الدروس المستفادة من السقطة المهنية لصحيفة نيكي اليابانية... دعوة للتحلي بالدقة والشفافية في التغطية الصحفية

سياسة

في عددها الصادر في 28 فبراير/ شباط من العام الجاري وعلى مدار أربعة أعداد متتالية، عمدت أكبر صحيفة يومية يابانية متخصصة في الشأن الاقتصادي إلى الطعن في نزاهة وولاء ضباط الجيش التايواني دون الاستناد إلى أي معلومات دقيقة، الأمر الذي عرض الجريدة للكثير من الانتقادات. أحد الخبراء السياسيين اليابانيين المتخصصين في الشأن التايواني يشرح لنا ما حدث، مقدماً تحليلاً موضوعيًا وعميقًا لأبعاد السقطة المهنية التي وقعت فيها الصحيفة.

مع مطلع هذا العام قامت جريدة نيكي ” نيهون كيزاي شيمبون“ والتي تعد أكبر صحيفة يومية يابانية متخصصة في الشأن الاقتصادي بنشر مقال ساخن عن تايوان، وكان الأول ضمن سلسلة من أربعة أجزاء تحمل عنوان ”الوجه المجهول لتايوان“. في هذا المقال شككت الجريدة في ولاء كبار الضباط العسكريين في الجيش التايواني، وهو ما أثار عاصفة من الاستنكار الحاد والانتقادات الشديدة من الجانب التايواني، مما دفع الجريدة في شهر مارس/ آذار لنشر توضيح جاء نصه كالتالي ”نعتذر عن ما سببناه من ارتباك، ونعدكم بأننا سنواصل السعي من أجل نشر تقارير تتحلى بأعلى قدر من الشفافية والنزاهة“.

وفيما يلي سألقي نظرة مستفيضة حول المقال المنشور في جريدة نيكي، والذي يعد مثالاً على انعدام الاحترافية، ودليلاً على وجود نقاط ضعف مشتركة بين معظم وسائل الإعلام اليابانية فيما يتعلق بتغطية وتحليل الأحداث في تايوان.

التحيز في التغطية الإعلامية اليابانية فيما يخص الشأن التايواني

مستنداً إلى تخصصي وخبرتي التي تعود لسنوات طويلة في مجال الدراسة والبحث في السياسة التايوانية، أستطيع الجزم بأن معظم تحليلات جريدة نيكي فيما يتعلق بالشأن التايواني تشترك في ثلاث نقاط مهمة. أولها الميل إلى استخلاص تعميمات شاملة حول الشأن التايواني بالاعتماد على آراء محللين بعينهم. والخطأ الثاني متعلق بتحليل القضايا التايوانية من خلال إثارة موضوع الهوية والاثنية في تايوان بين ما يعرف بـ”وايشنغرين“ وهم السكان الذين هاجروا إلى تايوان خلال الحرب الأهلية في الصين بين عامي 1945-1949، و”بينشنغرين“ وهم السكان الأصليون لتايوان. أما الخطأ الثالث فهو ميل هذه الجريدة إلى النظر إلى تايوان على أنها بلد ليس له مستقبلاً مستقراً أو مميزاً على المدى البعيد.

”ما زلت أحب الصين“ العبارة التي تصدرت الجزء الأول من سلسلة ”تايوان، شيراريزارو سوغاو“ والتي تعني ”الوجه المجهول لتايوان“في العدد الصادر في 28 فبراير/شُبَاط 2023_صحيفة نيهون كيزاي شيمبون.
”ما زلت أحب الصين“ العبارة التي تصدرت الجزء الأول من سلسلة ”تايوان، شيراريزارو سوغاو“ والتي تعني ”الوجه المجهول لتايوان“في العدد الصادر في 28 فبراير/شُبَاط 2023_صحيفة نيهون كيزاي شيمبون.

وقد جاء في هذا المقال نقلاً عن مصدر مجهول له علاقة بالجيش التايواني، إن حوالي 90 ٪ من ضباط الجيش التايواني يتوجهون إلى العيش في الصين بعد تقاعدهم، أين يقومون هناك بتقديم معلومات عسكرية مقابل المال، وهو ما ادعت الجريدة أنه أمر شائع بين هؤلاء الضباط. كما يذهب نفس المصدر إلى التشكيك في قدرة الجيش التايواني على صد أي هجوم مسلح من قبل الصين في حال وقوعه، خاصةً مع وجود عدد كبير من الضباط المفوضين الذين لديهم جذور صينية. وبالاعتماد على وجهة نظر هذا الخبير المجهول، يخلص المقال إلى أن ”الرئيسة تساي إنغ ون“ فشلت في فرض سيطرتها على الجيش على الرغم من الإصلاحات الكبيرة التي قامت بها والتي حظيت على تغطية إعلامية كبيرة.

وإذا سلمنا بصحة هذه المعطيات، فمن السهل أن نخلص إلى نفس النتيجة، فسيطرة التايوانيين من وايشنغرين على الرتب العليا في القوات المسلحة التايوانية يجعل ولاءهم لتايوان محل شك، فمن الطبيعي أن تكون هذه العناصر على استعداد للتعاون وحتى التجسس لصالح بكين. وقد تم تضخيم هذا الانطباع من خلال توجيه الصحيفة أصابع الاتهام للجنود والتشكيك في ولائهم عبر ما يسمى في عالم الصحافة بالاقتباس الذي تصدر المقال والذي كتب بعبارة نارية ”ما زلت أحب الصين“.

عواقب التقارير الصحفية غير النزيهة

سرعان ما وصل ما نشرته صحيفة نيكي إلى تايوان، وهو ما تسبب في إثارة غضب واحتجاج وزارة الدفاع الوطني ومجلس شؤون الجنود المتقاعدين وهيئات تايوانية أخرى. كما تم اتهام الصحيفة بأنها طعنت في نزاهة الجيش التايواني بمزاعم لا أساس لها من الصحة.

لذلك أرى أنه من الواجب الاعتراف بأن فكرة تقديم صور متعددة عن تايوان للقراء أمر يستحق الثناء. ففي نفس الوقت نجد وسائل إعلام أجنبية تذهب إلى تصوير المجتمع التايواني على أنه معاد للصين، مع التغاضي عن مسألة وجود عناصر في الجيش التايواني موالين للصين. بالمقابل لا ينبغي لنا التغافل أو التقليل من جهود الصين المستمرة من أجل اختراق الجيش التايواني والقطاعات الأخرى في البلاد، وهذا ما يدعونا إلى التفكير في مدى جاهزية القوات المسلحة التايوانية للرد على أي هجوم مسلح محتمل من قبل القوات الصينية. ومن هذا المنطلق لا يمكنني أن ألقي باللوم على جريدة نيكي في تحقيقها وتساؤلاتها حول المشاكل والسيناريوهات المحتملة، إلا أن الطريقة التي عالجت بها الجريدة القضية كانت بعيدة كل البعد عن الاحترافية والنزاهة. فالادعاء على لسان مجهول بأن 90 ٪ من الجنود التايوانيين موالين للصين دون الاستناد إلى أدلة تدعم هذا الادعاء قد يتسبب دون عمد في خسارة تعاطف المجتمع الدولي مع تايوان.

و من خلال تجربتي الخاصة في جمع المعلومات عن تايوان، يمكنني القول أن المحللين الذين تم محاورتهم من قبل الجريدة غالبا ما يقومون بتضخيم الأرقام والاحصائيات من أجل تعزيز فكرة معينة، في الوقت الذي تكون فيه مهمة المحقق الصحفي هي الوصول إلى الحقيقة من خلال البحث المعمق. فإذا افترضنا أن 90 ٪ من الضباط التايوانيين المتقاعدين يتجسسون حقاً لصالح الصين، لما كان لتايوان وجود كدولة تتمتع بالاستقلال. ولو كان صحيحا أن الرئيسة تساي فشلت في فرض سيطرتها على الجيش، لما كانت لتقف في وجه شي جين بينغ كما فعلت على مدى السنوات السبع الماضية. وعليه يمكن القول أن الصحيفة لم تهتم بتحليل المعطيات والتحقق منها قبل نشر كل تلك الادعاءات.

وبالنظر إلى مكانة جريدة نيكي في الوسط الياباني، يمكن القول أن ما نشرته قد حظى بتصديق قرائها، بل يمكن الجزم بأن بعضهم قد خلص إلى أن تايوان لا تستحق دعم اليابان لها. هذه القصة خدمت كثيراً حملة الصين الدؤوبة للتضليل حول ما يتعلق بتايوان، وجعلت لادعاءات الصين مصداقية أكبر طالما أن صحيفة يابانية عريقة طرحت القضية بهذه الطريقة.

بين الحقيقة والخيال

أين هي الحقيقة؟

الحقيقة هي أنه قد تم القبض على عدد من الضباط التايوانيين رفيعي المستوى بتهمة تسريب معلومات عسكرية إلى الصين، وكان من بين هؤلاء الضباط أفراد من السكان الأصليين، وآخرون من التايوانيين الذين هاجروا من الصين أثناء الحرب الأهلية الصينية. كما لا يمكن إغفال حقيقة قيام العديد من الضباط العسكريين المتقاعدين بالسفر إلى الصين من أجل القيام ببعض الأنشطة التجارية، أو لوجود علاقات وروابط أخرى. لكن هذه الحقائق لا يمكن أن تفسر أو تستعمل كدليل للطعن في ولاء الضباط المتقاعدين، فهناك فرق كبير بين الحفاظ على العلاقات وممارسة نشاطات تجارية وبين التورط في التجسس.

ومن أجل التحقيق في ادعاءات الجريدة قمت بزيارة تايوان في أبريل/ نيسان الماضي، وناقشت القضايا التي أثارها هذا المقال مع بعض عناصر الجيش وعدد من الأكاديميين وعدة جهات صحفية. وقد أجمعوا على أن الصين قد قامت بالفعل بزرع جواسيس لها داخل القوات المسلحة التايوانية، كما أكدوا على صعوبة تحديد طبيعة التغلغل الصيني داخل المؤسسات التايوانية. إلا أنهم رفضوا وبالإجماع أن تبلغ نسبة هذا التوغل 90٪ بين الضباط والجنود كما أدعت جريدة نيكي. وقدر أحد الخبراء الذين قابلتهم أن 10٪ قد تكون هي النسبة الأكثر واقعية. كما اتفق الجميع على أن وجود هذا النوع من المشاعر المؤيدة للصين بين بعض أفراد الضباط المتقاعدين لم يكن مدعاة للقلق، ولكنه كان يستدعي بعض اليقظة.

لذلك فأمر وجود عملاء صينيين في الجيش التايواني أمر شديد الحساسية بالنسبة للمؤسسة العسكرية التايوانية، خاصة إذا تم إثارة الموضوع من طرف اليابان أو الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يستوجب ضرورة توخي الحذر والتحلي بالمسؤولية المهنية من طرف الصحفيين عند معالجة مثل هذه المواضيع.

إن قضية تايوان بالتحديد تتعدد وجهات النظر حولها، والكثير من وجهات النظر هذه لها خلفيات ذات صلة بالواقع. لذلك مهما اعتبر الصحفي الياباني مصدره محل ثقة عليه أن يفهم أكثر خلفيات موقف مصدره ومدى تأثير الرأي العام عليه. وهذا يعني ضرورة إلمام الصحفي بالسياق التاريخي للقضايا التي يحقق فيها، فبدون هذه المعرفة الأساسية لن يتمكن من كتابة تقرير خال من تأثير تصورات شخصية مسبقة، وهو ما قد يتسبب في نشر وجهات نظر متطرفة في اليابان حول قضية تايوان. فالاعتماد بشكل كبير على من يطلق عليهم ”أيدي اليابان“ من التايوانيين، أو ممن يتحدثون اللغة اليابانية في صناعة التقارير أو تحليل الشأن التايواني يمكن أن يؤثر سلباً ويساهم في تكوين صورة مشوهة عن تلك القضية. لذلك يتوجب على المحققين والصحفيين تمحيص ما تم جمعه من معلومات بطريقة حيادية وشاملة، مع الاستعانة بالبحوث الأكاديمية المتعلقة بالقضية إذا لزم الأمر.

الخرافات والتصورات النمطية

يذهب بعض المراقبين اليابانيين إلى معالجة قضية تايوان من خلال المنظور الاثني، فدائما ما يعتمدون في تحليلاتهم على الانقسام العميق الموجود بين الوايشنغرين الموالين للصين وبين البينشنغرين المناهضين للجمهورية. فرغم تصاعد العداء بين الطرفين وسيطرته على الساحة التايوانية في عام 1990، وازدياد حدته بشكل كبير خلال انتخابات عمدة تايبيه عام 1994 وما عرفته البلاد من توتر سياسي. إلا أن تايوان قد عرفت تغيرات واضحة خلال العقود الثلاثة التي تلت تلك الأزمة من خلال العمل على ضمان وجود انتخابات حرة ونزيهة، والتركيز على حقوق الأقليات، وهو ما ساهم في دفع المجتمع التايواني إلى تبنى وجود تعددية ثقافية وتقبل الانسجام والاندماج وسط التنوع العرقي الموجود.

وإذا ما تطرقنا لقضية الوايشنغرين سنجد أن هذا الجيل الذي قدم من الصين خلال الفترة ما بين عامي 1945 و1949 قد بلغ أفراده اليوم 90 عاماً على الأقل، وهذا ما يعني أن هذا الجيل لم يعد يلعب أي دور رائد في المجتمع التايواني. أما بالنسبة للجيل الثاني منهم فقد ولدوا بتايوان وتلقوا تعليمهم بتايوان، كما شهدوا فترة الانتقال الديمقراطي، هذه العوامل كلها أثرت بالتأكيد في تكوين هذا الجيل من الوايشنغرين.

لذلك أجد أنه من الصعب تعميم الحكم حول الهوية الوطنية للجيل الثاني من الوايشنغرين. فبينما لا يزال البعض منهم يعتقد أن الصين هي موطنهم الروحي، يرفض آخرون إعادة التوحد مع الجمهورية الصينية بعد أن عايشوا الاختلافات الواضحة بين تايوان والصين عند زيارة الأقارب أو قبور الأجداد. على النقيض من ذلك يتميز الجيل الثالث من الوايشنغرين بكونه أكثر تنوعا من الناحية الأيديولوجية، حتى أن البعض منهم شارك في حركة عباد الشمس الطلابية لعام 2014، وهي الحركة التي عارضت ما يعرف باتفاقية تجارة الخدمات عبر مضيق تايوان، لأنها وحسب منظورهم ستعزز التكامل مع الصين وتقوض الحكم الذاتي لتايوان من جهة، كما ستؤثر سلبا على الاقتصاد التايواني بسبب التباين في القدرة التنافسية للشركات التايوانية من جهة أمام نظيراتها الصينية من جهة أخرى. بالمقابل يوجد انجذاب كبير بين الكثير من شباب البينشنغرين إلى الصين لأسباب اقتصادية أو لأسباب أخرى، وهو ما يجعلنا نخلص إلى أن اعتماد الاختلاف الاثني لفهم المجتمع التايواني لم يعد له أية فائدة.

وقد أكدت البيانات الاستطلاعية فكرة أن التايوانيين من الفئات العمرية الأصغر سنا لا يفضلون إعادة التوحد مع الجمهورية الصينية، بل على العكس فمعظمهم يملك الرغبة والاستعداد القوي لدعم هويتهم التايوانية، وهذا التوجه ينطبق على أفراد الجيش أيضا. فغالبية جنود الجيش التايواني ينتمون إلى الفئة العمرية الأقل من 40 سنة، والتي نشأت وتربت على القيم الليبرالية والديمقراطية التايوانية. إضافة إلى حرص الجيش التايواني على الوقوف في وجه أي تسلل أو نفوذ صيني على كل المستويات، الأمر الذي سيحكم بالفشل على أي محاولة لإثارة التمرد بين صفوف الجيش التايواني من خلال العمليات السرية التي تديرها بكين.

وأنا هنا لا ألغي وجود أي تأثير للإثنية على الوضع الحالي في تايوان، خاصة وأن بعضهم مازال ينظر إلى تايوان من خلال الاختلافات الموجودة بين الوايشنغرين والبينشنغرين، إضافة إلى استمرار وجود بعض مشاعر التعصب والتحيز داخل التسلسل الهرمي في قطاعات مختلفة من المجتمع التايواني بما في ذلك الجيش. إلا أن الغالبية العظمى من التايوانيين اليوم يشتركون في رغبتهم في رأب هذا الصدع بشكل نهائي وقاطع. في الواقع كل هذه المعطيات تجبرنا على التحلي بالرزانة عند التطرق إلى القضية التايوانية، فأي معالجة للوضع في تايوان من خلال المنظور الإثني سوف تلحق الإهانة ببعض التايوانيين خاصة لو تم التطرق للموضوع من أطراف أجنبية.

تحيز فكري ضد تايوان

زعمت جريدة نيكي في مقالاتها الأربعة عن تايوان، أن تحقيقاتها كشفت النقاب عن ”الوجه المجهول لتايوان“، إلا إنني أرى أن هذه التحقيقات كان يحكمها ويسيطر عليها الشعور العام بأن قضية تايوان قضية خاسرة وأنها ستختفي تماما مع الوقت.

وفي الحقيقة هذا المنظور ليس بالنادر في اليابان، فمنذ عام 1950 لا يتوانى المثقفون والصحفيون اليابانيون عن القول بأن المصير الحتمي والتاريخي لتايوان سيكون العودة إلى التوحد مع الصين في نهاية المطاف، وما يغذي هذا الفكرة حسب اعتقادي هو وجود بعض الازدراء للجذور التايوانية والتي يفضلها ويدعمها نوع معين من القراء اليابانيين، وهو في نظري فخ آخر وجب على الصحفيين عدم الوقوع فيه.

و بالعودة للأحداث التاريخية نجد أن التصور الذي يحكم على القضية التايوانية بالفشل مرتبط بشكل كبير بما حققته الصين من ازدهار عام 1980، إضافة إلى سياسة ”دنغ شياوبينغ“ التي تبنت إيديولوجية ”الإصلاح والانفتاح“. كل هذه الأحداث عززت وضاعفت من اعتقاد المحللين اليابانيين بأن فكرة إعادة التوحد مع الصين ليست سوى مسألة وقت، وقد لقت هذه التصورات قبولا واسعا لدى الجمهور في اليابان دون أية مراجعة. إلا أن تزايد المخاوف مؤخرا من طموحات الصين بشأن تايوان جعل الرأي العام يتحول ويقف إلى جانب تايوان، رغم استمرار عدد كبير من المثقفين والصحفيين اليابانيين في النظر إلى تايوان على أنها حالة ميؤوس منها.

كما لا يمكن تغافل فكرة أنه في تايوان يمكن للمرء دائما أن يجد آراء تدعم فكرته ونظريته الشخصية، مع وجود الكثير من التايوانيين الذين لن يتوانوا عن إخبارك بما تريد سماعه. وهذا ما يسهل جمع تلك الشهادات التي تدعم وجهة نظر ”القضية الخاسرة“ لتايوان. لذلك نحن بحاجة إلى تلك التحقيقات الدقيقة التي تعالج وتكشف كل الخيوط المعقدة للقضية التايوانية.

كما أن التمسك بهذا التصور المعاد لقضية تايوان مرتبط أيضا بشكل أو آخر بتوجه القراء اليابانيين. فكلما تعلق الأمر بتايوان أو العلاقات التايوانية الصينية، نجد هؤلاء القراء يفضلون تلك التغطيات التي تتطرق إلى الموضوع بشكل مبسط ومشحون بمشاعر عدائية وانتقادات صارخة. فمعالجة القضايا بهذه الطريقة يجعلهم يعتقدون أنهم على دراية كافية بالوضع، وهذا ما ساهم في انتشار التصورات السطحية بسرعة وسط القراء اليابانيين.

لذلك أرى أن تسليط الضوء على تايوان هذه الأيام مع تصاعد القلق بشأن احتمال وقوع هجوم صيني، يجعلنا نخلص إلى أنه لابد من التصدي لوجهات النظر السطحية وغير المطلعة على الوضع بشكل دقيق. ولأن وسائل الإعلام اليابانية لها دور حيوي في هذا الشأن، يتوجب على الصحفيين والأكاديميين بذل قصارى جهدهم لتزويد الجمهور بصورة دقيقة وشاملة عن الوضع التايواني من خلال معالجة تاريخ تايوان المعقد.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: رئيسة تايوان السيدة تساي إنغ ون تزور وحدة من مهندسي الجيش في قاعدة عسكرية في تشيايي بتايوان يوم 25 مارس/ آذار 2023. ©وكالة فرانس برس/ جيجي برس)

العلاقات الخارجية العلاقات اليابانية الأمريكية تايوان العلاقات اليابانية الصينية