أوكيناوا الجريحة: مرآة آسيا والمحيط الهادئ

سياسة

صحفي سابق وخبير في السياسة الدولية له جذور من أوكيناوا يرسم صورة متعددة الأوجه للمحافظة ونضالاتها المستمرة بعد نصف قرن من عودة تبعيتها إلى السيادة اليابانية.

وقعت أوكيناوا– المعروفة سابقًا باسم (ريوكيو) – في أوقات كثيرة من تاريخها فريسة للعديد من المناورات والصراعات بين القوى المهيمنة في المنطقة. حيث لعبت كل من الصين والولايات المتحدة أدوارًا مهمة في هذا التاريخ المتقلب، ولقد كانت اليابان هي القوة المهيمنة على مدى القرون الأربعة الماضية، الأمر الذي جعل أوكيناوا جزءًا منها الآن. في هذه المقالة، استعرض بشكل موجز هذه العلاقة المشحونة، التي تتخللها انطباعاتي الخاصة عن أوكيناوا، حيث كنت أحيا بها في فترة طفولتي ولاحقًا كمراسل شاب.

من غزو ساتسوما إلى معركة أوكيناوا

من القرن السادس عشر إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، تشكل تاريخ أوكيناوا من خلال ظهور اليابان كدولة موحدة وبزوغ طموحها للتوسع الخارجي. حيث بدأ العدوان من إقطاعية ساتسوما في كيوشو في أواخر القرن السادس عشر حينما انتصر القائد المحارب تويوتومي هيديوشي على منافسيه الداخليين، وأطلق غزواته المشؤومة على كوريا، على أمل تحدي سلالة مينغ الصينية في نهاية المطاف.

وفي عام 1906، بعد تأسيس نظام توكوغاوا شوغن (نظام سياسي إقطاعي يدار بواسطة الحاكم العسكري)، حصلت إقطاعية ساتسوما على إذن الشوغون لبدء رحلة استكشافية تجاه الجزر، وأصبح ملوك ريوكيو (الاسم السابق لأوكيناوا) تابعين لنطاق ساتسوما. وخضعت مملكة ريوكيو لحكم ساتسوما عام 1611، لكنها احتفظت بهيكلها الحاكم طوال فترة عصر إيدو (1603-1868).

ومع دخول عصر إصلاح ميجي عام 1868، تم إلغاء النظام الإقطاعي، وتم تعزيز السلطة في ظل الحكومة المركزية الجديدة. وسرعان ما وضع قادة ميجي أنظارهم على توسيع دائرة نفوذ الإمبراطورية اليابانية إلى شبه الجزيرة الكورية. ويمكن اعتبار ضم (ريوكيو) وإعادة تشكيلها كمحافظة أوكيناوا في عام 1879 بمثابة خطوة مبكرة في هذه العملية.

وأدى سعي اليابان للتوسع في النهاية إلى الحرب ومعركة أوكيناوا المصيرية (مارس/ آذار – يونيو/ حزيران 1945). فبينما كانت القوات الأمريكية تستعد للاستيلاء على أوكيناوا لتكون موطئ قدم لشن هجومها على ”الجزر الأم“ لليابان، دعا القادة اليابانيون إلى حرب شاملة، وحثوا كل مواطن على محاربة الغزاة حتى آخر قطرة دم. حيث أودت المعارك الطويلة والدامية التي تلت ذلك بحياة حوالي ربع سكان الجزيرة.

ذكريات ما بعد عودة أوكيناوا إلى السيادة اليابانية

بعد الحرب العالمية الثانية، حافظ الجيش الأمريكي على وجود كبير في أوكيناوا، معتبرا إياها قاعدة استراتيجية رئيسية في المنطقة. وظلت الجزر تحت الإدارة الأمريكية لفترة طويلة بعد انتهاء احتلال اليابان في عام 1952. وعادت أخيرًا إلى السيادة اليابانية في 15 مايو/ أيار 1972، بموجب اتفاقية تضمن استمرار وصول القوات المسلحة الأمريكية إلى قواعد أوكيناوا.

لقد ولدت في طوكيو قبل بضع سنوات من عودة الأرض في عام 1968، لكن كان لدي جذور في أوكيناوا وذكريات شخصية عقب سنوات ما بعد عودة التبعية. حيث هاجر والداي، المولودان في أوكيناوا، لاحقًا إلى طوكيو، حيث كان والدي يعمل في الحكومة. وأثناء فترة تواجدي في المرحلة الابتدائية، تم نقل والدي إلى أوكيناوا، ومعه عادت الأسرة إلى هناك.

هنأني زملائي في طوكيو في ذلك الوقت، مشيرين إلى أنني سأتمكن من السباحة في المحيط كل يوم في أوكيناوا. وكما اتضح لاحقًا، احتلت قاعدة عسكرية أمريكية ساحل مدينة أوراسوإي بأكمله، حيث كنا نعيش، ولم يكن هناك مسبح في المدرسة الابتدائية، حتى أن القليل جدًا من الأطفال المحليين كانوا يعرفون كيفية السباحة. وحصلت مدرستنا أخيرًا على مسبح عندما كنت في الصف السادس. وكانت هذه التحسينات سمة من سمات حقبة ما بعد عودة التبعية مباشرة، عندما كان هناك دافع كبير لرفع البنية التحتية المهملة في أوكيناوا إلى مستوى المعايير التي سادت في أماكن أخرى في اليابان. ومع ذلك، فإن أفضل ما أتذكره عن هذا المسبح هو الرعب الذي حدث عندما عُثر على أفعى (هابو – نوع من أفعى الحفرة السامة المتوطنة في جزر ريوكيو) طريقها عبر إحدى البالوعات. وقفنا حينها جميعًا لنشاهد من مسافة آمنة عملية اصطياد الثعبان وإزالته بعناية.

وأحد الملامح الأخرى لتلك الفترة وما أتذكره بوضوح هو لافتات ”730“ التي ظهرت في كل مكان في عام 1978. ففي 30 يوليو/ تموز من ذلك العام، كان من المقرر أن تتحول أوكيناوا من حركة السير على الجهة اليمنى – ما تبقى من تعليمات الإدارة الأمريكية – إلى جهة اليسار مثل بقية اليابان. وكانت اللافتات جزءًا من حملة عامة ضخمة لمنع الفوضى المرورية من خلال تنبيه الجميع مسبقًا لما هو قادم من تغيير.

أوكيناوا في أوائل التسعينيات

عدت لاحقًا إلى طوكيو، حيث التحقت بالجامعة، وبعد التخرج، وجدت عملاً كمراسل في هيئة الإذاعة الوطنية اليابانية NHK. وكان أول ظهور لي في المحطة المحلية للشبكة الإذاعية في أوكيناوا. وكان ذلك في عام 1992، حيث الذكرى العشرين لعودة تبعية أوكيناوا للسيادة اليابانية. واحتفالًا بهذه المناسبة، أنتجت محطة NHK ضمن سلسة الحلقات الدرامية التاريخية السنوية التي تعرف باسم (تايغا) حلقات (ريوكيو نو كازي) (رياح ريوكيو)، والتي تحكي قصة على خلفية أحداث غزو ساتسوما. ويبدو أن المسلسل قد أُنتح كاستراتيجية لكسب ولاء السكان المحليين، الذين كانوا يميلون إلى اعتبار هيئة الإذاعة العامة مؤسسة مقتصرة على ”أرض البر الرئيسي الياباني“ واستاءوا من رسوم استقبال القناة المفروضة على جميع البيوت اليابانية.

وكان محور الاحتفال بالذكرى العشرين هو ترميم قلعة شوري – مقر الحكومة الملكية في ريوكيو من 1429 إلى 1879 – والتي تحولت إلى أنقاض في معركة أوكيناوا. وبصفتي مراسل في عامي الأول، تم تكليفي بمتابعة أخبار وتاريخ قلعة شوري، وقمت بتغطية وتجميع الكثير من المعلومات والأفكار المحلية حول هذا الموضوع. وعلمت أنه في عام 1950، قامت حكومة الولايات المتحدة ببناء جامعة (ريوكيوس) في موقع القلعة القديمة، على غرار الكليات الأمريكية الممنوحة للأرض. وشاركت جامعة ولاية ميشيغان عن كثب في المشروع، وواصلت هي والحكومة الأمريكية دعم الجامعة في السنوات التي تلت ذلك. وقد تم الاستشهاد بهذا كمثال مبكر لاستراتيجية واشنطن للحرب الباردة باستخدام المؤسسات الأكاديمية الخارجية لتعزيز المواقف المؤيدة لأمريكا بين النخب المحلية والمجتمع المحيط. وتم نقل الكلية إلى موقع آخر في عام 1975، مما أفسح المجال لترميم قلعة شوري، التي اكتُملت جزئيًا في عام 1992. وهكذا، خلال بضعة عقود قليلة، تحول الموقع من أنقاض حرب إلى نتاج لاستراتيجية الحرب الباردة الأمريكية إلى رمزا لمملكة ريوكيو القديمة، التي رُممت من قبل الحكومة اليابانية (التي مولت أيضا بناء الحديقة المحيطة).(*١)كانت المشاهد المتغيرة لقلعة شوري بمثابة تسطير لتاريخ أوكيناوا ونتاجًا للتأثيرات المتنوعة التي شكَّلته.

قاعة (سيندين) (القاعة الرئيسية) التي تم ترميمها في قلعة شوري عند افتتاحها في الخامس عشر من مايو/ آيار 1992، بالتزامن مع الذكرى العشرين لعودة أوكيناوا إلى السيادة اليابانية. (جيجي برس)
قاعة (سيندين) (القاعة الرئيسية) التي تم ترميمها في قلعة شوري عند افتتاحها في الخامس عشر من مايو/ آيار 1992، بالتزامن مع الذكرى العشرين لعودة أوكيناوا إلى السيادة اليابانية. (جيجي برس)

نقطة تحول في عام 1995

هنا يجب أن تتغير نبرتي في سرد الأحداث مرة أخرى، ففي منتصف التسعينيات شهدت العلاقات بين أوكيناوا وطوكيو فترة من التوتر وعدم الاستقرار واستمرت حتى يومنا هذا.

حيث وقع الحادث الغاشم في الرابع من سبتمبر/ أيلول 1995، عندما قام ثلاثة جنود أمريكيين باختطاف وضرب واغتصاب فتاة من أوكيناوا تبلغ من العمر 12 عامًا، مما أدى إلى موجة من الغضب والاستياء ضد الجيش الأمريكي في أوكيناوا.

لم تكن جريمة الاغتصاب عام 1995 بأي حال من الأحوال أول جريمة من هذا القبيل. حيث وقعت حوادث مماثلة خلال سنوات ما قبل عودة الأراضي إلى التبعية، لكن كان من الصعب على السكان المحليين أن يروا العدالة تتحقق في ظل الإدارة الأمريكية الموالية للجيش. وأثارت قضية عام 1995 تغطية إعلامية وغضبًا في جميع أنحاء اليابان، لكن الرد الرسمي الفاتر لخص فجوة الإدراك بين أوكيناوا والحكومة في طوكيو. وكما ذكرت صحيفة (ريوكيو) الإقليمية في المقالة الافتتاحية في 29 سبتمبر/ أيلول 1995، ”اتحدت الحكومتان اليابانية والأمريكية في التعامل مع الوقعة على أنها حادثة مؤسفة ارتكبها عدد قليل من ”التفاحات الفاسدة“. وعلى النقيض من ذلك، يرى سكان أوكيناوا أن هذا الحادث هو الأحدث في سلسلة من المآسي التي بدأت قبل نصف قرن وستستمر طالما بقيت القواعد الأمريكية“.

بلغت نسبة المشاركة في المظاهرة الاحتجاجية التي نُظمت في الحادي والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول في مدينة غينوان (شمال شرق ناها) 85 ألفًا (وفقًا للمنظمين)، وهي نسبة أعلى بكثير من التقديرات الأولية. حيث استقطبت واحد من كل 15 من سكان المحافظات، وكانت أكبر مظاهرة نُظمت في أوكيناوا منذ عودة الأراضي للسيادة اليابانية في عام 1972.

جانب من حشد المتظاهرين في مسيرة احتجاجية في مدينة غينوان، أوكيناوا، في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1995، بعد حادثة اختطاف واغتصاب إحدى الفتيات من أوكيناوا من قبل جنود أمريكيين. (جيجي برس)
جانب من حشد المتظاهرين في مسيرة احتجاجية في مدينة غينوان، أوكيناوا، في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1995، بعد حادثة اختطاف واغتصاب إحدى الفتيات من أوكيناوا من قبل جنود أمريكيين. (جيجي برس)

كانت حادثة الاغتصاب والاحتجاجات التي أعقبت ذلك كافية لضمان موقف بارز تجاه قضية القواعد العسكرية في الشأن الوطني، ولكن في النهاية ما جعل الأمور تحتدم للغاية هو رفض حاكم المحافظة أوتا مساهيدى تجديد عقود إيجار الأراضي المملوكة محليًا للجيش الأمريكي.

يتم تأجير معظم الأراضي التي تعمل عليها القواعد العسكرية الأمريكية للحكومة اليابانية من قبل مُلاك الأراضي. ولضمان انتفاع واستخدام القوات المسلحة الأمريكية لتلك الأراضي، يُخول محافظ أوكيناوا قانونيًا لتجديد عقود الإيجار بالإكراه حيث يقوم بالتوقيع نيابة عن مُلاك الأراضي. ولكن في خريف عام 1995، رفض المحافظ (أوتا) التوقيع، منزعجًا من حادثة الاغتصاب وكذلك التقارير التي تفيد بأن الجيش الأمريكي لديه خطط للحفاظ على تواجد مستدام في أوكيناوا في فترة ما بعد الحرب الباردة. وعلى الرغم من أن التشريع الجديد نقل مهام سلطته في نهاية المطاف إلى الحكومة اليابانية، إلا أن أزمة الإيجار أجبرت السلطات اليابانية والأمريكية على التحدث بجدية حول الخيارات المتاحة لتخفيف عبء القواعد العسكرية في أوكيناوا.

كان السبب وراء الأزمة هو فشل الحكومة اليابانية في التصرف مبكرًا، على الرغم من التزامها المعلن بتخفيف العبء. وبعد النجاح في عودة الجزر إلى السيادة اليابانية، فقدت طوكيو الاهتمام بالشؤون المحلية ومشاكل سكان أوكيناوا العاديين بسرعة. الأمر الذي آل في نهاية المطاف إلى حين موعد سداد فاتورة هذا الإهمال.

خيبة أمل فوتينما

في أبريل/ نيسان 1996، أعلن رئيس الوزراء هاشيموتو ريوتارو عما بدا أنه تقدم كبير المتمثل في: اتفاق مع حكومة الولايات المتحدة لإعادة جميع الأراضي التي احتلتها قاعدة فوتينما الجوية لسلاح مشاة البحرية في مدينة غينوان، وهي قاعدة مشهورة بتأثيرها على المجتمع المحيط. وكان هذا بمثابة تطور غير متوقع في سير الأحداث، حيث لم تكن قاعدة فوتينما مسالة مطروحة على الطاولة من قبل، واستقبل حينها سكان أوكيناوا الاتفاق بحماس كدليل على أن الحكومتين اليابانية والأمريكية أصبحتا أخيرًا جادتين بشأن تقليص نفوذ القواعد العسكرية.

لكن عودة قاعدة فوتينما الجوية كانت على أساس إنشاء مرافق بديلة لها، وهو أمر لم يتم البوح بتفاصيله بوضوح، ناهيك عن الموافقة عليه من قبل السلطات المحلية. فما تم وصفه في البداية بأنه مهبط للمروحيات سيتم بناؤه على قاعدة أخرى موجودة، تحول أولاً إلى مطار بحري قابل للإزالة في خليج أورا ثم إلى منشأة ساحلية دائمة وواسعة النطاق في منطقة هينوكو في مدينة ناغو في شمال أوكيناوا. وكان سكان أوكيناوا محبطين بشكل مفهوم عندما علموا أن العودة الموعودة لقاعدة فوتينما الجوية ستشمل بناء مكثف لمنشآت عسكرية جديدة في أماكن أخرى من المحافظة. الأمر الذي سيطر معه الجدل على الانتخابات المحلية المتتالية، وتعثر المشروع في مواجهة مقاومة شديدة.

وفي عام 2009، أطاح الحزب الديمقراطي الياباني بالحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم الذي كان في السلطة لفترة طويلة، وتولى هاتوياما يوكيؤ رئاسة الوزراء. حينها وعد هاتوياما بنقل قاعدة فوتينما الجوية ”من المحافظة على الأقل“، رافضًا خطة نقل القاعدة إلى منطقة هينوكو التي وافقت عليها الحكومة اليابانية في عام 1999. وقد تم رفض فكرة هاتوياما ليس فقط من قبل واشنطن، ولكن أيضًا من قبل الأعضاء الرئيسيين في حكومته، الأمر الذي اضطره للتراجع عن تعهده.

وبعد عودة الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى السلطة في عام 2012، أمر رئيس الوزراء شينزو آبي ببدء أعمال استصلاح الأراضي في هينوكو، مما أثار رد فعلًا عنيفًا في أوكيناوا. وبحلول هذا الوقت، كان الحزب الليبرالي الديمقراطي – وبالتأكيد جزء متزايد من الشعب الياباني – يفقد صبره تجاه صراع أوكيناوا المستمر مع الحكومة المركزية. وذهب البعض إلى حد وصف سكان أوكيناوا بأنهم ”معادون لليابان“.

أوكيناوا كمرآة لآسيا والمحيط الهادئ

لا شك في أن البيئة الأمنية المحيطة باليابان قد تدهورت منذ انتهاء الحرب الباردة في أوائل التسعينيات. فأولاً جاءت الأزمة النووية الكورية الشمالية، ثم تصاعد التوترات مع الصين بشأن جزر سينكاكو، ومؤخراً المؤشرات باحتمال حدوث طوارئ أمنية في مضيق تايوان. ومن الطبيعي أن تعزز اليابان دفاعاتها رداً على هذه التهديدات. ولكن ما يقلقني هو اللهجة العدائية – كما في قول ”حالة طوارئ في تايوان هي حالة طارئة في اليابان“ – التي أصبحت تهيمن على خطابنا السياسي، وكيف أصبح قادتنا عاجزين بشأن الحاجة إلى حوار أوثق وجهود أخرى لتخفيف حدة التوترات من خلال الدبلوماسية، الوظيفة الأساسية للسياسة.

وإذا كان ”المنطق الأمني“ هذا سيسود، ويتغاضى عن أي شيء آخر، فإن العواقب ستقع بشدة على أوكيناوا. وإذا تورطت اليابان في حالة أمنية طارئة فعليًا، فلن تكون ساحة المعركة على الأرجح على أرض طوكيو، حيث يكمن صانعو القرار، ولكن بالتأكيد ستكون أوكيناوا، الأقرب إلى تايوان والتي تستضيف أكبر تركيز للقواعد العسكرية الأمريكية على الإطلاق.

وتواجه دول شمال شرق آسيا، بما في ذلك اليابان والصين، التحدي الهيكلي المتمثل في الشيخوخة الديموغرافية السريعة والتراجع السكاني، بينما تقدم البلدان الأصغر سنًا في جنوب وجنوب شرق آسيا وعدًا بتحقيق نمو اقتصادي قوي في المستقبل. وسيكون الأمر بمثابة مأساة إذا أُجبر المؤرخون المستقبليون على أن يكتبوا أن موارد المنطقة قد أُهدرت في سباق تسلح أججه انعدام الثقة المتبادل بين دول شمال شرق آسيا.

ومن بعض النواحي، تعتبر أوكيناوا مرآة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ ككل. ولقد تعرضت للصدامات والصراعات بسبب التنافس والحرب بين القوى العظمى. لكنها أصبحت قائمة بذاتها خلال الخمسين عامًا الماضية من السلام والازدهار الإقليمي ونالت إعجاب العالم لأصولها الثقافية والطبيعية الفريدة. وتعتمد إمكانية استمرارها في التألق بزهوها الخاص في العقود القادمة على بقية المنطقة. فمن خلال بناء مستقبل تزدهر فيه أوكيناوا وتظل ”مرآة آسيا والمحيط الهادئ“، سنعمل جاهدين أيضًا على تأمين السلام والازدهار في المنطقة ككل.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، والترجمة من اللغة اليابانية. صورة الموضوع: قاعدة كادينا الجوية، إحدى المنشآت التابعة للقوات الجوية الأمريكية في أوكيناوا، والمشهد من إحدى منصات المراقبة في الحادي والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2021. جيجي يرس).

(*١) ^ دُمرت الهياكل الرئيسية للقلعة في حريق في عام 2019. – إيه دي.

أوكيناوا العلاقات اليابانية الأمريكية الحكومة اليابانية تاريخ اليابان