المساعدات الطبية في أوقات الجائحة: لقاء مع رئيس منظمة أطباء بلا حدود في اليابان

مجتمع

تقع منظمة أطباء بلا حدود على خط المواجهة مع وباء فيروس كورونا التاجي في المناطق المتضررة من النزاعات والبلدان النامية وغيرها من المناطق المعرضة للخطر. كوروميا تاكاشي رئيس منظمة أطباء بلا حدود في اليابان حدثنا عن الوضع على الأرض والتحديات التي تنتظر المنظمة.

كوروميا تاكاشي KURUMIYA Takashi

طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي ويعمل حالياً كمسؤول عن قسم الطوارئ في مستشفى ناجاي بمحافظة ميى. ولد عام 1959 وحصل على شهادة الطب من جامعة ميى عام 2004، ثم انضم إلى منظمة أطباء بلا حدود لتحقيق طموح طفولته في ممارسة الطب الميداني. وقد شارك في مشاريع منظمة أطباء بلا حدود في أكثر من 12 دولة بما في ذلك جهود الإغاثة في اليابان في أعقاب زلزال شرق اليابان الكبير عام 2011 وكذلك زلزال كوماموتو عام 2016. شغل منصب نائب الرئيس قبل قبول منصبه الحالي كرئيس لمنظمة أطباء بلا حدود في اليابان في مارس عام 2020.

مصاعب بلا حدود

على مدى العقدين الماضيين وقفت منظمة أطباء بلا حدود على الخطوط الأمامية لمواجهة الأوبئة مثل متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وإيبولا. وبالطبع جائحة كورونا، ولكن وفقًا لرئيس منظمة أطباء بلا حدود اليابان كوروميا تاكاشي فإن النطاق العالمي لتفشي المرض قد قدم للمنظمة مجموعة من التحديات غير المتوقعة.

يقول كوروميا إنه بينما اقتصرت حالات تفشي المرض مثل الإيبولا إلى حد كبير على مناطق محدودة، فإن آثار الأزمة الصحية الحالية ملموسة في كل ركن من أركان العالم. ويشرح قائلاً ”عادةً ما تكون البلدان المتقدمة في طليعة الدول التي تقدم المساعدات الطبية والإنسانية للدول النامية في أوقات الأزمات، ولكن هذه المرة اضطرت تلك الدول لتقليص حجم الدعم المقدم للدول النامية لأنها تكافح من أجل احتواء تفشي الوباء محلياً أيضاً. كما أن القيود المفروضة على السفر وتعطيل سلاسل التوريد جعلت من الصعب نقل المساعدات والأفراد إلى المستشفيات الميدانية“.

التحرك السريع أمر ضروري عند التعامل مع حالات الطوارئ الطبية، ولكن توقف حركة النقل الجوي إعاقة جهود الإغاثة بشكل كبير. يقول كوروميا إن مكتب منظمة أطباء بلا حدود في اليابان كافح من أجل التواجد على الأرض بسرعة. ”لقد تجنبت اليابان حتى الآن حجم العدوى التي شوهدت في أجزاء أخرى من العالم. لقد أتاح لنا ذلك وجود موظفين على أهبة الاستعداد للتوجه إلى الخارج، ولكن انخفاض الرحلات الجوية التجارية والحاجة إلى الحجر الصحي لمدة أسبوعين عند الوصول إلى معظم البلدان أعاقت محاولاتنا الحثيثة“.

كما أن توقف الجوي جعل من الصعب على الموظفين الذين أنهوا مدتهم المحددة في الخارج العودة إلى ديارهم، ويضيف كوروميا ”إن معظمهم اختاروا البقاء في وظائفهم حتى وصول الشخص البديل. بالطبع يدرك موظفينا أن هناك خطرًا متزايدًا للإصابة بالفيروس عند التواجد لفترة أطول في الميدان، لكنهم يفضلون البقاء في وظائفهم بدلاً من تعريض صحة الأشخاص الموجودين هناك للخطر“.

صعوبة تواجد الموظفين في الميدان ليست هي المشكلة الوحيدة التي تواجه المنظمة، يوجد أيضاً نقص متزايد في الإمدادات الطبية الأساسية بسبب تفشي الوباء في العديد من المناطق. يقول كوروميا ”كان من الصعب تأمين ما يكفي من الأقنعة والملابس الواقية وأدوات الحماية الشخصية الأخرى، ثم أن هناك صعوبة إضافية في إيصالها إلى موظفينا في الميدان“.

في مواجهة هذه المصاعب كان على منظمة أطباء بلا حدود أن تضع بروتوكولات جديدة لحماية صحة وسلامة الموظفين الميدانيين مع ضمان عدم توقف المشاريع في البلدان النامية. يوجد حاليًا حوالي 40 موظفًا يابانيًا ناشطاً في هذا المجال، كما يعمل مكتب منظمة أطباء بلا حدود في اليابان حاليًا على توظيف متخصصين في طب الطوارئ والرعاية الحرجة والأجهزة الطبية والمياه والصرف الصحي، كل هذا في الوقت الذي يتوجب على المنظمة التعامل مع مستجدات تفشي وباء كورونا بشكل أسرع.

انتشار العدوى في مناطق الصراع ومخيمات اللاجئين

تقدم منظمة أطباء بلا حدود المساعدة الطبية للسكان المعرضين للخطر في أكثر من 70 دولة جنبا إلى جنب مع الواجبات الطبية المنتظمة. يتم استدعاء العمال لمحاربة تفشي المرض في دول مثل بوركينا فاسو وجنوب أفريقيا والبرازيل حيث دفعت الفيروسات التاجية النظم الطبية إلى حافة الانهيار. كما نفذت منظمة أطباء بلا حدود مشاريع في بعض المناطق المتضررة بشدة في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة للمساعدة في تخفيف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية المثقلة هناك.

يقول كوروميا إن مكتب اليابان يعمل حاليًا مع السلطات الوطنية والمحلية والأخصائيين الطبيين لوضع خطة عمل لمساعدة المؤسسات الطبية في اليابان في حالة حدوث زيادة كبيرة في حالات عدوى فيروس كورونا المحلية ”نحن نبحث عن سبل لتعزيز الاستجابات الإقليمية من أجل مساعدة مجموعات مثل المشردين وكبار السن الذين هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة“.

أحد هذه المشاريع قيد التنفيذ بالفعل في ولاية ناغاساكي، فمنذ مطلع شهر مايو يساعد موظفو منظمة أطباء بلا حدود في اليابان في رعاية أفراد طاقم سفينة الرحلات البحرية التي تحمل العلم الإيطالي كوستا أتلانتيكا بعد تفشي الفيروس التاجي على متن السفينة بينما كانت ترسو في مدينة ناغاساكي الساحلية لإجراء بعض الإصلاحات.

السفينة السياحية كوستا أتلانتيكا. صورة أرشيفية EnDumEn.
السفينة السياحية كوستا أتلانتيكا. صورة أرشيفية EnDumEn.

في حرب اليابان ضد فيروس كورونا التاجي يمكنها نشر بنية تحتية طبية متقدمة قادرة على الاستجابة لتفشي الوباء بشكل كبير. ومع ذلك يحذر كوروميا من أن هذا ليس هو الوضع في معظم الدول النامية، ويشدد على ضرورة عمل المزيد لوقف انتشار الفيروس في المناطق المعرضة للخطر مثل مناطق الصراع ومخيمات اللاجئين. ويوضح قائلاً ”هذه الأماكن بها مرافق رعاية صحية بدائية للغاية، ثم أن هناك قضايا سوء التغذية والاكتظاظ وسوء الصرف الصحي التي مهدت الطريق لكارثة أسوأ بكثير من الفاشيات المروعة التي شوهدت حتى الآن في البلدان الغربية المتقدمة طبيا“.

ويؤكد أنه مع بدء الدول المتقدمة في احتواء انتشار الفيروس داخل حدودها تحتاج الحكومات إلى زيادة مساعدتها للمناطق النامية بما في ذلك إرسال المواد التي تشتد الحاجة إليها مثل أدوات الوقاية الشخصية التي يصعب على العاملين الطبيين المحليين شراؤها إلى جانب الأقنعة والملابس الطبية. ويصر كوروميا على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتقديم الأدوية واللقاحات المطورة عندما تصبح متاحة. وهو يشعر أنه من الضروري بالنسبة لليابان أن تلعب دورًا رائدًا في صياغة استجابة عالمية لاحتواء تفشي الوباء بما في ذلك توجيه المبادرات لتوزيع الأدوات الطبية الأساسية بسرعة وكفاءة لمحاربة المرض في المناطق الأكثر احتياجًا.

مخيم للاجئين في شمال اليمن في أبريل/ نيسان 2019. يزيد الاكتظاظ وسوء الصرف الصحي من خطر تفشي فيروس كورونا الجديد المدمر. الصورة من Agnes Varraine-Leca.
مخيم للاجئين في شمال اليمن في أبريل/ نيسان 2019. يزيد الاكتظاظ وسوء الصرف الصحي من خطر تفشي فيروس كورونا الجديد المدمر. الصورة من Agnes Varraine-Leca.

ما بعد الأزمة

في حين عطل الوباء التدفق الطبيعي لعمليات الإغاثة الخاصة بمنظمة أطباء بلا حدود، يرى كوروميا أن المنظمة لديها فرصة كبيرة لتنويع نهجها في تقديم المساعدات الطبية الإنسانية ”تأسست منظمة أطباء بلا حدود في فرنسا ولا تزال متمركزة في أوروبا بشكل كبير. وهو ما يدفع كوروميا إلى التخوف من مخاطر المركزية المفرطة في إدارة المنظمة. فعلى سبيل المثال على المنظمة في اليابان التنسيق بشكل كامل ومفصل مع أحد مراكز التشغيل الخمسة الرئيسية للمنظمة والتي تقع جميعها في أوروبا. إن الصعوبات التي تعترض تنظيم الموظفين وتوزيع المواد التي ظهرت للعيان منذ أن دخلت البلدان في حالة حظر تؤكد على مخاطر المركزية المفرطة. من وجهة نظري يمكن التغلب على العديد من القضايا من خلال منح الاتحادات الإقليمية استقلالية أكبر في الإشراف على المشاريع التي تشارك فيها“. يعتزم كوروميا مناقشة هذه الاستراتيجية وغيرها مع مكاتب أطباء بلا حدود الأخرى كجزء من إجراءات ما بعد الوباء لتعزيز قدرة المنظمة على الوفاء بمهامها الإنسانية.

حاليًا، يقسم كوروميا وقته بين أداء واجباته في المستشفى حيث يعمل، والمساعدة في التنسيق مع المكاتب الإقليمية الأخرى للمنظمة لتوحيد الجهود من أجل مواجهة الفيروس التاجي. وبمجرد أن تهدأ الأزمة الصحية ينوي تكريس المزيد من الاهتمام لدوره كرئيس لمنظمة أطباء بلا حدود في اليابان. إحدى المجالات التي ينوي التركيز عليها هي التواصل مع المجتمع لتعزيز الدعم العام للمساعدات الطبية الإنسانية خاصة بين الشباب. ففي عام 2018 ساعد في تدشين مشروع ”القوافل المدرسية“ وهي مبادرة تجريبية تشجع أطفال المدارس على التوصل إلى أساليب جديدة في تقديم المساعدات بشكل واقعي وأكثر فاعلية. ويختم كوروميا حديثه قائلاً ”معظم الناس ليس لديهم وعي كافي بالظروف البائسة في البلدان التي نعمل بها. من المهم غرس وعياً قوياً لدى الأجيال الشابة بأهمية المساعدات الإنسانية“.

كوروميا (على اليسار) يعتني بأحد ضحايا الزلزال في نيبال عام 2015. الصورة من منظمة أطباء بلا حدود.
كوروميا (على اليسار) يعتني بأحد ضحايا الزلزال في نيبال عام 2015. الصورة من منظمة أطباء بلا حدود.

(نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية بناءً على مقابلة أجرتها ايتكورا كيمى من Nippon.com. الصورة الرئيسية: موظف في منظمة أطباء بلا حدود في الولايات المتحدة يتفقد الهواتف المحمولة ليتم توزيعها في المجتمعات الفقيرة لمساعدة المشردين وغيرهم من السكان على الاتصال بخدمات الطوارئ الطبية. صورة العنوان ميشيل مايس/ أطباء بلا حدود.)

الطب الطب التجديدي الحكومة اليابانية التكنولوجيا