نجم أفلام الحركة المخضرم أوزاوا هيتوشي: ”المصداقية هي كلمة السر“

دور الرجل الشرير

توم كروز هو مثال للروح المعنوية العالية، فهو يصر على القيام بالمشاهد الخطره بنفسه في أعماله حتى وهو في سن الستين. وفي اليابان يتحلى أوزاوا هيتوشي بنفس الروح تقريبًا، والذي ولد بالصدفة قبل أسبوعين فقط من ميلاد توم كروز.

في الوقت الذي كان فيه توم كروز يحقق نجاحا كبيرًا بفلميه (أوت سايدرز) و (ريسكي بيزنس)، بدأ أوزاوا أعماله بجزء صغير من المسلسل التلفزيوني البوليسي الشهير (تايو ني هوئرو) (هدير الشمس). واستمر في صنع اسم لنفسه وهو يلعب دور المجرمين في أعمال مثل الدراما التلفزيونية الشهيرة (سكول وورز) وسلسلة أفلام (بي-بوب هاي سكول) المأخوذة من سلسلة المانغا المصورة التي تحمل نفس الاسم. وعلى مدار 40 عامًا من حياته المهنية كنجم سينمائي وتلفزيوني، كان أوزاوا دائمًا ما يلعب دور الرجل شديد البأس.

أوزاوا هيتوشي، في المنتصف في أحد مشاهد فيلم مدينة الأشرار. (© لجنة إنتاج فيلم مدينة الأشرار 2022).

ويقول ضاحكًا: ”بدأت أعمالي بأدوار المنحرفين القصر وانتقلت إلى أدوار عصابات الياكوزا وأفراد العصابات الأخرى. أنا شخص لا يمكن إصلاحه“ إلا أنه يصر على كونه شخصٌ هادئ في حياته الحقيقية، لكنه يؤكد أنه كان يعلم في وقت مبكر من حياته المهنية أنه كان من الأفضل أدائه للأدوار الشريرة. ”لقد كانت أكثر متعة من أداء دور طفل مطيع في بعض أعمال الدراما المحلية. هذا الأمر من شأنه أن يؤرقني“.

وبسبب قلة عروض أدوار الشخصية الخارجة عن القانون في التلفزيون أو الأفلام العادية، لعب أوزاوا دور البطولة في مسلسل (نيهون توإيتسو) الذي طرح مباشرة إلى أسواق الفيديو. وهو مسلسل عصابات ياباني يضم أكثر من 50 حلقة. وعلى الرغم من أنه لم يحصي عدد الأعمال التي ظهر فيها، إلا أنه يقدر العدد بما يزيد عن 500 عمل.

ياماغوتشي يوشيوكي لعب دور البطولة مع أوزاوا في عدد من الأفلام. (© لجنة إنتاج فيلم مدينة الأشرار 2022)

إطلاق العنان للإبداع

من بين العديد من الأعمال التي ظهر فيها أوزاوا، يحمل فيلم الأسلحة والحركة (سكور) من إنتاج عام 1995 درجة من الأهمية الخاصة بالنسبة له. فهو من إخراج (موروغا أتسوشي) وإنتاج وبطولة أوزاوا، وتم تصويره بميزانية محدودة للغاية. وعلى الرغم من أنه كان أول فيلم لـ موروغا يتم عرضه في دور العرض، إلا أنه حصل على إشادة من النقاد. وبعد أكثر من ربع قرن، يأمل أوزاوا في تكرار النجاح الذي تمتع به مع فيلمه الأخير مدينة الأشرار.

ويقول: ”أردت أن أعرف ما إذا كان بإمكاني تحقيق النجاح الذي حققته مع فيلم سكور، ويتأسف على الطريقة التي أدت بها القيود المتزايدة على صناعة السينما إلى إخراج عنصر الإثارة من صناعة الأفلام. ويصف متأففًا: ”في الوقت الحاضر، عليك الامتثال والانصياع لتحقيق المطلوب. هناك قائمة طويلة من الممنوعات. إنه أمرٌ بالفعل يقيد أسلوبي. بمعنى، إذا كنت تقوم بعمل فيلم عن عصابات الياكوزا، فليس كما لو أنه يمكنك أن تطلب من رئيس العصابة أن يرتدي حزام الأمان“.

أوزاوا هاتوشي.

وينظر أوزاوا إلى فيلم مدينة الأشرار على أنه وسيلة لتحدي القيود المتزايدة في صناعة السينما. حيث تدور أحداث الفيلم في مدينة تعاني من الفقر والعنف، ويبدأ الفيلم بالقتل الوحشي لرئيس أحد عصابات الياكوزا وعائلته وأتباعه على يد عصابة الجريمة المنظمة الكورية. ويشتبه المدعون العامون في أن العملية كانت من قبل غوجو واتارو، رئيس تكتل غوجو الصناعي. وغوجو، هو الزعيم الذي يسيطر على عالم الجريمة، والذي تم اتهامه في حادثة أخرى لكن تمت تبرئته، وهو الآن يترشح لمنصب رئيس البلدية.

باتجاه عقارب الساعة في الأعلى: ليلي فرانكي كرئيس لتكتل غوجو الصناعي؛ كاتاسى رينو كزعيمة للعصابة الكورية؛ وموتوميا ياسوكازى، في المنتصف، الساعد الأيمن لرينو. (© لجنة إنتاج فيلم مدينة الأشرار 2022)

وعلى إثر ذلك يتم تشكيل فريق من محققي جرائم العنف سرًا للوصول إلى خبايا القضية. ويرأس الفريق تورادا، الذي يلعب دوره أوزاوا، وهو محتجز كمشتبه به على ذمة قضية أخرى ولكن يتم الإفراج عنه مؤقتًا لقيادة فريق التحقيق. وتدور حبكة الفيلم حول محاولات تورادا لفضح أعمال غوجو وزجه بالسجن.

أوزاوا في دور تورادا، مفتش الشرطة الخارج عن القانون. (© لجنة إنتاج فيلم مدينة الأشرار 2022)

ومشهد القتال الضاري الأخير في الفيلم، كان عبارة عن مشاجرات بدون قيود شارك فيها أكثر من 100 ممثل، وتم القيام به دون الاستخدام السائد المتعارف عليه الآن لرسومات الكمبيوتر وتم تصويره دون الاستعانة بالدوبلير (بدلاء الممثلين الأصليين الذين يؤدون المشاهد الخطرة).

ويشير أوزاوا إلى صعوبة تصوير مثل هذه المشاهد اليوم: ”عادة ما يتدخل وكلاء الممثلين ويقولون ’لا يمكنك القيام بذلك. ماذا لو تعرض عميلي للأذى؟ عليكم الاستعانة بدوبلير‘ لكن تلك المشاهد المتصلة الطويلة التي يتعرض فيها الرجال للضرب حتى الموت هي التي تحبس أنفاس الجماهير. وإذا تمت الاستعانة بالدوبلير، فعليك القيام بمشاهد قصيرة وربطها مع بعض لاحقًا.“

ساكاغوتشي تاكو، إلى اليمين، يلعب دور قاتل مأجور أرسلته المافيا الكورية. (© لجنة إنتاج فيلم مدينة الأشرار 2022)

وفيلم مدينة الأشرار من إخراج سونومورا كينسوكى. الشاب البالغ من العمر 42 عامًا والذي يزداد الطلب عليه كمخرج لأفلام حركة، وهو تخصص ظهر حديثًا يوضح أوزاوا بأنه يعكس كيف تغيرت مثل هذه النوعية من الأعمال ويقول: ”النهج مختلف تمامًا عما كان عليه الأمر عندما بدأت في التمثيل، ففي الأيام الخوالي، كان مصمم المشاهد يقوم بإعداد مشاهد القتال، ويتولى المخرج أو المصور زوايا التصوير. أما الآن، فيتولى مخرج أفلام الحركة كل شيء“. ويقول أوزاوا أنه استمتع بتعلم أسلوب جديد أثناء تمثيله، ويعلق مازحًا ”كل ما علي فعله هو استيعاب كل شيء جيدًا أثناء التدريبات ثم الخروج ووكز الجميع.“

الالتزام بالمصداقية

لعبت النجمة الصاعدة ساكانوإيه أكاني دور المخبرة الجديد في فيلم مدينة الأشرار، وكانت بمثابة نسمة هواء منعشة في عالم أفلام الحركة التي تتسم بالدماء والعرق والذكورية المفرطة. ويقول أوزاوا أنها أدّت جميع مشاهدها تقريبًا بدون دوبلير، على الرغم من الإرهاق الجسدي الذي ينطوي عليه الأمر. ”لقد تعرضت للركل، والطرح أرضًا في جميع الأرجاء، وسفك الدماء، لكنها تطورت حقًا في دورها. لقد جسدت بالفعل دور المحقق المبتدئ الذي يتعلم بعزيمة وإصرار.“

تورادا وفريقه في أحد مشاهد إطلاق النار على الأشرار. على اليسار ساكانوإيه أكاني. (© لجنة إنتاج فيلم مدينة الأشرار 2022)

وأوزاوا لا يستطيع أن يخفي ثنائه على طاقمه، مُصرحًا بقوله ”جميع المشاركين في الفيلم عملوا بإخلاص لتحقيق رؤيتي.“ وهو يشيد بزملائه الممثلين بشكل خاص. ”طاقم العمل كان يشد من أزر بعضهم البعض“.

أوزاوا يقول بأنه تدرب لمدة عامين مع القوات الخاصة في الفلبين لتعلم كيفية استخدام البندقية.

ويؤكد أوزاوا على أنه لا يكتفي باللكم والركل فحسب، بل يسعى جاهدًا لتحقيق المصداقية. ويروي كيف تمكن من تطوير مجموعة كاملة من تقنيات القتال تجعله على قدم المساواة مع مقاتلي فنون القتال المختلطة. وفي مدينة الأشرار ركز على تطوير أسلوبه الأساسي في الضرب، حيث أمضى عامًا كاملاً في التدرب على أكياس من الرمل لإتقان حركاته.

وهو متمسك بالواقعية، ويؤكد على أهمية بذل قصارى جهده للتحضير للأدوار التي يلعبها، ويقول: ”من المهم أن أتمرن“. ويمزح قائلًا بأنه مضت فترات طويلة دون أن يلكم أي شخص في الحقيقة احتراما للقانون، لكن قد يعتقد المشاهدون بخلاف ذلك عند مشاهدته على الشاشة. ”ففي الفيلم، إذا نظرت إلي من الخلف فقد تبدو لكماتي حقيقية.“

حتى بعد معاناته من كسور لا حصر لها، يواصل أوزاوا البالغ من العمر 60 عامًا القيام بحركاته المثيرة. (© لجنة إنتاج فيلم مدينة الأشرار 2022)

نموذج يحتذى به في العمل

يقول أوزاوا أنه كان يستمتع بالذهاب إلى السينما منذ أن كان طفلاً صغيراً، وقد ألهمته أعمال تشارلي شابلن في أن يصبح ممثلاً. وتأثر بشكل خاص بإصرار ”تشابلن“ على القيام بحركاته المثيرة، مهما كانت محفوفة بالمخاطر. ويقول أوزاوا: ”استخدم شابلن الحركات الجسدية لإضحاك الناس. أريد أن أجعل الناس يشعرون بالعواطف بنفس الطريقة“.

يصف أوزاوا من تأثر بهم في بداياته مثل تشارلي شابلن، وبروس لي، ولاحقًا سيلفيا كريستل، التي لعبت دور البطولة في الفيلم الفرنسي الشهير إيمانويل.

وقد تم تصوير أجزاء من فيلم مدينة الأشرار في الفلبين، ويسرد أوزاوا قائمة من المواقف المروعة، بما في ذلك قضاء عدة ليالٍ في مكب نفايات سموكي ماونتن الشهير في العاصمة مانيلا. ويقول: ”أحب الأماكن التي تضفي شعورًا بالخطر“.

ومن منطلق تفضيله للقيام بالأشياء بنفسه، فأزاوا هو من كتب سيناريو فيلم مدينة الأشرار، وهو من تمكن من الحصول على تمويل للفيلم، وهو من لعب دور البطولة. ويفترض ضاحكًا، ”لو كان شخصًا آخر هو من قام بالأمر برمته، هل تعتقد أنه سيختار ممثل كبير في السن مثلي؟“.

يقول أوزاوا أن أول دور له كان في عام 1984 في فيلم يحتوي على مشاهد جنسية. وعلى الرغم من ثقته من أدائه لدوره في العمل، إلا أنه يتذكر ضاحكًا أن المخرج كان يصرخ في وجهه لأن تحركاته في الفراش كانت كلها خاطئة.

والآن بعد أن أصبح له باع طويل كممثل، يتطلع أوزاوا إلى الشروع في بداية جديدة في الحياة. ويوضح قائلًا: ”أنا أدرس حاليًا لأصبح عالم آثار. فأنا ممثل منذ 40 عامًا. وعندما أسافر إلى الخارج، أريد أن أكون قادرًا على كتابة شيء مختلف عن وظيفتي.“ وهو يستشهد بأسباب عملية لرغبته في تغيير المهنة. ويضحك قائلًا: ”عندما يسألني مسؤولو الجمارك عن نوع الأفلام التي شاركت فيها وأقول إنها أفلام عصابات، فيمكنك أن تراهن على أنني سوف يتم توقيفي جانبًا لإجراء عملية تفتيش كاملة. لقد سئمت من ذلك الأمر“.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، والترجمة من اللغة الإنكليزية. التغطية والمادة النصية من إعداد ماتسوموتو تاكويا من فريق عمل Nippon.com. الصور بعدسة هاناي توموكو)