كبار السن غير المتزوجين يمثلون تحديًا جديدًا للمجتمع الياباني بحلول 2050

مجتمع

غالبًا ما تستحضر كلمة ”الأسرة“ صورة تجمع دافئ لعائلة تعيش معًا تحت سقف واحد، إلا أن هذا المفهوم التقليدي يشهد تغيرًا كبيرًا في اليابان. بالنسبة لأعداد متزايدة من اليابانيين، وخاصة كبار السن، لم تعد الأسرة تعني المشاركة أو الحياة الجماعية، بل أصبحت مرادفًا للوحدة والعزلة. هذه الظاهرة تلقي الضوء على تحولات اجتماعية عميقة في التركيبة السكانية للبلاد، مع تزايد أعداد الأفراد الذين يختارون أو يجدون أنفسهم يعيشون بمفردهم في مرحلة متأخرة من حياتهم.

وفقًا لتوقعات المعهد الوطني لأبحاث السكان والضمان الاجتماعي في اليابان، من المتوقع أن تشكل الأسر المكونة من شخص واحد حوالي 44.3% من إجمالي الأسر اليابانية بحلول عام 2050، وتعتمد هذه التقديرات، التي يتم تحديثها كل خمس سنوات، على بيانات التعداد الوطني، وتهدف إلى تقديم رؤية شاملة للتغيرات الاجتماعية التي ستطرأ على البلاد خلال العقود المقبلة. 

في عام 2020، بلغ إجمالي عدد الأسر في اليابان نحو 55.7 مليون أسرة، منها 21.1 مليون أسرة مكونة من شخص واحد، وهو ما يعادل حوالي 38% من الإجمالي، وتجلى هذا النمط بشكل خاص في خمس محافظات، حيث تجاوزت نسبة الأسر المكونة من شخص واحد 40%، وهي هوكايدو بنسبة 40.5%، طوكيو بنسبة 50.2%، كيوتو بنسبة 41.2%، أوساكا بنسبة 41.8%، وفوكوؤكا بنسبة 40.7%، وتعكس هذه الأرقام تحولات اجتماعية وديموغرافية بارزة، حيث يتزايد نمط العيش الفردي في جميع أنحاء اليابان.

رغم توقع انخفاض إجمالي عدد الأسر إلى حوالي 52.6 مليون أسرة بحلول عام 2050، من المتوقع أن يرتفع عدد الأسر المكونة من شخص واحد ليصل إلى 23.3 مليون أسرة، ويشمل هذا الاتجاه المناطق الحضرية الكبرى والمناطق الريفية، حيث يُتوقع أن تشكل الأسر المكونة من شخص واحد أكثر من 40% من الإجمالي في 27 محافظة، أي ما يعادل أكثر من نصف محافظات البلاد البالغ عددها 47 محافظة.

تعكس هذه التوقعات تغييرات جوهرية في بنية المجتمع الياباني، حيث يُعزى هذا النمط المتزايد إلى عوامل مثل شيخوخة السكان، انخفاض معدلات الزواج، وزيادة الهجرة إلى المدن الكبرى، مما يُبرز الحاجة إلى مراجعة السياسات الاجتماعية والاقتصادية لمواكبة هذا التحول الديموغرافي.

نسبة الأسر المكونة من شخص واحد إلى إجمالي عدد الأسر

في ظل المجتمع الياباني الذي يعاني من ظاهرة الشيخوخة المفرطة، يعكس الارتفاع المستمر في عدد الأسر المكونة من شخص واحد تحديًا اجتماعيًا متزايدًا، خاصة مع ازدياد أعداد كبار السن الذين يعيشون بمفردهم. تشير التوقعات إلى أن عدد الأسر التي تضم كبار السن (65 عامًا فأكثر) سيرتفع إلى حوالي 10,839,000 أسرة بحلول عام 2050، ما يشكل أكثر من 20% من إجمالي الأسر اليابانية، وهو ما يمثل زيادة بمقدار 1.5 مرة مقارنة بعام 2020. من بين هؤلاء، سيصل عدد الأفراد الذين تجاوزت أعمارهم 75 عامًا إلى حوالي 7,040,000 شخص.

ينتمي جزء كبير من هؤلاء الأفراد إلى الجيل الثاني من طفرة المواليد في اليابان، الذي وُلد في أوائل السبعينيات كأبناء للجيل الأول من طفرة المواليد الذين وُلِدوا مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية. هذا الجيل دخل سوق العمل خلال فترة انهيار الاقتصاد الفقاعة في أوائل التسعينيات، وهي فترة شهدت تغيرات جذرية في سوق العمل الياباني، حيث قلّصت الشركات توظيف الموظفين الدائمين وزادت الاعتماد على العمالة غير المنتظمة. ونتيجة لذلك، عانى العديد من أفراد هذا الجيل من ظروف وظيفية غير مستقرة، تضمنت أجورًا منخفضة وأمانًا وظيفيًا محدودًا، ما انعكس سلبًا على معدلات الزواج والإنجاب في صفوفهم.

ومع تقدم أفراد هذا الجيل في العمر، يواجه الكثير منهم خطر الشيخوخة بمفردهم، دون دعم عائلي. يمثل هذا الوضع تحديًا كبيرًا للسياسات الاجتماعية والاقتصادية، حيث يتطلب إعادة النظر في نظام الرعاية الاجتماعية والبنية التحتية لدعم كبار السن الذين يعيشون في عزلة.

إجمالي الأسر والأسر المكونة من كبار السن الذين يعيشون بمفردهم

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية، صورة العنوان © بيكستا)

اليابان الأسرة مجتمع