المخرج الياباني كوروساوا كيوشي يعيد إنتاج الفيلم الشهير ”مسار الأفعى“ في الأجواء الفرنسية
فن- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
تراث ”سينما في“ لكوروساوا كيوشي
نال المخرج السينمائي الياباني كوروساوا كيوشي إشادة دولية عندما توج فيلمه السابق، ”زوجة الجاسوس“، بجائزة الأسد الفضي لأفضل مخرج في مهرجان البندقية السينمائي الدولي عام 2020. يتمتع كوروساوا بشعبية واسعة خاصة في فرنسا، حيث يشارك بانتظام في مهرجان كان السينمائي الدولي وقد حصل على العديد من الجوائز.
حققت علاقات المخرج السينمائي كوروساوا مع فرنسا نتائج مثمرة للغاية في الآونة الأخيرة. في عام 2016، أصدر فيلم ”داجيروتايب“، الذي تم تصويره بالقرب من باريس مع طاقم عمل فرنسي وبلجيكي. وقبل خمس سنوات، اقترحت شركة إنتاج فرنسية فكرة إعادة إنتاج أحد أفلامه السابقة في فرنسا. وعندما سُئل عن الفيلم، أجاب على الفور: ”مسار الأفعى“.
بدأ كوروساوا ـ الذي لا تربطه صلة بالمخرج المخضرم أكيرا كوروساواـ مسيرته الإخراجية في عام 1983 بإنتاج فيلمه الإيروتيكي ”حروب منحرفي كانداغاوا“. ولم يلفت أنظار العالم إليه إلا بعد 14 عاماً بفيلمه الشهير عام (1997) ”الشفاء“. وفي ذلك الوقت تقريبًا، كان في خضم فترة إنتاجية غزيرة، حيث أنتج العديد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام من درجة ”بي“ المعروفة في اليابان باسم ”سينما في“ (هي صناعة الفيديو المباشر التي ظهرت في اليابان في الثمانينيات)، والخاصة بأفلام الرعب والعصابات.
تم إنتاج فيلم ”مسار الأفعى“ الأصلي مباشرة بعد عرض فيلم ”الشفاء“ بالتعاون مع شركة دايئاي للأفلام، وهي شركة كبرى للنشر والتوزيع في اليابان. وعلى الرغم من أن هذا التعاون مع شركة دايئاي أدى إلى عرض فيلم ”مسار الأفعى“ في دور السينما، إلا أن كوروساوا انتجه كاستمرار لأعماله السابقة المصنفة تحت ”سينما في“.
كان الممثل أيكاوا شوو هو القاسم المشترك بين هذه الأفلام، والذي لقب بـ “ملك سينما الفيديو”. برز أيكاوا كنجم لسلسلة الأفلام الكوميدية المكونة من ستة أجزاء “أخدم نفسك أو أطلق النار على نفسك”، والتي عُرضت في عامي 1995 و1996. كما ظهر في فيلم الدراما الجادة “الانتقام”، الذي عرض على جزئين في عام 1997. فيلم “مسار الأفعى” لعام 1998، والذي شارك فيه أيكاوا أيضًا، كان في الواقع امتدادًا للسلسة السابقة.
تدور أحداث فيلم ”مسار الأفعى“ في إطار تشويقي عن الانتقام يركز على أب قُتلت ابنته الصغيرة بوحشية. هذه المرة، لا يلعب أيكاوا دور الأب المنتقم، بل يجسد شخصية تدعى نيجيما تقدم يد المساعدة لمياشيتا (الممثل كاغاوا تيرويوكي) في سعيه للانتقام لموت ابنته.
في ضواحي طوكيو، يحاول نيجيما ومياشيتا الكشف عن الجناة الحقيقيين عن طريق اختطاف المشتبه بهم واحدًا تلو الآخر واحتجازهم في مكان يشبه المستودع وتعذيبهم. وبينما يبدو مياشيتا غير واثق من نفسه، فإن نيجيما يظهر كشخصية هادئة وغامضة. وفيما بين جلسات التعذيب، يركب نيجيما دراجته من المستودع إلى الفصل الدراسي حيث يدرس الرياضيات المتقدمة، في مدرسة خاصة في منطقة التسوق بالقرب من محطة القطار المحلية.
شخصية نيجيما مختلفة تمامًا في نسخة 2024
بدلاً من طوكيو، تتم إعادة إنتاج نسخة 2024 من فيلم ”مسار الأفعى“ في باريس وضواحيها. والد الابنة المقتولة هو رجل فرنسي يُدعى ألبرت باشيليه (الممثل داميان بونارد). واستمرارًا لموضوع النسخة الأصلية، فإن الأب الحزين متقلب المزاج بشكل ملحوظ في تناقض صارخ لشخصية المساعد الهادئ. وعلى عكس كاغاوا، الممثل المخضرم في أدوار الكابوكي الذي جسد شخصية مياشيتا في النسخة الأصلية من الفيلم، يظهر بونارد كرجل ضخم يفتقر إلى الخفة والمرونة، بل يبدو أخرق في بعد المشاهد. ومع ذلك، لا يزال بونارد يجسد الصفات الأساسية لشخصية مياشيتا على أنها خجولة وضائعة بنفس الطريقة.
في النسخة الجديدة من الفيلم، لا تزال الشخصية التي تساعد في الانتقام شخصية يابانية تُدعى نيجيما. لكن هذه المرة، الشخصية هي امرأة تُدعى نيجيما سايوكو. تجسد شخصيتها الممثلة اليابانية ”شيباساكي كوُ“، سايوكو طبيبة نفسية يابانية تعمل في مستشفى بباريس. وهذا يمثل أكبر اختلاف عن أحداث النسخة الأصلية.
تستخدم شيباساكي اللغة الفرنسية طوال الفيلم باستثناء حالتين فقط. الأولى عندما تفحص مريضًا يابانيًا يُدعى يوشيمورا (الممثل نيشيجيما هيديتوشي) أصيب بمرض عقلي أثناء عمله في باريس. والثانية عندما تتحدث عبر الإنترنت مع زوجها، سوئتشيرو (الممثل أؤكي مونيتاكا). تتحدث شيباساكي بعبارات قصيرة وبسيطة دون إظهار الكثير من الانفعالات طوال الفيلم، مما يعكس سلوك شخصيتها الهادئة والباردة.
تضمن نسخة 2024 من فيلم ”مسار الأفعى“ تجاوز إطار الدراما الفرنسية التقليدية المعتمدة على الحوار. ومع ذلك، عندما تتسارع الأحداث، تلعب الجمل الحوارية القصيرة دورًا بارزًا في إيصال معاني الفيلم دون الحاجة إلى شرح إضافي مبالغ فيه. وعلى الرغم من بساطة الحبكة الدرامية، إلا أن الجمهور ينجذب إلى سلاسة الأحداث وتشويقها، والعبقرية الإخراجية لكوروساوا الذي يستخدم أفكارًا سينمائية متنوعة مستمدة من النسخة الأصلية.
في النسخة الأصلية، تبين أن قوى من عصابة الياكوزا كانت متورطة في قتل الابنة. وفي النسخة الجديدة، تظهر مؤسسة خيرية مشبوهة على أنها هي المسؤولة عن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المروعة. ويصبح أمين الصندوق السابق للمؤسسة لافال (الممثل ماثيو أمالريك) والمدير التنفيذي بيير غيرين (الممثل جريجوار كولين) هدفين لألبرت وسايوكو.
في النسخة الجديدة والمعاصرة من الفيلم، يقدم كوروساوا رؤية قاتمة عميقة تعكس روح العصر في القرن الحادي والعشرين. ومع استكشافنا لعقلية الشخصيات وخداعهم لأنفسهم وللآخرين، نجد عمقًا للدراما الإنسانية لم يكن موجودًا في النسخة الأصلية.
تاريخ طويل للسينما الفرنسية اليابانية
كتب المؤلف تاكاهاشي هيروشي النسخة الأصلية من الفيلم، والذي سبق له التعاون مع كوروساوا في إنتاجات سينمائية سابقة لأفلام الفيديو المباشر (سينما في) مثل فيلم ”الانتقام“. قام كوروساوا بتعديل النص الأصلي ليناسب رؤيته الخاصة لإعادة إنتاج الفيلم، حيث قام بتعديل بعض الأجزاء مع الاحتفاظ بالعديد من العناصر الأخرى. وبما أن السيناريو الجديد كان في الأساس عمل كوروساوا الخاص، فقد تمكن من اتخاذ قرارات بديهية دون الحاجة للتفكير العميق، وبذلك لا يجبر على خيارات معينة ويحافظ على التوازن المثالي الذي منح الفيلم شعورًا بأن الأحداث كانت مقدرة أن تسير على هذا النحو وأن النهاية كانت حتمية.
هذا هو جوهر تقنية كوروساوا السينمائية، التي تطورت بمرور الوقت مع الحفاظ على استمراريتها. إن المناخ والبيئة وطاقم العمل الفرنسيون قدمت عناصر جديدة ومميزة. ومع ذلك، فإن هذه العناصر أضافت في النهاية إلى التجربة. يوضح هذا الفيلم بفعالية طبيعة صناعة الأفلام كفن مبني على الاستجابة المرنة لاحتياجات اللحظة، وتحقيق الرؤية السينمائية المرغوبة واحدة تلو الأخرى في سلسلة من القرارات التي تؤدي حتماً إلى العمل الفني النهائي.
شاهد نسختي فيلم ”مسار الأفعى“، اللتين يفصل بينهما 26 عامًا وقارة، وستستمتع بتأمل جوانب كوروساوا المختلفة- سترى كيف تغير وتطور، ولكن أيضًا ما ظل ثابتًا كأساس يتبعه في إنتاج أعماله الفنية.
ومع ذلك، فإن مشاهدة النسخة الجديدة بحد ذاتها ممتعة للغاية. فالانغماس في الصوت والصورة سيضع المشاهد في وسط 113 دقيقة من الأجواء المشوقة.
قد يتساءل المشاهدون أيضًا عن الروابط المتبادلة بين صناعتي السينما اليابانية والفرنسية. فلطالما أظهرت كلتا الصناعتين التزامًا بالإبداع على مدى ما يقرب من قرن من الزمان، وقد تشاطرتا العديد من الاهتمامات الفنية. وعلى الرغم من ندرة حدوث التعاون الإبداعي بينهما، إلا أن صناعي الأفلام في كلا البلدين تبادلوا الخبرات وعززوا الصداقات بشكل مباشر أو غير مباشر. ويعتبر كوروساوا محورًا لهذا التبادل في الآونة الأخيرة؛ حيث حصل في وقت سابق من عام 2024 على وسام الفنون والآداب الفرنسي. ويمثل فيلم ”مسار الأفعى“ لعام 2024 علامة فارقة جديدة في التعاون المشترك بين البلدين، على أمل أن يبشر ببداية علاقة تعاونية مثمرة بين الصناعتين في المستقبل.
الإعلان التسويقي
(نُشر في الأصل باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: شيباساكي كوُ تلعب دور البطولة في نسخة عام 2024 من فيلم ”مسار الأفعى“، وهو تعاون فرنسي ياباني بلجيكي لوكسمبورجي من إخراج كوروساوا كيوشي (© 2024 استوديوهات سينفرانس/شركة كادوكاوا/تارانتولا)