بين الخيال والواقع: اكتشاف عالم الرسوم المتحركة في ”الصفصاف الأعمى والمرأة النائمة“ لموراكامي هاروكي
فن- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
اليابان المهتزة
يقتبس فيلم ”الصفصاف الأعمى والمرأة النائمة“، الذي بدء عرضه في دور العرض اليابانية اعتبارًا من 26 يوليو/ تموز 2024، ست قصص قصيرة من تأليف موراكامي هاروكي ويعرضها في فيلم رسوم متحركة طويل. وقد فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم المتميزة في مهرجان آنسي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة لعام 2022 والجائزة الكبرى في مهرجان نيغاتا الدولي لأفلام الرسوم المتحركة؛ كما أشاد به موراكامي نفسه. والقصص المقتبسة هي ”الضفدع الخارق ينقذ طوكيو“، ”فتاة عيد الميلاد“، ”دابشيك“، ”الطائر الآلي ونساء الثلاثاء“، ”أجسام طائرة مجهولة في كوشيرو“، و”الصفصاف الأعمى والمرأة النائمة“.
تدور أحداث الفيلم في طوكيو في مارس/ آذار 2011، بعد عدة أيام من وقوع زلزال شرق اليابان الكبير في الحادي عشر من مارس/ آذار. وبعد متابعة الأخبار من منطقة الكارثة بشكل متواصل، تختفي ”كيوكو“، تاركة وراءها رسالة. ويُعهد إلى ”كومورا“ الذي صُدم من اختفاءها المفاجئ، بصندوق غامض من قبل أحد زملائه، يسافر على إثره إلى هوكايدو لتسليمه إلى أخت زميله. وفي نفس الوقت تقريبًا، يلتقي زميل آخر لكومورا يُدعى ”كاتاجيري“ بضفدع عملاق، يطلب منه المساعدة في إنقاذ طوكيو من زلزال ضخم.
يصف المخرج ”بيير فولديس“ كيف وقع في حب قصص موراكامي التي قرر عرضها على الشاشة. ”أولاً وقبل كل شيء، هناك الأسلوب الفريد والمبتكر. لقد جذبني التوتر بين ما هو خارق للطبيعة والحياة اليومية. حيث يصور موراكامي الحركات في أعماق القلوب البشرية من خلال تموجات تظهر على السطح الخارجي، مما يوفر منظورًا جديدًا“.
وقد ألهمه ثراء الشخصيات على وجه الخصوص، ويقول: ”الضفدع وكومورا وكاتاجيري غريبو الأطوار ومضحكون ومؤثرون. وأنا أحب الأجواء الفريدة للقصص، حيث يوجد دائمًا نوع من الفكاهة والسخرية، وقد حاولت إعادة خلق هذه الأجواء على الشاشة. لقد شعرت أنه من الضروري تواجدها بالفيلم“.
الاقتباس من موراكامي
يتمتع فولديس بنوع بديهي من الإبداع. وقد اختار القصص الست للفيلم لأن كل منها جذبته إليها بقوة. ويقول: ”هناك العشرات من الطرق لاقتباس العمل، لكنني أتبع القاعدة الأساسية المتمثلة في خلق شيء أصلي. فبدلاً من استخدام النص نفسه، كنت مخلصًا لما قرأته بين السطور، لأنني أعتقد أن هذا هو النهج الأكثر صدقًا. أردت اكتشاف جوهر ما ألهم موراكامي“.
وباعتباره فنانًا وموسيقيًا ومخرجًا سينمائيًا، يقول فولديس بأنه يتبنى دائمًا نفس النهج الإبداعي، معتمدًا على الغريزة بدلاً من التحليل. ”أعتقد أن غريزتي أكثر ذكاءً من عقلي“. ويضرب مثالاً على ذلك بطريقة رسمه للصور. ”عندما أشعر بإلهام عميق ولدي فكرة، يكون الأمر أشبه بأخذ قوس وإطلاق سهم في اتجاه ما يجذبني ويثير اهتمامي، ثم أغير مساره وأصقله حتى أحصل على مبتغاي“.
يرى فولديس أن كتابة السيناريو أشبه برسم صورة. ويقول: ”تنظر إلى شيء ما، وتخطر ببالك فكرة، وتبدأ في الرسم. ثم تضيف طبقات جديدة، تدمر ما رأيته في البداية. وبالنسبة لي، يرجع ذلك إلى أنك تعبر عن رؤية عالمية. إنها جميلة وقبيحة في الوقت نفسه، لذا فأنت تستمر في إضافة طبقات من القبح فوق طبقات من الجمال حتى تشعر بالرضا. كذلك كتابة السيناريو هي أمر مماثل، لذلك اتخذت عالم قصص موراكامي هاروكي كنقطة بداية، وأضفت كل أنواع الطبقات التي شعرت بها من خلال القصص. فأنا أمضي قدمًا بالاندفاع والتحرير والتحسين، وأحب دائمًا فكرة صنع شيء أفضل“.
ولدمج ست قصص قصيرة في قصة واحدة، اتبع فولديس أولاً مسارات جميع الشخصيات وأنتج خمس سرديات. ثم قلص العشرات من الشخصيات إلى أربع فقط، مما أدى إلى إنشاء سيناريو يتشابك مع الحبكة حولهم. وأدى تفكيك وإعادة بناء هيكل القصة الأصلية إلى فيلم من سبعة أجزاء.
”لقد ظهرت الموضوعات التي تدور حول كل القصص تدريجيًا في عملية الكتابة والتحرير. وفي الوقت الذي انتهيت فيه من السيناريو، أدركت أخيرًا قائلًا لنفسي، ’حسنًا، هذا هو نوع الفيلم الذي سيكون عليه‘“.
على بعد مسافة من الكارثة
في عملية الجمع بين الأعمال القصيرة، اعتقد فولديس أن الشخصيات بحاجة إلى أساس مشترك، وهو موضوع الزلازل.
وبالنسبة لموراكامي، الزلازل هو موضوع رئيسي. حيث اثنتان من القصص المقتبسة – ”الضفدع الخارق ينقذ طوكيو“ و”أجسام طائرة مجهولة في كوشيرو“ - تأتيان من مجموعة القصص القصيرة ”كامي نو كودوموتاتشي وا مينا أودورو“ (ترجمة جاي روبين تحت عنوان ”في أعقاب الزلزال“)، والتي كُتبت بعد زلزال ”هانشين أواجي“ العظيم في يناير/ كانون الثاني 1995. إلا أن الفيلم يحول أحداثه إلى أعقاب زلزال شرق اليابان العظيم في عام 2011.
ويقول فولديس إن مشاهدة لقطات من منطقة الكارثة أعطت فرصة لكيوكو لمواجهة المشاعر الكامنة بداخلها. ”في عام 2011، شاهد مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم مقاطع فيديو لذلك الزلزال والتسونامي مرارًا وتكرارًا. وكنت من بين أولئك الذين صدمتهم اللقطات. فكان من الطبيعي أن نجعله جزءًا من الزلزال في القصة“.
وفي حين أن زلزال شرق اليابان العظيم في خلفية الأحداث، إلا الفيلم يركز على القصص الشخصية لشخصياته. ووفقًا لفولديس، ”تشعر الشخصيات بالصدمة من الزلزال، لكنهم لم يتأثروا بشكل مباشر“. وهناك مسافة واضحة بين القصة والكارثة.
”الشخصيات محاصرة بشكل أساسي. فالأمر بالنسبة لهم، أكثر من مجرد حدث عشوائي، فالزلزال كان فرصة لإعادة التفكير في هويتهم. حيث تعيد ”كيوكو“ النظر في حياتها الزوجية، بينما يعيد ”كاتاجيري“ اكتشاف قيمته الشخصية من خلال الضفدع، الذي هو في حد ذاته تجسيد آخر لنفسه. ويبرز ”كومورا“ الفراغ الكامن بداخله إلى العالم الخارجي“.
وهذا الشعور بالابتعاد عن الزلزال موجود أيضًا في القصص الأصلية. ففي وقت زلزال هانشين أواجي العظيم، كان موراكامي يعيش في الولايات المتحدة، وليس اليابان. وبصفته شخصًا غير ياباني، يجب أن يكون منظور فولديس قد تداخل مع منظور موراكامي.
الإلهام المباشر
وقد زار فولديس اليابان لإنهاء السيناريو. ”اعتقدت أنني قد أحصل على بعض الإلهام الجديد. فكل يوم، كنت أذهب إلى العديد من المناطق المختلفة، محاولًا نسيان نفسي بالانغماس في المواقع المختلفة. وفي الوقت ذاته، أردت اكتشاف مسار من خلال التساؤلات الذاتية المتكررة”. ويقول بأنه أكمل السيناريو أخيرًا أثناء تناوله (أوبينتو) أو علبة وجبة غداء على متن قطار شينكانسن.
ويتجلى الإلهام من اليابان في النص، وكذلك في المرئيات والصوت. حيث يعبر فولديس عن حبه واحترامه للفن الياباني في بعض الأحيان، مثل استخدام رسومات ”شونغا“ للرسام الكبير ”هوكوساي“. ويمكن أيضًا سماع اللغة اليابانية في كثير من الأحيان، سواء على شاشة التلفاز أو من خلال إعلانات المستشفيات.
ويقول: ”في البداية، كنت ملحنًا، لذا لخلق موسيقى أصلية تتماشى مع الرؤية العالمية للفيلم، أردت العزف، وخلط الكثير من الأصوات المختلفة مع اللغة. وبصرف النظر عن الحوار والأصوات، يستخدم الفيلم أصواتًا أخرى من اليابان. وفي الصور المرئية، مزجت أيضًا اليابان الخيالية مع اليابان الحقيقية، المستوحاة من الصور التي التقطتها خلال رحلتي“.
وقد تم عمل نسخة يابانية جديدة من الفيلم قبل طرحه في دور العرض اليابانية في يوليو تموز الماضي. تحت إشراف فولديس، وقاد المخرج ”فوكادا كوجي“، المعروف بأفلام مثل ”هارمونيوم“ (إنتاج 2016)، مجموعة من الممثلين المشهورين لإنتاج شيء أكثر من مجرد نسخة مدبلجة بسيطة. ويرى فولديس أن النسخة اليابانية ”فيلم فريد من نوعه، تمامًا كما تخيلته“.
ويقول: ”أولاً، صورنا الممثلين وهم يؤدون الأدوار، ثم استخدمنا هذا كأساس للرسوم المتحركة. وكان الحوار باللغة الإنجليزية. لقد صنعنا نسخة فرنسية من خلال الدبلجة، لكن الممثلين لم يكن لديهم خبرة، لذلك سجلنا اصواتهم بشكل فردي. وعلى النقيض من ذلك، في النسخة اليابانية، تم تسجيل جميع المشاهد تقريبًا مع جميع المشاركين، مثل المحادثات الحقيقية. وكان تبادل الآراء بين الجميع، جنبًا إلى جنب مع تقنيات الإخراج الخاصة بفوكادا، لقد كانت تجربة رائعة للغاية“.
إن قراءة قصص موراكامي ومشاهدة الفيلم يمكن أن يكونا وسيلة قيمة لمراقبة العملية الفنية في كيفية تفسير فولديس للقصص وإعادة بنائها في سرد واحد.
إعلان الفيلم
(النص الاصلي نُشر باللغة اليابانية في 20 يوليو/ تموز 2024، والترجمة من اللغة الإنكليزية. المقابلة والمادة النصية من إعداد إيناغاكي تاكاتوشي. صورة الموضوع مشهد من أحداث فيلم ”الصفصاف الأعمى والمرأة النائمة“. جميع الصور من الفيلم © 2022 سينما ديفاكتو/ ميو برودكشنز/ دوغهاوس فيلمز/ 9238-9402 كيبك إنك. (مايكرو_سكوب، برودكشنز الوحدة المركزية)/ أن أوريجينال بيكتشرز/ ستوديو ما/ آرت فرانس سينما/ أوفيرن-رون-ألب سينما)