عام على افتتاح أكبر سوق للأسماك في العالم!

اقتصاد

مرّ عام كامل منذ نقل سوق تسوكيجي القديم للأسماك في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، الكائن بمنطقة تشوؤو، طوكيو إلى مقره الجديد في سوق تويوسو بحي كوتو. ويبدو أن العمل يسير بشكل سلس بالموقع الجديد للسوق الذي يعد مقرًا لمكونات ”المطبخ الياباني“، في ظل الشعبية الكبيرة المتزايدة التي يحظى بها السوق. ولكن من ناحية أخرى يعاني تجار الجملة من الكميات القليلة من الأسماك الموسمية بسبب تراجع في الكميات التي يتم صيدها.

قضايا السلامة لم تعد مصدر قلق

يقول كورونوما ياسوشي، مدير سوق البيع بالجملة المركزي في يوليو/ تموز 2019، ”في الوقت الحالي، يعمل سوق تويوسو بشكل جيد. وطالما لم يحدث أي شيء غير متوقع، فإننا نعتقد أن السوق آمن“. ويضيف إن إجراءات السيطرة على التلوث الناتج من المياه الجوفية ستظل متاحة للجمهور لدعم ثقة الجمهور في السوق.

تعثرت خطط فتح سوق تويوسو، عندما تسببت المخاوف المتعلقة بالسلامة في إجبار كويكي يوريكو، التي كانت قد عينت لتوها في منصب محافظ طوكيو في أغسطس/ آب عام 2016، لتأجيل الافتتاح. ويقع سوق تويوسو في موقع محطة الغاز السابقة، وكان تلوث التربة الناجم عن تسرب المياه الجوفية بمثابة مشكلة خطيرة. فبعد تأجيل افتتاح السوق، عملت حكومة طوكيو الحضرية بشكل محموم لاحتواء التلوث من خلال تدابير عدة منها وضع أنظمة جديدة للأرضيات الخرسانية وتعزيز أنظمة التهوية. وتم الحصول على موافقة الحكومة الوطنية في سبتمبر/ أيلول عام 2018 لنقل سوق السمك القديم في تسوكيجي إلى المنشآت الجديدة فقط بعد أن أكد الخبراء سلامة الموقع.

تلا الافتتاح الكبير في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 مبدئياً اختناقات مرورية وحوادث على الطرق المؤدية للسوق بسبب شاحنات البرج المصممة خصيصًا داخل السوق الجديد، لكن الأمر لم يستغرق وقتًا طويلاً لاستقرار الأشياء وكانت الأعمال جيدة نسبيًا منذ ذلك الحين. وفي أول مزاد للأسماك للعام المنعقد في 5 يناير/ كانون الثاني عام 2019، بدأ سوق تويوسو الجديد بداية مبشرة ببيع سمكة التونة ذات الزعانف الزرقاء من أوما في محافظة آوموري بسعر قياسي يزيد عن 300 مليون ين.

  أصبحت مشاكل سوق تويوسو أكثر وضوحًا بعد مرور عام على الافتتاح.
أصبحت مشاكل سوق تويوسو أكثر وضوحًا بعد مرور عام على الافتتاح.

أكبر سوق للسمك في اليابان يكافح لمواجهة زيادة الاستهلاك

لقد تم استثمار 600 مليار ين في سوق تويوسو، حيث تبلغ مساحة مرافقه الحديثة ضعف ما كانت عليه في سوق تسوكيجي القديم. ويعد سوق تويوسو بصفته مرفق مغلق وقائم بذاته، مثالًا للنظافة المتميزة والتحكم في الانبعاثات الحرارية. قبل الانتقال من تسوكيجي، توقعت حكومة طوكيو الحضرية أن يكون سوقًا مزدهر وأعلنت أنها تهدف إلى حجم تعامل يبلغ 620 ألف طن من المنتجات البحرية بحلول عام 2023، وهو هدف أعلى بكثير من المستوى الفعلي للمعاملات التي سجلت في السنوات الأخيرة.

في النصف الأخير من التسعينيات، عندما تم اقتراح فكرة نقل سوق الجملة للأسماك، كان لدى تسوكيجي حجم تعامل سنوي يزيد عن 700 ألف طن، ولكن كان يُنظر إلى الموقع على أنه قديم جدًا ومزدحم تمامًا للسماح بمثل هذا الحجم من التعامل. لذا أيد العديد من بائعي الجملة وغيرهم الانتقال إلى تويوسو.

وفي السنوات التي تلت ذلك، بدأ حجم المعاملات في تسوكيجي في الانخفاض، ولم يكن نقص المساحة هو السبب الوحيد. فمن ناحية، كان هناك عدد متزايد من المعاملات تتم خارج الأسواق الرسمية. حيث قام المستهلكون بتقديم طلباتهم مباشرة إلى المنتجين وعبر الإنترنت. وفي الواقع كان هناك أيضًا عامل قيام مصائد الأسماك في جميع أنحاء البلاد بجلب كميات أقل بسبب تحول اليابانيون عن تناول الأسماك والمنتجات السمكية لتناول المزيد من اللحوم. وحتى قبل اتخاذ هذه الخطوة، كان هناك بعض الخبراء الذين شككوا في الحاجة لنقل السوق لمكان أكبر.

أهداف ضائعة بسبب كميات الصيد المنخفضة

ورغم ذلك، فقد تم اتخاذ هذه الخطوة، وبما أن الخوف الأولي من أن الشائعات الضارة قد تعوق النشاط بالسوق أثبت أنه لا أساس له من الصحة، كان هناك أمل في أن الزيادة في المعاملات ستعوض البداية البطيئة للسوق الجديد. لسوء الحظ، حتى بعد الانتقال إلى تويوسو، فإن الانخفاض في حجم المعاملات الذي كان بالفعل في تسوكيجي استمر بلا هوادة. ووفقًا لحكومة طوكيو، بلغ حجم التعامل في تويوسو خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب 2019 حوالي 220 ألف طن، أي أقل بقليل من سابقه في تسوكيجي لنفس الفترة من العام السابق. ولا يزال هناك بضع سنوات حتى السنة المستهدفة لعام 2023، ولكن إذا استمرت الأمور على الوتيرة الحالية، فمن المتوقع ألا يتجاوز حجم التعاملات السنوية نصف ما كان متوقعًا في الأصل.

يرجع الانخفاض في توصيل الأسماك إلى تويوسو إلى كمية الصيد الموسمي السيئة على غير المتوقع. فطبقًا لتجار الجملة، كان صيد سمك الصوري. هذا الموسم ضئيلًا بشكل استثنائي، ولم تكن إمداداته إلى تويوسو من هوكايدو وغيرها من المناطق التي يُشار إليها عادةً بمخزونها الوفير من سمك الصوري سوى حوالي 20٪ مما كان عليه في العام الماضي.

  يسير العمل بشكل جيد، لكن حجم الأسماك لا يزال أقل مما كان متوقعًا في سوق البيع بالجملة لمصايد الأسماك في تويوسو.
يسير العمل بشكل جيد، لكن حجم الأسماك لا يزال أقل مما كان متوقعًا في سوق البيع بالجملة لمصايد الأسماك في تويوسو.

الأسباب وراء تلك الظاهرة غير واضحة، لكن السفن الأجنبية التي تصيد الأسماك قبل دخولها إلى المياه اليابانية وارتفاع درجات حرارة البحر بسبب تغير المناخ تعتبر عوامل تؤدي إلى تناقص مخزونات سمك الصورى. ويمكن رؤية الاتجاه المتناقص للعديد من الأنواع الأخرى من الأسماك، مثل سمك السلمون الخريفي والحبار الياباني. يشكو تجار الجملة والمشترين من متاجر الأسماك والمطاعم بخيبة أمل من أنهم لا يستطيعون العثور على الأسماك عالية الجودة التي يبحثون عنها.

وبالإضافة إلى ذلك، في السنوات الأخيرة، كان هناك اتجاه لتراجع مبيعات أسماك البونيتو النيئ (أو الكاتسو باليابانية) أو سمك تونا حيث يتفادى المستهلكون هذا السمك الشهي بسبب الخوف من الإصابة بفيروس أنيساكيس، وهو طفيل يوجد في الأسماك النيئة. كما أن مبيعات البونيتو في مواسم الصيد المبكرة والمتأخرة التي التقليدية لا يتم بيعها أيضًا بالكميات المعتادة كما في قبل، ويجد تجار الجملة وتجار التجزئة في تويوسو صعوبة في الاستفادة من هذه الأسماك الموسمية.

  الأسماك الموسمية لم تعد تجذب الزبائن كما كانت من قبل.
الأسماك الموسمية لم تعد تجذب الزبائن كما كانت من قبل.

 كميات أسماك الصوري التي يتم صيدها تعد الأقل خلال السنوات الأخيرة.
كميات أسماك الصوري التي يتم صيدها تعد الأقل خلال السنوات الأخيرة.

التركيز على الكيف أكثر من الكم

بدأ تجار الجملة يؤكدون أنه من المهم الآن التركيز على الجودة وتلبية احتياجات العملاء بدلاً من مجرد محاولة زيادة الكمية. ومع اقتراب ألعاب طوكيو الأولمبية والبارالمبية، يصرح بعض تجار الجملة برغبتهم في ترويج أسماك تويوسو للعملاء الأجانب والسعي إلى توحيد الجهود لتنشيط السوق.

وعلى الرغم من المصاعب التي يواجهها تجار الجملة، تمكنت تويوسو من تأمين قاعدة عملاء قوية بين عامة الناس. ويزخر سوق المصايد السمكية الوسيط للجملة، ومنطقة المطاعم في المبنى المجاور مع ما يقرب من 40 مطعمًا، التي يوجد من بينها العديد من متاجر السوشي، والمتسوقين المتعطشين والعملاء. وعادة ما يصطف العملاء من ساعتين إلى ثلاث ساعات أمام مطعم سوشيداي، متجر السوشي الشعبي الذي تم نقله من تسوكيجي.

وهناك عامل جذب آخر متاح لعامة الناس، يتمثل في الطابق الرابع من سوق البيع بالجملة للمنتجات السمكية حيث يمكن للعملاء تصفح المتاجر التي تبيع أدوات ومعدات الطبخ ذات الجودة الاحترافية بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأطعمة المصنعة التي تشكل عنصراً أساسيًا في النظام الغذائي الياباني مثل رقائق أسماك البونيتو ​​المجففة والأعشاب البحرية.

 يواصل سوشيداي، المطعم الذي ظل دائمًا متجر السوشي الأكثر شعبية في تسوكيجي، في جذب الجماهير حتى بعد الانتقال إلى تويوسو.
يواصل سوشيداي، المطعم الذي ظل دائمًا متجر السوشي الأكثر شعبية في تسوكيجي، في جذب الجماهير حتى بعد الانتقال إلى تويوسو.

من الأماكن الشهيرة للسائحين في ساعات الصباح الباكر منصة المراقبة في الطابق الثاني من سوق مصايد الأسماك بالجملة، حيث يمكنهم مشاهدة مزادات سمك التونة في الطابق الأسفل. وحتى وقت قريب، لم يكن من الممكن سماع أصوات المزاد من خلال النوافذ الزجاجية لسطح المراقبة، ولكن منذ 5 أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام، أصبح من الممكن سماع رنين جرس الافتتاح بالمزاد وإيقاع هتافات المزادات من خلال مكبرات الصوت، مما يتيح تجربة أكثر إثارة. وتوفر منصة المراقبة وجهة نظر آمنة مقارنة بسوق تسوكيجي القديم، حيث غالباً ما كان يتسبب السياح في حدوث مشكلات من خلال المشي مباشرة على أرضية المزاد. وأصبح من المألوف مشاهدة مجموعات من تلاميذ المدارس وقد حضروا لمشاهدة المزاد، فيما يمثل أكثر من ضعف عدد الزائرين يومياً إلى المنشأة.

  نسخة طبق الأصل من التونة العملاقة عند مدخل مبنى سوق الجملة لمصايد الأسماك في تويوسو. وهي نموذج مصغر لسمك التونة ذات الزعانف الزرقاء التي يبلغ وزنها 496 كيلوغرام، وهي أكبر الأسماك التي بيعت في سوق تسوكيجي القديم للأسماك.
نسخة طبق الأصل من التونة العملاقة عند مدخل مبنى سوق الجملة لمصايد الأسماك في تويوسو. وهي نموذج مصغر لسمك التونة ذات الزعانف الزرقاء التي يبلغ وزنها 496 كيلوغرام، وهي أكبر الأسماك التي بيعت في سوق تسوكيجي القديم للأسماك.

الانفتاح على عموم الجمهور

يدرس سلطات السوق وتجار الجملة حاليًا كيفية الاستجابة لمكالمات من حكومة حي كوتو المحلية وغيرها لفتح سوق تويوسو للأسماك بالجملة أمام الجمهور. ويود بعض تجار الجملة للمصايد أن يكونوا قادرين على البيع مباشرة للمستهلكين مثلما كان يجري في تسوكيجي، ولكن لا تزال هناك مقاومة قوية من الآخرين الذين يصرون على أن السوق يجب أن يقتصر على أنشطة الجملة بين المهنيين.

هناك اقتراحات بأن أجزاء معينة من السوق يمكن فتحها لعامة الناس في أوقات محددة، بينما تظل قضايا السلامة مصدر قلق كبير. وتدرس حكومة طوكيو الحضرية حاليًا إمكانيات فتح السوق أمام المتسوقين في نهاية العام.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: موقع سوق تسوكيجي القديم للأسماك بعد أن تم نقله، في مقدمة الصورة. بينما سوق تويوسو الجديد في يمين خلفية الصورة. جيجي برس. جميع الصور مقدمة من كاتب المقال).

تسوكيجي اقتصاد