عرض سابورو لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2030: تحديات وعقبات وسط بعد فضائح أولمبياد طوكيو

رياضة

برز في السنوات الأخيرة مصطلح ”الغسيل الرياضي“ في إشارة إلى المدن والدول التي تستضيف الفعاليات الكبرى مثل كأس العالم لكرة القدم أو الألعاب الأولمبية للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان والفساد وقضايا أخرى. وحاليًا تسعى مدينة سابورو إلى طلب استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2030، ومن المتوقع اتخاذ القرار في وقت لاحق من هذا العام. تُرى كيف ستؤثر رياح الرأي العام السلبية على هذا العرض؟

تنظيف السمعة الملطخة

في كتابه المعنون بـ (NOlympians: Inside the Fight Against Capitalist Mega-Sports in Los Angeles, Tokyo, and Beyond) ”لا للأولمبياد: المعركة ضد الرياضات الكبرى الرأسمالية في لوس أنجلوس وطوكيو وما بعدها“، صرح جول بويكوف بالبيان التالي:

”لقد أظهر التاريخ أن الألعاب الأولمبية تخلق فرص ممتازة للمضيفين للانخراط في الغسيل الرياضي: باستخدام الفعاليات الرياضية لتنظيف سمعتهم الملطخة وإلهاء الجمهور المحلي عن المشاكل المزمنة. وبوجود مضيفين استبداديين، يمكن للألعاب أن تصرف الانتباه العالمي عن سجلهم المروع في مجال حقوق الإنسان“.

فعلى سبيل المثال، يستشهد بويكوف بالألعاب الأولمبية التي أقيمت في روسيا والصين. ومع ذلك، فإن تصريحه لا ينطبق فقط على الديكتاتوريات الشمولية. ففي الوقت الحاضر، تجد الدول المضيفة في كل مكان نفسها محاصرة بالانتقادات، وسط تزايد انعدام الثقة في أولئك الذين يسعون لاستضافة الأولمبياد وكأس العالم. وطوكيو 2020 لم تكن استثناء. فعلى الرغم من إبراز نفسها كرمز لتعافي اليابان من زلزال وتسونامي 2011، شرعت هذه الألعاب في التستر على العديد من المشاكل التي يواجهها سكان المناطق المنكوبة. كما أجبرت الحكومة الفعاليات على المضي قدمًا في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن جائحة فيروس كورونا. بما في ذلك تكاليف البنية التحتية، حيث تضخمت الفاتورة الإجمالية للألعاب إلى أكثر من ثلاثة تريليونات ين، وبعد انتهاء الألعاب، بدأت تظهرعلى السطح قضايا متعلقة بالفساد والتواطؤ المتعلق بحقوق الرعاية. وتزايدت الانتقادات الموجهة لألعاب طوكيو الأولمبية والبارالمبية.

عرض مدينة سابورو لا يمكنه تبييض فضيحة طوكيو

في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أصدرت حكومة مدينة سابورو اقتراحًا أولمبيًا منقحًا. وذلك في أعقاب مراجعة سابقة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، حيث تضمن الاقتراح المُعاد مراجعته العنوان ”نحو منظمة أكثر شفافية وعادلة“. ويحتوي الاقتراح على إعلان تم التوقيع عليه من قبل عمدة مدينة سابورو أكيموتو كاتسوهيرو و ياماشيتا ياسوهيرو، رئيس اللجنة الأولمبية اليابانية، وينص على:

”لقد نمى إلى علمنا أن مديرًا سابقًا للَّجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو 2020 قد تم اعتقاله للاشتباه في تلقيه رشاوى. وحيث أنها مسألة تهم اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو 2020 ولا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالعرض الحالي، إلا أنه يجب على المشاركين منا أن يعوا تمامًا أن القضية قد أضرت بشكل كبير بالصورة العامة للألعاب الأولمبية والبارالمبية“.

ومع ذلك، لا يسع المرء إلا أن يندهش من الإشارة إلى أن الادعاءات ”لا ترتبط بشكل مباشر بالعطاء الحالي“. فإذا كان منظمو سابورو يقولون أنهم سيراجعون دور وكالات الإعلان في أنشطة التسويق، بالإضافة إلى عمليات صنع القرار التي تستخدمها اللجنة المنظمة، وإذا كان من المقرر إقامة أولمبياد أخرى في اليابان، فلا يمكن إلا أن تكون مزاعم الرشوة مرتبطة بشكل مباشر. ولا يوجد دليل على أن المنظمين بذلوا جهدًا حقيقيًا لمواجهة جذور القضية. وفي الواقع تبدو اللجنة الأولمبية اليابانية وكأنها تنحني للوراء لمحاولة التخلص من المشكلة، عوضًا عن محاولة إجراء مراجعة مستقلة. ومن المستحيل التخلص من المصالح المنوطة بالألعاب وثقافة الاحتيال التي خلقتها دون مواجهة الجانب المظلم للنزعة التجارية التي تحيط بالألعاب الأولمبية. ويقع على عاتق اللجنة الأولمبية اليابانية مسؤولية كبيرة لإعادة الحركة الأولمبية إلى ما كان من المفترض أن تكون عليه.

المقترحات الأولمبية تواجه تدقيقاً متزايداً

أدت مراجعة اقتراح سابورو عن كشف مشاكل جديدة أيضًا تلوح في الأفق. وبالتحديد، ما أثاره الاتحاد الياباني للتزلج بشأن الأمور المتعلقة بالأماكن المقترحة لفعاليات التزلج على الجليد والتزلج السريع. فالموقع المقترح للتزلج على الجليد، هو صالة قبة مدينة سابورو (المعروفة أيضًا باسم ”تسودومى“)، والتي تقع في الحي الشرقي لسابورو، بالقرب من مطار سابورو أوكاداما، والذي يخدم في الغالب الرحلات الجوية داخل هوكايدو، ويقول الاتحاد الياباني للتزلج إن ضوضاء المطار يمكن أن تشوش على المنافسات.

وفي الوقت نفسه، فإن الموقع المقترح لمنافسات التزلج السريع هو حلبة مدينة أوبيهيرو المغلقة للتزلج السريع (صالة ميجي هوكايدو توكاتشي)، والتي تتسع لـ 2,255 شخصًا فقط، بما في ذلك المتفرجين في المدرجات المؤقتة. وبالمقارنة، كانت صالة إم-ويف المستخدمة في دورة الألعاب الشتوية لعام 1998 في مدينة ناغانو تبلغ سعتها 6,500، الأمر الذي يثير القلق من أن مدينة سابورو قد تواجه نقصًا كبيرًا في المقاعد لهذه الفعاليات.

وفي دورة طوكيو كذلك، تم إجراء تغييرات كبيرة على الاقتراح بعد اختيار المدينة كمضيف، بما في ذلك التغييرات في مواقع متعددة من ضمنها مسار الماراثون. وفي أحد المؤتمرات الصُحفية التي عُقدت، قال عمدة مدينة سابورو أكيموتو:

”إنني أدرك أن التغييرات المختلفة التي أجرتها مدينة طوكيو بعد اختيارها كمنظم للأولمبياد تم الاستشهاد بها كواحدة من ضمن عدة مشاكل. ويجب الانتهاء من جميع الترتيبات في مرحلة تقديم العطاءات لضمان عدم تغيير الأماكن لاحقًا“.

وقد زادت ميزانية الاقتراح المنقح بمقدار 17 مليار ين من تلك المعلنة في نوفمبر/ تشرين الثاني، لتصل ما بين 297 مليار ين إلى 317 مليار ين، بسبب التضخم وتقلبات العملة، حيث تزداد تكلفة مواد البناء بينما يضعف الين. وتم حساب ميزانية الاقتراح السابق بافتراض سعر صرف قدره 109 ين للدولار الأمريكي، بينما تم حساب الميزانية الأخيرة بمعدل 135 ينًا للدولار الأمريكي. وهناك احتمالات كبيرة بأن هذه الأرقام يمكن أن تتغير مرة أخرى في المستقبل.

كذلك كون حقيقة أن المنظمين قد أعلنوا أن القطاع الخاص سيغطي جميع التكاليف أمر مثير للقلق. فكم سيكون عدد الرعاة الذين سيضعون علاماتهم التجارية في الألعاب في وقت لا يوجد فيه سوى قليل من الدعم للأولمبياد؟ وإذا كانت تكلفة استضافة الألعاب - المقدرة بما بين 220 و 240 مليار ين - لا يمكن تغطيتها من الدخل القادم من الرعاة ومبيعات التذاكر، فسيضطر دافعو الضرائب اليابانيون إلى تعويض النقص.

الشعب يقرر

قدمت كلًا من مدينتي فانكوفر بكندا و وسالت ليك سيتي بالولايات المتحدة طلبًا لاستضافة دورة الألعاب الشتوية لعام 2030. إلا أن حكومة مقاطعة كولومبيا البريطانية، حيث تقع مدينة فانكوفر، أعربت عن معارضتها للعرض المقدم، مشيرة إلى أن التكاليف تظهر أن العطاء يتعارض مع أولويات حكومة المقاطعة، التي تريد ”إعطاء الأولوية للمواطنين“. ويواجه عرض سالت ليك سيتي – الذي إذا قُبل، شتشهد الولايات المتحدة الاستضافة الثانية بعد عامين فقط من أولمبياد 2028 في لوس أنجلوس – الكثير من المعارضة في الولايات المتحدة، حيث توجد دعوات متزايدة لتقديم عطاءات لاستضافة ألعاب 2034 عوضًا عن ذلك.

وقد خططت اللجنة الأولمبية الدولية في البداية لوضع اللمسات الأخيرة على المدن المرشحة لأولمبياد 2030 بحلول نهاية عام 2022، على أن تختار رسميًا المرشح الناجح عندما تجتمع في مومباي في مايو/ أيار أو يونيو/ حزيران 2023. إلا أن اللجنة الأولمبية الدولية أرجأت مؤتمر مومباي إلى سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول، قائلة أنه لن يتم اتخاذ أي قرار حتى ذلك الحين. وفي الوقت الذي لم تصرح فيه اللجنة بعد بموعد البت في أمر المدن المرشحة، إلا أنها مسألة يعتمد عليها سباق رئاسة بلدية سابورو العام المقبل.

ويعتقد المراقبون أن أكيموتو العمدة الحالي سيُرشح نفسه قريبًا لولاية ثالثة كرئيس للبلدية، إلا أن تاكانو كاؤرو–أحد الرؤساء السابقين في مكتب حكومة المدينة والذي يعارض استضافة الألعاب – ذكر بالفعل أنه سيرشح نفسه في الانتخابات كمستقل. حيث صرح، في إشارة إلى استعداده لتولي منصب الرئيس الحالي الذي قدم عرض استضافة سابورو للألعاب الأولمبية قائلًا:

”أعتقد أن أكبر مشكلة هي ما إذا كان ينبغي على سابورو تقديم عرض لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2030. سوف أتعامل مع سباق رئاسة البلدية بمثابة استفتاء فعلي حيث يمكن لشعب سابورو التصويت لصالح أو ضد الأولمبياد “.

وعلى كلٍ فإن مسألة ما إذا كانت نتيجة انتخابات البلدية يمكن اعتبارها في حد ذاتها بمثابة تفويض لدعم أو معارضة العرض هي أمر شائك للغاية. وذلك لأن الناخبين يصوتون على أكثر من قضية. وفي الوقت نفسه، ومع انخفاض عدد المدن التي ترغب في استضافة الألعاب، فمن المؤكد أن اللجنة الأولمبية الدولية ستضطر إلى اتخاذ قرار صعب هي الأخرى.

لقد ولى عهد الأيام التي كان يدعم فيها الناس البطولات التي كانت تسعى فقط لتحقيق المنافع من الفعاليات ”الكبرى“ من خلال الاستفادة من الإثارة والحماس اللذين يكنّهما الجمهور للرياضة. وإذا أردنا حشد الرأي العام حول ما إذا كان يجب المضي قدمًا في محاولة مدينة سابورو، فيجب أن نمنح المواطنين فرصة للنظر في مستقبل المدينة والتعبير عن آرائهم حول هذه المسألة. ولهذه الغاية بالتحديد، يجب إجراء استفتاء آخر.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: الحلقات الأولمبية أمام المتحف الأولمبي في سابورو. وفي الخلفية، يوجد ملعب أوكوراياما للقفز التزلجي في حي تشوأو بسابورو. جيجي برس)

طوكيو الرياضة أولمبياد طوكيو