الحياة على طريقة الأينو: كيف تعيش ثقافة الأجداد في العصر الحديث في اليابان؟

ثقافة

في أحدث أعماله الوثائقية، يأخذنا المخرج فوكوناغا تاكيشي في رحلة مؤثرة إلى قلب هوكايدو، حيث يعيش شعب الأينو، السكان الأصليون لليابان. من خلال متابعة يوميات عائلة من الأينو، يكشف الفيلم عن التحديات التي تواجه الحفاظ على هذا التراث الثقافي الثري وسط إيقاع العالم المعاصر السريع. ومع تصوير دقيق للتقاليد والعادات، يقدم الفيلم فرصة فريدة لاستكشاف هذه الثقافة المميزة، بينما يمنحنا الحوار مع المخرج والأشخاص الذين ظهروا فيه لمحات عميقة ومباشرة عن معاني الهوية الثقافية والصمود.

فوكوناغا تاكيشي FUKUNAGA Takeshi

ولد في مدينة داتى بجزيرة هوكايدو، في عام 1982. وانتقل إلى الولايات المتحدة في عام 2007 حيث درس السينما في جامعة سيتي في بروكلين بنيويورك. كان فيلمه الروائي الأول، (Out of My Hand) ”خارج عن السيطرة“، الذي عُرض لأول مرة في عام 2015. وقد تم عرض الفيلم في القسم البانورامي في مهرجان برلين السينمائي وفي مهرجانات سينمائية دولية أخرى. وحصل على جائزة أفضل فيلم روائي أمريكي في مهرجان لوس أنجلوس للسينما وجائزة أفضل صانع أفلام ناشئ في مهرجان سان دييغو للسينما الآسيوية. وفي عام 2020، قدم فيلمه الثاني ”آينو موسير“ والذي عُرض لأول مرة في المسابقة الدولية للسرد بمهرجان تريبيكا للأفلام في نيويورك، حيث حصل على إشادة خاصة من لجنة التحكيم. وكان فيلمه الروائي الثالث ”ياما أونّا“ (امرأة الجبل) والذي عُرض لأول مرة في عام 2023.

فيلم وثائقي عن صيد السلمون في ثقافة شعب الأينو

منذ عرضه الرسمي في مهرجان بوسان السينمائي الدولي ومهرجان طوكيو السينمائي الدولي، حظي فيلم أينو بورى (طريقة الأينو) باهتمام كبير. وهو فيلم وثائقي يتابع عائلة من شعب الأينو تعيش في شيرانوكا، بمحافظة هوكايدو، ويظهر الفيلم عائلة أماناي التي تتمتع بحياة مليئة بالمرح وهم يستمتعون ويتشاركون مع بعضهم البعض ومع المشاهدين ثقافتهم ومعتقداتهم وأشكال ترفيههم وتقنيات الصيد التي ورثوها عن أجدادهم من شعب الأينو

من اليسار، فوكوناغا تاكيشي، مدير أينو بوري، أماناي موتوكي، وأماناي شيغيكي في 28 أكتوبر/تشرين الأول (© 2024 TIFF)
من اليسار، فوكوناغا تاكيشي، مدير أينو بوري، أماناي موتوكي، وأماناي شيغيكي في 28 أكتوبر/تشرين الأول (© 2024 TIFF)

يمثل فيلم ”أينو بورى“ انطلاقة جديدة للمخرج فوكوناغا تاكيشي في عالم الأفلام الوثائقية. بعد نجاح فيلمه الروائي ”أينو موسير“ الذي استكشف حياة شعب الأينو في قرية أكانكو أينو كوتان الواقعة على ضفاف بحيرة أكان، قرر فوكوناغا أن يتعمق أكثر في هذه الثقافة الغنية. أثناء تصوير هذا الفيلم، تعرف فوكوناغا على أماناي شيغيكي، الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الناس ويطلقون عليه لقب ”شيغى“.

شيغى يذهب لصيد السمك مع ابنه موتوكي، حاملًا معه ”ماريب“، وهي أداة صيد تقليدية لشعب الأينو (© لجنة إنتاج فيلم أينو بورى 2024 /حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغ)
شيغى يذهب لصيد السمك مع ابنه موتوكي، حاملًا معه ”ماريب“، وهي أداة صيد تقليدية لشعب الأينو (© لجنة إنتاج فيلم أينو بورى 2024 /حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغ)

يقدم فيلم ”أينو موسير“ لمحة عن مهرجان ماريمو المهم الذي يُقام في قرية أينو كوتان. شارك شيغى، الذي يعيش في شيرانوكا على بُعد أكثر من 80 كيلومترًا من بحيرة أكان، في هذا المهرجان أيضًا. شيغى هو رئيس جمعية أينو شيرانوكا ويشتهر بمهارته في صيد سمك السلمون باستخدام الماريب، وهي أداة صيد تقليدية يستخدمها شعب الأينو منذ قرون.

تعرف المخرج فوكوناغا على شيغى عن قرب خلال رحلة صيد بالماريب في خريف عام 2018.

المخرج فوكوناغا مع شيغي وابنه أثناء المقابلة (© واتانابي ريكو)
المخرج فوكوناغا مع شيغي وابنه أثناء المقابلة (© واتانابي ريكو)

عندما قابلت المخرج فوكوناغا وعائلة أماناي بعد عرض الفيلم، روى لي قصة شيغى. قال فوكوناغا ”إن شيغي كان يغوص في مياه النهر الباردة في الظلام الحالك لمجرد أنه أراد ذلك“، وأضاف: ”بدا وكأنه في بيته وهو يصطاد السلمون بسعادة باستخدام هذه الرمح المصنوع يدويًا“.

أُعجب فوكوناغا بشخصية شيغى لدرجة أنه بعد حوالي عام، وبينما كان يختتم تصوير فيلم أينو موسير، قرر التواصل معه لمعرفة ما إذا كان يرغب في المشاركة في صناعة فيلم وثائقي.

أشار شيغى إلى أنه لو كان الشخص الذي طلب منه التصوير شخصًا آخر غير فوكوناغا، لكان قد تردد. قال شيغى: ”لو جاء أي شخص غريب فجأة وقال إنه يريد الاقتراب مني وتصويري، أعتقد أنني كنت سأرفض. لكن فوكوناغا كان قد أصبح صديقًا لكثير من سكان المنطقة خلال تصوير فيلم أينو موسير، لذلك وثقت به“.

بدأ التصوير في خريف 2019 واستمر لمدة حوالي ثلاث سنوات ونصف.

يبدأ الفيلم بمشهد مؤثر لشيغى وهو يقف على ضفة النهر في ساعات الفجر الأولى، يستعد للصيد. قبل أن يبدأ الصيد، يشعل سيجارة ويقدم قربانًا (أونكامي) للألهة. القربان عبارة عن رقائق خشبية صنعها شيغي باستخدام عصا خشبية (إيناو) تستخدم في الطقوس وتربط بين الناس في هذا العالم والألهة في العالم الآخر.

شيغى يقدم دعاءً للآلهة قبل أن يبدأ في الصيد باستخدام الماريب (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
شيغى يقدم دعاءً للآلهة قبل أن يبدأ في الصيد باستخدام الماريب (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

الـ”ماريب“ التي يستخدمها شيغى لصيد السلمون تختلف عن الرمح العادي لصيد السمك. فهي تحتوي على خطاف معدني متصل بالعمود بواسطة قطعة من الخيط يشكل قوسًا بيضاويًا يوفر نوعًا من المرونة، بحيث يصعب على السمكة الانزلاق. وعندما يتم طعن السمكة، ينفصل الخطاف عن الرمح ويتدلى الصيد، مما يسهل سحبه.

عندما ينجح شيغى في اصطياد سمكة السلمون، يقوم بإزالتها من الخطاف، ثم يمسك بذيلها بيده اليسرى ويهزها وهو ينشد ”إناو كور“ (أي ”امسك بالإناو“). ثم يضرب السمكة على رأسها ثلاث مرات بعصا تسمى ”إيباكيكني“ يمسكها بيده اليمنى. بعد ذلك، يشكر السمكة التي فارقت الحياة على تعبها. تعتبر سمكة السلمون طعامًا مقدسًا لدى شعب الأينو ويطلقون عليها اسم ”كاموي سيب“ (السمكة الإلهية) أو ”سيب“ (الطعام الحقيقي). ويهدف هذا الطقس إلى التعبير عن امتنانهم لصيدهم.

يتم قتل السلمون بثلاث ضربات على الرأس باستخدام عصا خشبية تُسمى إيباكِكني (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
يتم قتل السلمون بثلاث ضربات على الرأس باستخدام عصا خشبية تُسمى إيباكِكني (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

على مقربة من عائلة أماناي

يشاركنا شيغى قصة طريفة عن تجربته مع فريق التصوير، يقول: ”أتذكر مرة كان المصور ومهندس الصوت في المنزل ولم أكن أعلم. كانوا يرتدون جوارب خاصة حتى لا يصدروا أي صوت. تمكنوا من التسلل إليّ مثل النينجا! فزعت عندما أدركت وجودهم! كانوا غالبًا ما يكونون غير مرئيين هكذا. ومع ذلك، عندما كانوا ينهون التصوير، كنا نجلس معًا لتناول العشاء“.

في بداية تصوير الفيلم الوثائقي، كان موتوكي خفيف الظل ومرحًا (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/ حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
في بداية تصوير الفيلم الوثائقي، كان موتوكي خفيف الظل ومرحًا (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/ حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

يقول موتوكي إنه لم يكن منزعجًا من وجود طاقم التصوير، حيث قال: ”كنت أتطلع إلى قدومهم كل خريف. حتى مع وجود الكاميرا، كنت أتصرف بشكل طبيعي تمامًا. وكان من الممتع أيضًا المزاح معهم“.

تحدثت آيكا، زوجة شيغى، عن تجربتها مع التصوير بقولها: ”أخبرت فريق العمل أن يصوروا متى شاءوا. في إحدى المرات، دخلوا إلى غرفتي وأنا نائمة وبدأوا بتصويري! [تضحك] عندما شاهدت الفيلم النهائي، فوجئت برؤيتهم يصورونني وأنا أصنع الفطور وأنا نصف نائمة“.

يوشيكي، أصغر الأولاد، في حضن آيكا. وبنهاية الفيلم، أصبح يمشي بالفعل (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/ حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
يوشيكي، أصغر الأولاد، في حضن آيكا. وبنهاية الفيلم، أصبح يمشي بالفعل (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/ حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

يتذكر فوكوناغا نهجه في التصوير قائلاً: ”كانت هذه هي المرة الأولى التي أصنع فيها فيلمًا وثائقيًا، واعتقدت أنه لن أتمكن من تصويره إلا إذا شاركت فيه بنفسي، وأكون قريبًا من الأحداث. كنت مفتونًا بشيغى، وأردت أن أظهر شخصيته الحقيقية على شاشة السينما. لا يوجد العديد من الأفلام أو الإنتاجات عن شعب الأينو، لذلك شعرت أنه سيكون له معنى كبير أن أسلط الضوء على نمط حياتهم“.

أن تكون ممتنًا لنعم الحياة

في يوم آخر، نرى شيغى يخرج لصيد الغزلان. يستدرج شيغي الغزال بصوت صفارة الغزلان ويقتله.

يقول شيغى إن الأمور لا تسير دائمًا بهذه السهولة كما تبدو في الفيلم. حيث يقول:”عندما شاهدت نفسي وأنا أصطاد، فكرت: ’واو، بدوت كصياد محترف!‘ [يضحك]. الحقيقة هي أن الظروف لم تكن مناسبة في البداية. كنت على وشك الاستسلام والرحيل. لكنني رفعت رأسي ورأيت الغزال. لكي أستفيد من اللحم، يجب أن أصوب نحو الرأس أو العنق، وهذا أمر صعب للغاية وأنت واقف. لكن في ذلك اليوم، تمكنت من إصابته مباشرة بين العينين“.

غزال سقط على يد شيغى، الذي هو صياد محترف (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/ حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
غزال سقط على يد شيغى، الذي هو صياد محترف (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/ حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

بعد اصطياد الغزال، قام شيغى بتجهيزه بطريقة تقليدية، حيث شق بطنه بسكينًا وأزال الأعضاء الداخلية. وكما هو الحال مع مشهد صيد السلمون، كان المخرج يدرك أن المشاهدين قد يتفاعلون سلبًا مع رؤية قتل الحيوانات على الشاشة. ومع ذلك، كان فوكوناغا مصمماً على عرض مشهد صيد الغزال كما هو، دون إضافة أي تأثيرات بصرية لإخفاء التفاصيل الدامية.

يقول: ”بعض الناس شعروا بعدم الارتياح مع المشهد الذي يتم فيه تقطيع الغزال“، ”لكنني أعتقد أنه إذا كنت تشتري اللحوم من السوبر ماركت، فإنك تميل إلى أن تنسى حقيقة أنك تأخذ حياة. شيغى يشعر بنفس الطريقة حيال هذا. لذلك، لم أستطع حذف ذلك المشهد“.

كما يظهر في الفيلم، يعمل شيغى في شركة تبيع لحوم الغزلان والدببة. لذلك، ليس من المستغرب أن يقوم شيغى بنقل لحوم الغزلان إلى مسلخ اللحوم بنفسه ويتعامل مع السكين بمهارة أثناء سلخ وتقطيع اللحم.

يظهر أيضًا في الفيلم ابن عم شيغى، ريويتارو، الذي يصاحبه أحيانًا في رحلات صيد السلمون باستخدام الماريب. ريويتارو صياد محترف ويعمل غالبًا على متن قارب يستخدم طرق صيد حديثة، ويصطاد كميات كبيرة من الأسماك بشباك الصيد. روح الأينو تدعو إلى اصطياد ما يكفي للأكل فقط، لكن ريويتارو واضح في أن عمله منفصل عن حياته الشخصية. يقول: ”إذا فكرت فقط في أن تكون من شعب الأينو وتفعل الأشياء بهذه الطريقة، فلن تتمكن من كسب لقمة العيش“.

في موقع الصيد، يعلن شيغى وأصدقاؤه للآلهة أنهم قد صنعوا الإيناو (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
في موقع الصيد، يعلن شيغى وأصدقاؤه للآلهة أنهم قد صنعوا الإيناو (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

مشاعر الشباب المعقدة تجاه الثقافة التقليدية

يستكشف الفيلم عمق التراث الثقافي لشعب الأينو، وكيف يتم تناقله بين الأجيال. كما يسلط الضوء على التحديات والصعوبات التي يواجهها الشباب في الحفاظ على هويتهم.

في المرة الأولى التي يأخذ فيها شيغى ابنه موتوكي لصيد السلمون باستخدام الماريب، يدخل الأب والابن في حوار عميق حول نعم الحياة. هذه المحادثة تستحق الاستماع إليها بعناية.

يبدو موتوكي مترددًا طوال الفيلم حول انتقال التراث الثقافي من الأب إلى الابن. خلال فترة التصوير، يبدو أنه يغير رأيه حول ما يريد أن يكون عليه مستقبله. في إحدى اللحظات، فاجأ موتوكي فوكوناغا بطلب حذف المشاهد التي تم فيها مقابلته. رد فوكوناغا بحزم قائلاً: ”لا يمكنني فعل ذلك الآن“.

ولكن والدته سرعان ما تدخلت لتوضيح مشاعره الحقيقية، قائلة وهي تضحك: ”أراد موتوكي أن يظهر في الفيلم وهو يرتدي قميصه المفضل. ولكن بسبب مخاوف تتعلق بالعلامات التجارية، اضطر إلى تغيير قميصه. لهذا السبب بالذات، شعر بالإحباط من المشروع بأكمله“.

في إحدى المقابلات، يتحدث موتوكي عن تغير رأيه بشأن مستقبله الدراسي خلال فترة التصوير، يقول: ”لقد قلت سابقًا أنني أريد الالتحاق بمدرسة تقنية لأنها كانت الأقرب إلى منزلي في ذلك الوقت. ولكن الآن هناك مدرسة ثانوية جديدة في شيرانوكا. إنها أقرب بكثير وأنا أحب فكرة أن أتمكن من النوم حتى اللحظات الأخيرة في الصباح. في الوقت نفسه، ستفتح المدرسة التقنية الطريق أمامي للحصول على وظائف ذات رواتب أعلى من شهادة المدرسة الثانوية فقط“.

موتوكي يرفع السمكة التي صادها باستخدام الماريب (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
موتوكي يرفع السمكة التي صادها باستخدام الماريب (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

يكشف فوكوناغا أنه إذا سُئل موتوكي، فإنه يرى أن والده، الذي يصطاد حيوانات البحر والغزلان، ”رائع حقًا“. ولكن عندما يُسأل عما إذا كان يريد أن يفعل الشيء نفسه، يتردد موتوكي ويقول إنه أكثر اهتمامًا بالالتحاق بالمدرسة التقنية والحصول على راتب جيد.

على الرغم من التحديات التي يواجهها، يؤكد فوكوناغا أن موتوكي فخور بثقافته ويحاول الحفاظ عليها. يقول: ”في المدرسة، تولى موتوكي المبادرة في تأسيس لجنة لتقديم ثقافة الأينو. بل أصبح رئيسًا لهذه اللجنة. كل هذا يبقى جزءًا من هويته“.

يتحدث شيغي أيضًا عن التغيرات التي يمر بها ابنه موتوكي. ويقول: ”موتوكي يدخل مرحلة المراهقة، وهو يواجه الكثير من الأفكار والمشاعر الجديدة. يتضح ذلك من خلال اهتمامه ببعض الأمور، مثل حقيقة أنه في مدرسة شيرانوكا الثانوية، إذا شاركت في فعالية خاصة بشعب الأينو، يعتبر ذلك يوم عطلة رسمية ويسمح لك بالتغيب عن الدروس“. ويضيف شيغى أنه خلال فترة جائحة كوفيد-19، عندما توقف التصوير لفترة، حدثت تغييرات كثيرة في حياة عائلته، بما في ذلك عمله، ولكنه يقول: ”مهما حدث، نحن نتعامل مع الأمر بشكل جيد“.

(© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
(© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

يشرح فوكوناغا قائلاً: ”هذه تغيرات تحدث في حياة الناس بمرور الوقت، والمدة التي تستغرقها، جزء مهم مما أنشأته. الحياة تستمر حتى بعد انتهاء التصوير. إذا كنت توثق حياة عائلة على مدار فترة طويلة، فمن الطبيعي أن يشهدوا تغييرات مختلفة. من المهم أن نتذكر أن ليس كل الشباب الذين يعيشون في مجتمعات الأينو يفكرون بنفس طريقة شيغى. في الواقع، لم أرد أن أصنع الفيلم فقط لإلقاء الضوء على الأشخاص الذين يعملون على تعزيز الثقافة التقليدية (الأينو). كان شيغي مجرد شخصية مثيرة للاهتمام تفعل ما تحبه، وهذا ما أدى إلى إنتاج الفيلم الوثائقي الذي قدمناه“.

يشير شيغى أيضًا إلى أنه لا يعتبر نفسه ناشطًا في مجال تعزيز ثقافة الأينو. ويقول: ”منذ صغري، كانت هذا جزءًا طبيعيًا من حياتي. لقد تعلمت صيد السلمون بطريقة الأينو التقليدية بشكل طبيعي أثناء نشأتي. لكنني لم أكن أدرك أنني”أورث ثقافة“ عندما كنت أفعل هذه الأشياء. لهذا السبب لا أريد أن أجبر أطفالي على فعل ذلك أيضًا. أعتقد أنه من الأفضل أن ينشئوا وهم مهتمون بها بشكل طبيعي ويتعرفون عليها بطريقتهم الخاصة“.

أعضاء مجتمع الأينو يشاركون في المراسم (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى / حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)
أعضاء مجتمع الأينو يشاركون في المراسم (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى / حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

يعبر شيغى عن مخاوفه من ردود الفعل تجاه الفيلم. ويقول إن هناك العديد من الأشخاص من شعب الأينو يعيشون في شيرانوكا، ولا يزال التمييز موجودًا بشكل كبير. ويضيف أن بعض الأطفال في مدرسة موتوكي لا يعرفون حتى أصولهم الأينو لأن آبائهم لم يخبروهم بذلك.

يشارك شيغى ما قاله لابنه موتوكي حول هذا الأمر: ”بعض الناس يهتمون إذا كنت أينو أم لا، والبعض الآخر لا يهتم. لا داعي للقلق بشأن هذا الأمر. لا أحد لديه الحق في التمييز ضدك. والدك فخور بك، لذلك إذا قال لك أي شخص أي شيء، فعليك فقط أن ترفع رأسك وتكون فخوراً بنفسك“.

بدلاً من القلق، يسود شعور بالإثارة والحماس لدى عائلة أماناي حول عرض الفيلم. تحدثت مع العائلة في نهاية أكتوبر عندما زاروا طوكيو لحضور عرض خاص في مهرجان طوكيو السينمائي الدولي.

يسأل موتوكي فوكوناغا بحماس لأحداث اليوم: ”هيه، تاكيشي... أنا فعلًا قابلت سايتو تاكومي [الممثل الشهير]، أليس كذلك؟ لم يكن حلماً، صح؟“

يضحك فوكوناغا وهو يطمئن موتوكي: ”لا تقلق، عندي صورة كدليل“.

يعبر شيغى عن انطباعاته حول تجربة السير على السجادة الحمراء في اليوم السابق لمقابلتنا. يقول: ”حتى الآن، كنت أعتبر المخرج صديقًا مقربًا وليس مشهورًا. ولكن بالأمس، شعرت وكأنني في عالم مختلف مع ”المخرج المشهور فوكوناغا تاكيشي“. كان يلقي خطابًا باللغة الإنكليزية بطلاقة أمام حشد كبير من الناس ووسائل الإعلام، وبدا رائعًا. بفضله، قضيت أنا وموتوكي وقتًا رائعًا. وفي النهاية، قدمنا شكرًا خاصًا للألهة على هذه التجربة“.

فوكوناغا تاكيشي، على اليسار، مع عائلة أماناي: موتوكي، شيغى، وآيكا (© واتانابي ريكو)
فوكوناغا تاكيشي، على اليسار، مع عائلة أماناي: موتوكي، شيغى، وآيكا (© واتانابي ريكو)

معلومات عن الفيلم

  • المخرج: فوكوناغا تاكيشي
  • مدة الفيلم: 82 دقيقة
  • الموقع الرسمي: ainupuri-movie.jp (باللغة اليابانية فقط)

الإعلان التسويقي

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، والترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: مشهد من فيلم ”أينو بوري“ (© 2024 لجنة إنتاج فيلم أينو بورى/حقوق الطبع والنشر تاكيشي فوكوناغا)

اليابان ثقافة الأينو