إيتو ميما: ورقة اليابان الرابحة لقلب الموازين في تنس الطاولة أثناء أولمبياد طوكيو

طوكيو 2020

تشق نجمة تنس الطاولة اليابانية إيتو ميما طريقها في التصنيف العالمي وهي الآن على أهبة الاستعداد لتحدي الهيمنة الأولمبية للصين في مسابقة السيدات. وهي منافسة شرسة تبلغ من العمر 20 عاما وتثير غضب منافسيها بأسلوبها المبتكر في اللعب. وكانت إيتو عضوة في الفريق الياباني الذي حصد الميدالية البرونزية في دورة ألعاب ريو دي جانيرو عام 2016، وهي مصممة على منح اليابان أول ميدالية ذهبية أولمبية لها في هذه الرياضة في طوكيو.

اختراق سور الصين العظيم

منذ بدء التنافس في رياضة تنس الطاولة في الألعاب الأولمبية أثناء أولمبياد سول عام 1988، هيمنت الصين على الرياضة بلا منازع حيث فازت بـ28 من أصل 32 ميدالية ذهبية تم منحها، بما في ذلك جميع منافسات السيدات. تستعد اللاعبة اليابانية إيتو ميما ذات العشرين ربيعا فقط لتغيير الوضع الراهن. فهي مصممة على وضع نهاية لمسيرة الصين الرائعة بهذا المضمار في طوكيو، مسلحة بأسلوب لعبها المتميز وقدرتها التنافسية العالية.

برزت إيتو على المسرح العالمي لتنس الطاولة في عام 2014 في سن 13 عاما. وفي مارس/آذار من ذلك العام، أصبحت أصغر لاعب يفوز بلقب في الجولة العالمية للاتحاد الدولي لتنس الطاولة، حيث حصدت الميدالية الذهبية في بطولة ألمانيا المفتوحة مع شريكتها هيرانو ميو التي كانت أيضا في الثالثة عشرة من العمر. وبعد أسبوع تصدر الثنائي مجددا عناوين الأخبار بفوزهما في بطولة إسبانيا المفتوحة في ثاني فوز لهما على التوالي.

بعد ذلك بعامين عادت إيتو إلى دائرة الضوء الدولية مجددا كعضو في فريق السيدات الفائز بالميدالية البرونزية في أولمبياد ريو دي جانيرو. كانت اليابان قد خسرت أمام ألمانيا في الدور ربع النهائي وواجهت سنغافورة لتحديد المركز الثالث. وفي الجولة الرابعة من المباراة تغلبت إيتو على المصنفة الرابعة فنغ تيانوي بمجموعات متتالية لتنتزع الميدالية البرونزية لليابان. وفي سن 15 و300 يوم، كانت أصغر لاعب يفوز بميدالية أولمبية في تنس الطاولة.

 صورة للاعبات (من اليسار) فوكوهارا آي وإيشيكاوا كاسومي وإيتو ميما مع الميداليات الأولمبية البرونزية في منافسة فرق السيدات في 16 أغسطس/آب عام 2016 في ريو دي جانيرو (حقوق الصورة جيجي برس).
صورة للاعبات (من اليسار) فوكوهارا آي وإيشيكاوا كاسومي وإيتو ميما مع الميداليات الأولمبية البرونزية في منافسة فرق السيدات في 16 أغسطس/آب عام 2016 في ريو دي جانيرو (حقوق الصورة جيجي برس).

حصلت إيتو خلال موسم 2018 على لقب إعلامي جديد وهو ’’دايماو (ملك الشياطين)‘‘ بسبب براعتها في الإطاحة باللاعبات الأعلى تصنيفا. ففي بطولة السويد المفتوحة في نوفمبر/تشرين الثاني، تغلبت على المصنفات الأولى والثانية والسادسة على مستوى العالم، وكلهن من الصين للفوز بلقب فردي السيدات. ساعد أداؤها في ترشيحها لجائزة نجم الاتحاد الدولي لتنس الطاولة المخصصة لتكريم أفضل لاعب في كل عام. وعلى الرغم من عدم فوزها بالجائزة الأولى، تم التصويت لها كأفضل لاعبة في بطولات الفرق العالمية للسيدات.

تلعب إيتو أساليب هجومية سريعة، وتبقى بالقرب من الطاولة وهي تستخدم ترسانتها من التسديدات. وهي معروفة بتحييد الضربات الأمامية بضربة خلفية مضغوطة تسمى ’’لكمة ميما‘‘ بسبب استخدامها الوجهين المطاطيين المختلفين لمضربها -أملس من جانب وخشن مدمل من الجانب الآخر- لتسجيل نقاط عبر أساليب مثل ’’تشيكيتا‘‘ وضربة خلفية قوية و’’تشيكيتا المقلوبة‘‘ ذات نفس القدر من الفعالية. كما أنها تشتهر بإبقاء خصومها في حالة حيرة من خلال تغيير ارتفاع ودوران ومسار إرسالها.

لم تفقد سمعتها -ولا سيما كقاتلة للتنانين- في الصين. اتبع فريق السيدات الصينيات استراتيجيات مختلفة من أجل مواجهة أسلوب إيتو في اللعب، بما في ذلك التدرب أمام لاعبات يستخدمن أسلوبا مشابها لأسلوبها. لكن إيتو من جانبها لم تجعل تلك المهمة سهلة على الصينيين من خلال الاستمرار في تطوير تكتيكاتها وأساليبها. ويستمر سجلها ضد اللاعبات الصينيات في التحسن، واحتلت منذ أبريل/نيسان عام 2020 المركز الثاني في التصنيف العالمي، وهو الأعلى لأي لاعب ياباني. ومع الاستعداد لأولمبياد طوكيو، تتنامى الآمال في أنها ستنهي أخيرا هيمنة الصين على تنس الطاولة وتستحوذ على الميداليات الذهبية لليابان.

مولودة في أسرة رياضية

تسير إيتو على خطى كبار اللاعبات اليابانيات مثل فوكوهارا آي وإيشيكاوا كاسومي وزميلاتها في الفريق في ريو دي جانيرو اللواتي بدأن لعب تنس الطاولة منذ نعومة أظفارهن. بدأت إيتو في التدريب على الرياضة بمجرد أن تمكنت من حمل المضرب، على الرغم من أنه قد يكون من الأنسب القول إن أول تجربة لها مع هذه الرياضة كانت أثناء وجودها في رحم أمها.

تقول مينوري والدة إيتو -والتي كانت هي نفسها لاعبة في المدرسة الثانوية وحصلت على جوائز- إنها أثناء حملها كانت تنقل مجريات مباريات تنس الطاولة المتلفزة إلى ابنتها التي لم تولد بعد عبر أنبوب صنعته بنفسها ووجهته إلى بطنها المتمددة جراء الحمل. تروي مينوري ذلك قائلة: ’’لم تكن ميما قادرة بالطبع على مشاهدة المباريات، لكنني ما زلت أريدها أن تسمع الحدث‘‘. تصر على أن دوافعها كانت بريئة وليدة الأمل في نقل حبها للرياضة إلى جنينها وليس الرغبة في تربية ابنتها لتكون لاعبة.

يبدو أن العادة كان لها تأثير. كانت لا تزال مجرد طفلة صغيرة عندما بدأت والدتها بتدريبها. ومنذ أن كانت في رياض الأطفال إلى حوالي الصف الثالث الابتدائي اعتادت على ممارسة الرياضة لمدة ثلاث أو أربع ساعات في أيام الأسبوع وأحيانا ست ساعات أو أكثر في عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية. وصفت ذات مرة في مقابلة معها تلك الفترة بأنها كانت تبقى مستيقظة حتى الثانية صباحا من أجل التدرب، مضيفة بصراحة طفولية أنه ’’حتى بعد التدرب لثماني ساعات، لا يزال يتعين علي النهوض والذهاب إلى روضة الأطفال‘‘.

إيتو في العاشرة من عمرها تصد تسديدة في بطولات جميع اليابان لتنس الطاولة في 19 يناير/كانون الثاني عام 2011 (حقوق الصورة جيجي برس).
إيتو في العاشرة من عمرها تصد تسديدة في بطولات جميع اليابان لتنس الطاولة في 19 يناير/كانون الثاني عام 2011 (حقوق الصورة جيجي برس).

من غير المعقول في يومنا الحالي إخضاع الطفل للنظام الصارم الذي اتبعه إيتو. يتم الآن تشجيع المدربين الشباب على غرس الاستمتاع بالرياضة في فريقهم بدلا من التركيز بشكل فردي على الفوز. هذا التحول هو في جزء منه رد فعل لأجيال من الرياضيين الشباب الذين يثورون ضد أساليب التدريب الشديدة وغيرها من الانتهاكات التي أجبروا على تحملها، وهي ممارسات أدت في كثير من الأحيان إلى حرق اللاعبين قبل بلوغهم ذروة نشاطهم وترك ندوب جسدية ونفسية طويلة الأمد.

إرادة فولاذية

تتفق إيتو مع نهج اليابان المتغير تجاه رياضات الشباب، لكنها تصر على أن تجربتها -التي تملك جميع السمات المميزة للتدريب المفرط- كانت مختلفة. تقول: ’’لم أشعر أبدا بالإرهاق. لم يكن من الصعب مواكبة التدريب وواجباتي المدرسية. في الحقيقة لم أفكر في ذلك قط. لقد فعلت ذلك للتو‘‘. ولكنها اعترفت بأنها كانت أحيانا تجد صعوبة في النهوض من السرير في الصباح، تقول ذلك بينما ترتسم على وجهها ضحكة صغيرة مكتومة.

بدأت ممارسة الرياضة عندما كانت تبلغ من العمر عامين فقط، وهو خيار تقول إنها اتخذته من تلقاء نفسها، ’’أتذكر أنني كنت قد سئمت من اللعب في المنزل وأردت أن أفعل شيئا ممتعا. أخبرت والديّ أنني أريد أن ألعب تنس الطاولة، وكان هذا هو الحال‘‘. كانت هناك بالتأكيد أوقات عندما كانت طفلة شعرت فيها بضغوط جراء ساعات التدريب الطويلة، على الرغم من أنها فيما يبدو قبلت مثل تلك الصعوبات كجزء من قرارها بممارسة الرياضة. في نهاية المطاف، لا يمكن لأحد أن ينكر أن الساعات الطويلة التي قضتها على الطاولة جعلتها لاعبة اليوم.

أدركت في المرحلة الإعدادية أن الممارسة الطائشة وحدها لن تجعلها لاعبة قوية. تتذكر قائلة: ’’كان علي أن أفكر في قدمي في المباريات، وكان من المنطقي أن أفعل الشيء نفسه عند التدريب. في نهاية المطاف كنت أعرف نقاط قوتي وضعفي أكثر من أي شخص آخر، لذا من أفضل مني في تحليل أسلوبي في اللعب والعمل على أخطائي؟ ولكن الأمر ليس وكأنني توقفت فجأة عن الاستماع إلى مدربي. بل على العكس، كانت مساهماتهم جانبا مهما من نهجي العام‘‘.

إيتو تلعب في مباراة ببطولة الدوحة الدولية لتنس الطاولة في العاصمة القطرية الدوحة بتاريخ 6 مارس/آذار عام 2021. وقد فازت بمنافسة فردي السيدات بالإضافة إلى البطولة الدولية لنجوم تنس الطاولة (حقوق الصورة إي إف بي/جيجي برس).
إيتو تلعب في مباراة ببطولة الدوحة الدولية لتنس الطاولة في العاصمة القطرية الدوحة بتاريخ 6 مارس/آذار عام 2021. وقد فازت بمنافسة فردي السيدات بالإضافة إلى البطولة الدولية لنجوم تنس الطاولة (حقوق الصورة إي إف بي/جيجي برس).

تأثرت رياضة تنس الطاولة بسبب جائحة كوفيد-19 شأنها شأن جميع الرياضات الأخرى حيث تم تأجيل الفعاليات أو إلغائها على الفور. حققت إيتو أقصى استفادة من وقت التوقف عن طريق زيادة شحذ أسلوبها في اللعب. وفازت حتى الآن خلال موسم 2021 بألقاب الفردي في بطولتين رئيسيتين -البطولة الدولية لتنس الطاولة والبطولة الدولية لنجوم تنس الطاولة- ولكن تجدر الإشارة إلى أنه مع عدم قدرة اللاعبين الصينيين من الحضور كانت إيتو الرياضية الوحيدة من المراكز السبعة الأولى التي تمكنت من المشاركة.

عندما فازت طوكيو بحق استضافة الألعاب الأولمبية كانت إيتو في السنة الأولى من المدرسة الإعدادية في عام 2013. حددت لنفسها آنذاك هدف الفوز بالميدالية الذهبية في منافسات الفردي ومنافسات الفرق. ستوفر لها ألعاب طوكيو أيضا فرصة للحصول على ميدالية ثالثة في الزوجي المختلط المضافة حديثا، والتي من المقرر أن تنافس فيها مع شريكها ميزوتاني جون. سيتعين عليها التغلب على فريق صيني عنيد من أجل تحقيق طموحها، لكن إيتو أظهرت أن معنوياتها أعلى من مستوى المهمة ذاتها.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية. الترجمة من الإنجليزية. صورة العنوان: إيتو تستعد لضربة الإرسال في مباراة فردي السيدات ضمن بطولات جميع اليابان لتنس الطاولة بتاريخ يناير/كانون الثاني عام 2021. حقوق الصورة جيجي برس)

طوكيو الألعاب الأولمبية الألعاب تنس الطاولة رياضيون يسعون وراء الذهب في أولمبياد طوكيو