السيطرة على الموجة الثانية لفيروس كورونا في اليابان

صحة وطب مجتمع لايف ستايل اقتصاد

بينما بدا أن وباء فيروس كورونا في اليابان قد خمد، إلا أنه عاد ليهاجم بضراوة الآن مرة أخرى. لذا قمنا بإجراء حوار مع عالم المناعة المتميز مياساكا ماسايوكي عن مدى انتشار الوباء، وتوقعاته للمستقبل، وما يجب القيام به، بحسب اعتقاده.

مياساكا ماسايوكي MIYASAKA Masayuki

أستاذ زائر بمركز أبحاث فرونتير لعلوم المناعة، بجامعة أوساكا. ولد مياساكا في محافظة ناغانو عام 1947، وحصل على شهادته في الطب من جامعة كيوتو وعلى درجة الدكتوراه من الجامعة الوطنية الأسترالية. وبعد أن شغل عدة مناصب في قسم طب الباطنة بجامعة كانازاوا الطبية، ومعهد بازل للمناعة، ومعهد طوكيو متروبوليتان للعلوم الطبية، واصل مياساكا أعمال البحث والتدريس في كلية الطب بجامعة أوساكا. ومن مؤلفاته مينئيكيريوكو ووتسويوكو سورو (تقوية المناعة)، كما شارك في تأليف عدة كتب مثل مينئيكي تو ياماي نو كاغاكو (علم المناعة والأمراض).

أين موضع اليابان بالنسبة لفيروس كورونا؟

المحاور: تشهد كل من طوكيو وأوساكا أعدادًا قياسية من حالات الإصابة بفيروس كورونا. ما رأيك حول الوضع الحالي؟

مياساكا ماسايوكي: ليس هناك شك في أننا نشهد ارتفاعًا طفيفًا في الحالات. من دون معرفة نوع الفيروس المعني، يمكننا الإشارة إلى التفشي الحالي إما على أنه استمرار للموجة الأولى، أو بداية الموجة الثانية. وقد تركزت الزيادة في الإصابات في مناطق ترفيهية محددة، منها شينجوكو وإيكيبوكورو في طوكيو ومنطقة مينامي في أوساكا، إلى جانب المناطق المحيطة بها. خرج من هذه المناطق عددًا كبيرًا جدًا من حاملي فيروس فيروس كورونا ، وقد قام الأشخاص الذين يترددون على هذه المناطق بنقل الفيروس عند عودتهم إلى منازلهم وأماكن عملهم عن غير قصد، مما تسبب في انتشاره بشكل مطرد في مجتمعاتهم.

ولا يقتصر الارتفاع الحالي في الإصابات بأي حال من الأحوال على منطقة جغرافية صغيرة، فقد بدأنا في رؤية تفشي المرض في المناطق المحيطة بنا أيضًا. لذا إنها مسألة وقت فقط قبل ألا يقتصر انتشار هذا المرض على الشباب. فبينما كنت أعتقد أن الناس قد تعلموا دروس الموجة الأولى من العدوى، إلا أن البعض لم يفعل ذلك، واستمروا في زيارة مناطق الترفيه هذه بشكل متكرر. وهنا تكمن المشكلة.

المحاور: يقال إن الموجة الثانية لن تصل قبل الخريف أو الشتاء القادم. ولكن يبدو أن الفيروس عاود هجومه قبل الموعد المتوقع بكثير.

مياساكا: كانت هذه التقديرات مجرد آراء فردية. فقد أعتقد الكثير من الناس أن تعرض الفيروس للحرارة والأشعة فوق البنفسجية سيبقيه بعيدًا في الصيف، لذلك ساد الاعتقاد بأن الموجة الثانية لن تضرب حتى الخريف. وبينما صدق الكثيرون بهذه النظرية، شهدنا في الولايات المتحدة تفشي المرض بشكل كبير خلال فصل الصيف، في أماكن مثل فلوريدا.

المحاور: كيف يختلف التفشي الحالي عن الموجة الأولى؟

مياساكا: الظروف مختلفة هذه المرة. فالحكمة المكتسبة، والتي استندت إلى مفهوم مناعة القطيع، رأت أنه عندما تتعرض مجموعة الأشخاص غير المصابين لفيروس جديد، فإن نسبة معينة منهم ستصاب به. وقد قال نيشيئورا هيروشي من جامعة هوكايدو إنه نظرًا لأن لا أحد منا لديه مناعة ضد فيروس كورونا، فإن ما يصل إلى 60% من السكان في اليابان يمكن أن يصابوا بالفيروس. ولكنني لا أتفق مع تقييمه.

فمستويات المناعة تختلف بشكل كبير بين السكان، مما يعني أن أولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة سيصابون بفيروس كورونا قبل نظرائهم الأكثر صحة. وإن فرص الإصابة بالعدوى بعد التعرض لكمية معينة من الفيروس ليست هي نفسها بالنسبة للجميع فأولئك الذين يتمتعون بمقاومة عالية للعدوى سيظلون غير مصابين، مما من شأنه أن يوقف انتشار العدوى في نهاية المطاف. وعامل آخر هو معرفة عامة الناس بالفيروس. حيث سيحافظ الناس على التباعد الاجتماعي أثناء تفشي الوباء، والتصريح النظري بأن كل فرد مصاب ينتقل إلى إصابة 2.5 آخرين يفترض عدم اتخاذ أي تدابير وقائية، فالعدوى ستتوقف، إذا لاحظ السكان التباعد الاجتماعي. و R0 أو رقم التكاثر الأساسي، الذي يُنطق ”R-naught“ أو ”R-zero“ - هو في الواقع حوالي 1.25 في أوساكا، مما يعني أنه إذا طور 20% فقط من السكان مناعة، فسيتم إيقاف انتشار الفيروس. كما يقترب معدل R0 من 1.25 في طوكيو أيضًا. أي بعبارة أخرى، نقترب من وضع لا يشهد مزيد من الانتشار للفيروس.

الأجسام المضادة ليست كل شيء

المحاور: هل يمكنك أن تشرح بإيجاز كيف تعمل المناعة؟

مياساكا: يتحدث الناس كما لو أن الأجسام المضادة هي كل شيء يخص المناعة. وهناك نظرية مفادها أن انتشار فيروس كورونا سيتوقف عندما يطور 60٪ من السكان مناعة ما ضده. ولكن ذلك، يقوم على افتراض أن الأجسام المضادة هي العامل الوحيد القادر على منح المناعة. بينما في الواقع، لن يؤدي التعرض لكمية معينة من فيروس كورونا إلى إصابة 60٪ من السكان. وحتى في ووهان نفسها، لم تكن نسبة السكان المصابين بالفيروس أكثر من 20%.

يتكون جهاز المناعة البشري من طبقتين. خط الدفاع الأول هو حصانتنا الفطرية، يمكن تشبيهها بالجنود الذين يحاولون صد جميع الغزاة، بينما يحرسون البوابة. وإذا تم اختراق مناعتنا الفطرية، فإن مناعتنا المكتسبة تنشط في شكل خلايا ليمفاوية. تستجيب الخلايا التائية المساعدة، التي تؤدي دور أجهزة التحكم، للعدوى عن طريق توجيه الخلايا الليمفاوية البائية لإنتاج الأجسام المضادة، والتي بدورها تهاجم الفيروس. وتشمل إستراتيجية الدفاع الأخرى، الخلايا المساعدة التي تخلق الخلايا الليمفاوية التائية السامة للخلايا، أو كما يطلق عليها ”القتلة“، والتي تدمر الخلايا المصابة تمامًا. وفي حين أن الأجسام المضادة قادرة فقط على قتل الفيروسات خارج الخلايا، فإن هذه الخلايا الليمفاوية القاتلة قادرة على قتل الفيروسات داخل الخلايا. وهكذا يحتاج كل منا إلى كل من الأجسام المضادة والخلايا الليمفاوية القاتلة، لهزيمة الفيروس بشكل موثوق.

مياساكا: يتجاهل الناس حقيقة أن بعض الأشخاص قادرون على مواجهة فيروس ليس لديهم أجسام مضادة له من خلال مناعتهم الطبيعية وحدها. ويختلف الانتشار المصلي للأجسام المضادة عن معدل الإصابة. بعبارة أخرى، إذا كانت مناعتك الفطرية قوية، فلا داعي للقلق كثيرًا.

ومن المحتمل أن تبقى الأجسام المضادة التي تصنعها أجسامنا استجابةً للإصابة بفيروس فيروس كورونا لمدة 6 أشهر تقريبًا. وإذا كان هذا هو الحال بالفعل، فسيكون من المستحيل الحصول على مناعة القطيع. ولكن على الرغم من ذلك، فإن المناعة هي عبارة عن خطي دفاع: فبعض الأفراد قادرون على هزيمة الفيروس باستخدام مناعتهم الفطرية وحدها. لذا يجب ألا ينشغل الناس كثيرًا بمعدلات الانتشار المصلي للأجسام المضادة.

خطر الانتشار المتضاعف

المحاور: عدد الحالات في ارتفاع حاليًا. هل تعتقد أن الزيادة يمكن أن تتوقف، أم يمكن أن نرى ارتفاعًا جنونيًا في أعداد الإصابات؟

مياساكا: في حين أن العدد الحقيقي للعدوى أعلى بالتأكيد من عدد نتائج اختبار الكشف عن فيروس كورونا أو PCR الإيجابية، أعتقد أن معدل الإصابة سيتضاءل في النهاية. أي أننا لن نرى زيادة متضاعفة في الحالات. وخلال الموجة الأولى من العدوى، تمكنا من منع الفيروس من الانتشار أكثر من خلال تقييد تحركاتنا بنسبة 65٪. وطالما يحافظ الناس على التباعد الاجتماعي، وتجنب العناصر الثلاثة، وهي الأماكن المغلقة، المزدحمة، والاتصال الوثيق، وكذلك من خلال فرض قيود معقولة على سلوكهم، سنكون بالتأكيد قادرين على إبطاء انتشار الفيروس. ولكن في ظل غياب أعداد اختبارات كافية، فإننا نواجه مجموعات مصابة بالعدوى لم تكن مكتشفة من قبل، وينتشر الفيروس بسرعة في المجتمع، كما كان الحال في الدول الغربية، ولن يصل الوباء إلى نهاية. ولكن لحسن الحظ، فإن انتشار الفيروس في اليابان أقل بكثير منه في الغرب.

المحاور: ومع ذلك، فإن مستويات الإصابة أعلى الآن من الذروة الأولية.

مياساكا: تبدو الإحصائيات مقلقة إذا ركزت فقط على عدد الإصابات، لكن معدل انتشار العدوى والمرض في اليابان أقل بكثير مما هو عليه في الدول الغربية. وتجدر الإشارة، مع ذلك، إلى أن التنبؤ بأن الموجة الثانية من العدوى ستكون طفيفة ثبت أنه غير صحيح. فبينما بدا الأمر في البداية وكأننا قد هزمنا الوباء، إلا أن ذلك لم يكن سوى الصورة الظاهرة على السطح. ولكن في الواقع، كانت هناك مجموعات من العدوى في مناطق مثل شينجوكو وإيكيبوكورو ومينامي لم نكن نعرف عنها. وساهم ذلك مع الاتصال المجتمعي في ظهور الموجة الثانية. ولكن يمكن تقليل الأسباب المحتملة للعدوى، من خلال الاختبار الشامل وتقليل الحالات في هذه المناطق.

ما الذي يتعين علينا القيام به إذا؟

المحاور: تعني قيود الميزانية أنه من المستحيل تقريبًا طلب إغلاق الأنشطة التجارية. فهل قمنا باتخاذ التدابير الكافية؟

مياساكا: إذا كان بإمكان كل واحد منا أن يكون في حالة تأهب، بدلاً من انتظار الهيئات المحلية لإصدار التنبيهات، فلا داعي للذعر. ولكن المشكلة هي أن الناس ينسون أن يكونوا حذرين فيخرجون إلى الحانات. بينما لن يصاب الناس بالفيروس إذا اتبعوا القواعد.

المحاور: هل هناك حاجة لإعلان حالة الطوارئ؟

مياساكا: لا أعتقد، فبينما إعلان حالة الطوارئ، له بعض الأثر في إجبار الناس على تعديل سلوكهم، فإن إعادة فرض حالة طوارئ مرة أخرى الآن سيكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد. فالوقت الحالي ليس الوقت المناسب لإعلان حالة الطوارئ. وطالما بقي الأفراد في حالة تأهب، فلن ينتشر الفيروس بهذه السهولة.

المحاور: لقد اختارت الحكومة الوقت الحالي لإطلاق حملة لتنشيط السياحة الداخلية، على الرغم من استبعاد طوكيو وسكانها من المشاركة. فهل يجب أن يقلقنا ذلك؟

مياساكا: لقد كان لدينا إدراك دائم أن زيادة حركة السكان ستؤدي إلى انتقال الفيروس مرة أخرى. فقد تؤثر زيادة الحركة بسبب الحملة إلى زيادة الإصابات بالعدوى أو لا تسبب ذلك، فطالما أن المسافرين يعدلون سلوكهم كما هو مطلوب، لن ينتقل الفيروس بهذه السهولة. ليست هناك حاجة لإغلاق الشركات أو المدارس، باستثناء عدد قليل من الصناعات الخاصة، طالما ظل الأفراد في حالة تأهب.

المحاور: الكثير من الناس يعملون من المنزل الآن. هل العمل عن بعد إستراتيجية فعالة لمكافحة فيروس كورونا؟

مياساكا: من الواضح أن العمل من المنزل يساعد في منع انتشار العدوى، ولكن في المقابل، مجرد ركوب القطار إلى العمل لا يعني تلقائيًا أنك ستصاب بفيروس كورونا. وعندما نتحدث، ينتشر رذاذ من القطرات على بعد مترين من أفواهنا، ولكن يمكن خفض هذا الحجم بنسبة 90% من خلال ارتداء الكمامات الطبية. وفي حين أن القطرات الدقيقة والرذاذ الذي يخرج من جوانب أنفنا وفمنا تبقى في الهواء لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة، يمكن تشتيتها بالمراوح وإزالتها عن طريق التهوية. ومن الواضح أن القطارات المعبأة ليست جيدة، لكن لا داعي للقلق المفرط لمجرد أن القطارات ممتلئة قليلاً. فيعد تجنب وقت الذروة أيضًا استراتيجية فعالة. فتقييد الحركة بحجة تجنب المخاطر، هو أسوء شئ قد يقوم به البعض.

لماذا لا يعد الاختبار بناء على عينات عشوائية، أمرًا فعالًا؟

المحاور: إذن السبب الرئيسي لاستمرار هذا الوباء هو أماكن الترفيه الليلية، وباتخاذ التدابير المضادة، يمكن للناس مواصلة نمط حياتهم المعتاد؟

مياساكا: على نحو فعّال، نعم. لا أعتقد بأي حال من الأحوال أن المناطق الترفيهية هي الأماكن الوحيدة التي يصاب فيها الناس، ولكن، كما نعلم، فقد انتشر الفيروس إلى المناطق المحيطة أيضًا. ومع ذلك، طالما أننا جميعًا نراعي التباعد الاجتماعي ونرتدي الأقنعة ونتخذ الاحتياطات، فلن ينتشر الفيروس أكثر من ذلك. وهكذا يتبقى فقط القيام باختبارات شاملة في الأماكن ذات الكثافة العالية.

المحاور: يبدو لي أننا بحاجة إلى زيادة اختبارات الكشف عن فيروس كورونا (PCR) حتى نتمكن من تحديد الأماكن ذات التركيزات العالية للفيروس. فما رأيك؟

مياساكا: يتم إجراء عدد قليل جدًا من اختبارات PCR. ويجب تعزيز السعة إلى عشرة أو عشرين ضعفًا. ومع ذلك، فإن الاختبار العشوائي لن يحقق أي شيء. ففي طوكيو، على سبيل المثال، يجب القيام بالاختبارات بشكل واسع في كل من شينجوكو، وإيكيبوكورو، والمناطق المحيطة بهم. ونحتاج إلى الاستفادة بشكل أكبر من اختبار PCR لتتبع مسارات العدوى. أنا لا أطالب بإختبار الجميع، ولكن بدلاً من ذلك، علينا بذل جهود متضافرة في المناطق التي تتطلب ذلك. واختبار PCR هو أهم جزء من هذا النهج.

يشبه اختبار PCR الصورة اللحظية. فقد تكون سلبيًا اليوم، لكن هذا لا يعني أنك ربما قد تكون إيجابيًا غدًا. ونظرًا لأن فيروس كورونا له فترة حضانة مدتها خمسة أيام، فإن النتيجة السلبية لاختبار PCR لا تضمن عدم إصابتك. فنحن بحاجة إلى إجراء اختبارات متكررة وشاملة لأولئك المواطنين الذين يحتاجون إلى الخضوع للاختبار. وقد بدأ العديد من الأشخاص في شينجوكو في التفاعل مع الآخرين مرة أخرى بعد نتيجة اختبار سلبية، ليجدوا لاحقًا أنهم كانوا إيجابيين. لذلك من المهم إجراء الاختبار بشكل متكرر. فمن المستحيل اختبار كل فرد في السكان.

كما كنت أقول طوال الوقت، بدلاً من الاعتماد على اختبار PCR، نحتاج إلى زيادة استخدام طرق أسرع وأرخص للكشف عن المستضدات الفيروسية. يمكن إجراء الاختبارات على عينات اللعاب، لإزالة خطر الإصابة بالفيروس في منشأة الاختبار. في حين أن اختبار مستضد اللعاب أقل حساسية من طريقة تفاعل البوليميراز المتسلسل، إلا أنه يتميز بكونه أكثر حساسية للأفراد الذين يفرزون كميات أكبر من الفيروسات. ويعد فحص المستضد الفيروسي المتكرر طريقة أكثر فائدة لمنع انتشار الفيروس من مجرد القيام باختبار PCR لمرة واحدة فقط.

فوائد التطعيم

المحاور: لا يوجد حتى الآن لقاح أو دواء يمكنه محاربة السارس كوف 2. فهل هناك طريقة لتعزيز مناعتنا للدفاع ضد فيروس كورونا؟

مياساكا: قد يكون من الممكن للناس القضاء على الفيروس من خلال تعزيز مناعتهم الفطرية. تظهر الدراسات الحديثة أنه يمكن تدريب المناعة الفطرية. كثيرًا ما نسمع عنBCG، أحد مسببات أمراض الأبقار التي تحمي أيضًا البشر من مرض السل. فتعزز BCG مناعتك الفطرية عن طريق تدريبها، مما يجعل مناعتك المكتسبة أكثر استعدادًا للتنشيط في حالة الإصابة. وبالنظر إلى البيانات الواردة من عدة عشرات من البلدان، يبدو جليًا وجود اتجاه واضح لانخفاض معدل الوفيات والإصابة بسبب السل في البلدان التي شرعت في إدارة واسعة النطاق لـ BCG. وتظل بالطبع، توجد استثناءات للقاعدة. ومع ذلك، فإن كمية BCG التي يمكن إنتاجها للقاحات الأطفال محدودة، ولا يتم إنتاج اللقاح لاستخدام البالغين.

في اليابان، أمضى من هم في الخمسينات والستينات من العمر أكثر من 30 عامًا دون الخضوع لأي لقاحات. وعلى العكس من ذلك، يتم تحصين الأطفال الصغار بما يقرب من عشرة لقاحات مختلفة، مما يؤدي إلى معدلات إصابة بالمرض منخفضة للغاية. ويتم تطعيم الأطفال سنويًا، وفي كل مرة يتم تحفيز مناعتهم الفطرية والمكتسبة. قد يفسر هذا انخفاض معدل الإصابة بفيروس كورونا لدى الأطفال والشباب. ومن ناحية أخرى، لم يتعرض كبار السن لتحدي مناعي منذ أن تم تطعيمهم آخر مرة قبل عقود، وبالتالي فإن مناعتهم المدربة لم تعد فعالة. وإذا رحب كبار السن بتحمل مشقة إعادة التطعيم ضد الالتهاب الرئوي العقدي والإنفلونزا، فقد يتلقون فوائد غير متوقعة.

الاختلافات بين آسيا والغرب

المحاور: لماذا يوجد عدد أقل بكثير من الإصابات والوفيات في اليابان وأجزاء أخرى من آسيا مما هو عليه في الغرب؟

مياساكا: هناك العديد من العوامل ذات الصلة. الجينات جزء منها، وكذلك عدم وجود عادات التقبيل والمعانقة والمصافحة في ثقافتنا، واتباع عادات مثل خلع الأحذية داخل المنزل. ولكن هناك شيء آخر يجعل الآسيويين أقل عرضة للإصابة بالعدوى. ففي النهاية BCG هو جزء من القصة، ولكنه ليس كل شيء.

أحد العوامل هو العدوى الخاصة بمنطقة معينة. هناك أربعة أنواع من فيروس البرد الأنفي في عائلة فيروس كورونا البشري الشائعة، والتي تظهر في حالات تفشي متكررة في المدارس اليابانية. وحوالي 15 بالمائة من نزلات البرد سببها فيروس كورونا بشري شائع. ومن المحتمل أن يجعلك التعرض لهذه الفيروسات لسبب ما أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا. وإن التعرض للعدوى الخاصة بمنطقة معينة يعزز مناعتك الفطرية، ويحفز إلى حد ما المناعة المكتسبة أيضًا. لذا فربما وجود سلالة خاصة من الفيروس في آسيا من شأنه أن يفسر هذا التباين، على الرغم من أننا في الوقت الحالي لا نعرف ما إذا كان هذا التفسير حقيقيً أم لا.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: عمدة شينجوكو يوشيزومي كينئيتشي، الثاني من اليسار، يتفقد النوادي الليلية بمنطقة كابوكيتشو الترفيهية. جيجي برس)

طوكيو العلوم الحكومة اليابانية طب