’’حكاية غينجي‘‘: عمل أدبي ياباني من العيار الثقيل

ثقافة

كُتبت ’’حكاية غينجي‘‘ العمل الأدبي الكلاسيكي الياباني الرائع قبل أكثر من ألف عام. وفي هذه المقالة يرسم الكاتب الخطوط العريضة للحبكة المعقدة للرواية ويقترح طرقا للتعامل معها.

عمل كلاسيكي ضخم

تعتبر ’’حكاية غينجي‘‘ لموراساكي شيكيبو محور الأدب الياباني الكلاسيكي. وهي تروي قصة أرستقراطي ياباني في فترة هييان (794-1185)، اشتهر بعلاقاته العاطفية الكثيرة. تتعامل شخصيات القصة أيضا مع سياسة البلاط ومع خوارق للطبيعية تتجلى في صورة استحواذ على الروح. وكانت الواقعية النفسية للعمل الذي يعود إلى القرن الحادي عشر سببا في الإشادة به كأول رواية في العالم.

الرواية المكونة من أكثر من 1000 صفحة وعمرها أكثر من 1000 عام، تمثل تحديا مرعبا للقراء. ولكن بتقسيمها إلى أجزاء يصبح التعامل معها أكثر سهولة. فعلى سبيل المثال، من الممكن تقسيم الفصول التي يظهر فيها غينجي –حوالي ثلاثة أرباع الرواية– إلى ثلاثة أجزاء، كما هو مفصل أدناه. وعلى غرار مسلسل تلفزيوني، يتحول السرد فجأة في الفصول الثلاثة عشر الأخيرة للتركيز على ابن غينجي الظاهري (غير الشرعي في الواقع) كاؤرو وحفيده نيو. (كثيرا ما يشير القراء اليابانيون أيضا إلى الفصول العشرة الأخيرة من الرواية –التي تجري أحداثها بشكل أساسي في منطقة أوجي بالقرب مما يُعرف الآن باسم كيوتو– باسم ’’أوجي جوجو‘‘ أو ’’فصول أوجي العشرة‘‘ لتتم قراءتها واعتبارها عملا ضمن رواية أكبر.)

حكاية غينجي في أربعة أجزاء

1. أثناء الشباب والنفي الفصل 1 ’’كيريتسوبو (جناح أشجار الباولونيا‘‘) إلى الفصل 13 ’’أكاشي‘‘
2. في متوسط العمر الفصل 14 ’’ميؤتسوكوشي (الحج إلى سومييوشي)‘‘ إلى الفصل 33 ’’فوجي نو أورابا (أوراق وستارية جديدة)‘‘
3. في وقت لاحق من العمر الفصل 34 ’’واكانا: جو (براعم الربيع 1)‘‘ إلى الفصل 41 ’’مابوروشي (العراف)‘‘
4. كاؤرو ونيو الفصل 42 ’’نيو مييا (الأمير ذو الرائحة)‘‘ إلى الفصل 54 ’’يومي نو أوكيهاشي (جسر الأحلام العائم)‘‘

ترجمة أسماء الفصول من النسخة الإنجليزية المأخوذة من ترجمة رويال تايلر.

غالبا ما توصف الحكاية بأنها مثالية، وتصور غينجي على أنه أيقونة العاشق المثالي، لكن القراء سيحكمون من خلال عدسة معاصرة. الألفية التي تفصلنا عن القراء الأصليين يمكن أن تخلق هوة في المواقف الأخلاقية، ولا سيما فيما يتعلق بمعاملة النساء والفتيات. ولكن هناك بريق سطحي في النص الذي كتبته موراساكي، فرجال البلاط يشكلون علاقات حبهم من خلال التبادلات الشعرية ويكرسون أنفسهم للمساعي الفنية. وتحت هذا السطح الجميل المصقول بعناية، أظهرت المؤلفة بشكل متكرر هشاشة الحياة والموقع، وهي موضوعات عامة حتى يومنا هذا.

لم تتم تسمية أي من الشخصيات في القصة. ولكن لتسهيل الأمر، يشار إليهم عموما بألقاب على أساس المراجع الشعرية أو مكان إقامتهم أو مناصبهم في البلاط. نحن لا نعرف حتى الاسم الحقيقي للمؤلفة نفسها، والتي تم تسميتها على الاسم شخصية الأشهر في القصة موراساكي (كما أن اسم شيكيبو هو إشارة إلى منصب في البلاط شغله والد الكاتبة فوجيوارا تاميتوكي).

الكثير من القصص الرومانسية

يصف الجزء الأول من الرواية صعود غينجي كعضو شاب لامع في البلاط.

ولد غينجي ابنا للإمبراطور كيريتسوبو ولسيدة متدنية الرتبة في البلاط، وقد توفيت عندما كان لا يزال صغيرا جدا. ولحماية الولد قليل الحيلة من الأعداء السياسيين، يزيله الإمبراطور من خط الخلافة على العرش عن طريق خفض رتبته إلى مرتبة عامة. وبعد حفل بلوغ سن الرشد في حوالي 12 عاما، تزوج آوي التي تكبره بأربع سنوات. تبدأ قصصه الرومانسية الكثيرة المتداخلة –والتي يصعب تلخيصها– من أواخر سن المراهقة، حيث تبدأ أحداث القصة الرئيسية.

يتعرف غينجي لأول مرة على موراساكي –البطلة الرئيسية في القصة– عندما كانت طفلة في العاشرة من عمرها ويأخذها إلى المنزل لتربيتها. وبعد بضع سنوات جعلها خليلة له. كان غينجي مفتونا في البداية بالتشابه الذي بينها وبين فوجيتسوبو محظية الإمبراطور والتي بدورها يقال إنها تشبه والدته. أثمرت علاقته الغرامية مع فوجيتسوبو عن إنجاب ابن هو ريئيزيي الذي اعتلى العرش الإمبراطوري بشكل غير شرعي.

أما علاقته الرومانسية المبكرة مع السيدة روكوجو فيترتب عليها عواقب وخيمة، حيث تأخذ الرواية شكلا يشابه قصص الرعب اليابانية. فالروح الغيورة التي تغادر جسد السيدة بينما لا تزال على قيد الحياة، تقتل إحدى عشيقات غينجي. آوي ليست معجبة بغينجي مثل الكثيرات، حيث تشعر أنه لا يُظهر لها الاحترام الكافي كزوجة له. ولكنهما في النهاية ينجبان ابنا، ولكن بعد ولادته تضرب روح السيدة روكوجو مرة أخرى. وتموت آوي بعد أن سئمت من الصراع ضد استحواذ الروح.

النفي والعودة

يفقد غينجي بعضا من بريقه مع تقدمه في العمر ولم يعد قادرا على ملاحقة كل نزوة جديدة في قلبه.

وعندما تضع علاقة غرامية حمقاء للغاية غينجي في موقف حرج سياسيا، فإنه يتراجع إلى منفى اختياري في منطقة سوما الساحلية الكئيبة. لم يكن البلاط راضيا عنه، وهناك دخل في علاقة جديدة مع السيدة أكاشي. بعد ذلك يستدعى إلى العاصمة حيث بدأ صعوده إلى مركز السلطة السياسية. كما أنه أحضر السيدة أكاشي معه إلى المدينة. (كبرت ابنتهما في النهاية لتتزوج الإمبراطور، وهو الرابع والأخير في الرواية).

كان غينجي يبلغ من العمر 40 عاما تقريبا عندما طلب منه أخوه غير الشقيق –الإمبراطور سوزاكو– الزواج من ابنته المعروفة باسم الأميرة الثالثة. فقد كان يريد تأمين مستقبلها قبل أن يتنازل عن العرش ويصبح قسيسا. وافق غينجي على ذلك، لكنه كان يشعر بخيبة أمل بسبب عدم نضجها، وعمد إلى تجاهل الفتاة ذات الرتبة الأعلى لصالح موراساكي. ثم يفتن شاب أرستقراطي هو كاشيواغي بالأميرة الثالثة ويتسلل إلى مخدعها. ويسود اعتقاد أن كاؤرو، الطفل الناتج عن تلك العلاقة الغرامية، هو ابن غينجي.

تشعر موراساكي بأن وضعها أقل أمانا من النساء الأخريات في حياة غينجي وترغب في التخلي عن العالم. ولكن غينجي لا يريد سماع ذلك ويقول لها إنه متعلق بها بشدة. تمرض موراساكي ويتضح أن الروح الخبيثة للسيدة روكوجو قد عادت، ولكن بعد موتها هذه المرة. تحسنت موراساكي قليلا، ولكنها كانت لا تزال تشعر بالوهن والمرض. وعندما ماتت بعد بضع سنوات، دخل غينجي في حداد عليها.

جيل جديد

في الجزء الأخير، تقفز القصة إلى الأمام. توفي غينجي في الفترة الانتقالية وتتركز أحداث القصة الآن على كاؤرو ونيو (ابن لكل من الإمبراطور الحالي وابنة السيدة أكاشي من غينجي). يشك الشاب الحزين كاؤرو بشكل غامض في وجود مشكلة في نسبه. وتنبعث رائحة غامضة من جسده. وبينما يُظهر كاؤرو ميلا نحو الأمور الدينية، فإن صديقه ومنافسه نيو واضح وصريح في سعيه وراء النساء.

يقع جزء كبير من أحداث هذا القسم في أوجي، على بعد مسافة قصيرة جنوب كيوتو. يسود هناك جو أكثر قتامة مقارنة بالأيام الأولى لغينجي الأمير اللامع. تسفر العلاقات بين الشابين وأختين من أسرة في أوجي، وكذلك أختهم غير الشقيقة، عن نتائج مأساوية. وعلى الرغم من غياب شخصية رئيسية في هذا الجزء، إلا أن هذا لم يؤثر عليه. حتى أن بعض النقاد ينظرون إليه على أنه أفضل جزء من حكاية غينجي.

أربع ترجمات إنجليزية لحكاية غينجي

آرثر ويلي (1933) ترجمة يمكن قراءتها تكون في بعض الأحيان فضفاضة إلى حد ما.
إدوارد سيدنستيكر (1976) أنيقة وسهلة القراءة.
رويال تايلر (2001) أكثر احترافية من سابقتيها، يبدو أن هذه هي النسخة الأكثر شعبية في الوقت الحاضر.
دينيس واشبورن (2015) متحدي جديد.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة الإنكليزية. صورة العنوان: مشهد من حكاية غينجي، منسوب إلى فنان القرن السابع عشر توسا ميتسوؤكي، حقوق الصورة لأفلو)

الثقافة الفرعية الثقافة التقليدية التاريخ الياباني