البداية البطيئة لليابان في سباق التطعيم العالمي!

صحة وطب

بينما تمضي البلدان الأخرى قدما في تلقيح مواطنيها، لم تبدأ اليابان بعد، ومن غير المرجح أن يحصل عامة الناس على لقاح كورونا حتى مايو/ أيار أو يونيو/ حزيران. تُعد المخاوف العميقة الجذور بشأن السلامة أحد أسباب التأخير، لكن الافتقار إلى الشركات المحلية القادرة على تطوير لقاح ونظام الموافقة السيئ التنظيم على الأدوية الجديدة من العوامل أيضًا التي أدت إلى ذلك.

قادة العالم في المرتبة الأولى

تتحرك البلدان في جميع أنحاء العالم بسرعة لتلقيح شعوبها، مقتنعة بأن اللقاح هو المفتاح للتغلب على جائحة كورونا وفقًا لموقع على شبكة الإنترنت تم تجميعه بواسطة نيكي وفايننشال تايمز الذي يوضح وضع حملات التلقيح ضد فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، حتى 26 يناير/ كانون الثاني 2021، تصدرت الولايات المتحدة العالم بإجمالي ما يقرب من 22 مليون جرعة لقاح كورونا. بعد أسبوع واحد فقط من بدء حملة التلقيح في الولايات المتحدة في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2020، حصل الرئيس المنتخب جوزيف بايدن علنًا على أول لقاح من جرعتين كجزء من حملة لطمأنة الشعب الأمريكي بشأن المخاوف المتداولة والمتعلقة بسلامة اللقاح.

الدولة الثانية في إجمالي التطعيمات التراكمية حتى 26 يناير/ كانون الثاني 2021 هي الصين، بمعدل 15 مليونًا. تقدم الصين لقاحها الخاص كجزء من جهود ”دبلوماسية اللقاح“ الموجهة لدول جنوب شرق آسيا وأجزاء أخرى من العالم.

في المرتبة الثالثة تأتي بريطانيا، حيث تم إعطاء ما مجموعه أكثر من 7 ملايين لقاح. تم الإعلان عن تلقيح الملكة إليزابيث في 9 يناير/ كانون الثاني 2021.

أخيرًا، تحتل إسرائيل المرتبة الرابعة في التصنيف العالمي، مع ما يقرب من 4 ملايين تلقيح، يتم إجراؤها بوتيرة أسرع بكثير من أي مكان آخر. بتلقيح 42.3 شخص لكل مليون نسمة، تحتل إسرائيل المرتبة الأولى من حيث نسبة السكان الذين تم تلقيحهم. في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2020، كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أول من تم تطعيمه في حملة طموحة لتلقيح أكثر من نصف السكان الإسرائيليين بحلول منتصف مارس/ آذار.

كما أطلقت دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا، إيطاليا، وروسيا، الهند، وإندونيسيا حملات التطعيم بحلول منتصف يناير/ كانون الثاني.

بمجرد الإعلان عن تسلسل جينوم فيروس كورونا الجديد في يناير / كانون الثاني 2020، بدأت شركات الأدوية الكبرى في الولايات المتحدة وبريطانيا على الفور في إنتاج لقاحات للاختبار. استثمرت حكومة الولايات المتحدة 10 مليارات دولار لتسريع التطوير بتقنية جديدة قادرة على تصنيع المادة الجينية بكميات كبيرة في فترة زمنية قصيرة.

تخطط اليابان، من جانبها، حاليًا لاستخدام اللقاحات التي طورتها شركة فايز، وهي شركة أدوية أمريكية كبرى، وشركة مودرنا البريطانية، وشركة أسترازينيكا، وهي شركة مقرها في بريطانيا. تمت الموافقة على جميع اللقاحات الثلاثة في الولايات المتحدة وأوروبا في ديسمبر/ كانون الأول 2020 وهي قيد الاستخدام بالفعل.

يُعتقد أن لقاحي فايزر ومودرنا أكثر فعالية من 90٪، مما يعني أن معدل الإصابة بين مجموعات الاختبار الملقحة أقل بنسبة 90٪ من المعدل بين المجموعات غير الملقحة، مما يقلل بشكل فعال من خطر الإصابة بمعدل العُشر.

بداية اليابان البطيئة

فلماذا تأخرت اليابان في تطعيم شعبها؟ يعطي الدكتور كونيشيما هيرويوكي، الأستاذ في جامعة سانت ماريانا الطبية ومدير مركزها للأمراض المعدية ثلاثة أسباب لذلك.

أولاً، كان اليابانيون تقليديًا حذرين بشأن سلامة وفعالية اللقاحات. في حين أن اللقاحات يمكن أن توفر المناعة أو تقلل من شدة الأمراض المعدية، فقد تكون هناك أيضًا ردود فعل أو آثار جانبية غير مرغوب فيها وضارة.

في حالة لقاحات فيروس كورونا، تتراوح التقارير بين الآثار الجانبية الخفيفة مثل آلام العضلات، الصداع، والشعور بالضيق، إلى صدمة الحساسية، وهي رد فعل تحسسي شديد يسبب انخفاضًا مفاجئًا في ضغط الدم وصعوبات في التنفس.

أقرت معظم الدول بأن المجموعة الكاملة من الآثار الجانبية للقاح فيروس كورونا ما زالت غير معروفة، لكنها سارعت للحصول على الموافقة على اللقاحات على أساس أن منع العدوى من الانتشار أكثر يستحق المخاطرة. ومع ذلك، فإن لقاحا فايزر ومودرنا هما نوع جديد من اللقاح تم تصنيعه باستخدام المعلومات الوراثية المعدلة للفيروس، وكان معظم الأشخاص الخاضعين للتجارب السريرية من العرق القوقازي، مع عدد قليل فقط من الآسيويين.

أصرت اليابان على ضرورة تأكيد السلامة حتى لو كان ذلك يعني أن البلاد ستتخلف عن البلدان الأخرى في تلقيح سكانها، طلبت وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل إجراء تجارب إكلينيكية محلية قبل الموافقة على أي لقاحات لفيروس كورونا للاستخدام في اليابان. ونتيجة لذلك، بدأت شركة فايزر في إجراء تجارب إكلينيكية على 160 يابانيًا، تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 85 عامًا، بدءًا من أكتوبر/ تشرين الأول، ولم تقدم طلبها للموافقة على تصنيع وبيع لقاحها في اليابان حتى 18 ديسمبر / كانون الأول 2020. ستأخذ وزارة الصحة والعمل الشؤون الاجتماعية بعين الاعتبار البيانات المستمدة من التجارب السريرية التي أجريت في الخارج لتسريع عملية الموافقة على أنواع اللقاحات الثلاثة، ولم يتم منح الموافقة النهائية لشركة فايزر إلا بعد أن أصبحت البيانات من التجارب المحلية متاحة في منتصف يناير/ كانون الثاني.

لا تزال الذكريات حية في اليابان من الغضب الناجم عن تقارير ردود الفعل السلبية للقاح سرطان عنق الرحم الذي تروج له الحكومة والذي أدى إلى رفع دعاوى قضائية ضد الحكومة وشركات الأدوية. يُعتقد أن الخوف من تعرضهم للانتقاد مرة أخرى بسبب عدم كفاية الفحص هو أحد أسباب نهج وزارة الصحة الحذر تجاه لقاحات كورونا.

سأل استطلاع لصحيفة أساهي اليابانية، الذي ورد في إصدارها في 25 يناير/ كانون الثاني، المستجيبين عما سيفعلونه إذا تم توفير اللقاح مجانًا. بينما قال 21٪ أنهم سيحصلون على التطعيم على الفور، قال 70٪ إنهم يفضلون الانتظار، وقال 8٪ إنهم لا يريدون الحصول على التطعيم. يبدو أن اليابانيين متخوفون من اللقاح الجديد كما كانوا من اللقاحات الأخرى في الماضي.

لقاحات أقل للأمراض المعدية

السببان الثاني والثالث اللذان قدمهما الدكتور كونيشيما لتأخر اليابان في تنفيذ برنامج التطعيم هو أن اليابان لديها عدد قليل من شركات الأدوية أو الشركات الناشئة القادرة على تطوير عقاقير ولقاحات للأمراض المعدية والأمراض النادرة الأخرى، وأن نظام الدولة لتنفيذ التجارب السريرية الأدوية الجديدة في المؤسسات الطبية هش وواهية في أحسن الأحوال.

منذ ما يقرب من نصف قرن مضى، كانت أبحاث اللقاحات وإنتاجها قويًا جدًا في اليابان، ولكن الآن هناك عدد أقل من الأطفال المطلوب تطعيمهم بسبب انخفاض معدل المواليد في البلاد، وتضافرت الدعاوى القضائية المتزايدة المتعلقة باللقاحات لإضعاف صناعة اللقاحات اليابانية بشكل كامل. هناك عدد قليل من شركات الأدوية اليوم على استعداد للقيام بتطوير وتصنيع لقاحات للأمراض المعدية التي تظهر فجأة وتميل إلى التلاشي بحلول الوقت الذي يصبح فيه اللقاح جاهزًا للتوزيع.

نتيجة لذلك، يتم استيراد أكثر من نصف اللقاحات المستخدمة حاليًا في اليابان، وهو أمر سيكون كذلك بالنسبة للقاحات كورونا، وكلما كانت اليابان أبطأ في تأمين إمدادات اللقاحات من دول أخرى، كلما زاد التأخير في تلقيح الشعب الياباني.

هذا لا يعني أن لا أحد في اليابان يعمل على تطوير لقاح لفيروس كورونا. وصلت شركةAnGes ، وهي شركة ناشئة، وشركةShionogi and Company ، إحدى شركات الأدوية الكبرى في اليابان، إلى مرحلة التجارب السريرية للقاحات فيروس كورونا، كما تعمل شركة أدوية كبرى أخرى وهي Daiichi Sankyō ، على الإنتاج المحلي للقاح. لكن لا يوجد أي من تلك الشركات جاهزة بعد لدخول مرحلة الإنتاج. ومع ذلك، فإن إطلاق لقاح مطور محليًا سيكون ضروريًا لحماية صحة ورفاهية الشعب الياباني، وستحتاج الحكومة إلى دعم هذه الأنواع من الجهود.

نظرًا لضعف نظام التجارب السريرية في اليابان للقاحات، فمن الضروري جدًا نظرًا للإلحاح الحالي إنشاء نظام فحص مرن وسريع للموافقة واعتماد على الإصدارات الجديدة. مع اقتراب استضافة اليابان لدورة الألعاب الأولمبية في طوكيو هذا العام، أصبح الأمر أكثر إلحاحًا أن تتحرك البلاد على وجه السرعة لإنهاء الوباء. إن السلامة مهمة بالطبع، ولكن لا يزال من الممكن التنازل عن بعض الخطوات في عملية فحص الأدوية الجديدة لبدء برنامج التطعيم في أسرع وقت ممكن.

تم تقديم هذه الحجج نفسها في بيان من خمس نقاط صادر عن أربعة حاصلين يابانيين على جائزة نوبل في الطب - ياماناكا شينيا، أومورا ساتوشي، أوسامي يوشينوري، وهونجو تاسوكو - ردًا على حالة الطوارئ الثانية التي أُعلنت في طوكيو في 8 يناير/ كانون الثاني.

دعا الحائزون على جائزة نوبل الحكومة إلى تقديم دعم أكبر للتعاون بين علوم الحياة والصناعة من شأنه أن يؤدي إلى تطوير اللقاحات والأدوية العلاجية، وحثوا على تسريع عمليات الفحص والموافقة على هذه الحلول مع الحفاظ على الاستقلال والشفافية.

المعركة ضد الفيروسات مستمرة، وبالتأكيد سيكون هناك المزيد من الأوبئة. كشف تأخر اليابان في توفير اللقاحات لشعبها عن العديد من المشكلات التي يجب معالجتها قبل أن يكون هناك لقاحات مأمونة منتجة محليًا تحمل علامة تجارية يابانية.

(النص الأصلية باللغة اليابانية. صورة العنوان: في 21 ديسمبر / كانون الأول 2020، حصل الرئيس المنتخب جوزيف بايدن على أول جرعة تطعيم ضد فيروس كورونا. إي إف بي/ جيجي برس)

الحزب الليبرالي الديمقراطي الطب الطب التجديدي الحكومة اليابانية التكنولوجيا