
فضيحة كنيسة التوحيد: هل تقترب من نهايتها أم ستتفاقم تداعياتها في اليابان؟
سياسة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
دعم الكنيسة للحزب الليبرالي الديمقراطي
في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، قبل أربعة أيام من الانتخابات العامة، نشرت مجلة بونجي شونجو مقالًا لي على نسختها الإلكترونية، حيث تناولت فيه تفاصيل وثائق سرية تكشف عن دعم كنيسة التوحيد لمرشحي الحزب الليبرالي الديمقراطي في انتخابات 2021. في المقال، قمت بمراجعة كيفية تنظيم الكنيسة لحملة دعائية لدعم مرشحي الحزب الذين كانوا يواجهون صعوبة في الفوز بمقاعدهم، وكذلك مرشحي الحزب الذين كانت فرصهم ضئيلة في استعادة مقاعدهم عبر قوائم التمثيل النسبي. في انتخابات 2024، تم التصويت لإقصاء مرشحي الحزب الليبرالي الديمقراطي في المناطق الهامشية على مستوى البلاد، ولم يتمكن سوى عدد قليل منهم من استعادة مقاعدهم عبر قوائم الحزب. وتبدو هذه النتائج مرتبطة بانسحاب دعم كنيسة التوحيد لمرشحي الحزب الليبرالي الديمقراطي.
لقد انتهى ” شهر العسل“ بين كنيسة التوحيد والحزب الليبرالي الديمقراطي بشكل مفاجئ بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق شينزو آبي في يوليو/ تموز 2022. وفي تحليل تاريخ العلاقة بين المنظمتين، يظهر أن هذه العلاقة قد تعززت خلال فترة تولي آبي لمنصبه من 2012 إلى 2020. حتى الآن، لم يتم الكشف بالكامل عن التفاصيل الحقيقية لهذه العلاقة، مع استمرار ظهور أدلة جديدة تؤكد عمق الروابط بينهما.
فيما يتعلق بتاريخ الكنيسة، فقد تأسست كنيسة التوحيد في عام 1954 على يد مون صن ميونغ، والمعروفة رسميًا باسم ”جمعية الروح القدس لتوحيد المسيحية العالمية“. وقد استفادت الكنيسة من الدعم الحكومي خلال فترة حكم بارك تشونغ هي في كوريا الجنوبية، الذي سعى إلى ”النصر على الشيوعية“. في عام 1959، توسعت الكنيسة إلى اليابان، وفي 1968 أسست الاتحاد الدولي للنصر على الشيوعية بدعم من رئيس الوزراء الياباني السابق كيشي نوبوسوكي، جد شينزو آبي.
لكن في عام 1984، كشف رئيس تحرير صحيفة كنيسة التوحيد ”سيكاي نيبو“ عن حادثة سرية حيث انحنى مسؤول ياباني في الكنيسة أمام مون صن ميونغ وهو يرتدي زي إمبراطور اليابان، مما أدى إلى تغيير في موقف المنظمات اليمينية اليابانية، التي أدركت التوجهات المناهضة لليابان التي تبنتها الكنيسة، فابتعدت عن الاتحاد الدولي للنصر على الشيوعية. في الوقت نفسه، بدأ الساسة في تقدير الدور الذي لعبته الكنيسة في توفير السكرتيرات والموظفين الداعمين للانتخابات. فقد قيل في انتخابات عام 1986 تحت قيادة رئيس الوزراء ناكاسوني ياسوهيرو، إن مون صن ميونغ أنفق حوالي 6 مليارات ين لدعم 130 مرشحًا مؤيدًا للاتحاد.
ومع ذلك، أثارت ممارسات الكنيسة المثيرة للجدل مثل ”المبيعات الروحية“ للحلي التي يُزعم أنها تحمل قوى خارقة للطبيعة، إلى جانب طقوس الزفاف الجماعي والتحول السري، ردود فعل سلبية من السياسيين المحافظين، مما دفعهم للابتعاد عن الكنيسة. ورغم ذلك، سعت الكنيسة إلى استعادة دعم هؤلاء السياسيين من خلال حركة ”مكافحة الوعي بالجنس“، وفي عام 2016، أنشأت الكنيسة منظمة عالمية تضم ممثلين منتخبين من جميع أنحاء العالم.
كل الفضائح ترجع إلى فصيل آبي
في البداية، كان شينزو آبي، حفيد كيشي، حذرًا بعض الشيء من أتباع طائفة مون، حيث كان يتجنب الاقتراب منهم. وفقًا لمصدر موثوق، عندما اكتشف آبي في عام 2005 أن أحد المرشحين المحتملين للسياسة الوطنية كان على علاقة جيدة بالكنيسة، قال آبي إن ذلك ”ليس جيدًا“، وأوصى زائره بالابتعاد عن المنظمة. وفي الوقت نفسه، تشير الوثائق الداخلية للكنيسة من تلك الفترة إلى أن التحديثات المتعلقة بحملة ”مكافحة الوعي بالجنسين“ كانت تُرسل مباشرة إلى آبي نفسه. ورغم حذر آبي في البداية من الكنيسة، إلا أنه حصل على دعم واسع النطاق من اليمين الديني، بما في ذلك كنيسة التوحيد، فضلاً عن اليمينيين المتشددين الذين يتبنون وجهات نظر تقليدية حول الأسرة. من المؤكد أن آبي كان يشعر ببعض الكراهية تجاه منظمة دينية تبنت معتقدات معادية لليابان، لكن مع مرور الوقت، تغيرت مواقفه.
خلال انتخابات مجلس الشيوخ في عام 2013، التي كانت أول انتخابات وطنية منذ تولي آبي منصبه للمرة الثانية في 2012، طلب رئيس الوزراء دعم أتباع طائفة مون في الحصول على تصويت التمثيل النسبي. في ذلك الوقت، حصلت على فاكس داخلي من الكنيسة يتضمن طلب آبي نفسه من الكنيسة دعم مرشحي الحزب الليبرالي الديمقراطي. وقد تم تأكيد ذلك بصورة لرئيس الوزراء وهو يتحدث مع كبار مسؤولي الكنيسة في غرفة استقبال رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي، حيث نشرت صحيفة أساهي شيمبون هذه الصورة في 17 سبتمبر/ أيلول 2024 في سبق صحفي. في الانتخابات الوطنية التالية، استمرت كنيسة التوحيد في تقديم مساهمات كبيرة لحكومة آبي.
وفي سياق آخر، تحدث أحد أقرب مستشاري آبي، رئيس مجلس أبحاث السياسات السابق هاغيودا كويتشي، الذي كان حاضرًا في اجتماع سري للكنيسة في دائرته الانتخابية في هاتشيوجي قبل انتخابات مجلس النواب في 2014. وفي عام 2015، اتُهم وزير التعليم آنذاك شيمومورا هاكوبون، المقرب من آبي، بالضغط على وكالة الشؤون الثقافية للسماح للكنيسة رسميًا بتغيير اسمها. ومع تزايد الضغوط الناتجة عن فضيحة جمع التبرعات وفضيحة كنيسة التوحيد، عانى كل من هاغيودا وشيمومورا في انتخابات مجلس النواب في أكتوبر/ تشرين الأول 2024.
هاغيودا كويتشي يخاطب الناخبين خلال الحملة الانتخابية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2024. (© سوزوكي إيتو)
في عام 2021، شارك رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي في ندوة عبر الإنترنت استضافتها كنيسة التوحيد، حيث ظهر في رسالة فيديو مسجلة مسبقًا. خلال هذه الرسالة، أعرب آبي عن إعجابه بزعيمة الكنيسة هان هاك جا، أرملة مؤسس الكنيسة مون صن ميونغ. وقد أثارت هذه المشاركة انتقادات واسعة، خاصة بعد أن وُثقت تصريحات لرئيس إحدى المنظمات التابعة للكنيسة، يشير فيها إلى ما وصفه بـ”ست مساهمات من كنيسة التوحيد في الانتخابات الوطنية منذ تشكيل حكومة آبي الثانية في عام 2012“.
تتجاوز أنشطة كنيسة التوحيد حدود اليابان، إذ نجحت في اختراق المشهد السياسي الأمريكي أيضًا. فقد تلقى عدد من السياسيين الجمهوريين البارزين، بمن فيهم الرئيس السابق دونالد ترامب ونائب الرئيس السابق مايك بنس ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو، أموالًا مقابل المشاركة في فعاليات تنظمها الكنيسة. علاوة على ذلك، ظهر بومبيو في قمة دينية يابانية استضافتها الكنيسة، حيث وجه انتقادات لقرار الحكومة اليابانية بإصدار أمر بحل الكنيسة.
المرشحون المتحالفون مع الكنيسة يتجنبون أسئلة وسائل الإعلام
وصف البعض مديح شينزو آبي لزعيمة كنيسة التوحيد، هان هاك جا، في رسالته المسجلة مسبقًا بأنه أحد العوامل التي دفعت ياماغامي تيتسويا إلى اغتياله. ياماغامي، الذي كان ضحية لما يُعرف بـ”الجيل الثاني“ لاستغلال الكنيسة، استهدف آبي ظنًا أن دعمه للكنيسة ساهم في معاناة عائلته. كنيسة التوحيد، التي اشتهرت بابتزازها تبرعات طائلة من أعضائها، لم تكتفِ بذلك فحسب، بل دمرت حياة أفراد عائلاتهم، الذين تحملوا أعباء مالية ونفسية نتيجة هذا الاستغلال.
ردًا على الجدل الواسع الذي أثارته هذه القضية، قرر الحزب الليبرالي الديمقراطي النأي بنفسه عن الكنيسة وقطع جميع علاقاته بها. ومع ذلك، اقتصرت الإجراءات على مراجعات سطحية داخل الحزب، حيث طُلب من أعضاء البرلمان الإبلاغ طوعًا عن صلاتهم بالكنيسة. حاول الحزب تقديم الكنيسة على أنها الجهة الوحيدة المسؤولة عن الفضيحة، متجاهلًا دوره في توفير الحماية لها واستغلال دعمها الانتخابي.
إضافة إلى ذلك، كانت فضيحة التمويل وفضيحة كنيسة التوحيد من القضايا التي شغلت الرأي العام قبيل انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2024. هذه الانتخابات، الأولى منذ اغتيال آبي، سلطت الضوء على نفوذ ”فصيل آبي“ داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي ظل مهيمنًا على مدار العقد الماضي. ورغم ذلك، تميزت الحملات الانتخابية بتجنب العديد من مرشحي الحزب التحدث إلى وسائل الإعلام.
على سبيل المثال، رفض فريق ياماغيوا دايشيرو، وزير الإنعاش الاقتصادي السابق، التواصل مع الصحافة خلال حفل إطلاق حملته الانتخابية، وأعلن أن ياماغيوا لن يشارك في الحملة الانتخابية على الإطلاق. ورغم خسارته في المنافسة المباشرة على مقعده الفردي في دائرة كاناغاوا، عاد إلى البرلمان عبر قائمة التمثيل النسبي للحزب. كما تجنب نائب وزير الدفاع السابق ياماموتو توموهيرو، الذي أشاد في وقت سابق بـ”الأم مون“، أي اتصال مباشر مع الإعلام، لكنه فقد مقعده في النهاية.
هل من الممكن تشديد القيود على الطوائف في ظل حكومة الأقلية؟
إن التشريعات مثل قانون مكافحة الطوائف في فرنسا يمكن أن تكون مفيدة في منع الطوائف من الاستمرار في استغلال أعضائها وجذب مزيد من الضحايا. ومع ذلك، يواجه الحزب الليبرالي الديمقراطي، وكذلك شريكه في الائتلاف حزب كوميتو، الذي يدعمه أتباع ديانة سوكا غاكاي، ترددًا في تشريع قوانين مماثلة. فقد تم تعطيل مشروع قانون يهدف إلى تجميد أصول الطوائف، الذي يُعتبر خطوة مهمة نحو حل كنيسة التوحيد، بسبب معارضة الائتلاف الحاكم التي تمحورت حول حرية الدين. لكن الطبيعة المعادية للمجتمع للطوائف تطرح مشكلة حقيقية، ولم يكن من المفترض أن يؤثر مشروع القانون على هذه الحرية.
ورغم أن نتائج الانتخابات دفعت الحكومة إلى الوعد بتشديد القيود على التمويل السياسي، إلا أن هناك غيابًا واضحًا لأي محاولة للتعامل مع قضية كنيسة التوحيد، حيث إن أي إجراء حكومي قد يثير ردود فعل قوية ويخلق فوضى سياسية. عادةً ما يتم التعامل مع قضايا تقييد الطوائف الدينية من خلال لجان مختارة أو تحقيقات برلمانية، لكن اليابان بحاجة إلى شيء أكثر فعالية، مثل لجنة فريزر الأمريكية التي قامت بتحقيقات في السبعينيات وأصدرت تقريرًا عن التعاون بين وكالة الاستخبارات المركزية الكورية ومؤسس كنيسة التوحيد، مون صن ميونغ، للتسلل إلى السياسة الأمريكية.
وتجري محكمة منطقة طوكيو حاليًا دراسة طعن قانوني يطالب الحكومة بحل كنيسة التوحيد كمنظمة دينية. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع قرار القضاء، قد تكون هناك حاجة إلى مجموعة من التدابير القانونية لضمان عدم تبديد الأصول التي يمكن أن تستخدم لتعويض الضحايا. في الواقع، إن فشل ائتلاف الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب كوميتو في تنفيذ تشريعات فعّالة، وفقدانهم الأغلبية في البرلمان، قد يفسح المجال لظهور حركات سياسية جديدة تسعى للتعامل مع هذه القضية بجدية.
إن الساسة الذين استغلوا دعم كنيسة التوحيد لتحقيق مكاسب انتخابية بحاجة إلى إجراء مراجعة شاملة لارتباطاتهم بالكنيسة وكشف الحقائق المتعلقة بها. ولن يكون بإمكان الحزب الليبرالي الديمقراطي البدء فعليًا في قطع علاقاته مع الكنيسة إلا بعد أن يتم تحقيق الشفافية الكاملة وتوضيح الحقائق التي أدت إلى هذه العلاقة المريبة.
بعد فشله في استعادة مقعده في مجلس النواب في طوكيو 11 في 27 أكتوبر/تشرين الأول عام 2024. © كيودو)