وزير الخارجية الياباني يتحدث عن التحديات الأمنية والاقتصادية في آسيا

سياسة

يركّز الجزء الثاني من مقابلتنا مع وزير الخارجية هاياشي يوشيماسا على الدبلوماسية العالمية تجاه الصين والتحديات الأمنية المحيطة بمضيق تايوان وجزر سينكاكو وبحر الصين الجنوبي.

يوشيماسا هاياشي HAYASHI Yoshimasa

وزير الخارجية وعضو مجلس النواب عن دائرة ياماغوتشي 3 الانتخابية. مواليد 1961 تخرج من جامعة طوكيو في عام 1984 قبل التحاقه بشركة ميتسوي وشركاه. عمل سكرتيرًا سياسيًا لوالده وزير المالية هاياشي يوشيرو. حصل على الماجستير من كلية جون ف. كينيدي الحكومية بجامعة هارفارد عام 1994. انتُخب لأول مرة لمجلس المستشارين في عام 1995 وشغل خمس فترات قبل انتخابه لمجلس النواب في عام 2021. شغل سابقًا منصب وزير الدفاع ووزير الزراعة والغابات والثروة السمكية ووزير التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا.

تعزيز الاتصال الإقليمي

تاكيناكا هاروكاتا: تعتبر مساهمات اليابان من أجل إرساء مفهوم ”منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة“ مثالًا واضحاً على تجاوز اليابان لدور ”الشريك الأصغر“ في تحالفها مع الولايات المتحدة. تتألف رؤية FOIP أو ”منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة“ من ركيزتين سياستين هما المشاركة الاقتصادية والأمنية، وقد ساهمت اليابان في تعزيز الاتصال من خلال مشاركتها المستمرة في مشاريع مثل الممر الاقتصادي بين الشرق والغرب والممر الاقتصادي الجنوبي في منطقة ميكونغ الفرعية، والممر الصناعي بين دلهي ومومباي وتصدير تكنولوجيا قطارات شينكانسن إلى الهند، فهل ستبقى الحكومة اليابانية ملتزمة بهذه المشاريع؟

هاياشي يوشيماسا: فيما يتعلق بجهود اليابان من أجل إرساء مفهوم ”منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة“ أو FOIP، فسوف نواصل العمل بنشاط على تعزيز الاتصال، وذلك من خلال دعم تطوير البنية التحتية وتعزيز قدرة إنفاذ القانون البحري. فنحن نولي أهمية كبيرة للبنية التحتية عالية الجودة التي تتسم بالمرونة والشمول والاستدامة ولقد حظيت جهودنا حتى الآن بتقدير كبير من قبل البلدان التي نستهدف مساعدتها والمجتمع الدولي على حد سواء.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلنت الحكومة اليابانية عن مبادرة الاتصال بين اليابان ورابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة اختصارا باسم آسيان لتعزيز الاتصال بين دول آسيان. وسيدعم هذا نشر البنية التحتية عالية الجودة مع تعزيز قاعدة الموارد البشرية في دول الآسيان، وهو أمر بالغ الأهمية لإدارة هذه البنية التحتية. في ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعلنت كل من اليابان والولايات المتحدة وأستراليا عن دعم مشترك لمشروع كابل شرق ميكرونيسيا، الذي سيربط ولايات ميكرونيسيا الموحدة وناورو وكيريباتي. هذان مجرد مثالين على دعمنا المستمر، وسنواصل جهودنا لتطوير البنية التحتية عالية الجودة التي تساهم في تحقيق FOIP.

تاكيناكا: فيما يتعلق بموضوع التعاون الأمني، وقعت اليابان مؤخرًا على اتفاقية الوصول المتبادل بين اليابان وأستراليا، أو ما يعرف اختصارا باسم RAA. كيف ستعمل الحكومة على تعميق العلاقات مع أستراليا والشركاء المهمين الآخرين مثل الهند فيما يتعلق بتحالفها الثنائي مع الولايات المتحدة؟

هاياشي: تشترك كل من الهند وأستراليا مع اليابان في نفس القيم الأساسية بما في ذلك الحرية والديمقراطية وسيادة القانون والمصالح الاستراتيجية، لذا فهم شركاؤنا الاستراتيجيون في مسعانا لتحقيق FOIP على مستوى القمة ووزراء الخارجية على حد سواء. أما على الجبهة الأمنية، فقد قمنا بإشراك الهند عبر صيغة حوار ”2+2“ التي جمعت وزراء الخارجية والدفاع من كل جانب. كما نجري أيضاً مناورات بحرية مشتركة مع البحرية الهندية.

تشارك اليابان بالفعل في حوار 2 + 2 مع أستراليا، وقد عُقدت الاجتماعات تسع مرات حتى الآن. وفي الوقت نفسه، فإن اتفاقية RAA بين اليابان وأستراليا الموقعة في 6 يناير/ كانون الثاني ستسهل على قوات الدفاع الذاتي اليابانية وقوات الدفاع الأسترالية إجراء أنشطة تعاونية أثناء زيارة الدولة الأخرى. سيؤدي ذلك إلى تحسين قدرتنا على إجراء تدريب مشترك وأنشطة الإغاثة في حالات الكوارث، وهي أول اتفاقية من نوعها تبرمها اليابان مع شريك ثنائي. نحن أيضًا حريصون على العمل مع أستراليا بشأن الأمن الاقتصادي ولتعميق التعاون فيما يسمى المجالات الأمنية الجديدة للفضاء الخارجي والفضاء الإلكتروني. أعتقد أن إطار التعاون الأمني الأسترالي الياباني هذا سيصبح نموذجًا تطبقه اليابان عند التعاون مستقبلاً مع الشركاء الآخرين.

تاكيناكا: يعد الحوار الأمني الرباعي Quad منصة حوار أخرى تساهم في تحقيق FOIP. حيث عُقدت قمة مهمة للغاية على مستوى الزعماء العام الماضي في واشنطن العاصمة بين الدول الأربع الأعضاء في الحوار الأمني الرباعي Quad وهي اليابان والولايات المتحدة وأستراليا والهند. كيف ترى إمكانية تطوير إطار العمل الرباعي في المستقبل؟

هاياشي: سأستمر في الدفع نحو تعاون أكبر بين أعضاء الحوار الأمني الرباعي Quad. بمجرد أن تولى رئيس الوزراء كيشيدا فوميو منصبه، أجرى محادثات هاتفية مع قادة الولايات المتحدة وأستراليا والهند لتأكيد التزامهم المستمر بتعزيز التعاون بين الدول الأربع، ووافق على عقد اجتماعات قمة سنوية واجتماعات لوزراء الخارجية. آمل في تعزيز التعاون في المجالات العملية مثل نشر اللقاح وتوزيعه، وتطوير البنية التحتية، ومجالات التكنولوجيا الناشئة.

أهمية مضيق تايوان بالنسبة للولايات المتحدة واليابان

تاكيناكا: في المناقشات التي دارت في الاجتماعات بين وزراء خارجية الولايات المتحدة واليابان وبين قادة البلدين العام الماضي، شدد الجانبان على أهمية ”السلام والاستقرار في مضيق تايوان“. ما هو السبب وراء إثارة هذا الموضوع، خاصة أنه يمس وتر العلاقات الصينية اليابانية؟

هاياشي: برغم وجود علاقات وثيقة تربط بين الصين وتايوان، لا سيما في المجال الاقتصادي، إلا أن كفة الصين ترجح في حالة المقارنة من ناحية القوة العسكرية. نحن نتابع عن كثب التطورات الأخيرة باهتمام كبير. كما أن هناك وعي متزايد لدى المجتمع الدولي حول أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان. لقد أَثَرتُ هذه المسألة مباشرة مع عضو مجلس الدولة وانغ يي خلال مكالمة هاتفية لوزراء خارجيتنا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وسنواصل متابعة الوضع عن كثب وتأكيد موقفنا أمام المجتمع الدولي، بما في ذلك جانبي مضيق تايوان.

تاكيناكا: أنتقل إلى قضايا الأمن البحري، كيف ترى التوترات الحالية في بحر الصين الشرقي في ظل وجود سفن خفر السواحل الصينية وتوغلاتها المتكررة في المياه الإقليمية حول جزر سينكاكو؟ وماذا عن الوضع الحالي في بحر الصين الجنوبي، حيث أدى التطوير السريع للأراضي إلى بناء ثلاثة مطارات عسكرية جديدة؟

هاياشي: إن توغل سفن خفر السواحل الصينية مرارًا وتكرارًا في المياه الإقليمية اليابانية حول جزر سينكاكو ومحاولتها الاقتراب من قوارب الصيد اليابانية هو أمر غير مقبول بالمرة. أنشطة سفن خفر السواحل الصينية تنتهك القانون الدولي. في حديثنا الهاتفي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعربت صراحةً عن مخاوف اليابان لعضو مجلس الدولة وانغ. من منطلق تصميمنا القوي على الدفاع عن أراضينا وبحرنا الإقليمي ومجالنا الجوي، سنواصل اتباع نهج هادئ وحازم تجاه الوضع الحالي، مع التمسك بموقفنا وتأكيده بكل حزم.

كما أننا نراقب بحر الصين الجنوبي جيداً، بما في ذلك عسكرة بحر الصين الجنوبي. ترتبط قضية بحر الصين الجنوبي ارتباطًا مباشرًا بالسلام والاستقرار الإقليميين، ولذلك فهو مصدر قلق مشروع لليابان، بل للمجتمع الدولي بأسره، ونحن نعارض بشدة أي أعمال من شأنها تصعيد التوترات. لطالما دعت الحكومة اليابانية إلى الالتزام بسيادة القانون في البحر. أود أن أؤكد على أهمية أن تعمل جميع الدول الأطراف في نزاع بحر الصين الجنوبي سوياً من أجل الوصول إلى حل سلمي للنزاعات على أساس القانون الدولي.

رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو (على اليمين) ووزير الخارجية هاياشي يوشيماسا، في نقاش خلال الجلسة العامة لمجلس النواب في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2021 (جيجي برس).
رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو (على اليمين) ووزير الخارجية هاياشي يوشيماسا، في نقاش خلال الجلسة العامة لمجلس النواب في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2021 (جيجي برس).

مستقبل اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ CPTPP

تاكيناكا: في سبتمبر/ أيلول الماضي، تقدمت الصين فجأة بطلب للحصول على عضوية اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ CPTPP، مباشرة قبل الانضمام المرتقب لتايوان. كيف ستتعاملون مع هذه القضية الصعبة؟ وكيف يتم التعامل مع انضمام بريطانيا حاليًا؟ علاوة على ذلك، بالنظر إلى التقارير الأخيرة حول قيام كوريا الجنوبية بإعداد طلب للانضمام، والمصالح المحتملة لإسرائيل وكولومبيا ودول أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، هل هناك خطط لقبول دول أخرى في اتفاق CPTPP؟

هاياشي: CPTPP هي اتفاقية عالية المستوى ليس فقط من حيث الوصول إلى السوق ولكن أيضًا من حيث القواعد التي تنظم التجارة الإلكترونية والملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وتدابير الصحة والصحة النباتية وغيرها. تختلف الآراء حول الممارسات التجارية للصين، وسوف ندرس ما إذا كانت الصين مستعدة لتلبية المعايير العالية بشكل كامل. الشيء نفسه ينطبق على تايوان. لدينا علاقة اقتصادية وثيقة مع تايوان، وهي شريك مهم للغاية يشارك اليابان في نفس القيم الأساسية، وقد اتخذت تايوان إجراءات علنية لتقديم طلبها للانضمام إلى اتفاقية CPTPP؛ واليابان ترحب بانضمام تايوان.

نحن بحاجة لمناقشة طلبات الانضمام هذه مع الأعضاء الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، ستراعي الحكومة اليابانية أيضًا الاعتبارات الاستراتيجية والمشاعر العامة عند اتخاذ أي قرار بشأن انضمام دولة جديدة.

في يونيو/ حزيران من العام الماضي، وافقت لجنة اتفاقية CPTPP على بدء عملية انضمام المملكة المتحدة. المناقشات جارية حاليا في مجموعة العمل المنوط بها اتخاذ القرارات بشأن انضمام أعضاء جدد والتي ترأسها اليابان. سوف نضمن الحفاظ على المعايير العالية بينما نعمل على الوفاء بمسؤوليتنا كرئيس للجنة. لذلك فإننا نولي اهتمامًا كبيراً لتلك الاقتصادات التي أعربت عن رغبتها في الانضمام. ومع ذلك، في الوقت الحالي نحن نركز على عملية انضمام بريطانيا.

اليابان ودبلوماسية حقوق الإنسان

تاكيناكا: أخيرًا، أود أن أسألك عن تأكيد إدارة كيشيدا على ”الدبلوماسية التي تحترم حقوق الإنسان“. حيث بدأت العديد من الدول مؤخرًا في التركيز بشكل أكبر في سياساتها الخارجية على حقوق الإنسان. لقد أعربت خلال القمة السابقة واجتماعات وزراء الخارجية عن قلقك بشأن حالة حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي. كما قام رئيس الوزراء بتعيين ناكاتاني جين مستشاره الخاص لقضايا حقوق الإنسان، في حين أعلنت وزارة الخارجية أنها ستستحدث منصبًا جديدًا يتعلق بحقوق الإنسان. هل يعني هذا أن الحكومة اليابانية تركز بشكل أكبر على حقوق الإنسان والقيم الليبرالية في دبلوماسيتها مقارنة بالماضي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل سيغير هذا من كيفية تعامل اليابان مع ميانمار والأنظمة الاستبدادية الأخرى في آسيا؟

هاياشي: أحد الركائز الثلاث لدبلوماسية إدارة كيشيدا هي ”التصميم على الدفاع الكامل عن القيم العالمية“. لا شك أن حقوق الإنسان تدخل ضمن تعريفنا للقيم العالمية. إن تعيين مستشار خاص لرئيس الوزراء لقضايا حقوق الإنسان هو جزء من جهودنا المستمرة لدعم هذه القيم.

لكننا لا نشجع دبلوماسية حقوق الإنسان لمجرد أن هذه القضايا أصبحت محل اهتمام متزايد حول العالم، فالدبلوماسية التي تركز على حقوق الإنسان ليست فكرة جديدة ولطالما اعتقدنا أن حماية حقوق الإنسان هي مسؤولية أساسية تقع على عاتق جميع البلدان. لذلك سوف نستمر في رفع أصواتنا بحزم ضد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، على الصعيدين الثنائي وداخل المجتمع الدولي.

تستند جهودنا إلى الحوار والتعاون. لذا فبالنسبة للدول التي تعمل جاهدة من أجل إرساء الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، ستشجع الحكومة اليابانية جهودها من خلال الحوار والتعاون الثنائي، وسوف تواصل الحكومة اليابانية تعزيز دبلوماسية حقوق الإنسان التي تنفرد بها بلادنا.

(كُتب النص الأصلي باللغة اليابانية بقلم إيشي ماساتو من قسم التحرير في Nippon.com استنادًا إلى مقابلة أجريت في 19 يناير/ كانون الثاني 2022. صورة العنوان: تاكيناكا هاروكاتا، إلى اليسار، ووزير الخارجية هاياشي يوشيماسا في كاسوميغاسيكي، طوكيو، هاناي توموكو).

الحزب الليبرالي الديمقراطي آسيا السياسة الدولية الحكومة اليابانية