الطريق إلى اليابان

تسوكيمي.. موسم مشاهدة القمر الخريفي في اليابان

مجتمع

كلمة ”تسوكيمي“ تعني حرفيًا ”النظر إلى القمر“. لكن الحدث نفسه يعتبر تقليدًا يابانيًا متمثل في إقامة مناسبات وحفلات خاصة للاستمتاع بمشاهدة القمر، خاصة في فصل الخريف، حيث تعود جذوره إلى أكثر من ألف عام.

الدعوات من أجل الحصاد الوفير

لطالما كانت مشاهدة القمر الخريفي، أو الـ تسوكيمي، تقليد شائع في اليابان. حيث جرى العرف بكونه وسيلة للتعبير عن الامتنان للحصاد الوفير والأمل في الحصول على المزيد في السنوات المقبلة. وفي التقويم القمري القديم، يظهر البدر في الليلة الخامسة عشرة (جوغويا) من كل شهر. ويقال إن أفضل ليلة في السنة لمراقبة الأجرام السماوية هي الليلة الخامسة عشرة من الشهر الثامن من التقويم القمري، المعروف باسم (جوغويا نو تسوكيمي) (في هذا العام كانت هي ليلة العاشر من سبتمبر/ أيلول)

ووفقًا للتقويم القمري القديم، كان الخريف يمتد من الشهر السابع إلى الشهر التاسع. وكانت نقطة المنتصف الدقيقة لفصل الخريف، تقع في الليلة الخامسة عشرة من الشهر الثامن، وتسمى (تشوشو) (منتصف الخريف)، لذا فإن الاسم الآخر للقمر الكامل في تلك الليلة هو (تشوشو نو ميغيتسو) (قمر منتصف الخريف).

بدأت عادة (جوغويا) أو مشاهدة القمر في الليلة الخامسة عشرة في الصين خلال عهد أسرة تانغ (618-907) وانتشرت في اليابان بعد ذلك. حيث كان الأرستقراطيون في فترتي نارا (710-794) وهايآن (794-1185) يستمتعوا بحفلات مشاهدة القمر التي تتخللها عزف الألحان وتأليف الأشعار. وبحلول فترة إيدو (1603-1868)، أصبحت عادة الـ تسوكيمي ممارسة شائعة حتى بين عامة الناس، وكانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتقاليد أعياد الخريف التي تتضمن تقديم العطايا من حصاد الأرز الطازج للآلهة تعبيرًا عن الشكر والامتنان.

مشهد للإمبراطور غو-دايغو (1288-1339) يصور مراسم مشاهدة القمر للرسام يوشو تشيكانوبو (1838-1912) في لوحته (يوشينو كوكيو تسوكيمي غيوإن نو زو) (مشاهدة القمر في قصر يوشينو على الحصير). (من المجموعات الرقمية لمكتبة البرلمان الياباني الوطنية)
مشهد للإمبراطور غو-دايغو (1288-1339) يصور مراسم مشاهدة القمر للرسام يوشو تشيكانوبو (1838-1912) في لوحته (يوشينو كوكيو تسوكيمي غيوإن نو زو) (مشاهدة القمر في قصر يوشينو على الحصير). (من المجموعات الرقمية لمكتبة البرلمان الياباني الوطنية)

العادات الاحتفالية المصاحبة لمراسم مشاهدة القمر

يُعرف المكان الذي يتجمع فيه الناس لمشاهدة القمر، مثل الشرفة أو النافذة، باسم (تسوكيمي داي). ويتم تجهيزه وتزيينه كما جرت العادات بوضع الهبات مثل كرات الأرز التي تسمى تسوكيمي دانغو وحصاد الغلال مثل القلقاس وكذلك الـ سوسوكي أو عشب بامباس. وقد تكون هناك أيضًا عروض خاصة مرتبطة بحفل الشاي أو الإيكيبانا (فن تنسيق الزهور).

1. تسوكيمي دانغو (كرات الأرز)

تعبر كرات الأرز هذه عن البدر. ويعتبر الشكل أيضًا مدعاة للتفاؤل ويقال إن تناول كرات الأرز في يوم اكتمال القمر يجلب الصحة والسعادة. وأحد التقاليد هو تقديم 15 كرة أرز لتتناسب مع الليلة الخامسة عشرة، في حين أن هناك تقليد آخر يتم فيه تقديم 12 كرة، تعبيرًا عن شهور السنة.

2. سوسوكي (عشب بامباس)

يمثل تواجد خمسة أو عشرة أعواد من عشب البامباس الخير الوفير لحصاد الأرز حيث يشبهه في قوامه.

عشب البامباس والقمر بدرًا.
عشب البامباس والقمر بدرًا.

3. القلقاس

نظرًا لأن بصيلات القلقاس تنتج العديد من البراعم، فهي تعبير عن الارتباط بعائلة كبيرة تنعم بالرخاء.

4. الحصاد الخريفي

كما يتم تقديم المنتجات الموسمية مثل فول الصويا والكستناء والقرع خلال المراسم الاحتفالية بمشاهدة القمر.

الأرنب في القمر!

في الثقافة اليابانية يُقال أن الظل الظاهر بالقمر يوحي بصورة أرنب يدق كعكات الأرز (موتشي) بمطرقة. ووفقًا لإحدى النظريات، يستند هذا الرأي إلى حكاية بوذية أصبحت لاحقًا مشهورة في الثقافة اليابانية. وهناك نظرية أخرى تقول أن الأمر تلاعب بكلمة (موتشي زوكي)، والتي تعني ”البدر“، والتي تبدو أيضًا في نطقها باللغة اليابانية شبيهة بكلمة (موتشي تسوكو) أي (الطرق على الـ موتشي).

إعداد كعكات الأرز على القمر.
إعداد كعكات الأرز على القمر.

يتم استخدام كلمة تسوكيمي في أحيان آخرى. حيث أدى التشابه البصري بين القمر المستدير وصفار البيض إلى استخدامه لوصف الأطباق التي تعلوها البيض، نيئًا كان أو مقليًا، ويتضمن ذلك أكلات مثل همبرغر تسوكيمي، الصوبا، الكاري، والرامين.

تسوكيمي مع الأودون.
تسوكيمي مع الأودون.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة الموضوع: كرات الأرز (تسوكيمي دانغو) وعشب البامباس (سوسوكي) وفي الخلفية يظهر القمر بدرًا. الصورة من واي إس/ بيكساتا)

التقاليد التاريخ التاريخ الياباني