السياسة اليابانية في عام 2021: هل يمكن لرئيس الوزراء الياباني تعزيز قيادته أم تغتنم المعارضة الفرصة؟

سياسة

مع تفشي فيروس كورونا، واقتراب أولمبياد طوكيو، وكذلك اقتراب موعد انتخابات البرلمان الياباني وبالانتخابات الداخلية للحزب الحاكم، سيشكل عام 2021 تحديات سياسية غير مسبوقة لرئيس الوزراء سوغا يوشيهيدي والمعارضة اليابانية على حد سواء.

يفرض هذا العام تحديات هائلة على الحكومة الوليدة برئاسة رئيس الوزراء الياباني سوغا يوشيهيدي. مع استمرار تفشي جائحة كورونا، تلوح في الأفق دورة الألعاب الأولمبية طوكيو التي تم تأجيلها لتقام في صيف هذا العام، وانتخابات مجلس النواب الياباني والحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في المستقبل القريب، كيف سيوفق سوغا بين مطالب السياسة والحزب والاستراتيجية الانتخابية لتعزيز قيادته؟ وكيف ستستفيد قوى المعارضة اليابانية من اندماجها الأخير؟

سياسة سوغا

سيكون عام 2021 عامًا مزدحمًا ويحتمل أن يكون محوريًا للسياسة اليابانية. يجتمع مجلس النواب الياباني مجددًا في منتصف يناير/ كانون الثاني للتداول بشأن ميزانيتين قبل تناول جدول الأعمال التشريعي لمجلس الوزراء. من المقرر أن تبدأ أولمبياد طوكيو في 23 يوليو/ تموز بعد تأجيلها لمدة عام. قد يواجه رئيس الوزراء سوغا، الذي حل محل شينزو آبي كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي بعد استقالة آبي لأسباب صحية المفاجئة في سبتمبر/ أيلول الماضي، تحديًا قويًا في انتخابات قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي المقرر إجراؤها في سبتمبر/ أيلول 2021. وستنتهي المدة الحالية لجميع أعضاء مجلس النواب في 21 أكتوبر/ تشرين الأول مما يستلزم إجراء انتخابات عامة بحلول الخريف. كما ستجري جمعية العاصمة طوكيو انتخابات هذا الصيف، حيث تنتهي مدة عضوية أعضائها في 22 يوليو/ تموز.

يتمتع رئيس الوزراء بسلطة حل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات عامة في أي وقت، وقد استخدم القادة الذين خدموا لفترة طويلة، بما في ذلك آبي، هذه السلطة لتحسين العرض الانتخابي للحزب الليبرالي الديمقراطي وتعزيز موقعهم داخل الحزب. لكن التوقيت لن يكون سهلاً بالنسبة لرئيس الوزراء سوغا.

تمتعت حكومة سوغا بمعدلات تأييد عالية في الأسابيع القليلة الأولى لها، مما شجع التكهنات بأن رئيس الوزراء الجديد قد يختار تعزيز موقفه من خلال الدعوة إلى انتخابات مبكرة في ذلك الخريف. لكن سوغا امتنع عن مثل هذه المناورة، وأصر على أن أزمة فيروس كورونا يجب أن تكون لها الأولوية. هذا الاعتبار يستبعد فعليًا إجراء انتخابات في يناير/كانون الثاني، بعد بدء الدورة العادية التالية لمجلس النواب.

في غضون ذلك، انخفض التأييد الشعبي لحكومة بشكل كبير بعد أن كان في موقف جيد بعد تشكيل الحكومة الجديدة.  كان رد فعل الناخبين سيئًا على إحجام الحكومة عن وقف أو تقليص حملة الترويج للسياحة الداخليةGo To Travel ، حتى في ظل زيادة حالات كورونا. كما تآكل الدعم للحزب الحاكم بسبب الفضائح التي المتتالية، بما في ذلك المزاعم بأن وزير الزراعة السابق يوشيكاوا تاكاموري قبل مدفوعات نقدية من المدير التنفيذي السابق لأحد منتجي البيض الرئيسيين وأن المجموعة السياسية التي ينتمي إليها آبي ساعدت بشكل غير قانوني في تمويل وجبات العشاء التي أقيمت عشية حفلة مشاهدة أزهار الكرز السنوية التي ترعاها الحكومة. مع تجمع غيوم العاصفة هذه، يأمل أعضاء البرلمان من الحزب الليبرالي الديمقراطي الصغار، الذين تكون مقاعدهم غير آمنة نسبيًا، في حل مبكر للبرلمان، خوفًا من أن يؤدي الانخفاض الإضافي في نسبة تأييد مجلس الوزراء إلى تعريض احتمالات إعادة انتخابهم للخطر.

ومع ذلك، يفخر سوغا بنفسه لكونه سياسيًا يدقق وينجز الأمور، وقد تعهد بـ ”إنشاء مجلس وزراء يعمل من أجل الشعب“. يتفق المطلعون على أن تفضيله الأول هو إظهار قيادته من خلال الفضاء فيروس كورونا والوفاء بتعهداته السياسية، بما في ذلك وكالة السياسة الرقمية الجديدة، وخفض أسعار اشتراكات الهواتف المحمولة، والإصلاح التنظيمي. بطبيعة الحال، يمكن أن تنجح دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو في إنعاش الحكومة وإعطائها قبلة الحياة، مما يمنح مجلس الوزراء والحزب الليبرالي الديمقراطي دفعة قوية في خضم الانتخابات العامة في الخريف.

ومع ذلك، يمكن أن يحدث الكثير بين الحين والآخر، خاصة في خضم الجائحة. سيواصل رئيس الوزراء تقييم خياراته مع تطور الوضع.

متى تعقد الانتخابات

أول أمر عمل للحكومة عند انعقاد البرلمان في 18 يناير/ كانون الثاني لن يسن ميزانية واحدة بل ميزانيتين: يجب أن يوافق البرلمان على ميزانية تكميلية ثالثة للسنة المالية 2020، وكذلك الميزانية السنوية للسنة المالية 2021 (تمتد حتى مارس/ آذار 2022). ومن المرجح أن يستغرق هذا الأمر المشرعين حتى نهاية شهر مارس/ آذار، الأمر الذي يصبح بالتالي أول فرصة عملية لسوغا لحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.

إن انتخابات الربيع ليست واردة بالكامل. تخطط الحكومة لبدء تطعيم السكان ضد فيروس كورونا خلال هذا العام. إذا ثبت أن هذه الحملة فعالة بشكل غير متوقع في تبديد القلق العام بشأن الفيروس وتحفيز النمو الاقتصادي، فقد يرغب سوغا في اغتنام الفرصة والدعوة إلى انتخابات مبكرة أثناء حصوله على نسب تأييد عالية.

قفي هذا الوقت، ومع ذلك، تشير جميع المؤشرات إلى أن سوغا سوف يتحول مباشرة من الميزانية إلى جدول أعماله التشريعي، على أمل دفع مشاريع القوانين الخاصة بوكالة السياسة الرقمية الجديدة والإصلاح التنظيمي قبل انتهاء جلسة البرلمان الحالية في منتصف يونيو/ حزيران. إذا بدا الوباء تحت السيطرة، وكان الاقتصاد يتعافى، فقد يختار سوغا حل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات مبكرة في هذا المنعطف.

لكن الانتخابات الصيفية يمكن أن تطرح مشاكل. يثير تحديد موعد الانتخابات العامة في وقت قريب جدًا من افتتاح أولمبياد طوكيو في 23 يوليو/ تموز عددًا من القضايا، بما في ذلك خطر خلق فراغ سياسي في وقت حرج. بالإضافة إلى ذلك، يزيد هذا التوقيت من احتمالية إجراء انتخابات في نفس اليوم لجمعية العاصمة طوكيو (التي تنتهي مدة عضويتها في 22 يوليو/ تموز). هذا احتمال يثير قلق حزب كوميتو، الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم بقيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي منذ فترة طويلة، والذي يعلق أهمية كبيرة على جمعية العاصمة طوكيو بقدر أهمية مجلس النواب. ومع ذلك، نظرًا لارتباطات سوغا المشهورة بقادة سوكا غاكاي - المنظمة البوذية القوية التي تشكل قاعدة كوميتو - فمن المحتمل التوصل إلى ترتيب وتفاهم. الموعد الأكثر تداولا لإجراء انتخابات مزدوجة هو 4 يوليو/ تموز، وهو ما يعني حل البرلمان في أوائل أو منتصف يونيو/ حزيران.

كما هو الحال الآن، يتفق المطلعون على أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن سوغا سينتظر حتى انتهاء دورة الألعاب البارالمبية في 5 سبتمبر/ أيلول لحل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات عامة. السؤال التالي هو ما هي أفضل طريقة لتنسيق الانتخابات العامة وانتخابات قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي المقرر إجراؤها في نهاية سبتمبر/ أيلول. إذا قاد سوغا الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى فوز ساحق في مجلس النواب قبل الانتخابات الداخلية للحزب، فقد يعيد الحزب انتخابه بالإجماع، ويستغني عن التصويت الرسمي. من ناحية أخرى، فإن المنافسة النشطة بين بعض نجوم الحزب الصاعدين قبل الانتخابات العامة يمكن أن تعزز الدعم العام للحزب الليبرالي الديمقراطي وتؤثر بشكل إيجابي على النتيجة.

صراعات داخلية على السلطة

بالطبع، كل هذا يفترض مسبقًا أنه ستتم السيطرة على الوباء، وسيتم إقامة الألعاب الأولمبية في الموعد المحدد. إذا استمرت العدوى في الانتشار، مما قد يؤدي إلى إلغاء الألعاب وإغراق الاقتصاد في ركود أعمق، فمن المحتم أن يضعف الدعم الشعبي للحكومة. إذا كانت نسبة تأييد سوغا بعيدة بدرجة كافية، فإن منصبه كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي سيتعرض للاهتزاز. إذا حدث ذلك فمن يقف في الأجنحة لتولي قيادة الحزب الحاكم؟

حتى الآن، لا يوجد مرشح واضح لخلافة سوغا كرئيس للحزب الليبرالي الديمقراطي ورئيسا للوزراء. كان يُنظر إلى منافسي سوغا في الانتخابات الحزبية الأخيرة، وزير الخارجية السابق كيشيدا فوميؤ والأمين العام السابق للحزب الليبرالي الديمقراطي إيشيبا شيغيرو، على أنهما كبار المتنافسين على هذا المنصب، ولكن منذ هزيمتهم في سبتمبر/ أيلول، يبدو أنهما خارج دائرة المنافسة. وبدلاً من ذلك، تتزايد التوقعات بشأن وزير الإصلاح التنظيمي كونو تارو ووزير البيئة كويزومي شينجيرو - وهما شخصيات شهيرة وجذابة يمكن أن تساعد في تلميع صورة الحزب الليبرالي الديمقراطي ثناء خوض الانتخابات العامة. يُقال إن وزير الخارجية موتيجي توشيميتسو هو المفضل لدى كل من وزير المالية آسو تارو ورئيس الوزراء السابق آبي. ومع ذلك، لا يتمتع أي من هؤلاء المرشحين بميزة واضحة على الآخرين.

سوغا نفسه يفتقر إلى الدعم الأساسي الذي يمنحه الانتماء الحزبي، حيث فاز في انتخابات الحزب الليبرالي الديمقراطي الأخيرة بدعم مشترك من فصائل أخرى غير كيشيدا وإيشيبا. يبدو أن رئيس الوزراء لديه ثقة كبيرة في الأمين العام للحزب الليبرالي الديمقراطي نيكاي توشيهيرو، الذي عهد إليه بإدارة شؤون الحزب والبرلمان على حد سواء. لكن نيكاي أثار حفيظة قادة الأحزاب الآخرين من خلال تأمينه لعدد غير متناسب من التعيينات الحزبية والحكومية لفصيله المتوسط. يمكن أن تتوقف ديناميكيات انتخابات الحزب الليبرالي الديمقراطي المقبلة في جزء كبير منها على ما إذا كان سوغا سيواصل تفضيل نيكاي أو سيبدأ في تقاسم السلطة بين الفصائل الأكبر في الحزب، بما في ذلك تلك التي يقودها آسو وهوسودا هيرويوكي. يحتاج رئيس الوزراء إلى موازنة هذه الاعتبارات الداخلية حتى أثناء حربه ضد الوباء والركود الاقتصادي.

معضلة المعارضة اليابانية/h2>

كما سيختبر العام المقبل قيادة قوة المعارضة الرئيسية المتمثلة في الحزب الدستوري الديمقراطي. في سبتمبر/ أيلول الماضي، زاد الحزب من قوته في مجلس النواب من 90 إلى 150 مقعدًا من خلال الاندماج مع الحزب الديمقراطي من أجل الشعب. لقد أثبت الحزب الدستوري الديمقراطي ذو الميول اليسارية نفسه على أنه حزب معارض قوي لا يكل ولا يمل، حيث يتابع بلا هوادة قضايا الفساد الحقيقي أو المزعوم وإساءة استخدام السلطة داخل الحكومة والحزب الحاكم - من فضائح موريتومو جاكوئين وحفل مشاهدة أزهار الكرز تحت حكم آبي إلى الجدل حول سوغا بعد رفضه المرشحين لمجلس العلوم الياباني. في حين أن الحزب الدستوري قد عمل بلا شك للتحقق من التجاوزات من قبل الحزب الحاكم، فقد فشل في تقديم بدائل سياسية واقعية للناخبين، وهو بلا شك أحد أسباب انخفاض معدل التأييد الشعبي. في الوقت الحاضر، يتصارع أيضًا مع الخلاف الداخلي حول قضايا السياسة الرئيسية، بما في ذلك التخلص التدريجي من الطاقة النووية.

أشار رئيس الحزب الدستوري الديمقراطي إيدانو بوضوح إلى نيته البقاء في الهجوم في عام 2021، مما أدى إلى انتقاد حكومة سوغا بسبب تعاملها مع أزمة فيروس كورونا ومزاعم الفساد واستغلال النفوذ بين سياسيي الحزب الليبرالي الديمقراطي والمسؤولين الحكوميين. لكن المردود من هذا النهج السلبي سيكون محدودًا ما لم يتمكن الحزب الدستوري الديمقراطي من تقديم نفسه كحزب قادر على الحكم.

ستتمثل إستراتيجية إيدانو في انتخابات مجلس النواب القادمة في التنسيق الوثيق مع قوى المعارضة الأخرى، بما في ذلك الحزب الشيوعي الياباني، في التنافس على 289 دائرة انتخابية ذات مقعد واحد، وذلك لتجنب تقسيم الأصوات. والهدف من ذلك هو تقديم مرشح معارض واحد، وليس أكثر، في أكبر عدد ممكن من تلك الدوائر. لكن فعالية مثل هذه الشراكة الشاملة مفتوحة للتساؤل. في عام 2020، أسفر التعاون بين الحزب الدستوري الديمقراطي والحزب الشيوعي الياباني عن سلسلة من الخسائر على المستوى المحلي (كما هو الحال في انتخابات البلدية في أوتسونوميا وأراكاوا، طوكيو). نجح الحزب الشيوعي الياباني في الحفاظ على عدد صغير ولكن مخلص من الأتباع على مر السنين. المشكلة، كما لخصها أحد المراقبين من الحزب الليبرالي الديمقراطي، هي أنه ”كلما زادت حملات الحزب الشيوعي الياباني نشاطًا، طاردوا الناخبين الأكثر تحفظًا“. هذه أرض مألوفة للمعارضة، التي دخلت مرارًا في تحالفات مشكوك فيها وغير مستدامة على حساب التماسك الداخلي والمصداقية.

(النص الأصلي باللغة الياابنية، الترجمة من الإنكليزية، صورة العنوان لرئيس الوزراء سوغا يوشيهيدي أثناء اجتماع في مجلس الوزراء)

الحزب الليبرالي الديمقراطي اقتصاد الحكومة اليابانية