جائحة كورونا وتأجيل أولمبياد طوكيو.. ضربات قوية تلقاها شينزو آبي في توقيت حرج

سياسة

أدت أزمة جائحة فيروس كورونا الجديد وتأجيل دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو للعام القادم إلى تعقيد توقعات الانتقال السلس للسلطة في نهاية فترة ولاية رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. الصحفي السياسي فوجينو كيوميتسو يقيم أثر الوباء على توقيت الانتخابات العامة المقبلة واختيار خليفة آبي في منصب رئاسة وزراء اليابان.

في مؤتمر صحفي عقد في 28 مارس/ آذار، راوغ رئيس الوزراء شينزو آبي في الإجابة عن أسئلة تتعلق بتوقيت إجراء انتخابات مبكرة لمجلس النواب، معلناً أن ذلك "أبعد ما يكون عن ذهنه" خلال خوض ما يمكن أن يتحول إلى "معركة طويلة الأمد" ضد فيروس كورونا.

لكن الانتخابات العامة المقبلة ليست بعيدة عن أذهان السياسيين اليابانيين. قبل شهر، كان من المفترض على نطاق واسع أن آبي سيمارس حقه في حل مجلس النواب والدعوة إلى إجراء انتخابات في خريف أو شتاء عام 2020 - بعد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في طوكيو (التي كان من المقرر إجراؤها في يوليو/ تموز – أغسطس/ آب 2020) ولكن في وقت مبكر بما يكفي لضمان انتقال سلس للسلطة عندما تنتهي ولاية آبي في خريف عام 2021. لكن جائحة فيروس كورونا التي ضربت العالم واليابان وما نتج عن ذلك من تأجيل الألعاب لمدة عام واحد غيّر الحسابات وقلب الدنيا رأسًا على عقب.

التوقيت هو كل شيء

تنتهي ولاية آبي الثالثة والتي يُفترض أنها الأخيرة كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي في نهاية سبتمبر/ أيلول 2021. إن آخر موعد ممكن لعقد انتخاب مجلس النواب هو 21 أكتوبر/ تشرين الأول التالي، عندما تنتهي فترة عضوية الأعضاء الحاليين. ما لم يمارس آبي سلطته في حل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، سيضطر خليفته إلى قيادة الحزب في انتخابات عامة بعد أقل من شهر من توليه منصبه - وهو جدول زمني ضيق للغاية.

قبل تفجر أزمة فيروس كورونا وتأجيل الأولمبياد، كان معظم الأعضاء القدامى في الحزب الليبرالي الديمقراطي يتوقعون انتخابات مبكرة في وقت ما بين سبتمبر/ أيلول وديسمبر/كانون الأول 2020، في حين كان الانتصار المتمثل في فوز طوكيو بشرف استضافة الألعاب الأولمبية - الذي عمل آبي بجد لإحضار هذا الحدث العالمي إلى طوكيو - لا يزال جديدًا في عقول الناخبين. وتكهن آخرون بأن آبي قد يقوم بالتنحي في منتصف فترة ولايته، وهي خطوة يمكن أن تعزز نفوذه على الإدارة المقبلة. ستعطي أي من الإستراتيجيتين لخليفة آبي الحرية القصوى في السيطرة على الأجندة السياسية، بما في ذلك توقيت الانتخابات العامة المقبلة.

الآن انهارت الفرضيات الأساسية لهذه الحسابات. تركت حالة الطوارئ الصحية العامة الحالية وتأجيل الأولمبياد حتى صيف عام 2021 آبي مع مساحة أقل للمناورة، خاصة إذا كان يسعى للتواجد في منصبه أثناء انعقاد الألعاب الأولمبية في صيف العام القادم.

الأحداث السياسية القادمة

2020 يونيو/ حزيران مؤتمر الدول السبع الصناعية الكبرى عبر تقنية الفيديو كونفرانس
5 يوليو/ تموز انتخابات محافظ طوكيو
نوفمبر/ تشرين الثاني انتخابات الرئاسة الأمريكية
الخريف أو الشتاء زيارة دولة يقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينغ (تم تأجيلها سابقًا)
2021 22 يوليو/ تموز انتهت مدة عضوية جمعية طوكيو متروبوليتان
23 يوليو/ تموز بدء ألعاب طوكيو الأولمبية
5 سبتمبر/ أيلول ختام ألعاب طوكيو البارالمبية
30 سبتمبر/ أيلول نهاية الولاية الثالث لآبي كرئيس للحرب الليبرالي الديمقراطي
21 أكتوبر/ تشرين الأول تنتهي فترة مجلس النواب التي تمتد لمدة 4 سنوات

لا يزال بعض الأعضاء المخضرمين في الحزب الليبرالي الديمقراطي يتوقعون إجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية عام 2020. أحد الخيارات التي تم طرحها هو تحديد موعد الانتخابات العامة لتتزامن مع انتخابات محافظة طوكيو في 5 يوليو/ تموز (مع الوضع في الاعتبار محافظة طوكيو كويكي يوريكو الحالية المدعومة من الحزب الليبرالي الديمقراطي). وعلق عضو سابق في الحكومة قائلاً "بمعرفتي بشخصية رئيس الوزراء، فربما يقوم بذلك". هناك احتمال آخر في وقت ما في الخريف أو الشتاء، بعد أن يجتمع البرلمان في جلسة استثنائية متوقعة. يمكن أن تعطي الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني دفعة للحزب الليبرالي الديمقراطي إذا أعاد الأمريكيون انتخاب الرئيس دونالد ترامب، الذي أقام آبي معه علاقات صداقة قوية.

لكن الانتخابات السريعة في ظل انتشار فيروس كورونا الجديد تبدو غير محتملة، وليس هناك ما يضمن أن الوباء نفسه - ناهيك عن تأثيره الاقتصادي - سيكون في قد تم السيطرة عليه بحلول نهاية العام. قال أحد الوزراء السابقين في الحكومة "لا يمكننا أن ندعو إلى إجراء انتخابات في خضم جهود مكافحة فيروسات كورونا". "الناس سوف ينقلبون علينا" وأيد زعيم حزب كوميتو ياماغوتشي ناتسوو، الذي يمثل الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم بقيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي، هذا الرأي في مؤتمر صحفي يوم 24 مارس/ آذار، داعيا آبي إلى وضع إدارة أزمة فيروس كورونا أولاً. "أريد من الشخص الذي يملك سلطة حل مجلس النواب أن يفكر في الأزمة التي يواجهها العالم وطريق الانتعاش في المستقبل وأن يركز جهوده على الاستجابة لحالة الطوارئ". في ظل هذه الظروف، تبدو توقعات الانتخابات العامة لعام 2020 قاتمة.

بالنظر إلى عام 2021، فإن الخيارين الواضحين هما يناير/ كانون الثاني (في بداية الدورة العادية التالية للبرلمان) وأواخر مارس/ آذار (بعد تمرير ميزانية 2021 المالية) - بافتراض بالطبع أن أزمة فيروس كورونا قد مرت بحلول ذلك الوقت، وعادت الحياة إلى طبيعتها. السؤال هو ما إذا كانت الفوائد المحتملة تفوق المخاطر التي يتعرض لها آبي وإرثه.

إرث آبي غير المؤكد

لقد ساعد الانتصار الحاسم الذي حققه الحزب الليبرالي الديمقراطي في الانتخابات العامة لعام 2017 على تشديد قبضة آبي على الحزب الحاكم وتأمينه لولاية ثالثة كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي في عام 2018. وفي عام 2019، أصبح آبي أطول رئيس وزراء يظل في الحكم في تاريخ اليابان. في الوقت نفسه، عانى دعمه العام وجدول أعماله من السياسات من سلسلة من الفضائح، بما في ذلك الكشف عن التلاعب بالوثائق فيما يتعلق بقضية موريتومو غاكوئين، والأسئلة المحيطة بحفل مشاهدة زهور الساكورا الذي يقيمه رئيس الوزراء المثير للجدل، والتنازل غير المنتظم للغاية عن التقاعد الإلزامي لرئيس مكتب المدعي العام في طوكيو. لعدة أشهر، أبقت أحزاب المعارضة آبي في موقف دفاعي في النظام البرلمان، وقدمت له الاستجوابات يومًا بعد يوم. الآن ظهرت المزيد من الغيوم في الأفق مع اتهام مساعدين لوزير العدل السابق كاواي كاتسويوكي وزوجته أنري (كلاهما أعضاء في الحزب الليبرالي الديمقراطي) بتهمة انتهاكات قانون الانتخابات في اليابان.

حتى الآن، أعطى الناخبون اليابانيون الحكومة درجات عالية في تعاملها مع تفشي فيروس كورونا، ولكن ليس هناك ما يضمن استمرار الدعم العام حتى عام 2021.

حتى في الظروف المثلى، من المتوقع أن تخسر الكتلة الحاكمة مقاعدها في الانتخابات العامة المقبلة في مواجهة التنسيق الانتخابي بين أحزاب المعارضة. اعتمادًا على حجم تلك الخسائر، قد يضطر آبي إلى التنحي قبل أن تتاح له فرصة الاستمرار في منصبه أثناء دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو في يوليو/ تموز 2021.

اكتسبت الألعاب الأولمبية أهمية أكبر لآبي نظرًا لفشله في حل أي من القضايا الثلاثة التي تعهد بحلها. فلم تحرز الحكومة أي تقدم بشأن نزاع الأقاليم الشمالية مع روسيا أو قضية المواطنين المختطفين مع كوريا الشمالية، كما أن آفاق تعديل الدستور خلال ولاية آبي أصبح أمرا صعبا في ظل الظروف الراهنة. وعلق وزير سابق في مجلس الوزراء "في هذه المرحلة، يجب على رئيس الوزراء أن يعلق آماله على نجاح الألعاب الأولمبية واحتواء الفيروس في اليابان". "لا أعتقد أننا سنرى انتخابات مبكرة أخرى في ظل حكم آبي". وتكهن أحد المخضرمين الآخرين في الحزب الليبرالي الديمقراطي بأن رئيس الوزراء قد يتنحى بعد الأولمبياد ويترك حل مجلس النواب لرئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي المقبل.

توقعات قاتمة

يمكن لاحتمال إجراء انتخابات عامة في أعقاب تغيير في قيادة الحزب أن يغير ديناميكية السباق لخلافة آبي كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي. المرشح الأول لهذا المنصب هو كيشيدا فوميو، وزيرة الخارجية السابق والرئيس الحالي لمجلس أبحاث السياسات في الحزب الليبرالي الديمقراطي. لكن كيشيدا يمكن أن يواجه تحديًا من متنافسين آخرين، أبرزهم الأمين العام السابق للحزب الليبرالي الديمقراطي إيشيبا شيغيرو، الذي خسر أمام آبي في 2018.

يتمتع كيشيدا بالدعم داخل التيار السائد في الحزب الليبرالي الديمقراطي لكنه يتلقى علامات منخفضة في الاتصال العام. ومن المحتمل أن يعمل هذا النقص في الكاريزما ضده إذا أجريت انتخابات الحزب عشية الانتخابات العامة، مع تعليق مقاعد البرلمان. يعتبر إيشيبا، الذي ينتقد بشكل متكرر آبي وسياساته، منبوذًا بين أعضاء البرلمان الرئيسيين في الحزب الليبرالي الديمقراطي، لكنه يتمتع بدعم قوي في المناطق، وفي استطلاعات الرأي العام كان يتفوق باستمرار على كيشيدا كمرشح مناسب لرئاسة الوزراء. القلق بين قادة الحزب الليبرالي الديمقراطي هو أن إيشيبا سيجذب الدعم الكافي من أعضاء الحزب لتصبح النتيجة النهائية محل شك.

في ظل الظروف العادية، ستبدأ حملة انتخابات 2021 لقيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي في خريف هذا العام تقريبا، حيث يقوم المرشحون بجولة في المناطق لحشد الدعم بين أعضاء الحزب المحليين. ما إذا كان ذلك سيحدث يبقى أن نرى. إذا بقيت إرشادات البقاء في المنزل دون تغيير، فقد يتم تقليص هذا النشاط. انتشرت الشكوك المحيطة بوباء فيروس كورونا في المجال السياسي، مما أضاف عتامة غامضة إلى التعقيد البيزنطي لسياسات الأحزاب اليابانية.

(النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية، صورة العنوان: رئيس الوزراء شينزو آبي في مؤتمر صحفي في 28 مارس/ آذار 2020. جيجي برس)

شينزو آبي الحزب الليبرالي الديمقراطي الانتخابات العامة الحكومة اليابانية