قراءة في الاستجابة المتخبطة للحكومة اليابانية في مواجهة جائحة كورونا

مجتمع

لعل إحدى السمات الغريبة التي تميزت بها الاستجابة اليابانية لأزمة كورونا هي عدم قدرة الحكومة المركزية على فرض سياساتها المتعلقة بالوباء على المحافظات والمدن حتى أثناء حالة الطوارئ. يقوم تاكيناكا هاروكاتا، المتخصص في علوم السياسة، بفحص هذه الظاهرة بدقة.

منذ أن ضربت جائحة كورونا اليابان، حاولت الحكومة اليابانية تنسيق استجابة وطنية متماسكة لأزمة الصحة العامة هذه، ولكن النتائج جاءت مختلطة. فيما يلي، أقوم برصد استجابة الحكومة للجائحة من يناير/ كانون الثاني 2020 عندما تم الإبلاغ عن الحالات الأولى، حتى 3 مارس/ آذار من هذا العام، عندما أعلن رئيس الوزراء سوغا يوشيهيدي تمديدًا إضافياً لحالة الطوارئ في منطقة طوكيو. بعد وصف موجز للإطار القانوني للعمل الحكومي في مثل هذه الأزمة، أقدم وصفًا زمنيًا للخطوات التي اتخذتها إدارتان متتاليتان، هما إدارة آبي وإدارة سوغا، والعقبات التي واجهتهما على المستوى المحلي بسبب القيود المنهجية التي تقيد صلاحيات رئيس الوزراء في الاستجابة للأزمات ذات الطابع الوبائي.

الحكومة المحلية تتولى زمام المسؤولية

دعونا أولاً نلقي نظرة على السياسيين الذين يضطلعون بدور فاعل في عملية صنع السياسات المتعلقة بمواجهة الأوبئة. على المستوى الوطني، هم رئيس الوزراء ومجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة المكلف بمواجهة تداعيات فيروس كورونا، ثم وزير الصحة والعمل والرفاهية، والعديد من كبار المسؤولين الإداريين الملحقين بوزارة الصحة والعمل والرفاهية ومكتب رئيس الوزراء. تساعدهم، بصفة استشارية، لجنة من الخبراء، واللجنة الفرعية لمكافحة مرض فيروس كورونا الجديد التابعة للمجلس الاستشاري لرئيس الوزراء المعني بالإجراءات المضادة للسلالات الجديدة من الإنفلونزا والأمراض الأخرى (الذي حل محل لجنة خبراء فيروس كورونا المستجد التي تأسست في البداية بموجب قرار الحكومة للاستجابة لفيروس كورونا الجديد). على المستوى المحلي، الفاعلون الرئيسيون هم المحافظون السبعة والأربعون (من المفهوم هنا أن هذا يشمل العاصمة طوكيو) ومراكز الصحة العامة المحلية (التي تعمل تحت مظلة التأمين الصحي) التي تعمل تحت إشرافهم بالإضافة إلى كبرى المدن والأقسام الرئيسية.

تتبنى اليابان نظامًا ”فيدراليًا“ فعليًا للاستجابة للأزمات الناتجة عن الأوبئة.

سلطات الفاعلين السياسيين على المستوى الوطني محدودة. بموجب قانون الأمراض المعدية، يتمتع مجلس الوزراء بصلاحية تحديد الأمراض المعدية التي لم يتم تصنيفها بموجب القانون، وفي 28 يناير/ كانون الثاني 2020، تم إعلان فيروس كورونا”مرضًا معديًا“. (تم إدراجه لاحقًا كمرض من الفئة الثانية في قانون الأمراض المعدية المعدل، الصادر في فبراير/ شباط 2021) بالإضافة إلى ذلك، فإن قانون 2012 بشأن التدابير الخاصة بالإنفلونزا الوبائية والتأهب للأمراض المعدية الجديدة والاستجابة لها (يشار إليه فيما بعد بقانون الإجراءات الخاصة للجائحة) يكلّف مجلس الوزراء ووزارة الصحة بمسؤولية رسم السياسات الأساسية للاستجابة للجائحة مع لجنة الخبراء. كما أن قانون الإجراءات الخاصة للجائحة يسمح لرئيس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ لمواجهة الجائحة. ومع ذلك، كما سأشرح أدناه، فإن صلاحيات رئيس الوزراء محدودة للغاية حتى في ظل إعلان حالة الطوارئ.

من حيث التدابير الملموسة، يضع الإطار القانوني الجزء الأكبر من الاستجابة للجائحة في أيدي حكام المقاطعات ومراكز الصحة العامة الخاضعة لولايتهم. بموجب قانون الأمراض المعدية، يجب على كل حاكم التأكد من أن النظام الصحي الإقليمي مجهز لتوفير رعاية طبية مناسبة للمرضى الداخليين والخارجيين. حكومة المحافظة مسؤولة أيضًا عن مجموعة واسعة من التدابير لاحتواء العدوى، مثل مراقبة المجموعات التي تصاب بالعدوى وإجراء الاختبارات وتتبع الاتصال وإخطار الأفراد الموصى بفحصهم وعلاجهم وإدخالهم للمستشفى وما إلى ذلك. كما أن حكومة المحافظة مسؤولة أيضًا عن إصدار أي طلبات تهدف إلى الحد من تحركات الناس لمنع انتشار الوباء، حيث بإمكانها إصدار طلبات للعامة بالامتناع عن الخروج وللشركات بتقليص حجم أعمالها أو تعليق العمل بالكامل.

من المهم ملاحظة أن مراكز الصحة العامة التي تحت إشراف المحافظ في حالة المحافظات (بما في ذلك طوكيو)، أو التي تحت إشراف رئيس البلدية في حالة المدن والأحياء التي بها مراكز الصحة العامة الخاصة بها، تقوم بتنفيذ معظم المهام المذكورة أعلاه باستثناء توفير النظام الصحي وكذلك إصدار الأوامر التي تهدف إلى تقييد حركة الناس.

لفهم استجابة اليابان المشوشة للجائحة، من المهم ملاحظة أن الحكومة المركزية وحكومات المحافظات وحكومات المدن والأحياء مستقلة عن بعضها البعض فيما يتعلق بمسائل الصحة العامة. من المؤكد أن قانون الإجراءات الخاصة للجائحة يمنح رئيس الوزراء سلطة إعلان حالة الطوارئ في جميع المحافظات أو في أي منها، ووضع سياسة وطنية أساسية، وإصدار التعليمات إلى المحافظات المتضررة حسب الحاجة لتنسيق تنفيذ تلك السياسة. وبالمثل، يسمح قانون الأمراض المعدية لوزير الصحة بإصدار تعليمات للمحافظين ورؤساء البلديات. لكن في النهاية، ثبت أن تنفيذ هذه التعليمات صعب للغاية.

قانون الإجراءات الخاصة للجائحة ليس واضحًا فيما يتعلق بنطاق سلطات رئيس الوزراء في المواقف المختلفة، مما يترك مجالًا كبيرًا للخلاف بين الحكومة المركزية والمحافظات. ولا يتمتع رئيس الوزراء ولا وزير الصحة بأي صلاحيات لإجبار السلطات المحلية المسؤولة عن التنفيذ. في النهاية، الأمر متروك للمحافظين لتقرير ما إذا كانوا سيتبعون تعليمات الحكومة المركزية فيما يتعلق بالوظائف التي يتحملون مسؤوليتها. على نفس المنوال، لا يتمتع المحافظون بسلطة كبيرة لفرض قراراتهم على المدن أو الأحياء الخاصة الواقعة في نطاق سلطاتهم.

السلطة القانونية للحكومات المركزية والمحلية في الاستجابة لجائحة كورونا

تدابير احتواء العدوى

  مسموح غير مسموح
الحكومة المركزية
  • تصنيف كورونا على أنه مرض معد
  • صياغة السياسة الوطنية
  • إعلان حالة الطوارئ
  • تخصيص الأموال العامة
  • توجيه المحافظين ومراكز الصحة العامة
  • الإشراف المباشر على الاختبار
المحافظون
  • منع المشتبه في إصابتهم من الحضور للعمل
  • مطالبة الشركات بتعليق عملياتها أو تقليصها، فرض غرامات على عدم الامتثال (بموجب قانون الأمراض المعدية، فبراير/ شباط 2021)
  • الكشف عن أسماء الشركات غير الممتثلة
  • الإشراف المباشر على مراكز الصحة العامة
  • الإشراف المباشر على الاختبار
  • أمر الشركات بتعليق عملياتها
المحافظون ورؤساء البلديات الذين يشرفون على مراكز الصحة العامة الإقليمية
  • مطالبة الناس بالامتثال لتدابير احتواء العدوى
  • إجراء الاختبارات
  • إجبار المشتبه في إصابتهم على دخول المستشفى
  • إجراء المسحات الوبائية
  • إجبار المشتبه في إصابتهم على إجراء الاختبار أو فرض غرامات في حالة الرفض
  • إجبار المشتبه في إصابتهم أو الذين يعانون من أعراض خفيفة على البقاء في مرافق الإقامة المحددة

النظام الطبي

  مسموح غير مسموح
الحكومة الوطنية
  • تحديد أهداف لتأمين أسرة المستشفيات
  • تخصيص الأموال
  • إنشاء نظام سداد للخدمات الطبية
  • توجيه المحافظين
  • شراء أسرة المستشفيات مباشرة (باستثناء بعض المرافق مثل مستشفيات قوات الدفاع الذاتي)
المحافظون
  • الإشراف على شراء أسرة المستشفيات
  • إنشاء مرافق طبية للطوارئ
  • تأمين استخدام مرافق الإقامة للأشخاص المشتبه في إصابتهم أو الذين يعانون من أعراض خفيفة
  • شراء أسرة المستشفيات مباشرة (باستثناء المستشفيات التابعة للبلديات والمحافظات)

الاستجابة المبكرة لجائحة كورونا

تم الإبلاغ عن أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في اليابان في 15 يناير/ كانون الثاني 2020، لرجل يُعتقد أنه أصيب بالمرض في مركز الوباء ووهان بالصين في 23 يناير/ كانون الثاني، مع انتشار الفيروس التاجي بسرعة في ووهان، أعلنت الحكومة الصينية إغلاق المدينة. في 28 يناير/ كانون الثاني، أكدت السلطات المحلية في اليابان أول حالات الإصابة بفيروس كورونا بين السكان الذين لم يزوروا ووهان.

خلال النصف الثاني من شهر يناير/ كانون الثاني، ركزت الحكومة اليابانية، برئاسة رئيس الوزراء آبي شينزو، جهودها على إعادة المواطنين اليابانيين العالقين في ووهان. في أوائل فبراير/ شباط، استند آبي إلى قانون الحجر الصحي لوضع السفينة السياحية دايموند برنسيس تحت الحجر الصحي في يوكوهاما لاحتواء تفشي فيروس كورونابين الركاب والطاقم.

في النصف الثاني من شهر فبراير/ شباط، ومع تسارع وتيرة تفشي الفيروس في المجتمع، أصدر مجلس الوزراء سياساته الأساسية لمكافحة مرض فيروس كورونا المستجد، واتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات الصارمة التي تهدف إلى احتواء العدوى، بما في ذلك منع جميع أشكال التجمعات الكبيرة والإغلاق المؤقت للمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.

في 9 مارس/ آذار، فرضت الحكومة قيودًا جديدة على المسافرين القادمين لليابان من الصين وكوريا الجنوبية، وفي 13 مارس/ آذار، أقر البرلمان تشريعًا بتعديل قانون الإجراءات الخاصة للجائحة. في 24 من نفس الشهر، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية واللجنة المنظمة لألعاب طوكيو 2020 عن تأجيل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2020 لمدة عام.

حالة الطوارئ

في أعقاب القيود المفروضة في فبراير/ شباط وأوائل مارس/ آذار، بدا الوباء تحت السيطرة إلى حد ما داخل اليابان. مع تبدد الشعور السابق بالأزمة، انتعشت حركة الناس. لكن بحلول نهاية فبراير/ شباط، انتشر الفيروس بسرعة في جميع أنحاء أوروبا فاضطر المواطنون اليابانيون للعودة إلى اليابان حاملين معهم الفيروس. وبسبب عدم وجود قيود حدودية مناسبة وسريعة من قبل الحكومة اليابانية، إلى جانب انتعاش الحركة داخل اليابان، انتشر الفيروس على نطاق واسع. بحلول أواخر مارس/ آذار، كان عدد الإصابات اليومية الجديدة في ارتفاع حاد وكان رئيس الوزراء آبي يتعرض لضغوط متزايدة لإعلان حالة الطوارئ.

أُجبر آبي على اتخاذ إجراءات في أوائل أبريل/نيسان حيث بات تفشي المرض يهدد بانهيار أنظمة الرعاية الصحية المحلية. في 7 أبريل/نيسان، أعلن حالة الطوارئ في المحافظات الأكثر تضررًا، وفي 16 أبريل/نيسان أعلن تمديد حالة الطوارئ لتشمل باقي أنحاء البلاد. بحلول منتصف مايو/أيار، بدأ منحنى الإصابات في الهبوط مرة أخرى، فتم إلغاء حالة الطوارئ في غالبية المحافظات في 14 مايو/أيار وفي باقي أنحاء البلاد في 25 مايو/أيار.

عادت الإصابات لترتفع مرة أخرى في يونيو/حزيران 2020، لكن هذه المرة، بدلاً من إعلان حالة الطوارئ، تركت الحكومة المركزية للمحافظين اتخاذ القرارات المناسبة لاحتواء انتشار الفيروس، وهذه المرة أيضًا، تراجعت أعداد الحالات. في 22 يوليو/تموز أطلقت الحكومة برنامج لتنشيط السياحة الداخلية تحت مسمى Go To Travel، وهو برنامج يقدم خصومات مدعومة للترويج للسياحة الداخلية والاستهلاك (في البداية تم استبعاد طوكيو من البرنامج لارتفاع أعداد الإصابات بها). في 28 أغسطس/آب، أعلن آبي استقالته مرجعاً السبب إلى مشاكل صحية مزمنة، وخلفه في منصب رئيس الوزراء سوغا يوشيهيدي في 16 سبتمبر/أيلول.

إشارات مختلطة

كان رئيس الوزراء سوغا، أحد المروجين الرئيسيين لحملة Go To Travel التي أطلقتها الإدارة السابقة، حريصًا على استخدام هذا البرنامج لإنعاش الاقتصاد المحتضر. في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، وسّعت حكومته نطاق البرنامج ليشمل العاصمة طوكيو.

تصاعدت الانتقادات الموجهة إلى حملة Go To Travel في النصف الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول، حيث بدأت أعداد الحالات اليومية في الارتفاع مرة أخرى. بحلول منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، كانت المستشفيات في عدد من المحافظات تكافح لمواجهة هذه الموجة من الفيروس. ابتداءً من 20 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي عدة مناسبات حثت اللجنة الفرعية لمكافحة مرض فيروس كورونا المستجد الحكومة على إعادة التفكير في برنامج السفر. لكن سوغا كان لا يريد إيقاف البرنامج، رغم أنه ذهب إلى حد استبعاد مدينتي سابورو وأوساكا.

أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة ماينيتشي شيمبون اليومية في 12 ديسمبر أن التأييد الشعبي لحكومة سوغا قد انخفض إلى 40%، بينما ارتفعت نسبة الرفض إلى 49%. أعرب 67% من المشاركين عن رأيهم بضرورة وقف برنامج السفر Go To Travel، فاستسلم رئيس الوزراء أخيرًا لضغوط الرأي العام وأعلن إنهاء البرنامج بالكامل في 28 ديسمبر.

في 31 ديسمبر/ كانون الأول، تم تسجيل أكثر من 1300 حالة جديدة في طوكيو، ولم يظهر ما يشير إلى أن أعداد الإصابات توشك على التراجع. في 2 يناير/ كانون الثاني، قامت عمدة طوكيو كويكي يوريكو وحكام محافظات كاناغاوا وسايتاما وتشيبا المجاورة، بمناشدة الحكومة المركزية كي تعلن حالة الطوارئ. في 7 يناير/ كانون الثاني، استجاب سوغا وأعلن حالة الطوارئ الثانية للمحافظات الأربع، وفي 13 يناير/ كانون الثاني، قام بتمديد حالة الطوارئ لتشمل سبع محافظات أخرى، بما في ذلك أوساكا وكيوتو وهيوغو.

قبل فترة طويلة، تراجع عدد الحالات الجديدة خارج منطقة طوكيو مما خفف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية الإقليمية. ألغى سوغا حالة الطوارئ في أوساكا وأيتشي وأربع محافظات أخرى في 28 فبراير/شباط، قبل أسبوع واحد من الموعد الذي كان مقرراً لإنهائها. لكن في منطقة العاصمة، كانت الطاقة الاستيعابية للمستشفيات تعاني ضغطاً شديداً. في 2 مارس/آذار، ذكرت وسائل الإعلام أن حكام طوكيو والمحافظات الثلاث المجاورة يفكرون في تقديم طلب مشترك من أجل فرض تمديد آخر لحالة الطوارئ. في اليوم التالي 3 مارس / آذار، أشار سوغا إلى أنه سيمدد حالة الطوارئ.

في 3 فبراير/ شباط، أقر البرلمان القانون المنقح للإجراءات الخاصة للجائحة وتشريعات أخرى تخوّل للمحافظين أن يأمروا الشركات بتقليص عدد ساعات العمل أو الإغلاق المؤقت وفرض عقوبات على عدم الامتثال لهذه الإجراءات.

حكام غير خاضعين للحكم

تتمثل إحدى السمات المميزة لاستجابة سياسة اليابان لأزمة كورونافي عدم قدرة الحكومة المركزية بشكل متكرر -في عهد آبي أولاً ثم في عهد سوغا -على تنفيذ سياساتها على النحو الذي ترسمه بسبب القيود التي يفرضها النظام ”الفيدرالي“ على سلطة رئيس الوزراء، ولعل أحد أهم تلك القيود هو علاقة القوة المتوترة والملتبسة بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية.

عندما فرض رئيس الوزراء آبي حالة الطوارئ الأولى في أبريل/نيسان 2020، كان ذلك بغرض تنفيذ إجراءات أكثر صرامة تضمن التباعد الاجتماعي وغيره من الإجراءات لاحتواء الفيروس. دعت النسخة المنقحة من السياسات الأساسية المعتمدة في 7 أبريل / نيسان إلى اتخاذ خطوات ”لتقليل الاتصال بين الناس بنسبة 70% كحد أدنى أو 80% بشكل مثالي“. كانت الخطة الأصلية للحكومة هي أن يقوم المحافظون بدعوة للسكان للبقاء في منازلهم كلما أمكن ذلك لمدة أسبوعين، وفي نهاية هذه الفترة سيعيد الخبراء تقييم الوضع ويقررون ما إذا كان من الضروري مطالبة الشركات بتعليق العمل أو تقليصه، وفي تلك الحالة، يضع المحافظون أجندتهم الخاصة.

منذ البداية، أرادت عمدة طوكيو كويكي التحرك بسرعة لطلب إغلاق الأعمال وتقصير ساعات العمل في الأماكن التي تقدم الطعام والشراب، لكن رئيس الوزراء فضل اتباع نهج أكثر اعتدالاً. إلا أن كويكي تشاجرت مع الحكومة، وأعلنت في 10 أبريل/ نيسان قائمة طويلة من عمليات الإغلاق المبكر وساعات العمل المختصرة اختلفت بشكل طفيف عن خطتها الأصلية، وسرعان ما اتبعت المحافظات الأخرى خطى طوكيو.

لا ينبغي أن يفاجئنا سير الأحداث هذا، ففي كل الأحوال المحافظون هم المخولون قانونًا لاعتماد وتنفيذ التدابير اللازمة لمنع واحتواء انتشار الأمراض المعدية.

للمرة الثانية وجد آبي إدارته في مرمى الانتقادات عندما بدأت أعداد الإصابات في الازدياد في يونيو/ حزيران 2020.

منذ مارس/ آذار والخبراء يحذرون من الإصابات الجماعية التي تحدث في النوادي الليلية والحانات حيث يقوم المضيفون أو المضيفات بالترفيه عن الزبائن. في أوائل يونيو/ حزيران، بدأ حي شينجوكو في طوكيو برنامجًا يهدف إلى اختبار الموظفين والزبائن في منطقة السهر والحياة الليلية كابوكيتشو بالتعاون مع جمعية الأعمال المحلية، وقرر المسؤولون في حي توشيما القيام بنفس الشيء. في أوائل يوليو/ تموز، أعلن نيشيمورا ياسوتوشي، وزير الدولة المسؤول عن الاستجابة للوباء، عن خطة لتعميم هذا النوع من الاختبارات التي تستهدف نطاقاً واسعاً من البشر على الصعيد الوطني. ولكن هذه المبادرة تلاشت في معظم المناطق ولا توجد إلا بعض الحالات القليلة التي تم فيها إجراء تلك الاختبارات واسعة النطاق من قبل أماكن الرعاية الصحية في المدن الكبيرة تحت إشراف رؤساء الأحياء والمدن. بموجب القانون، فإن رؤساء الأحياء والمدن هم فقط من لديهم سلطات إجراء مثل هذا الاختبار في المناطق الحضرية الكبرى بالاعتماد على مراكز الصحة العامة المحلية. لذا فبدون تعاون رؤساء الأحياء والمدن، ليس هناك الكثير مما يمكن للحكومة المركزية إنجازه على مستوى البلاد فيما يتعلق بالاختبارات واسعة النطاق.

ضعف سلطات رئيس الوزراء في مواجهة الجائحة

واجه رئيس الوزراء سوغا مقاومة مماثلة من حكومة مدينة طوكيو في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. مع تزايد أعداد الحالات في منطقة العاصمة، دعا سوغا عمدة طوكيو كويكي إلى إعادة تفعيل الطلب السابق الذي أصدرته حكومة العاصمة لتقليص ساعات العمل في المطاعم والحانات. في البداية اعترضت كويكي، لكن بعد ذلك تراجعت ووافقت على مطالبة الشركات بالإغلاق بحلول الساعة 10 مساءً بدءًا من 28 نوفمبر/ تشرين الثاني. في ديسمبر/ كانون الأول ومع استمرار ارتفاع الإصابات في طوكيو، حث سوغا حكومة العاصمة على تعجيل وقت الإغلاق ليصبح في الساعة 8 مساءً، ولكن دون جدوى.

يمكن القول بالتأكيد أن مطالب سوغا كانت غير متسقة مع دعمه الثابت لبرنامج السفر Go To Travel، الذي لم يتم إيقافه حتى 28 ديسمبر/ كانون الأول. لكن تسلسل الأحداث هذا يرمز إلى حقيقة أن الحكومة المركزية ليس لديها نهج محدد لتنفيذ السياسات الوطنية بشكل مباشر من أجل السيطرة على الجائحة.

منذ التسعينيات، نفذت اليابان العديد من الإصلاحات السياسية والإدارية التي تهدف إلى تعزيز السلطات التنفيذية لرئيس الوزراء. فقد تم تجديد النظام الانتخابي وتنظيم الجهاز الإداري وإصلاح نظام الخدمة المدنية وتعزيز وظائف صنع السياسات في أمانة مجلس الوزراء ومكتب رئيس الوزراء. لكن رغم كل هذا، فإن المدقق في مسار العمليات والقرارات السياسية المتعلقة باستجابة الحكومة لجائحة كوفيد-19، سيدرك على الفور مدى عجز رئيس الوزراء عن قيادة الأمة في مثل هذه الأزمة بسبب سوء توزيع السلطة بين مختلف مستويات الحكومة، بما في ذلك البلديات. يجب أن يكون هذا هو الهدف التالي لإصلاحات الحكومة.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: لافتات رقمية في محطة جي آر شيناغاوا بطوكيو تعرض التغير في عدد الأشخاص الذين يمرون عبر المحطة مقارنة بشهر يناير/ كانون الثاني 2020. جيجي)

الحزب الليبرالي الديمقراطي الطب المجتمع الياباني الحكومة اليابانية