متى وكيف يمكن السيطرة على فيروس كورونا؟

صحة وطب

اجتاح فيروس كورونا العالم أجمع، وأودى بحياة أعداد لا حصر لها، وترك الاقتصاد العالمي في حالة من الفوضى. ولكن حتى مع تنامي خطر متحور دلتا، بدأت اليابان في رؤية بعض الأمل مع تلقي المزيد من الناس للقاحات، مما قد يقلل من انتشار العدوى وشدة أعراضها. وفي هذا الصدد يوضح لنا الصورة عالم المناعة الرائد ِمياساكا ماسايوكي عن كيفية السيطرة على الوباء.

مياساكا ماسايوكي MIYASAKA Masayuki

أستاذ زائر بمركز أبحاث فرونتير لعلوم المناعة، بجامعة أوساكا. ولد مياساكا في محافظة ناغانو عام 1947، وحصل على شهادته في الطب من جامعة كيوتو وعلى درجة الدكتوراه من الجامعة الوطنية الأسترالية. وبعد أن شغل عدة مناصب في قسم طب الباطنة بجامعة كانازاوا الطبية، ومعهد بازل للمناعة، ومعهد طوكيو متروبوليتان للعلوم الطبية، واصل مياساكا أعمال البحث والتدريس في كلية الطب بجامعة أوساكا. ومن مؤلفاته مينئيكيريوكو ووتسويوكو سورو (تقوية المناعة)، كما شارك في تأليف عدة كتب مثل مينئيكي تو ياماي نو كاغاكو (علم المناعة والأمراض).

زيادة أعداد المصابين على الرغم من ارتفاع وتيرة متلقي اللقاح

المحاور: تخضع طوكيو الآن لحالة طوارئ أخرى، حيث أصبح المتحور دلتا، النوع المتغير الجديد من فيروس كورونا أكثر شيوعًا. حدثنا قليلًا عن أبرز خصائصه؟

مِياساكا ماسايوكي: إنه أكثر عدوى بحوالي من 1,8 إلى مرتين أكثر من المتحورات السابقة لفيروس كورونا. وبالنسبة للفيروسات السابقة كنا نعلم أنه عندما يدخل فيروس واحد إلى الخلية، ففي غضون 10 ساعات سيكون هناك 1000 فيروس جديد. وبحسبة بسيطة يمكننا معرفة أنه عندما يتم إطلاق هذه الفيروسات، فإنها يمكن أن تصيب ما يصل إلى 1,000 خلية محيطة. أما مع المتحور دلتا، فيمكن لفيروس واحد إنتاج 2,000 نسخة في نفس العشر ساعات، لذلك يمكنه إصابة 2,000 خلية محيطة. بمعنى آخر، مع المتحور الأصلي، يمكنك رؤية مليون نسخة في 20 ساعة، لكن مع متحور دلتا يصل الأمر إلى 4 ملايين.

قد لا تكون القدرة الإمراضية أو القدرة على التسبب في أمراض خطيرة للفيروسات الفردية قد تغيرت كثيرًا، لكن الأعداد كبيرة للغاية. فمقاومة 2000 مهاجم أصعب بكثير من مقاومة 1000 مهاجم. فهم يشقون طريقهم ويطغون على الجهاز المناعي، الأمر الذي يجعل المرء عرضة للإصابة بأمراض خطيرة.

المحاور: إذن فالأمر يمثل تهديدًا كبيرًا نظرًا لأنه معدٍ بشكل أكبر؟

مِياساكا: نحن نشهد انتشارًا للعدوى بين مجموعات كانت تعتبر آمنة حتى الآن، مثل الأطفال. فالأطفال يتلقون الكثير من اللقاحات منذ سن مبكرة جدًا، لذلك يجب أن تكون أجهزتهم المناعية قوية للغاية، لكن الفيروس الآن ينتشر داخل المدارس في بريطانيا على سبيل المثال. ومن ناحية أخرى، نظرًا لأن الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكثر يحرزون تقدمًا جيدًا في عملية الحصول على لقاحات فيروس كورونا، فإنهم يشهدون إصابات أقل وأعراضًا أقل حدة. لذا، فإن سبب ارتفاع أعداد الإصابات على الرغم من الزيادة في عدد السكان الملقحين ليس أن اللقاح غير فعّال، لكن معدلات الإصابة بين السكان غير الملقحين آخذة في الازدياد.

المحاور: وتيرة تلقي اللقاحات متأخرة بالنسبة للسكان بخلاف كبار السن، وتشهد الشرائح العمرية من الأربعينيات إلى الخمسينيات زيادة في الحالات الخطيرة.

مِياساكا: حتى الأشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من عمرهم، والذين تكون أجهزتهم المناعية أضعف من تلك الخاصة بالشباب، كانوا قادرين على محاربة المتحورات السابقة. إلا أن العدوى المتزايدة لمتحور دلتا تعني أن الفيروس يزداد بشكل كبير في وقت قصير لدرجة أنه ببساطة يطغى على جهاز المناعة. وعلى الرغم من القيود المفروضة على اللقاحات في الوقت الحالي، إلا أنه لا يزال بإمكاننا تغطية الأشخاص في تلك الفئة العمرية باللقاحات الجماعية في أماكن العمل.

السبيل للسيطرة على الفيروس

المحاور: هل اللقاحات الجديدة فعّالة؟

مياساكا: تظهر بيانات من إسرائيل وأماكن أخرى أن اللقاحات لا تساعد فقط في منع عدوى فيروس كورونا، ولكن أيضًا تمنع ظهور المرض، وتمنع التطور لأمراض أكثر خطورة. بمعنى، أنه حاجز ثلاثي يمنع العدوى ويمنع ظهورها ويقلل من حدتها. والأمر يستغرق شهرًا واحدًا على الأقل حتى يسري مفعول اللقاح بالكامل في الجسم. وفي حالة إسرائيل، بدأوا يلاحظون انخفاضًا في الإصابات خلال شهرين، مع انخفاض في الحالات الخطيرة أولاً، ثم انخفاض في إجمالي الإصابات. وأعتقد أنه إذا استمرت طوكيو في تطعيم سكانها، فستشهد نفس النتائج.

المحاور: حالات الطوارئ لم تكن فعّالة بشكل خاص في منع الناس من الخروج، ويبدو أن ذلك أقصى ما يمكن أن تحققه.

مِياساكا: بينما نقوم بتلقيح المزيد من الناس، ستكون هناك حاجة أقل لمثل هذه التغيرات في الأنماط السلوكية. فعلى سبيل المثال، لقد ذهبت لتناول العشاء مع آخرين ممن تلقوا كل جرعات اللقاح، وما استمر في إخبار الناس به مؤخرًا هو أنه إذا كنتم ترغبون في إقامة حفلات نهاية العام، فسارعوا بتلقي كلتا الجرعتين. لذلك، إذا كنا قلقين بشأن الاضطرار إلى الحفاظ على التغييرات السلوكية التي أدت إلى كبح حركة الاقتصاد، فأعتقد أن هناك مجالًا يمكننا من خلاله إحداث تغييرات كبيرة.

المحاور: الحكومة تقول إنها تخطط لتوفير اللقاحات لكل من يريدها خلال العام الحالي. إذا كان بالإمكان تحقيق ذلك، فهل هناك فرصة للسيطرة على الوباء ولو قليلًا؟

مِياساكا: أعتقد ذلك. ومع ذلك، لن نصل أبدًا إلى صفر من الإصابات، وسيستمر الفيروس في الانتشار بين غير الملقحين. فقدرتنا على العودة إلى الحياة الطبيعية تعتمد على تسارع وتيرة اللقاحات. وإذا قمنا بتقليد بريطانيا وأقمنا العروض الكبيرة ونزعنا الكمامات وشرعنا في الاحتفالات، فسنعود قريبًا إلى نقطة الصفر.

وبغض النظر عن مدى انخفاض أعداد الإصابات بين السكان اليابانيين، فإذا دخل الفيروس من الخارج، فسيبدأ في الانتشار مرة أخرى. ولن تنعم اليابان براحة البال ما لم يتم كبح نطاق الوباء على مستوى العالم. وتشير التقديرات الحالية إلى أن عملية الانتهاء من تلقي اللقاحات حول العالم ستستغرق عامين أو ثلاثة أعوام. ويجب أن نكون مستعدين لدخول الفيروس من الخارج خلال تلك الفترة.

ويسألني الناس باستمرار عما إذا كان بإمكانهم التوقف عن ارتداء الكمامة بعد أن يتم تطعيمهم، لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فإذا حصلت على كلتا الجرعتين، فيمكنك أن تطمئن على نفسك. لكننا ما زلنا لا نعرف من الحامل للفيروس في كل الأوقات. ولا يزال بإمكان الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض نشر العدوى، ومع قدوم الأشخاص من الخارج، يمكن أن يصاب الأشخاص غير الملقحين بالعدوى وينشروا الفيروس. وحتى لو تم تطعيم 70 في المائة من سكان اليابان، فإن ذلك سيترك 30 في المائة غير محصنين. ومع معدل إصابة بنسبة 1 في المائة ومعدل وفيات بنسبة 1 في المائة، يمكن أن يفقد 3,600 شخص حياتهم كل عام.

مكونات اللقاح تعتمد على الصين

المحاور: الكميات المتوفرة من لقاح موديرنا كانت أقل مما أشارت إليه الحكومة في البداية، وبدأ الناس في التشكك فيما إذا كنا سنحصل على ما يكفي.

مِياساكا: ستتوفر الكميات المطلوبة من اللقاح في نهاية المطاف، لست قلقًا من ذلك. لكني أتصور أنه ستكون هناك بعض الأوقات التي ستكون فيها الإمدادات غير مستقرة بعض الشيء نظرًا للأوضاع العالمية. إلا أنه من غير المعقول أن تخلف شركتا فايزر وموديرنا بوعودهما فيما يتعلق بإمدادات اليابان هذا العام.

وزير الإصلاح الإداري كونو تارو يعلن وقفًا مؤقتًا لطلبات الحصول على لقاحات جماعية في الشركات والحكومات المحلية بسبب مخاوف تتعلق بالإمدادت. (كيودو)
وزير الإصلاح الإداري كونو تارو يعلن وقفًا مؤقتًا لطلبات الحصول على لقاحات جماعية في الشركات والحكومات المحلية بسبب مخاوف تتعلق بالإمدادت. (كيودو)

ومع ذلك، فإن إحدى المشكلات التي لم يتم الإفصاح عنها والتي تقلقني هي النقص المحتمل في المواد الخام اللازمة لصنع اللقاحات. فلقاحات فيروس كورونا تسمى (mRNA) (إم أر إن إيه) لكنها لا تُصنع في الواقع من الحمض النووي الريبوزي. إنها مصنوعة من الحمض النووي الصبغي (DNA) الذي تم نسخه بواسطة بكتيريا
(E. coli bacteria) (بكتيريا الإشريكية القولونية) المعدلة، والتي يمكن بعد ذلك اعتبارها على أنها (RNA). لذلك، يحتاج المصنعون إلى مواد خام لصنع الحمض النووي، أي البروتينات الأساسية الأربعة. والصين تنتج هذه المواد الخام بتكلفة زهيدة للغاية، ولكن إذا انقطعت الإمدادات لسبب ما، فسيكون إنتاج اللقاحات العالمي في مشكلة خطيرة. وفي مرحلة ما، كان هناك نقصًا في الكواشف الكيميائية (المواد الكيميائية التي تضاف في الاختبار لإحداث التفاعل الكيميائي) لاختبارات (PCR) على وجه التحديد لأنها تعتمد على المواد الخام الصينية.

المحاور: إذن، يبدو أن اليابان تحتاج أيضًا إلى أن تكون قادرة على إنتاج مواد اللقاح الخام الخاصة بها.

مِياساكا: تمامًا كما هو الحال مع الكمامات، إذا كنا نعتمد على مصادر أجنبية، فسوف نواجه مشكلة بالتأكيد. ولكن لحسن الحظ، لا تصنع اليابان لقاحات (mRNA) فحسب، بل تصنع أيضًا مجموعة متنوعة من اللقاحات الأخرى، بما في ذلك غير المستخدمة. وإذا حدث عجز في توفير مادة خام واحدة، فلن يكون اللقاح متوفر، لذلك من المهم أن تكون قادرًا على توفير اللقاحات الخاصة بك في مجموعة متنوعة من الأشكال.

عام من المناعة

المحاور: ما هي مدة فاعلية جرعتي اللقاح؟

مِياساكا: أعتقد أنه يمكننا أن نتوقع أن تستمر فاعلية اللقاح الكامل الجرعات لمدة عام. ولدى شركتي فايرز وموديرنا ثمانية أشهر من بيانات المراقبة التي تُظهر أن جرعتين من اللقاح يمكن أن تزيد من الأجسام المضادة المستعدلة لتثبيط العدوى الفيروسية بمئات، بل حتى أكثر من ألف مرة. وحتى أربعين مرة على الأقل تقدم استجابة قوية مضادة للفيروسات. وعيار الجسم المضاد، وهو مقياس لتركيز الجسم المضاد، ينخفض بمرور الوقت، ولكن حتى بعد أكثر من مائتي يوم، فإنه ينخفض فقط من 10 إلى 20 بالمائة. وبالنظر إلى منحنى التضاؤل هذا، يجب أن يستمر مستوى معين من المناعة لأكثر من عام. فالخلايا اللمفاوية التائية، التي تساعد الخلايا الليمفاوية البائية على إنتاج الأجسام المضادة، تظل نشطة أيضًا لمدة عام.

المحاور: بدأت شركة فايزر في الحديث عن الحاجة إلى جرعة ثالثة.

مِياساكا: ما تدعيه فايرز هو أن الجرعة الثالثة ستجعل الأجسام المضادة المستعدلة أعلى بخمس إلى عشر مرات من الأجسام المضادة التي تظهر مباشرة بعد الجرعة الثانية، وبالتالي يجب أن تكون قادرة على مقاومة المتغيرات الجديدة بشكل أفضل. وهو أمر ليس بالسيء، لكنه سيعني أيضًا أن الآثار الجانبية ستكون أقوى بكثير. إضافة إلى أن تحييد الأجسام المضادة ليست وسيلة الجسم الوحيدة لمقاومة الفيروس.

المحاور: هل سنحتاج إلى أخذ اللقاح سنويًا؟

مِياساكا: إذا استمر مفعول اللقاحات لمدة عامين بدلاً من عام واحد، فعلينا أن نحصل على جرعات معززة مرة كل سنتين أو ثلاث سنوات. وإذا استمر المفعول أربع أو خمس سنوات، فستكون جرعة معززة واحدة كافية كل خمس سنوات ، كما هو الحال مع لقاح الالتهاب الرئوي. الأمر الذي سيؤدي بالتالي إلى تقليل الضغط الواقع على المجتمع بشكل كبير. وأعتقد أن هذه اللقاحات في نهاية المطاف ستكون شيءٌ من هذا القبيل.

التأثير الأولمبي

المحاور: أولمبياد طوكيو الآن تقع على عاتقنا، وليست المسألة تتعلق فقط بمشكلات الحجر الصحي، ولكن ظهرت مشكلات أخرى، مثل سائقي الحافلات الذين ينقلون الرياضيين إلى أماكن إقامة الفاعليات دون تلقي جرعات اللقاح. على إثر ذلك، هل هناك خطر من انتشار العدوى في أنحاء المدينة؟

مِياساكا: هناك تخوف مفهوم من عواقب ذلك، لكن سرعان ما سيهدأ الوضع إلى حد ما. إنه أمر غير مقبول على الإطلاق عدم حصول العاملين الأساسيين المرتبطين بالألعاب على اللقاح، كالعاملين بالفنادق على سبيل المثال. وأتصور أن هذا وحده سيسبب بعض الانتشار، لكن المشكلة الحقيقية هي أن اليابان ببساطة ليس لديها تدابير حجر صحي كافية. وحتى قبل بدء الألعاب الأولمبية، كانت هناك العشرات من الحالات التي جاء فيها أشخاص من الخارج وتجاوزوا الحجر الصحي، لذا فإن المخاوف تمتد إلى ما هو أبعد من الألعاب الأولمبية وحدها. وإذا كان المسؤولون قلقين حقًا، كان ينبغي عليهم التفكير أولًا في كيفية جعل الحجر الصحي أكثر فعالية.

فمنذ اكتشاف متحور دلتا لأول مرة في الهند، عمل المسؤولون بجدية لمنع دخول القادمين من هذا الجزء من العالم، لكنه انتشر بالفعل في جميع الأرجاء. ويركز مفتشو المطار على اختبارات المستضد و (PCR)، لكن الاختبارات لا تكشف سوى 70 بالمائة من الحالات الإيجابية، لذلك يمر 30 بالمائة إلى داخل البلاد. والطريقة الوحيدة لتحري الدقة هي إجراء اختبارات متكررة في فترات زمنية قصيرة.

 مطار ناريتا في ذروة تدفق الرياضيين الأولمبيين. (جيجي برس).
مطار ناريتا في ذروة تدفق الرياضيين الأولمبيين. (جيجي برس).

المحاور: مع توافد الأشخاص الذين يجلبون جميع أنواع المتحورات من جميع أنحاء العالم، ألا توجد فرصة لظهور نوع جديد يحمل من كل متحور جزء، ”كوكتيل الفيروسات“ إذا جاز التعبير؟

مِياساكا: أعتقد أن هذا غير مرجح بالمرة. فهذا الفيروس يختلف عن فيروس الأنفلونزا في متحوراته المختلفة وعدم اختلاطها. والأمر كان في حالة الإنفلونزا أن تحورت أنفلونزا الخنازير وانتقلت إلى الطيور، فهُجن فيروس الخنازير مع فيروس الطيور، مما أدى إلى حدوث طفرة هائلة. أما على الصعيد الآخر فقد ظهر أكثر من 10,000 نوع مختلف من فيروس كورونا، لكنها ليست خيميرات (نوع يحتوي على مزيج من المعلومات الجينية المختلفة)، بل هي سلالات فريدة ظهرت في بلدان مختلفة حيث كانت العدوى متفشية بشكل كبير.

ومن النادر جدًا أن تصيب أنواع متعددة شخصًا واحدًا، وعندما ينتشر فيروس واحد، فإنه يولد إنترفيرونات (بروتينات الإشارة) تقاوم الفيروسات الأخرى، مما يجعل من الصعب إصابة فيروسات متعددة في آن واحد. وعلى حد علمي، لا توجد حالات تقريبًا لفرد واحد مصاب بمتحورات متعددة.

المحاور: ما مدى خطورة الألعاب الأولمبية، حقاً؟

مِياساكا: كنت في الأصل قلقًا للغاية بشأن الألعاب الأولمبية، لكنني أشعر بالارتياح لأن المسؤولين قرروا عدم السماح للجماهير بالحضور. وكذلك إنه أمرٌ جيد للغاية أنهم حاولوا جاهدين تطعيم المجموعات الرياضية. وأعتقد أنه سيكون هناك مستوى معين من الانتشار، لكن لن ينبغي أن يكون على نطاق كبير، ولن ينتهي الأمر بالناس في إعادة إدخال الفيروس إلى بلدانهم الأصلية.

مصدر الوباء هو تغير المناخ

المحاور: البعض كان يقول إن تدمير البيئة هو مصدر الأوبئة.

مِياساكا: أكبر مصدر هو تدمير الإنسان للبيئة الطبيعية، أي إزالة الغابات. والإيدز هو أحد الأمثلة، حيث فيروس تم العثور عليه في القردة ينتقل إلى البشر ويتحور. ونجد أن الأمراض المعدية التي تنشأ في إفريقيا، مثل الإيبولا، مرتبط بإزالة الغابات.

المحاور: هل هذا بسبب زيادة الاتصال بين الإنسان والحيوانات؟

مِياساكا: هذا صحيح. فقد ساهم الاحتباس الحراري أيضًا في هذه المشكلة، مما سهل انتشار العدوى. ومع ذلك، هناك شيء واحد أرغب في توضيحه للناس وهو أنه على الرغم من أن البكتيريا يمكن أن تنتشر في أي عدد من الأماكن الحارة والرطبة، إلا أن الفيروسات يمكن أن تتكاثر داخل الخلية فقط. وعليه فإن الاحتباس الحراري لن يؤثر على العدوى الفيروسية بقدر ما يؤثر على الأمراض البكتيرية.

المحاور: أين وكيف سيظهر الفيروس التالي برأيك؟

مِياساكا: قبل حوالي عامين من ظهور فيروس كورونا، توقع باحث أمريكي بأن هناك وباء ما سيحدث لا محالة. وذكرت التنبؤات أنه سيكون بسبب فيروس RNA (حمض نووي ريبوزي) بسبب ارتفاع معدلات العدوى، وانخفاض الفوعة (مقدار حدة الفيروس)، والقدرة العالية على التحور. وهذا ما حدث بالفعل. فهذه الأمراض لا تسبب أعراضًا خطيرة في البداية، لذلك يبقى الشخص المصاب نشيطًا وينشر المرض، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الوباء. ومع تحور الفيروس، يكافح الجهاز المناعي لمواكبة ذلك، وتستمر العدوى في الانتشار بشكل أكبر. وأريد أن أقول بأنه قد نسيطر على هذا الوباء في غضون عامين أو ثلاثة، ولكن من المرجح أن يكون الوباء القادم هو فيروس آخر من فيروسات الحمض النووي الريبوزي.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية في العشرين من يوليو/ تموز 2021، والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: مواطنون يتلقون جرعات اللقاح في أحد المراكز الكبرى المخصصة للقاحات فيروس كورونا في محافظة أوساكا. كيودو)

الطب الطب التجديدي الصحة النفسية الصحة