الاقتصاد الياباني في عام 2021: جائحة كورونا والتعافي التدريجي

اقتصاد

ضربت جائحة كورونا العالم بأسره في عام 2020. ومع استمرار الموجة الثالثة من الإصابات في اليابان، لا يزال انتشار فيروس كورونا يمثل خطرًا على الاقتصاد المحلي. ويتوقع الكاتب، وهو خبير اقتصادي بارز، أن الاقتصاد الياباني سيستمر في الانتعاش التدريجي في عام 2021، مع اعترافه في ذات الوقت بوجود شكوك تجاه تحقيق ذلك.

عام يتخلله فيروس كورونا

تعرض العالم في عام 2020 لضربة كبرى بسبب جائحة كورونا. وظهر مصطلح ”فيروس كورونا الجديد“ لأول مرة في استطلاع مراقبي الاقتصاد في يناير/ كانون الثاني عام 2020 لمكتب مجلس الوزراء. ومنذ ذلك الحين، تسببت زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا ضررًا كبيرًا للاقتصاد.

كما ظهر تأثير كورونا بقوة في أحداث نهاية العام. في مسابقة كلمة العام في اليابان، حيث كان نصف الكلمات الثلاثين المرشحة مرتبطة بالفيروس. وذهبت الجائزة الأولى إلى سان ميتسو، وهي عبارة تُنقل عادةً باللغة الإنكليزية على أنها ثلاث C، أو الأماكن المغلقة، والأماكن المزدحمة، الأماكن التي ذات الكثافة العالية والتي يجب تجنبها.

وعادة ما يعكس كانجي العام إلى دورة الأعمال أو الظروف الاقتصادية التي شهدتها تلك السنة. وفي عامي 2012 و2016، عندما أقيمت الألعاب الأولمبية الصيفية والبارالمبية، كان اختيار الكانجي هو كين (أو الذهب). وفي بداية عام 2020، كان يُعتقد على نطاق واسع أنه سيتم اختيار حرف كين مرة أخرى طالما لم يكن هناك تكرار للأزمة المالية لعام 2008. ومع ذلك، تسببت جائحة كورونا المتفاقمة في تأجيل دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في طوكيو حتى عام 2021، وتلاشى احتمال وجود أقارب مثل كانجي العام.

الموجة الثالثة تضاعف المخاوف

سجل استطلاع مراقبي الاقتصاد، الذي يجمع آراء المراقبين الاقتصاديين، أدنى مستوياته على الإطلاق لجميع مؤشرات الانتشار (مؤشرات النشاط الاقتصادي) في أبريل/ نيسان 2020 عندما أعلنت الحكومة حالة الطوارئ.

وفي أبريل/ نيسان، كان مؤشر الانتشار للظروف الاقتصادية الحالية كئيبًا حيث بلغ 7.9. ثم انتعش المؤشر في الأشهر اللاحقة، بمساعدة حملة غو تو الحكومية لدعم صناعتي السفر والضيافة. أما في أكتوبر/ تشرين الأول، ارتفعت مؤشرات الانتشار إلى 54.5، متجاوزًا الرقم 50 الذي يفصل بين المشاعر الإيجابية والسلبية. لقد قمت بتطوير مؤشر الانتشار الحالي خلال أزمة كورونا من خلال اختيار ردود المستجيبين فقط مع التعليقات حول الوباء. وتأتي مؤشات الانتشار هذه أسفل مثيلاتها عامة، مما يشير إلى أن كورونا كبحت جماح الاقتصاد. وفي بعض الردود، أشار غالبية مراقبي الاقتصاد البالغ عددهم 2050 شخصًا الذين شملهم الاستطلاع إلى كون كورونا عامل ينقل وجهة نظرهم عن الاقتصاد.

تعكس حالات الموجة الثالثة من جائحة كورونا، انخفاض مؤشر الانتشار الحالي بمقدار 8.9 نقاط مقارنة بالشهر السابق في استطلاع نوفمبر/ تشرين الثاني. وانخفاض مؤشر الانتشار للوباء بمقدار 12.9 نقطة أكبر في نوفمبر/ تشرين الثاني، مما يبرز أن المخاوف قد تضاعفت بشأن مسار الوباء.

عودة إلى الوضع الطبيعي في عام 2023

تقلص الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 29.2٪ مقارنة بالربع السابق في أبريل/ نيسان - يونيو/ حزيران 2020، متأثرًا بجائحة كورونا، عندما تم إعلان حالة الطوارئ على مستوى البلاد للحد من انتشار الوباء. ثم انتعش الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد، حيث ارتفع بنسبة 22.9٪ على أساس سنوي في الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول 2020. وورد في مسح للتنبؤات المستقبلية للاقتصاد الياباني لشهر ديسمبر/ كانون الأول 2020 الصادرة عن مركز اليابان للأبحاث الاقتصادية، والتي تقيس متوسط ​​توقعات اقتصاديي القطاع الخاص، أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي قدره 3.4 مقارنة بالربع السابق في أكتوبر/ تشرين الأول - ديسمبر/ كانون الأول 2020 والتوجه بمعدل سنوي يتراوح من 1٪ إلى 2٪ بين يناير/ كانون الثاني - مارس/ آذار حتى نفس الفترة من عام 2022.

وبعد زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا، كان هناك نشاط اقتصادي مقيد في النصف الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول. وعلاوة على ذلك، تم تعليق حملة غو تو في جميع أنحاء البلاد من 28 ديسمبر/ كانون الأول إلى 11 يناير/ كانون الثاني، وهو إجراء لتقليل العبء على نظام الرعاية الصحية خلال نهاية العام. ونتيجة لذلك، من الممكن الآن أن يكون الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من متوسط ​​توقعات ESP للفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار 2021. وكان متوسط ​​أدنى 8 توقعات انخفاضًا سنويًا بنسبة 0.6٪ مقارنة بالربع السابق. وبالتالي، لن يكون من المفاجئ أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا سلبيًا بشكل مؤقت.

وفي الإصدار الخاص لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني من التنبؤات المستقبلية للاقتصاد الياباني، أشار جميع الاقتصاديين تقريبًا إلى أن موقف حالات الإصابة بفيروس كورونا يمثل أكبر خطر على الاقتصاد الياباني، متجاوزًا تدهور الاقتصاد الأمريكي في المرتبة الثانية.

وبلغ متوسط ​​توقعات نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في التنبؤات المستقبلية للاقتصاد الياباني لشهر ديسمبر/ كانون الأول 3.4٪ للسنة المالية 2021 (التي تنتهي في 31 مارس/ آذار 2022). وبلغ متوسط ​​أعلى 8 توقعات 4.1٪ وكان المتوسط ​​للتوقعات الثمانية الأكثر انخفاضًا 2.8٪. وبالتالي، ومن المتوقع أن ينتعش إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2021 من توقعات تبلغ -5.4٪ للسنة المالية 2020.

وتضمنت التنبؤات المستقبلية للاقتصاد الياباني مؤشر انتشار مركب عن ظروف العمل يعبر عن رأي إجماع خبراء التوقعات الاقتصادية. وهذا المؤشر هو 90.0 لشهر أكتوبر/ تشرين الأول - ديسمبر/ كانون الأول 2020، وهو أعلى بكثير من الخط الفاصل البالغ 50 بين اقتصاد آخذ في التوسع والانكماش. يتجه مؤشر الانتشار المركب بعد ذلك في السبعينيات والثمانينيات حتى يوليو/ تموز - سبتمبر/ أيلول 2022، مرة أخرى أعلى بكثير من 50، بينما ينخفض مؤقتًا إلى 72.9 في يناير/ كانون الثاني - مارس/ آذار 2021 وفي أكتوبر/ تشرين الأول - ديسمبر/ كانون الأول 2021، مباشرة بعد الألعاب الأولمبية والبارالمبية. وتوافقت آراء الرأي الاقتصاديين على أن التوسع التدريجي سيستمر مع بعض التباين، مع احتمال أن يكون مايو/ أيار 2020 هو الأكثر انخفاضًا في تلك الدورة.

توارد البيانات المتفائلة

في حين أنه من المتوقع أن يستمر الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في النمو حتى الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار 2022 في متوسط التوقعات، فمن غير المرجح أن يعود إلى مستواه قبل الوباء حتى عام 2023.

إن التوقعات بالانتعاش التدريجي تدعم تحسن النشاط الاقتصادي، مثل انتعاش الصادرات والنمو المستدام للإنتاج. وتنعكس هذه التطورات في تقرير تانكان (المسح الاقتصادي قصير الأجل للمؤسسات)، الصادر عن بنك اليابان في ديسمبر/ كانون الأول حيث كان تقييم كبار المصنعين لظروف العمل (النسبة المئوية للمؤسسات التي تستجيب ”مواتية“ مطروحًا منها النسبة المئوية ”غير المواتية“) -10، بمثابة تحسن بمقدار 17 نقطة عن -27 الواردة في تقرير سبتمبر/ أيلول.

ويشير عدد غير قليل من الأرقام الاقتصادية إلى أن المعنويات التجارية ثابتة. في حين أن مؤشر الانتشار الحالي في استطلاع مراقبي الاقتصاد لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني، والذي يمثل المعنويات الحالية لاتجاه الاقتصاد، قد ساء مقارنة بالشهر السابق، فإن مؤشر الانتشار الحالي لنشاط الشركات قد تحول إلى الأعلى.

أما في تقرير تانكان لشهر ديسمبر/ كانون الأول، تتوقع جميع الشركات والصناعات أن تنخفض خطط الإنفاق الرأسمالي بنسبة 3.9٪ مقارنة بالعام السابق في السنة المالية 2020، وهو تعديل هبوطي من الانخفاض الوارد بنسبة 2.7٪ في تقرير تانكان لشهر سبتمبر/ أيلول.

ومع ذلك، فإن معدل انتشار القدرة الإنتاجية (المفرطة ناقص النسبة غير الكافية) لا تشير إلى تزايد الشعور بأن الطاقة مفرطة. ويجب أن يكون واضحًا أن المراجعة التنازلية لخطط الإنفاق الرأسمالي لا تنشأ عن مخاوف بشأن السعة الزائدة ولكن من زيادة حالات كورونا.

لا تزال ظروف العمل صعبة، كما يتضح من تدهور معدل البطالة وإحصاءات أخرى. ومع ذلك، فإن ظروف مؤشر انتشار التوظيف (المفرطة ناقص النسبة غير الكافية) لا تشير إلى الشعور المتزايد بأن ظروف العمل مفرطة سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل.

ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لمؤشر انتشار مستوى مخزون السلع والبضائع التامة الصنع للمصنعين ومؤشر انتشار مستوى مخزون تجار الجملة (المفرطة ناقص النسبة غير الكافية).

إن حقيقة أن الشركات لا تُظهر قلقًا متزايدًا بشأن زيادة التوظيف والقدرة الإنتاجية والمخزونات هي أخبار جيدة فيما يتعلق بدورة الأعمال.

السياسات واللقاحات مصدر للآمال

مع سعي الحكومة لخفض رسوم الهاتف المحمول، لا تواجه اليابان موقفًا قد ترتفع فيه الأسعار، وسيتمكن بنك اليابان من الحفاظ على سياسته النقدية المتساهلة. تظهر التقارير أن بنك اليابان يعتزم توسيع دعمه للمراكز المالية للشركات.

وتجري تدخلات مالية كبيرة. ففي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2020، قررت الحكومة اتخاذ تدابير تحفيزية إضافية بقيمة 73.6 تريليون ين. تتكون هذه التدابير من (1) 6 تريليون ين لتدابير احتواء جائحة كورونا، (2) 51.7 تريليون ين لدعم التغييرات الهيكلية نحو اقتصاد ما بعد كورونا، و (3) 5.9 تريليون ين لتدابير إدارة الكوارث والحد منها وتعزيز المرونة للبنية التحتية للبلاد.

وفي 15 ديسمبر/ كانون الأول، اعتمدت الحكومة ميزانية تكميلية ثالثة لعام 2020 بنفقات إضافية قدرها 21.8 تريليون ين في الحساب العام. تشمل هذه الميزانية الإنفاق على تدابير التحفيز ودعم ضريبة التخصيص المحلية.

كما بدأ التلقيح بلقاحات كورونا في بريطانيا والولايات المتحدة، بطريقة واعدة لتضيء في نهاية نفق الوباء. ولكن لا يزال الوضع في اليابان خطيرًا، حيث تم الإبلاغ عن حالات يومية جديدة في طوكيو متجاوزة حاجز الألف إصابة لأول مرة في ليلة رأس السنة الجديدة، وسجلت الأرقام الإجمالية الوطنية أرقامًا قياسية جديدة كل يوم تقريبًا. ويهدد كذلك إعلان حالة الطوارئ الجديدة في طوكيو وثلاث محافظات محيطة بها بتدهور الاقتصاد مؤقتًا مرة أخرى، لكن ليس لدينا خيار سوى استدعاء حكمتنا للتوصل إلى تدابير دعم ستخرجنا من الأزمة. وكما يقول المثل، ”ضافت فلما استحكمت حلقاتها فرجت“، وهكذا يستدعي الأمر منا زيادة الحذر حتى نتمكن من تحقيق تطعيم واسع النطاق ضد فيروس كورونا. ومع بدء التطعيمات وتطوير علاجات كورونا في عام 2021، من المنطقي الاعتقاد بأن الوباء سيبدأ في التراجع حتى ينحصر في النهاية.

ربما لن يكون كانجي العام الذي تم اختياره في ديسمبر/ كانون الأول 2021 مرتبطًا بكورونا، ولكنه سيكون مبهجًا مثل كين (الذهب) أو كاغاياكو (التوهج) أو يو (إيجابي) استنادًا إلى عقد دورة ناجحة، طوكيو للألعاب الأولمبية والبارالمبية.

هذا أملي.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان من بيكستا)

الاقتصاد الشركات اليابانية اقتصاد الحكومة اليابانية