دوافع تفكير اليابان في تطوير قوتها العسكرية بين قيود الدستور وتهديدات الأمن القومي

سياسة

احتدم الجدل حول سياسة الدفاع الأساسية لليابان مرة أخرى وسط بيئة أمنية صعبة بشكل متزايد. يحث الكاتب الحكومة اليابانية على اتخاذ خطوات سريعة لمعالجة نقاط الضعف في اليابان بدلاً من إضاعة الوقت والجهد في إعادة كتابة المبادئ التوجيهية للسياسة الدفاعية لليابان.

احتلت السياسة الدفاعية مكانة عالية في جدول الأعمال السياسي لليابان في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا والتوترات التي تثيرها الصين في مضيق تايوان. ركزت المناقشة حتى الآن على خطط لمراجعة استراتيجية الأمن القومي لليابان ووثيقتين رئيسيتين أخريين للسياسة (تمت مناقشتهما أدناه)، إلى جانب مقترحات لزيادة حادة في الإنفاق الدفاعي. أدناه، أقدم وجهة نظري الخاصة بالإصلاحات الأمنية التي تحتاجها اليابان بشكل عاجل وأفضل طريقة لتنفيذها في الوقت المناسب. لكن أولاً، دعونا نلقي نظرة على الوثائق الثلاث التي يبدو أن الكثير معلق عليها.

تقنين السياسة الدفاعية لليابان

تحتل استراتيجية الدفاع الوطني المركز الأسمى بين الوثائق الثلاث، والتي تحدد بشكل عام المصالح الوطنية والأهداف الأمنية لليابان ونهجها في تحقيقها. تمت الموافقة على استراتيجية الأمن القومي الحالية من قبل مجلس الوزراء في ديسمبر/ كانون الأول 2013، قبل ذلك، لم يكن لدى اليابان وثيقة استراتيجية أمنية شاملة وهو أمر يدعو للدهشة والتساؤل. فقط كان لدى اليابان سياسة أساسية للدفاع الوطني، التي اعتمدتها حكومة رئيس الوزراء كيشي نوبوسوكي في 20 مايو/ أيار 1957.

كانت السياسة الأساسية للدفاع الوطني لعام 1957، التي تمت صياغتها مع وضع أحكام دستور ما بعد الحرب في الاعتبار، وثيقة مقتضبة للغاية. لقد بدأت ببيان بسيط، لا يمكن لأحد أن يجد فيه أي خطأ: ”الهدف من الدفاع الوطني هو منع العدوان المباشر وغير المباشر، ولكن في حالة تعرض البلاد للغزو، لصد مثل هذا العدوان، وبالتالي، الحفاظ على استقلال وسلام اليابان على أسس ديمقراطية“.

بعد ذلك، تناولت الوثيقة، بعبارات عامة للغاية، الوسائل التي تعتزم اليابان من خلالها تحقيق هذه الأهداف. الأهداف الثلاثة الأولى غير مثيرة للجدل:

(1) دعم أنشطة الأمم المتحدة، تعزيز التعاون الدولي، وبالتالي الالتزام بتحقيق السلام العالمي.

(2) استقرار حياة الشعب، تعزيز حب الوطن، وإرساء الأسس اللازمة للأمن القومي.

(3) بناء قدرات دفاعية رشيدة على مراحل في الحدود اللازمة للدفاع عن النفس وفق القوة والوضع الوطني.

لكنها كانت الاستراتيجية الرابعة - وهي استراتيجية إشكالية بالتأكيد - هي التي شكلت طبيعة السياسة الدفاعية لليابان خلال معظم فترة ما بعد الحرب.

(4) التعامل مع العدوان الخارجي على أساس الترتيبات الأمنية مع الولايات المتحدة حتى تتمكن الأمم المتحدة من أداء وظيفتها في وقف هذا العدوان بشكل فعال في المستقبل.

يشير البند أعلاه إلى أحد أوجه القصور الرئيسية للسياسة الأساسية لعام 1957، وهي توقعاتها المبالغ فيها للدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في الحفاظ على الأمن العالمي. في ذلك الوقت، كانت هناك آمال كبيرة في قدرات حفظ السلام للأمم المتحدة، وخاصة في اليابان، والتي لم تنضم إلى المنظمة إلا في عام 1956. وبقدر ما تم بالفعل نشر قوة عسكرية متعددة الجنسيات تحت قيادة الأمم المتحدة خلال الحرب الكورية (1950–53)، ربما لم تكن فكرة الاعتماد على الأمم المتحدة في نهاية المطاف للأمن مستحيلة تمامًا. لكن هذه كانت المرة الأخيرة التي تم فيها تشكيل جيش للأمم المتحدة، وتراجعت التوقعات بشأن قدرة المنظمة على الحفاظ على السلام في اليابان كما هو الحال في بقية أرجاء العالم.

كانت المشكلة الكبيرة الأخرى في السياسة الأساسية لعام 1957 أنها كانت مفرطة في البساطة والعامة. يمثل استراتيجية الأمن القومي لعام 2013 علامة فارقة في أنها شرحت مبادئ وأهداف السياسة الأمنية لليابان وأشارت بالتفصيل للتحديات الأمنية التي تواجه اليابان قبل طرح مقاربة اليابان الإستراتيجية للأمن القومي بشكل مطول.

في إطار النهج الشامل المتمثل في سياسة ”السلم الاستباقي“ القائمة على التعاون الدولي، توضح استراتيجية الأمن القومي لعام 2013 التزامًا بتعزيز قدرات اليابان الخاصة على جبهات مختلفة، وتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة والشركاء الآخرين، والمساهمة في الجهود الدولية الهادفة إلى ترسيخ السلام والاستقرار العالميين. هذه السياسات صالحة اليوم كما كانت قبل تسع سنوات.

من منظور اليوم، فإن وصف وثيقة عام 2013 للبيئة الأمنية اليابانية غير موجود لأنه يقلل من التهديد من الصين ويغفل ذلك من روسيا تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، منذ أن تم اعتماد استراتيجية الأمن القومي قبل أن يحدد رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي رؤيته لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة في عام 2016، فإنها لا تذكر منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة ولا تحالف الحوار الأمني الرباعي، المعروف أيضًا باسم كواد (Quad) والذي يضم (أستراليا - الهند - اليابان - الولايات المتحدة).

السؤال هو ما إذا كان تحديث استراتيجية الأمن القومي للتأكيد على التهديدات من الصين وروسيا سيعزز أمن اليابان. الجواب، في اعتقادي هو لا. سيكون من الأفضل لنا أن نواصل على وجه السرعة الإصلاحات والتحديثات الضرورية في إطار وثيقة 2013. وبالمثل، فيما يتعلق بخطة التنفيذ الميدانية والمجموعة الرباعية، فإن أطر السياسات الأساسية موجودة بالفعل، نحتاج فقط إلى اعتماد التدابير المطلوبة. يمكن القيام بكل ذلك دون مراجعة استراتيجية الأمن القومي.

المبادئ التوجيهية والخطة متوسطة الأجل

يلي ذلك في التسلسل الهرمي لوثائق السياسة الأمنية المبادئ التوجيهية لبرنامج الدفاع الوطني، والتي تحدد سياسات الدفاع الأساسية لليابان، وتشرح دور القدرات الدفاعية المختلفة، وتحدد أهداف التطوير. وأخيرًا، لدينا برنامج الدفاع متوسط المدى، وهو خطة الإنفاق والمشتريات الدفاعية بناءً على المبادئ التوجيهية لبرنامج الدفاع الوطني. تم اعتماد الخطة متوسطة المدى الحالية في ديسمبر/ كانون الأول 2018.

منذ نهاية الحرب الباردة، وضعت الحكومة مبادئ توجيهية جديدة لبرنامج الدفاع الوطني خمس مرات: في أعوام 1995، 2004 2010 و2013 و2018. وفي كل مناسبة، دعا رئيس الوزراء مجلس القدرات الأمنية والدفاعية إلى الانعقاد، وهي مجموعة استشارية خاصة تتألف من موظفين متقاعدين من قوات الدفاع الذاتي ومسؤولين سابقين في الدفاع والشؤون الخارجية، إلى جانب علماء وكبار رجال الأعمال. يتداول مجلس القدرات الأمنية والدفاعية في التوصيات ويقوم بإعدادها، والتي تتبعها الوزارات والوكالات المختصة عادةً عن كثب عند صياغة خطة تطوير المبادئ التوجيهية لبرنامج الدفاع الوطني.

كما قد يتوقع المرء، تميل أجندة مجلس القدرات الأمنية والدفاعية إلى عكس القضايا الأمنية البارزة في الوقت الحالي. على سبيل المثال، في عام 1995، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بدأ المجلس بالسؤال عن سبب استمرار الحاجة إلى معاهدة الأمن اليابانية الأمريكية، التي تم تشكيلها في الأصل ردًا على التهديد السوفيتي. في عام 2004، بعد ثلاث سنوات من أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، كانت القضايا المتعلقة بالإرهاب العالمي والحروب في أفغانستان والعراق على رأس جدول الأعمال. كانت برامج الأسلحة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية هي الشغل الشاغل لمجلس القدرات الأمنية والدفاعية لعام 2009 (على الرغم من أن مراجعة المبادئ التوجيهية لبرنامج الدفاع الوطني تعطلت بسبب التغيير في الحكومة الذي حدث في نفس العام). في عام 2010، في ظل الحزب الديمقراطي الياباني (الذي حل محل الحزب الليبرالي الديمقراطي باعتباره الحزب الحاكم من 2009 إلى 2012)، أدى تصاعد التوترات اليابانية الصينية حول جزر سينكاكو المتنازع عليها إلى الكثير من المداولات، ودعا التقرير إلى تحول في بؤرة دفاع حدود اليابان من هوكايدو في الشمال إلى المناطق النائية في الجنوب. في عام 2013، كان التركيز على تكامل العمليات البرية والجوية والبحرية، وفي عام 2018 كان التركيز على القدرات الدفاعية متعددة المجالات التي تشمل الفضاء الخارجي والفضاء السيبراني والمجالات الكهرومغناطيسية.

بعد كل هذا، تميل الوتيرة الفعلية للتغيير في ظل نظام مجلس القدرات الأمنية والدفاعية إلى أن تكون بطيئة للغاية. كقاعدة عامة، يعتمد صنع القرار في اليابان بشكل كبير على الإجماع، وفي مجلس القدرات الأمنية والدفاعية، يكون الوصول إلى مثل هذا الإجماع أمرًا صعبًا بشكل خاص لأن مسؤولي قوات الدفاع الذاتي ووزارة الدفاع السابقين في المجلس موالون بشكل عام لفرع معين من الجيش. لأن أي تغيير جوهري تقريبًا في السياسة يستلزم حل وسط بناءً على مفاوضات مطولة، غالبًا ما كان الوضع الراهن هو السائد.

إصلاحات آبي

على النقيض من هذه الإجراءات العقيمة، كانت الإصلاحات الجريئة التي تم تنفيذها تحت قيادة رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي خلال فترة ولايته الثانية كرئيس للوزراء (2012-2020).

كانت الأولوية الأولى لمجلس وزراء آبي في ذلك الوقت هي تمرير تشريع لحماية المعلومات الأمنية الحساسة من الكشف العلني ومعاقبة تسريب مثل هذه المعلومات. في ذلك الوقت، كان التعامل مع المعلومات الأمنية في اليابان متساهلاً للغاية لدرجة أن شركاءنا العالميين كانوا مترددين في مشاركة المعلومات الاستخباراتية الهامة معنا. كان ما يسمى بقانون أسرار الدولة لا يحظى بشعبية كبيرة، لكن آبي كان مصممًا على دفعه من خلال البرلمان حتى على حساب الانخفاض الحاد في نسبة التأييد الشعبي لحكومته. سُن قانون حماية الأسرار الخاصة في ديسمبر/ كانون الأول 2013.

في نفس الوقت تقريبًا، أقر البرلمان قانونًا برعاية مجلس الوزراء لإنشاء مجلس الأمن القومي (جنبًا إلى جنب مع أمانة الأمن القومي الداعمة). لأول مرة، كان لليابان ”برج مراقبة“ مركزي لتنسيق سياساتها وقراراتها الخارجية والدفاعية. كما ذكر أعلاه، تم اعتماد استراتيجية الأمن القومي في أواخر عام 2013.

في عام 2014، تبنى مجلس الوزراء المبادئ الثلاثة الخاصة بنقل معدات وتكنولوجيا الدفاع. وقبل ذلك، كانت صادرات الأسلحة محظورة بشكل فعال، ولم تتمكن اليابان من المشاركة في مشاريع الإنتاج المشتركة الدولية. وفي عام 2014 أيضًا، أعاد قرار مجلس الوزراء تفسير دستور اليابان الذي ينبذ الحرب من أجل الرفع الجزئي للحظر المفروض على المشاركة في الدفاع الجماعي عن النفس. في عام 2015، للتغلب على المعارضة السياسية الشرسة، دفعت حكومة آبي من خلال حزمة من القوانين التي وضعت إطارًا قانونيًا للسياسة الأمنية على أساس هذا التفسير الجديد. يمنع دستور اليابان الذي وضع بعد الحرب العالمية الثانية البلاد من استخدام القوة لحل أي صراع، إلا في حالات الدفاع عن النفس.

وكانت حكومة آبي قد حرصت على إجراء تغيير يعيد النظر في بعض القوانين، مثل تلك التي تتعلق بالجيش وإمكانية تعبئته خارج حدود البلاد إذا توفرت ثلاثة شروط:

إذا هوجمت اليابان، أو هوجم حليف مقرب لها، وهددت النتيجة بقاء اليابان، ومثلت خطرا على الشعب. إذا لم تكن هناك أي وسيلة أخرى مناسبة متاحة لصد الهجوم، ولضمان نجاة البلاد وحماية الشعب. يقتصر استخدام القوة على أقل حد ضروري.

في 15 أغسطس/ آب 2015، في الذكرى السبعون لنهاية الحرب العالمية الثانية، ألقى آبي تصريحات متلفزة اعترف فيها واعتذر عن العدوان الياباني في الماضي ونقل عزم الأمة على العمل من أجل السلام العالمي في السنوات المقبلة. من خلال كسب فهم الحكومات والشعوب حول العالم، قدم ”بيان آبي“ مساهمة مهمة في الأمن القومي لليابان. ويوضح البيان وجهة النظر التاريخية لحكومة آبي حول دور اليابان في الحرب والعقود الـ٧ التي تلت ذلك وكانت فيها اليابان دولة سلمية، كما تطرق البيان إلى مفردات يعتبرها الكثيرون ضرورية في أي بيان يصدر في مثل هذه المناسبة وهي ”الحكم الاستعماري“، ”العدوان“ وبصورة أكثر أهمية ”الندم العميق“، ”الاعتذار“، كما أعاد البيان التأكيد على أن الموقف الذي عبرت عنه الحكومات السابقة ”لن يتزعزع في المستقبل“.

واستناداً إلى قوة الإنجازات السابقة، قوبلت مبادرة رئيس الوزراء آبي ”منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة“ بموافقة الولايات المتحدة ومجموعة الدول السبع الأخرى التي اجتمعت في خطابه الرئيسي في مؤتمر طوكيو الدولي السادس للتنمية الإفريقية في نيروبي في عام 2016. وفي كل حالة، كانت القيادة الحاسمة لرئيس الوزراء القوي والمسؤول مفتاح التقدم. حتى عندما دعا آبي الهيئات الاستشارية إلى الانعقاد، فقد قام شخصيًا باختيار أعضائها ووضع جدول أعمالها وتوجيه المداولات.

نحو سياسة دفاعية متوازنة

هناك حاجة إلى قيادة مماثلة الآن، لا سيما بالنظر إلى التحديات الأمنية الخطيرة والملحة التي تواجه اليابان. يبدو لي أنه بدلاً من إضاعة الوقت الثمين في مراجعة الوثائق المذكورة أعلاه، ينبغي على الحكومة أن تمضي قدمًا، تحت قيادة رئيس الوزراء، لمعالجة نقاط الضعف الفورية في دفاع اليابان. تكمن أكثر التحديات إلحاحًا في مجالات شراء الأسلحة والتدريب، ومفتاح التحسين في كلا المجالين هو إعداد الميزانية.

لسنوات عديدة، كانت ميزانية الدفاع اليابانية مقيدة باثنين من الاعتبارات المتضاربة. من ناحية، تعرضت اليابان لضغوط من حليفها لشراء أنظمة الأسلحة الأمريكية الأكثر تقدمًا. من ناحية أخرى، فقد تعرضت لضغوط من الشعب الياباني لإبقاء الإنفاق الدفاعي لا يزيد عن 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي. نتيجة لذلك، لدينا أسلحة متطورة، لكننا نعاني من نقص خطير في الأفراد والذخيرة، وحماية أسلحتنا وقواعدنا ضعيفة. يجب علينا تصحيح هذا الخلل والتركيز بشكل أكبر على قدرتنا على الاستمرار في القتال في حالة نشوب نزاع طويل الأمد.

كان هناك الكثير من النقاش حول مقترحات زيادة الإنفاق الدفاعي من أقل من 1٪ إلى 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، لكن هذا الجدل يبالغ في حجم الزيادة المطلوبة على المدى القصير. الحقيقة هي أن اليابان تنفق بالفعل ما يقرب من 1.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي إذا أدرجنا في الميزانية بنودًا مثل معاشات المحاربين القدامى ونفقات خفر السواحل، كما تفعل البلدان الأخرى بالفعل. علاوة على ذلك، فإن تصحيح الاختلالات التي نوقشت أعلاه سيلغي الحاجة إلى التراكم الحاد.

يمثل النقص في المجندين تحديًا خطيرًا، لأنه يتعلق جزئيًا بالتركيبة السكانية، حيث يتقلص عدد الشباب في اليابان بسرعة. وللتغلب على ذلك، نحتاج إلى استراتيجية ثلاثية الأبعاد: (1) تسريع التحول إلى الأنظمة والعمليات غير المأهولة، (2) رفع الأجور وتحسين المزايا (خاصة في قوة الدفاع الذاتي البحرية التي تعاني من نقص الأفراد)، و (3) بناء البيئات والأنظمة التي تؤدي إلى زيادة مشاركة المرأة. يجب أن نفكر أيضًا في إمكانية استخدام المرتزقة. رغم كل شيء، فإن الشركات الأمنية الأجنبية التي نوظفها لحماية بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج هي قوات مرتزقة بشكل أو بأخر.

بناء القدرة على الهجوم المضاد

تم تكريس مفهوم الموقف ”الدفاعي الصارم“ في إرشادات الدفاع اليابانية المتعاقبة والتقارير على مر السنين. لكن الحقيقة هي أن الموقف الدفاعي الصارم لا يمكن الدفاع عنه من الناحية الاستراتيجية. بعد كل شيء، في حالة الحرب النموذجية، يجب استعادة الأراضي المفقودة

على مر السنين، تخلصت الحكومات المتعاقبة من هذا الاعتراض من خلال الاستشهاد بالترتيبات الأمنية اليابانية الأمريكية بحجة أن اليابان هي الدرع، في حين أن الولايات المتحدة هي التي توفر الرمح. كان الزعيم الوحيد الذي أقر صراحةً بالحاجة إلى قدرة هجومية مستقلة هو رئيس الوزراء هاتوياما إيتشيرو. في حديثه إلى لجنة من مجلس النواب، قدم هاتوياما مفهوم ”القدرة الهجومية لقاعدة العدو“، موضحًا أنه إذا كان الهجوم الصاروخي وشيكًا، فيجب أن تكون اليابان قادرة على ضرب قاعدة صواريخ العدو بشكل استباقي، وليس مجرد الجلوس مكتوفة الأيدي و ”انتظار الموت“. في الواقع، مثل هذه الضربة الاستباقية مستحيلة عمليا مع التكنولوجيا العسكرية الحالية، لأن أعداءنا المحتملين لديهم العديد من قواعد الصواريخ، بعضها مخفي تحت الأرض.

على النقيض من ذلك، يمكن أن تستهدف الضربات المضادة (التي تعتبر جانبًا شرعيًا ومتكاملًا للدفاع عن النفس في معظم البلدان) أي وجميع جوانب الجهاز العسكري للعدو، وليس مجرد قاعدة محددة. منذ عام 2007، كنت أقول إن اليابان بحاجة إلى اكتساب قدرات القيام بتوجيه الضربات المضادة. لقد استغرق الأمر كل هذا الوقت حتى يحظى المفهوم بالقبول في دوائر صنع السياسة اليابانية.

كان أعضاء مجلس الأمن والقدرات الدفاعية لعام 2018 على دراية بأن الصين قد حلت محل كوريا الشمالية باعتبارها أخطر تهديد للأمن القومي الياباني، وجادل الخبراء في المجلس بأن نظام الدفاع الصاروخي الياباني لم يعد فعالاً. ومع ذلك، لم يتم اعتماد تغييرات كبيرة. لكن على مدار السنوات القليلة الماضية، توصلت الغالبية إلى إدراك متأخر بأن اليابان يجب أن تتخلى عن موقف الجيش ”الدفاعي الصارم“ والهدف غير الواقعي المتمثل في ”القدرة على الهجوم على قاعدة العدو“ وبناء قدرة عامة على الهجوم المضاد كافية جعل العدو يفكر مرتين قبل شن هجوم - بمعنى آخر، رادع وفعال.

مواجهة التحديات

يجب على اليابان أن تفعل ذلك بأسرع ما يمكن، وبينما سيكون من المثالي أن يتم توضيح السياسة الجديدة في يجب على اليابان أن تفعل ذلك في أسرع وقت ممكن، وفي حين أنه سيكون من المثالي أن يتم توضيح السياسة الجديدة في المبادئ التوجيهية برنامج الدفاع الوطني وبرنامج الدفاع متوسط المدى، إلا أنها ليست ضرورية تمامًا. طالما أننا نفهم أن الكلمات ”دفاعية صارمة“ بإنها تشير إلى روح السياسة الأمنية لليابان وليس السياسة في حد ذاتها، يمكننا بناء قدرة هجوم مضاد في إطار وثائق سياستنا الحالية، دون انتظار مراجعتها.

أعتقد أن مهمة صياغة إطار سياسة أمنية قابلة للتطبيق للعصر الجديد قد اكتملت إلى حد كبير. مهمتنا الآن هي التأكد من أننا مستعدون لتنفيذ تلك السياسة في سياق العالم الحقيقي.

يعد بناء القدرة على الهجوم المضاد أولوية ملحة، لكنه نادرًا ما يكون العنصر الوحيد الذي ينتظر اتخاذ إجراء. ما مدى استعدادنا لاحتمال حدوث طوارئ في مضيق تايوان؟ هل نحن مستعدون، على سبيل المثال، للدخول في مشاورات مسبقة مع الجيش الأمريكي فيما يتعلق باستخدام الأخير لقواعد يابانية لشن مهام قتالية خاصة به؟ هل سنتمكن من إجلاء حوالي 100 ألف مواطن ياباني يعيشون في الصين وحوالي 20 ألف مقيم في تايوان؟

يتقدم إنشاء قوة برمائية من قوات الدفاع الذاتي اليابانية، ولكن إذا استولت الصين على جزر سينكاكو، فلن تكون عملية الهبوط لاستعادة الجزر ممكنة إلا بعد الضربات الجوية المكثفة والقصف البحري. هل نحن على استعداد للقيام بمثل هذا الهجوم؟

تمضي الخطط قدمًا لنقل قاعدة فوتينما الجوية الأمريكية البحرية، لكنها تعد بأن تكون مهمة مكلفة للغاية وتستغرق وقتًا طويلاً. ماذا يحدث إذا حدث طارئ في المنطقة قبل اكتمال المرافق الجديدة؟

أخيرًا، هناك القضية العالقة المتمثلة في مراجعة البنود الخاصة بنبذ الحرب في دستور اليابان. أعتقد أن اليابان يمكنها بناء القدرة الدفاعية التي تحتاجها من خلال التفسير المرن للدستور، وتجنب عملية المراجعة المثيرة للجدل والممتدة. لكن يبدو أن حكومة رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو ترى أن مراجعة الدستور ضرورية. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نبدأ الآن، بدلاً من تخصيص الوقت على أمل عقيم في ظهور إجماع؟ معًا، يسيطر الحزب الليبرالي الديمقراطي المؤيد للمراجعة، وكوميتو، ونيبون إيشين نو كاي، والحزب الديمقراطي من أجل الشعب على أغلبية الثلثين في مجلس النواب الضرورية لبدء عملية التعديل. يجب عليهم أن يجتمعوا ويتفقوا على مسودة التعديلات ويقدموها إلى البرلمان دون تأخير. لا يوجد وقت لدينا لانتظار ظهور توافق أو إجماع في الآراء.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو يتفقد قوات الدفاع الذاتي البرية اليابانية في معسكر قوات الدفاع الذاتي البرية في أساكا في طوكيو في 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2021. جيجي برس)

قوات الدفاع الذاتي العلاقات اليابانية الأمريكية قواعد الجيش الأمريكي العلاقات اليابانية الصينية