أبطال رغم العوائق والتحديات

كاكيهاتا إيكو.. "لاعبة كرة الهدف للمكفوفين" وحلم الحصول على الميدالية الذهبية في طوكيو

طوكيو 2020

تعد كرة الهدف للمكفوفين لعبة مميزة لما يتمتع به لاعبوها من امتلاك سرعة البديهة ودقة السمع وقوة الرمي، وفي هذا المقال نجري مقابلة مع لاعبة الجناح للفريق الياباني كاكيهاتا إيكو والتي تحلم بقيادة الفريق الياباني للفوز بميدالية ذهبية ثانية في دورة ألعاب طوكيو الأولمبية والبارالمبية طوكيو 2020.

كاكيهاتا إيكو KAKEHATA Eiko

ولدت كاكيهاتا إيكو في مدينة يوكوهاما عام 1993. بدأت ممارسة كرة الهدف عندما كانت في سن السادسة عشر، وكانت ضمن لاعبي المنتخب الياباني الذي استطاع أن يحرز الميدالية الذهبية في دورة لندن للألعاب الأولمبية والبارالمبية عام 2012.

أحلام كبيرة

تتميز لاعبة الجناح الأيسر كاكيهاتا بحيويتها وضحكتها المفعمة بالبهجة، عكس ما يعرف عنها فوق أرضية الميدان أين يشهد لها بامتلاك روح تنافسية عالية وقدرة كبيرة على تسديد رميات تتميز بالدقة والقوة بشكل يسمح لها باختراق أقوى الدفاعات

سطع نجم كاكيهتا لأول مرة خلال بطولة آسيا للألعاب البارالمبية في إندونيسيا، أين تمكنت رمياتها الملتفة من اختراق شباك الفريق الصيني وحسم المباراة لصالح اليابان بنتيجة 5- 3.

ورغم سعادة كاكيهاتا بما وصلت إليه إلا أنها تصر على وضع الفوز بعين الاعتبار، حيث تقول وبنبرة جادة أنها تركز اهتمامها حالياً على تحسين أدائها خاصةً فيما يتعلق بالسيطرة على الكرة، وكل ذلك من أجل تحقيق التفوق والفوز على الفرق الكبرى

ويرجع شعورها بعدم الرضا إلى الأداء الهزيل الذي ظهر به الفريق الياباني في المنافسات الدولية الأخيرة أين احتل الفريق الياباني المرتبة الثانية خلال منافسات معسكر تدريب دولي مشترك جرى في شهر مايو/أيار بتركيا. كما احتل المركز الرابع بعد خسارته أمام كل من روسيا والبرازيل في معسكر مماثل عقد بالسويد في شهر يونيو/حزيران. إلا أن الفريق الياباني يحاول تدارك الأمر رغم أنه لم يتبق على دورة ألعاب طوكيو 2020 سوى أشهر قليلة. فابنة نجم البيسبول السابق كاكيهاتا ميتسونوري والذي فاز بـ 12 موسماً في الدوري الياباني للمحترفين ورثت روح التحدي وعدم قبول الهزيمة عن أبيها.

تغيير استراتيجي في تكنيك اللعب

ترغب كاكيهاتا في إضافة ميدالية ذهبية جديدة في دورة الألعاب  البارالمبية القادمة لتضيفها إلى مجموعة الميداليات التي تحصلت عليها سابقاً، ورغم أنها كانت إحدى لاعبي الفريق النسائي الذي شارك في ألعاب لندن 2012 وتحصل على عدد لابأس به من الميداليات.، فإنها تجد صعوبة في اعتبار نفسها جزءًا من الإنجاز التاريخي كونها شاركت كلاعب احتياطي وهي تبلغ من العمر 18 عامًا وبخبرة أقل من عامين تقريبًا، إذ تقول أنها تشعر وكأنها لم تساهم بأي شيء في الفريق وتعرب عن أسفها إذ لم تقوى على مقاسمة الفريق حماسهم وحيويتهم، لذلك هي عازمة على أن تكون عضو مؤثر وفعال في المنتخب الياباني في دورة الألعاب البارالمبية القادمة.

ويجدر الإشارة إلى أن هذه الرياضة يمارسها المكفوفون أو ضعاف البصر على أرضية ملعب شبيهة بملعب كرة الطائرة ويبلغ طوله 18 متراً، وتستخدم كرة مطاطية صلبة مزودة بجرسين من الداخل يسمحان للمتسابقين سماع صوت الكرة أثناء اللعب وبالتالي تحديد حركتها. ويضع اللاعبون غطاءا خاصا على الأعين لمنع الرؤية تماماً.  وتقوم اللعبة على مبدأ دفاع اللاعبين عن مرماهم وفي نفس الوقت محاولة تسجيل الأهداف من خلال دحرجة الكرة التي يبلغ وزنها 1.25 كيلوغراماً لتخترق خطوط دفاع الفريق المنافس، وتنقسم المباراة إلى شوطين مدة كل واحد منهما 12 دقيقة.

يعتمد اللاعبون في هذه اللعبة على قدرتهم الدقيقة في الإنصات وتوجيه بعضهم البعض فوق أرضية الملعب، حيث يقوم اللاعب أثناء الهجوم بدحرجة الكرة إلى أرضية الفريق المنافس. ورغم وجود العديد من تقنيات الرمي إلا أنه وكقاعدة أساسية عند رمي الكرة يجب أن تلامس أرض الملعب في الجزء الخاص بالخصم وكذلك المنطقة الفاصلة بين حدود الفريقين و التي يبلغ طولها 6 أمتار وذلك لمرة وحدة على الأقل لكل منهما. وفيما يخص الدفاع يقوم اللاعبون بحماية الأجنحة من خلال تمديد أذرعهم وأرجلهم لتشكيل حاجز يحمي مرماهم.

لقد اكتسب المنتخب الياباني للسيدات سمعة جيدة لقوته الدفاعية خلال ألعاب لندن عام 2012 أين تفوق على الفريق الصيني الموهوب بنتيجة 1-0 مكنته من الفوز بالميدالية الذهبية. ولكن بعد مرور أربع سنوات تراجع أداء الفريق الياباني بشكل واضح في ألعاب ريو دي جانيرو أين تمكن كل من الفريق التركي والأمريكي من اختراق الدفاع الياباني وتسجيل أهداف اتصفت الرميات فيها بالقوة عن طريق تسديد كرات منخفضة وملتفة أو بما يسمى ضربات أرضية وهذا ما تسبب في تراجع الفريق الياباني إلى المركز الخامس بشكل مخيب للآمال.

تقول كاكيهاتا أنها تأثرت كثيراً باللاعبة التركية الصاعدة سيفدا آلتونولوك خلال ألعاب 2016 والتي كانت تتميز بتسديد ضربات مدمرة. بالإضافة إلى الأداء المميز للفريق البرازيلي والذي أربك الفريق الياباني، حيث كان يتميز بهجوم قوي أين كانت اللاعبات فيه تركض بسرعة وتلتف حول اللاعبات اليابانيات ثم تسددن الكرة بطريقة عجز الدفاع الياباني عن التصدي لها.

بعد بطولة ريو دي جانيرو قام الفريق الياباني بتحديث استراتيجيته الدفاعية، أين تخلى عن استراتيجية الدفاع على شكل خط مستقيم واعتمد خطة دفاع على شكل حرفV بحيث يكون الجناحين خلف الوسط. التكتيك الجديد منح الفريق الياباني مزيداً من المرونة للتحرك ضد مختلف أساليب الهجوم كما قام بتعديل أسلوب هجومه من خلال اعتماد تقنية الرميات الملتفة.

المنتحب الوطني للسيدات من اليسار إلى اليمين: كوميا مساي، أوراتا ري، كاكيهاتا إيكو خلال إحدى مباريات بطولة اليابان لكرة الهدف للمكفوفين التي جرت في فبراير/شباط 2019. جيجي برس.
المنتحب الوطني للسيدات من اليسار إلى اليمين: كوميا مساي، أوراتا ري، كاكيهاتا إيكو خلال إحدى مباريات بطولة اليابان لكرة الهدف للمكفوفين التي جرت في فبراير/شباط 2019. جيجي برس.

تقول كاكيهاتا أن تقنية الرميات السريعة والملتفة مكنت الفريق من امتلاك سلاح قوي لاختراق دفاع الفريق المنافس، إذ أن هذه التقنية تولد قوة طرد مركزي يتسبب في خنق صوت الأجراس داخل الكرة وهي في طريقها لاختراق دفاع الخصم وهذا ما يتسبب في حرمانه من امتلاك الوقت الكافي لصد هذه الضربات الملتفة. ربما يبدو الأمر سهلاً إلا أن إتقان هذه التقنية ليس بالأمر السهل، فعدم قذف الكرة بالطريقة الصحيحة يدفعني في كل مرة إلى التفكير إلى أي مدى عليا الاستعداد والتدرب أكثر من أجا المباريات الكبيرة.

البداية

ولدت كيكهاتا في يوكوهاما، لديها أخوين أكبر منها. تصف نفسها بأنها كانت فتاة صغيرة نشطة تحب الانضمام إلى إخوتها الأكبر سناً ووالدها عند ذهابهم إلى الحدائق. وعلى الرغم من ضعف بصرها المرتبط بإصابتها بالمهق إلا أن هذا لم يمنعها من اللعب مع أخوتها والتدحرج على الأرض.

وتضيف قائلةً إنه بعد التحاقها بالمدرسة الإعدادية بمنطقتها تراجع شغفها بالرياضة بشكل ملحوظ، في البداية كثيراً ما كانت ترغب بمشاركة زملائها في الصف في لعب كرة القدم والدوج بول أو ما يعرف بكرة المناورة لكنها كانت تجد صعوبة في رؤية الكرة بوضوح، كما أنه كان من النادر أن يتم اختيارها للالتحاق بالفرق المدرسية خلافاً لما هو معروف في المدارس اليابانية.

بعدها التحقت كاكيهاتا بمدرسة ثانوية للمكفوفين بهدف تعلم تقنيات العلاج بالوخز بالإبر، وهي مهارة غالبا ما يقبل على ممارستها المكفوفون وضعاف البصر في اليابان. وفي تلك المرحلة دعتها صديقة للانضمام إلى فريق كرة هدف محلي. تسرد كاكيهاتا القصة وهي مبتسمة مؤكدةً أن ممارسة الرياضة لم يكن ضمن دائرة اهتماماتها على الإطلاق لكن بمجرد الدخول إلى عالم هذه الرياضة أصبح الأمر بالنسبة لها إدمان.

وتضيف مؤكدةً أن كرة الهدف ساعدت على توسيع آفاقها وأعطتها الثقة اللازمة من أجل اتباع أحلامها. كما لا تنسى دور عائلتها في دعمها في كل خطواتها، بما في ذلك دعم قرارها بمواصلة تعليمها. فبعد تخرجها من المدرسة الثانوية توجهت لدراسة فن تصميم المنسوجات بجامعة يوكوهاما للفنون والتصميم.

علاقة الوالد بابنته

تقول كيكاهاتا "منذ أن كنت طفلة صغيرة استخدمت حاستي السمع والشم أكثر من استخدامي حاسة الرؤية من أجل توجيه نفسي وتحسين قدراتي الإدراكية. فعادةً أعرف بقدوم الضيوف قبل أن يرن جرس الباب بفضل حاسة السمع القوية التي امتلكها كما بمقدوري تمييز الأشخاص من خلال روائحهم، هاتين الملكتين ساعدتاني على أن أكون لاعبة كرة هدف".

وعلى الرغم من أن والدها كان لاعباً بارزاً فإن كاكيهاتا تقر بأنه لا علاقة لوالدها بما وصلت إليه، إذ تقول إنها اكتسبت مهارات الرمي من خلال العمل الشاق وحده. وتضيف ممازحة أن نجم أبيها سطع عند ولادتها كما أن أمها التي لا تهتم بالرياضة لم تخبرها عن نجومية أبيها أبداً بل اكتشفت الأمر عندما كبرت. وتذكر أن والدها حاول ذات مرة أن يقدم لها بعض النصائح حول تقنيات الرمي إلا أنها وجدت شرحه سيئًا للغاية لدرجة أنها لم تستطع فهم ما كان يتحدث عنه ورفضت بعد ذلك أن يعلمها أي شيء.

بالعودة إلى موضوع ألعاب طوكيو للألعاب البارالمبية لعام 2020، تؤكد كاكيهاتا بكثير من الجدية البادية على وجهها أن تركيزها الوحيد يتمحور حول تحسين مهاراتها في رمي الكرة بالطريقة الملتفة، من أجل إشباع رغبتها المجنونة في الفوز بالميدالية الذهبية.

تقول كاكيهاتا إن التركيز على تحسين قدرتها على الرمي سيكون هدفها من أجل الألعاب البارالمبية التي ستجري في طوكيو 2020.
تقول كاكيهاتا إن التركيز على تحسين قدرتها على الرمي سيكون هدفها من أجل الألعاب البارالمبية التي ستجري في طوكيو 2020.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية، المصور: هانيى توموكو)

طوكيو الألعاب الأولمبية ذوي الاحتياجات الخاصة