتخذ موقفًا مستقلًا ويفقد دعم فصيل آبي القوي. حتى أن أعضاء من فصيله قد صرحوا بمخاوفهم من خططه للترشح.

خلفاء مرشحون: كاتو وكونو

وفي ظل كل ذلك، اتسع المجال أمام التكهنات حول إقدام آبي على تعيين أي من كاتو كاتسونوبو، 63 عامًا، رئيس المجلس العام للحزب الليبرالي الديمقراطي (عضو مجلس النواب للفترة السادسة) أو كونو تارو وزير الخارجية، 56 عامًا، (الفترة الثامنة) كخليفة له. وعلى الرغم من تصنيف كاتو كمحسوب على فصيل كيسيكاي الذي يتزعمه تاكيشيتا واتارو، إلا أنه ينظر إليه على أنه من المقربين من آبي. وقد ظل محل ثقة وداعمًا لفترة طويلة ومخلصًا لآبي حتى بعد تخليه عن منصب رئاسة الوزراء في عام 2007. وبعد أن قاد آبي الحزب مرة أخرى إلى السلطة في عام 2012، وكوفئ كاتو بمناصب متتالية داخل مجلس الوزراء، كنائب رئيس أمناء المجلس، ووزير التحفيز الديناميكي لإدماج كل المواطنين، ووزير للصحة، العمل والرعاية الاجتماعية قبل أن يعين رئيسًا للمجلس العام للحزب.

وينتمي كونو تارو إلى فصيل شيكوكاي الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء ووزير المالية آسو تارو، الحليف القوي لآبي. وكان آسو الذي تولى منصب رئاسة الوزراء نفسه (2008-2009)، عضوًا رئيسيًا في فصيل تايوكاي الذي يتزعمه كوهي والد كونو، الذي تولى منصب وزير الخارجية، ورئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي، ومتحدث باسم مجلس النواب. وينظر إلى كونو الأصغر على كونه مستقل ذو حظوظ محدودة داخل الحزب بسبب طريقته الفظة وآراءه الصريحة، ولكن في عام 2015، التحق بحكومة آبي كرئيس لجنة السلامة العامة القومية، وفي عام 2017 استفاد من مساندة رئيس أمناء مجلس الوزراء سوغا ليعين وزير للخارجية.

وقد يبزغ نجم كل من كونو وكاتو كمرشحين بارزين، إذا رشح آبي أحدهما ليكون خليفته المفضل، ولكن لا يمتلك أي منهما القاعدة القوية اللازمة لكسب انتخابات الحزب دون دعم معسكر آبي بكامل قوته.

كاتو كاتسونوبو، رئيس المجلس العام بالحزب الليبرالي الديمقراطي، عند مدخل مقر إقامة رئيس الوزراء النواب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. جيجي برس.

الأوراق المستقلة موتيغي ونودا

وأحد المرشحين الآخرين التي تتحدى الصورة النمطية للحزب الليبرالي الديمقراطي، هي نودا سيكو، 58 عامًا (عضوة مجلس الشيوخ للفترة التاسعة)، والرئيسة السابقة للمجلس العام للحزب. وعينت وزيرة للبريد والاتصالات في سن 37 عامًا، غالبًا ما يشار إليها كأحد المرشحين لتصبح أول امرأة رئيسة للوزراء في اليابان. وقامت في السابق بإدارة سياسات الفصائل، ولكن نقص قاعدة قوية لها داخل الحزب، فرض عليها الترشح مرتين لأحد المناصب القيادية بالحزب. وأعلنت تكرارًا في 2015، وفي 2018 عن خططها لتحدي آبي، ومناقشة الحاجة لحوار مفتوح حول القضايا. ولكن في كلتا المناسبتين، أجبرت على ترك سباق الترشح الطويل بعد أن فشلت في كسب الدعم اللازم من 20 من أعضاء الحزب من نواب البرلمان. وأدت تلك التجارب السابقة إلى سعيها لبناء فصيل خاص بها.

وبينما القائمة الموجودة للمرشحين المحتملين تتميز بالتنوع، فهي توضح كذلك الوضع السائد لتوريث السياسيين بالحزب الليبرالي الديمقراطي. وكل من الخلفاء المحتملين قد تقدم إلى تلك النقطة بعد والد، جد أو صهر موجود بالسياسة. وربما يعتبر كل من كويزومي وكونو من السياسيين الأرستقراطيين المعروفين ذوي النسب المميز الذي يعود إلى عدة أجيال، ولكن الآخرين يتماشون مع النمط السائد أيضًا.

تولى والد إيشيبا منصب محافظ توتوري ووزير لشؤون الأسرة. ويعد كيشيدا عضو مجلس النواب للجيل الثالث. وكان صهر كاتو، وزير للزراعة، الغابات والمصايد. ونودا تعد حفيدة وزير إنشاءات سابق. وأي كانت بداية المرء في النشاط التجاري أو في الحياة العامة (مثل موظف عام أو مساعد سياسي)، فإن وجود سياسي مرموق في العائلة يوفر ميزة انتخابية كبيرة فيما يخص التعرف على الاسم، وتوفر قاعدة الدعم المحلي، والموارد المالية. ونتيجة لذلك، فإن أغلب السياسيين الكبار بالحزب الليبرالي، وأغلب نجومه البارزين كذلك، هم من الجيل الثاني أو الثالث للمشرعين.

ويعد موتيغي توشيميتسو، 63 عامًا، (عضو مجلس الشيوخ للفترة التاسعة)، وزير إنعاش الاقتصاد، استثناء واضح. وبعد أن أتم دراسة الماستر في السياسات العامة في هارفرد، عمل موتيغي بشركة ماروبيني للتجارة، وجريدة يوميئوري اليومية، وشركة الاستشارات ميكينزي أند كو. قبل أن يربح الانتخابات البرلمانية في 1993، كعضو في حزب اليابان الجديد. وانضم للحزب الليبرالي الديمقراطي في 1995، بعد حل حزب اليابان الجديد، واكتسب منصبه الحالي بالحكومة من خلال الموهبة والعمل الجاد، مستعرضًا خبرته في السياسات الخارجية والداخلية ومثابرته لتنفيذ الأشياء.

والسؤال الهام هنا، هو حول قدرة موتيغي اتخاذ موضع داخل فصيل كيسيكاي، والذي يضم كذلك كاتو كاتسونوبو محل ثقة آبي، ووزيرة الاقتصاد والتجارة والصناعة السابقة أوبوتشي يوكو (ابنة رئيس الوزراء السابق أوبوتشي كيزو)، الذي ذكر فيما سبق كأحد المرشحين المحتملين.

كونو تارو، وزير الخارجية، وموتيغي توشيميتسو، وزير إنعاش الاقتصاد في الجلسة العامة لمجلس النواب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. جيجي برس.

وأخيرًا، حظي رئيس أمناء رئاسة الوزراء يوشيهيدي سوغا، 69 عامًا (عضو مجلس الشيوخ للفترة الثامنة)، باهتمام متزايد كمرشح محتمل، على الرغم من النفي المتكرر من قبل سوغا نفسه. وشق سوغا، الذي ولد في مزرعة بمحافظة أكيتا، طريقه إلى جامعة هوسي في طوكيو، وعمل مدير مكتب لأحد أعضاء البرلمان ووزير بالحكومة. وعمل بمجلس مدينة يوكوهاما قبل أن يكسب الانتخابات البرلمانية في عام 1996. ويتابع مجموعة مكونة من 40 من السياسيين الشباب، كحاصل على درجة الماستر في إدارة الأزمات ونقاش السياسات. وعلى الرغم من كون سوغا قد ترشح لوظيفة قيادية بالحزب الليبرالي الديمقراطي، إلا أن النقاد لا يميلون لإدراجه بين المرشحين المحتملين بعد.

(النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: النجم الصاعد بالحزب الليبرالي الديمقراطي، محاصر بالصحافيين في يوم انتخابات قيادة الحزب في سبتمبر/ أيلول 2018، والتي لم يكن مرشحًا به. جيجي برس)

شينزو آبي الحزب الليبرالي الديمقراطي  آبي