هل تبقى الإناث مستبعدات من تولي العرش الإمبراطوري؟

العائلة إمبراطورية

أوصت لجنة خبراء مشكلة لمناقشة الخلافة الإمبراطورية والمسائل ذات الصلة بالسماح لأفراد العائلة الإناث بالاحتفاظ بصفتهن الإمبراطورية بعد الزواج للحفاظ على حجم العائلة، لكنها لم تدرس إمكانية خلافة الأميرة آيكو للعرش. وكانت استنتاجاتها مناقضة تماما لتقرير صدر عام 2005 قبل ولادة الأمير هيساهيتو ابن أخ الإمبراطور ناروهيتو.

ولادة أمير تقلب الأمور

في يناير/كانون الثاني عام 2022 قدم رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو إلى البرلمان تقريرا من لجنة حكومية تم تشكيلها للنظر في الأمور المتعلقة بالخلافة الإمبراطورية لليابان والتي قدمت نهجين رئيسيين محتملين للحفاظ على حجم العائلة الإمبراطورية: السماح لأفراد العائلة الإناث بالاحتفاظ بصفتهن الإمبراطورية بعد الزواج أو استعادة الصفة الإمبراطورية للمنحدرين من ذكور فروع الأسرة السابقين.

كان هذا أول تقرير من نوعه في ظل حكومة الحزب الليبرالي الديمقراطي منذ عام 2005، عندما قدمت لجنة تقريرها إلى إدارة كويزومي جونئيتشيرو. كان ذلك قبل عام واحد من ولادة الأمير هيساهيتو، ابن أخ الإمبراطور ناروهيتو (والذي كان ولي العهد آنذاك) والذكر الوحيد في العائلة الإمبراطورية من جيله. ونظرا لأنه لم يكن هناك أفراد ذكور شباب في العائلة آنذاك، فإن توصيات عام 2005 كانت مناقضة تماما لتلك الواردة في التقرير الأخير.

وخلصت وثيقة عام 2005 إلى أن ’’الحفاظ المستقر للخلافة في سلالة الذكور كما كان ممارسا منذ العصور القديمة سيثبت أن تحقيقه صعب للغاية‘‘، وبالتالي ’’من الضروري إفساح المجال لتولي إمبراطورة أو إمبراطور من سلالة الإناث‘‘، وأن ’’مثل هذه الخطوة ستحظى بموافقة واسعة النطاق من الشعب الياباني‘‘. وذكر التقرير أيضا أنه سيكون من المناسب ’’تبني مبدأ البكورة، حيث تُمنح الأسبقية للمنحدرين مباشرة من الإمبراطور، مع ترتيب الخلافة بين الأخوة والأخوات من صلب الإمبراطور بترتيب العمر، بغض النظر عن الجنس‘‘.

من الواضح أن تقرير عام 2005 جاء معارضا لفكرة استعادة الصفة الإمبراطورية لأولئك المنحدرين من الذكور في فروع العائلة الإمبراطورية التي أزيلت في الإصلاحات بعد الحرب العالمية الثانية. ’’لقد أمضى أفراد العائلة الإمبراطورية السابقون بالفعل ما يقرب من ستين عاما كمواطنين عاديين، وعلاوة على ذلك، لا تربطهم إلا صلة قرابة بعيدة بالإمبراطور الحالي [أكيهيتو]، ويعود الأصل المشترك الذي يتشاركونه معه إلى حوالي ستمائة عام في فترة موروماتشي. وبالتالي هناك قلق بشأن ما إذا كان سيتم قبولهم على نطاق واسع بين الشعب كأعضاء حقيقيين في العائلة الإمبراطورية‘‘. يبدو أن هذه الاستنتاجات قد عززت قضية الأميرة آيكو، ابنة ولي العهد آنذاك الأمير ناروهيتو والتي كانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات، لتولي العرش ذات يوم.

انتظر لتعرف

في التشريع الذي تم تمريره في يونيو 2017 والذي سمح للإمبراطور أكيهيتو بالتنازل عن العرش، هناك بند يدعو الحكومة إلى النظر في مسألة الخلافة المستقرة وإمكانية السماح للإناث بالبقاء في العائلة الإمبراطورية بعد الزواج. شكل رئيس الوزراء سوغا يوشيهيدي في مارس/آذار عام 2021 لجنة تضم 21 خبيرا ستجتمع 13 مرة من بينها خمس جلسات استماع. وفي ديسمبر/ كانون الأول قدم رئيس اللجنة سيئيكي أتسوشي الرئيس السابق لجامعة كييو، تقريره إلى رئيس الوزراء كيشيدا الذي تولى منذ ذلك الحين منصب رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي وأصبح زعيم اليابان.

 سيئيكي أتسوشي (يسار) رئيس اللجنة المشكلة لدراسة ضمان خلافة إمبراطورية مستقرة، يسلم تقرير اللجنة إلى رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو في 22 ديسمبر/كانون الأول عام 2021 (حقوق الصورة جيجي برس).
سيئيكي أتسوشي (يسار) رئيس اللجنة المشكلة لدراسة ضمان خلافة إمبراطورية مستقرة، يسلم تقرير اللجنة إلى رئيس الوزراء كيشيدا فوميئو في 22 ديسمبر/كانون الأول عام 2021 (حقوق الصورة جيجي برس).

جاء تقرير عام 2021 في أعقاب بند في قانون البيت الإمبراطوري ينص على أن الخلافة يجب أن تكون ’’من قبل أحد الذرية الذكور المنحدرين من سلالة ذكور تنتمي إلى السلالة الإمبراطورية‘‘، وحدد أن الأمير هيساهيتو سيصبح إمبراطورا في المستقبل. جاء ذلك بسبب اتفاق بالإجماع تقريبا بين المتخصصين في جلسة الاستماع على أنه لا ينبغي تغيير القواعد حتى يعتلي الأمير هيساهيتو العرش، حيث سيكون من الحكمة تجنب إجراء تعديلات كبيرة أثناء وجود خليفة بالفعل من الجيل التالي.

وذكر التقرير أيضا أن الوقت لم يحن بعد لإجراء مناقشات محددة حول الخلافة في الجيل الذي يلي الأمير هيساهيتو، حيث يمكن أن يكون لها تأثير مزعزع للاستقرار بشكل غير مقصود. ويستطرد التقرير قائلا إنه – عوضا عن ذلك – سيكون من الأفضل الخوض في هذا الأمر بشكل أعمق في المستقبل، بناء على عوامل مثل عمر هيساهيتو وحالته الاجتماعية.

يمكن قراءة هذا الأمر على أنه خطة للانتظار ومعرفة ما إذا كان سيولد ابن لهيساهيتو، عندئذ يمكن أن تستمر الخلافة في ظل النظام الحالي، وتأجيل مزيد من المناقشة حتى ظهور مشكلات متعلقة بالخلافة كأن لا يولد له وريث ذكر.

ولا شك أن ولادة الأمير هيساهيتو هي السبب وراء توصل لجنتي الخبراء في ظل حكومتين للحزب الليبرالي الديمقراطي إلى استنتاجات معاكسة. لكن هل يمكن للمرء أن يقول حقا إن تعليق كل احتمالات استمرار الأسرة الإمبراطورية على فرد واحد فقط من أعضائها هو نتيجة مناسبة لمناقشة ضمان الخلافة المستقرة؟

أشعر أن اللجنة والحكومة فوتتا الفرصة للأخذ في الاعتبار إمكانية أن تصبح الأميرة آيكو ’’إمبراطورة‘‘. في استطلاعات الرأي العام على مدار العام أو العامين الماضيين، كان حوالي 70% أو 80% من المستجيبين يؤيدون تولي امرأة العرش الإمبراطوري. لقد أغفل التقرير تلك النقطة، الأمر الذي من شأنه أن يلقي بظلال من الشك على افتراض تولي الأمير هيساهيتو العرش بشكل طبيعي.

فروع إمبراطورية من سلالة الأميرات

في يناير/كانون الثاني عام 2006 تحدث رئيس الوزراء كويزومي في خطابه السياسي عن نيته مراجعة قانون البلاط الإمبراطوري، والذي كان من شأنه أن يسمح بتولي إمبراطورات من سلالة الأم الخلافة (حيث قد يتولى طفل إمبراطورة العرش). ولكن في الشهر التالي تداولت أنباء عن حمل الأميرة كيكو. أدى هذا إلى تصعيد المعارضة لإجراء تعديل داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي، وأرجأت حكومة كويزومي تقديم مشروع القانون إلى البرلمان. عندما ولد الأمير هيساهيتو في سبتمبر/أيلول، قرر كويزومي ركن المسألة على الرف، وانتهت فترة رئاسته للوزراء التي استمرت لأكثر من خمس سنوات بعد فترة وجيزة.

خلفه في المنصب كان آبي شينزو – في ولايته الأولى كرئيس للوزراء – الذي سرعان ما انتقد اللجنة ونحى النتائج التي توصلت إليها جانبا. ومنذ ذلك الحين، باتت فكرة أن تقتصر الخلافة الإمبراطورية على سلالة الذكور هي الفكرة السائدة داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي.

وفي عام 2012 وبينما كان الحزب الديمقراطي الياباني في السلطة، تم تحفيز رئيس الوزراء نودا يوشيهيكو على اتخاذ تحرك بناء على طلب من وكالة البلاط الإمبراطوري التي كان يتملكها القلق إزاء تناقص حجم العائلة الإمبراطورية والذي يعزى بشكل رئيسي إلى زيجات أفراد العائلة الإناث. وعقد جلسات استماع مع الخبراء الذين لخصوا النقاط الرئيسية في هذه القضية.

وقد برز اقتراحان: بقاء أفراد العائلة الإناث ضمنها بعد زواجهن وإنشاء فروع خاصة بهن، أو جعلهن يواصلن المشاركة في أنشطة العائلة الإمبراطورية حتى بعد مغادرتها. وفي هذه الحالة، ستقتصر تلك التغييرات على أميرات ’’نايشينّو‘‘ وهن إما بنات أو حفيدات الإمبراطور. وهذان المقترحان يفترضان أنه حتى لو كان الأمير هيساهيتو هو الفرد الذكر الوحيد في العائلة الإمبراطورية في جيله، فيمكن أن تدعمه أخواته.

وذكر الملخص أنه إذا شكلت أفراد العائلة الإناث أفرعهن الخاصة، فمن الضروري إجراء مزيد من الدراسة حول ما إذا كان سيتم منح أزواجهن وأطفالهن صفة إمبراطورية. عارض المحافظون حصول الأطفال على صفة إمبراطورية لأن هذا من شأنه أن ينجم عنه أفراد في العائلة من سلالة الأمهات لهم الحق في تولي العرش. وحذروا من انهيار نظام اليابان التقليدي القائم على خلافة الذكور من سلالة الآباء.

ترك رئيس الوزراء نودا منصبه بعد أن مني بهزيمة انتخابية قبل أن يتمكن من جعل تعديل قانون البلاط الإمبراطوري يثمر عن نتائج. وفي تلك المرحلة، بدأ رئيس الوزراء آبي فترته الثانية الطويلة في منصبه، ولم يتم اتخاذ أي إجراء آخر بشأن قيام الأميرات بإنشاء فروعهن الخاصة. ولكن تنازل الإمبراطور أكيهيتو عن العرش في النهاية – بعد تنحي آبي – أسفر عن تشكيل لجنة جديدة وإعادة فتح النقاش حول مستقبل العائلة الإمبراطورية.

زواج الأميرة ماكو يؤثر على المناقشات

في غضون ذلك أثيرت ضجة إعلامية كبيرة حول خطوبة الأميرة ماكو – الأخت الكبرى للأمير هيساهيتو – من كومورو كي. وفي وقت قريب من تسوية القضايا الرئيسية المتعلقة بالزواج في خريف عام 2021، كان هناك تفاهم غير معلن بأن اللجنة لن تقترح تطبيق أي نظام جديد على الزوجين كومورو في تقريرها.

في النصف الثاني من تقرير عام 2021، كانت هناك مقترحات بشأن ما يجب القيام به لضمان استمرار وجود أفراد من العائلة الإمبراطورية آخرين غير هيساهيتو. كان أولها السماح للأفراد الإناث بالبقاء جزءا من العائلة الإمبراطورية بعد الزواج.

وتوقع التقرير وجود اعتراضات من المحافظين على أفراد العائلة الإمبراطورية من سلالة الأمهات، لذلك ذكر أنه في حين أن الأميرات سيبقين ضمن العائلة إلا أن أزواجهن وأطفالهن سيكون لهم حقوق وواجبات المواطنين العاديين. وفي حين أنه لم يمضي الكثير من الوقت على زواج الأميرة ماكو، نفت الوثيقة إمكانية انضمام الأزواج والأطفال إلى العائلة الإمبراطورية.

 ولي العهد فوميهيتو (في الوسط) مع ابنه الأمير هيساهيتو (على اليسار) وابنته الثانية الأميرة كاكو في المنزل الواقع بأكاساكا في 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 (الصورة بإذن من وكالة البلاط الإمبراطوري، حقوق الصورة لرويترز).
ولي العهد فوميهيتو (في الوسط) مع ابنه الأمير هيساهيتو (على اليسار) وابنته الثانية الأميرة كاكو في المنزل الواقع بأكاساكا في 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 (الصورة بإذن من وكالة البلاط الإمبراطوري، حقوق الصورة لرويترز).

أسرة مختلطة؟

بناء على هذا الاقتراح، ستبقى الأميرة آيكو في العائلة الإمبراطورية إذا تزوجت، بينما سيكون أفراد أسرتها مواطنين عاديين. لم يعتبر جميع أعضاء اللجنة الاقتراح مثاليا. فقد تساءل أحد البروفيسورات إن كان يمكن حقا وصف هذه الأسرة المختلطة بأسرة عادية. بينما وصف آخر تأسيس فروع من الأميرات لم تكن في خط الخلافة على أنه إجراء غير كامل وينطوي على مشاكل، مشيرا إلى ضرورة التوصل لحل جذري لضمان استقرار الخلافة. وعلق أستاذ فخري قائلا إن هناك حاجة لبقاء الأميرة آيكو ضمن العائلة الإمبراطورية لدعم الأمير هيساهيتو في واجباته الرسمية عندما يصبح إمبراطورا، وأنه من الطبيعي أن يحصل زوجها وأطفالها أيضا على صفة إمبراطورية، ولكن عند وضع شرط عدم وجودهم في خط الخلافة فإن ذلك يمنع الخلافة عبر سلالة الأم.

بعد أن بلغت الأميرة آيكو سن الرشد في العشرين من عمرها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اقترب الآن احتمال زواجها. ومن المرجح أن يكون لتقرير اللجنة تأثير كبير على حياتها المستقبلية، لذا فإن بدء المداولات البرلمانية في الوقت المناسب سيكون موضع ترحيب.

ستناقش مقالة ثانية اقتراح استعادة الصفة الإمبراطورية للمنحدرين من الذكور في الفروع السابقة للعائلة.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 21 فبراير/شباط عام 2021. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: الأمير هيساهيتو (إلى اليسار) والأميرة آيكو. الصورة بإذن من وكالة البلاط الإمبراطوري، حقوق الصورة لرويترز)

العائلة الإمبراطورية الإمبراطورة الإمبراطور