سيتو دايّا: نجم ساطع في عالم السباحة الياباني

طوكيو 2020

في أولمبياد ريو عام 2016، كان على نجم السباحة سيتو دايّا أن يقنع بالميدالية البرونزية في سباق 400 متر سباحة متنوع، وخسر في النهائي أمام منافسه الشرس هاغينو كوسوكى. وتعرضت آماله للثأر من هزيمتة في أولمبياد طوكيو لضربة مؤلمة، حيث تصدرت أنباء عن علاقة له خارج نطاق الزواج في سبتمبر/ أيلول 2020 عناوين الأخبار واضعة إياه محل اهتمام لكل الأسباب الخاطئة، حيث أدت الفضيحة إلى إيقافه عن السباحة التنافسية لبقية الموسم. وللتغلب على هذه النكسة، يواصل سيتو بشغفه الذي لا ينقطع للسباحة المضي قدمًا.

خيبة أمل الميدالية البرونزية

إحدى الرياضات التي يتألق فيها الرياضيون اليابانيون ويميلون بشكل كبير إلى الحصول على قدر كبير من الميداليات هي منافسات السباحة. ولا يمكننا الحديث عن السباحين اليابانيين دون ذكر اسم سيتو دايّا، البالغ من العمر الآن 27 عامًا، والذي سينافس في ثلاث فاعليات هذا الصيف: سباقات 400 متر و200 متر فردي، والتي حصل فيها على ميداليتين ذهبيتين في بطولة العالم 2019 و 200 متر فراشة.

ويتم التركيز على سباق 400 متر متنوع على وجه الخصوص، حيث تأتي نهائيات هذه الفاعليات في اليوم الثاني من منافسات السباحة في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز، وهناك آمال في أن يكون الفوز بمثابة بداية ”حصاد الميداليات“ لليابان في فاعليات السباحة. وسيتو نفسه لا يخفي طموحاته في ترك بصمة منذ السباق الأول بهدف السيطرة على جميع المنافسات الثلاثة.

وُلد سيتو عام 1994 في محافظة سايتاما، وقد طور موهبته على مدار مسيرته المهنية من خلال منافسات شرسة مع زميله عضو الفريق الأولمبي هاغينو كوسوكى. الذي وُلد بدوره في نفس العام الذي وُلد فيه سيتو، ووصل إلى الأولمبياد أولاً، حيث مثل المنتخب الوطني في لندن في عام 2012. لكن سيتو كان الأول في تحقيق بطولة العالم، حيث حصل على الميدالية الذهبية في سباق 400 متر متنوع في بطولة العالم في عام 2013، وهو النجاح الذي تبعه بميدالية ذهبية أخرى في عام 2015.

بعد استلام الميداليات لسباق 400 متر فردي متنوع للرجال في ريو دي جانيرو في السادس من أغسطس/آب 2016. هاغينو كوسوكى (على اليمين) يرفع ميداليته الذهبية، بينما يستعرض سيتو دايّا برونزيَّته. (جيجي برس)
بعد استلام الميداليات لسباق 400 متر فردي متنوع للرجال في ريو دي جانيرو في السادس من أغسطس/آب 2016. هاغينو كوسوكى (على اليمين) يرفع ميداليته الذهبية، بينما يستعرض سيتو دايّا برونزيَّته. (جيجي برس)

انطلق سيتو في ريو دي جانيرو 2016 بآمال كبيرة، لكن التجربة أثبتت مرارتها. ففي نهائي سباق 400 متر متنوع، واجه هاغينو، كما فعل مرات عديدة في الماضي، وفي نهاية السباق، كان منافسه هو من حصل على الميدالية الذهبية. حينها وقف سيتو بجانبه، حاملًا ميداليته البرونزية حول رقبته، لكن على الرغم من الابتسامات التي كانت تعلو وجهه، لم يكن يستطيع إخفاء خيبة أمله.

ويقول إنه بينما كان يقف على منصة التتويج، تعهد لنفسه بأنه مهما حدث، سيفوز بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو.

مطاردة النجاح

استأنف سيتو التدريب بمجرد عودته إلى اليابان. وقد قرر الدخول في أكبر عدد ممكن من السباقات بهدف تقوية نفسه عقليًا وجسديًا. حيث شارك في كأس العالم للسباحة على نفقته الخاصة، وهي مسابقة دولية مترامية الأطراف في أربع منافسات متتالية في بكين ودبي والدوحة. حيث غادر اليابان في أواخر شهر سبتمبر/ أيلول، ولم يحضر موكب الميداليات الذي اجتذب حشدًا كبيرًا من عشرات الآلاف من المشجعين الفرحين إلى حي جينزا في طوكيو في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. وعلى مدى الشهر التالي أو أكثر سوف يركز بشكل استثنائي على تحدي نفسه من خلال خوض سلسلة من المنافسات حول العالم.

بدأ بطولة كأس العالم مليئا بالطموح والتصميم، وحقق سلسلة من الانتصارات. ومع استمرار الفاعليات شعر بالإرهاق وبدأت الخسائر تظهر بجانب انتصاراته. إلا أن سيتو رفض التحجج بأية أعذار، وأعلن قائلًا ”لن أستسلم لمجرد أنني مرهق. إن الأمر سيان بالنسبة للجميع“ مشجعًا نفسه، ورافضًا القبول بأي شيء أقل من أفضل ما لديه.

وابتداءً من عام 2017، وضع خطة مدتها أربع سنوات واستمر في نظام تدريبي عقابي. حيث قرر التدرب على أفضل حركاته في السباحة الفردية، الفراشة، دون التخلي عن تركيزه على الحركات الفردية المتنوعة.

وقال سيتو في ذلك الوقت: ”التدرب على حركة واحدة هي وسيلة جيدة لتحسين مهاراتي، حيث سيؤثر الأمر بالإيجاب على الحركات المتنوعة الأخرى“. وبناءً على هذا الاعتقاد، واصل تطوير أدائه، حيث حصل على البرونزية في سباق 200 متر فراشة في بطولة العالم في عام 2017، والميدالية الفضية في عام 2019. ثم في يناير 2020، تصدّر مسجلًا رقمًا قياسيًا يابانيًا جديدًا في البطولة.

بدأ أيضًا في التدرب بجدية لتقوية ركلته، وهي إحدى نقاط ضعفه القليلة. وأعلن أنه بحاجة إلى مزيدٍ من القوة في ساقيه من أجل الدفعة الأخيرة في السباحة الحرة في نهاية المجموعة المتنوعة، وشرع في اتباع نظام تدريبي شاق من تمارين الدراجة. لتذكير نفسه بالمستوى الذي لا يزال يتعين عليه الوصول إليه، وشارك حتى في منافسات السباق الثلاثي (السباحة، ركوب الدرجات، الجري).

سيتو دايّا في المعسكر التدريبي الأولمبي الياباني في الثاني والعشرين من يونيو/ حزيران 2021، في متنزه (جي إم أو) يونومورا للألعاب الرياضية  بمحافظة ناغانو. (جيجي برس).
سيتو دايّا في المعسكر التدريبي الأولمبي الياباني في الثاني والعشرين من يونيو/ حزيران 2021، في متنزه (جي إم أو) يونومورا للألعاب الرياضية  بمحافظة ناغانو. (جيجي برس).

التأهل الأولمبي والإيقاف

وصل سيتو إلى بطولة العالم 2019 بشكل جيد. حيث قدم سلسلة من العروض البراقة وحصل على الميدالية الذهبية في 200 متر و 400 متر متنوع، ليضمن مكانه في الفريق الأولمبي الياباني في كلا السباقين. كل ما تبقى هو أن يضع سيتو اللمسات الأخيرة على تدريباته ويتأكد من أنه في ذروة تألقه عند إقامة الألعاب الأولمبية في صيف 2020. وكان كل شيء يسير وفقًا للخطة الموضوعة، أو هكذا بدا الأمر.

ولكن في سبتمبر/ أيلول 2020، انتشرت أنباء عن تورط سيتو في علاقة غرامية خارج نطاق الزواج عندما شوهد وهو يغادر أحد (فنادق الحب) مع امرأة ليست زوجته. وكان السبق الصحفي أمرًا جلل، وأثار حفيظة الجمهور الياباني، وخيب آمال مشجعي السباحة والأولمبياد، وأدخل الرياضي نفسه في نوبة من الندم والاكتئاب. ووجد نفسه خارج عقده مع راعيه الرئيسي، وتم تجريده من صفقاته الإعلانية المربحة، وتلقى ضربة موجعة بإيقافة من قبل الاتحاد الياباني للسباحة، الذي منعه من المنافسة لبقية العام لخرقه قانون الروح الرياضية.

وعندما تم اتخاذ القرار في مارس/ آذار 2020 بتأجيل الألعاب الأولمبية لمدة عام، كان سيتو يكافح بالفعل للبقاء متحمسًا ولم يكن قادرًا على ممارسة تدريباته بنفس العزيمة. وعلى الرغم من احتفاظه بمكانه في الفريق الأولمبي، إلا أنه شكك في قدرته على استعادة قوته وبنيته بالشكل الذي سيجعله منافسًا حقيقيًا على الذهب.

وبعد أن خسر الكثير، كانت السباحة هي ملاذه الذي ساعده على استعادة ثقته بنفسه. ففي بطولة اليابان المفتوحة في فبراير/ آيار 2021، وهي أول مسابقة تنافسية له منذ الإيقاف، قال سيتو رسميًا: ”لقد خيبت آمال الكثير من الناس العام الماضي من خلال سلوكي غير المسؤول، وأريد أن أعبر عن شعوري بالندم وامتناني لكوني قادرًا على السباحة مجددًا“

وكانت أول منافسة له هي سباق 400 متر متنوع، حيث سبح في 4:12:57، وهو وقت مثير للإعجاب بعد فترة طويلة من السباحة. ويدل أداؤه على أنه لم يكن يركن إلى الخمول أثناء فترة إيقافه. بل في الواقع، كان يمارس السباحة ويقوم ببرنامجه التدريبي بعيدًا عن زملائه في الفريق.

سيتو في أداء مثير للإعجاب في نهائي بطولة اليابان المفتوحة 400 متر فردي متنوع في الرابع من فبراير/ شباط 2021، في مركز طوكيو للألعاب المائية. (جيجي برس)
سيتو في أداء مثير للإعجاب في نهائي بطولة اليابان المفتوحة 400 متر فردي متنوع في الرابع من فبراير/ شباط 2021، في مركز طوكيو للألعاب المائية. (جيجي برس)

وبعد عودته، دأب سيتو على تحسين أوقاته المسجلة في السباقات بشكل مطرد قبل بطولة اليابان في أبريل/ نيسان في مركز طوكيو للألعاب المائية، مقر إقامة منافسات السباحة في أولمبياد طوكيو. وفي اليوم الأول من البطولة، تمكَّن سيتو من الفوز بسباق 400 متر متنوع. وكان وقته 4:09:02 أفضل أداء له على الإطلاق في هذه البطولة وكان أسرع بنحو ثانية كاملة من مشاركته قبل عامين.

وقال لاحقًا: ”لقد كانت أوقاتي تتحسن بشكل منتظم، ويمكنني أن أشعر باستعادة قوتي وبُنيتي شيئًا فشيئًا كل يوم.“

فرصة أخرى للتألق

يبدو أن سيتو جاهزًا لدورة ألعاب طوكيو. فبعد بطولة اليابان، تحدث مرة أخرى عن حالته الذهنية مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية، قائلاً ”إن السباحة هي ما تسمح لي بالتعبير عن نفسي، وهذا ما اشتهرت به، وبالطبع أتحمل كامل المسؤولية عما فعلته سابقًا، لكن ربما يمكنني التكفير قليلاً عن أخطائي من خلال العمل الجاد بممارسة السباحة، وكل ما يمكنني فعله هو التدريب والتركيز بإخلاص لبذل قصارى جهدي”.

وذكر سيتو بأنه يرى إصرارًا داخليًا فولاذيًا كواحد من نقاط قوته الرئيسية ويقول: ”أعتقد أنه ربما لا يوجد أحد يمكنه إيقافي عندما أضع بالفعل كامل تركيزي على شيء ما. وأريد أن أركز على السباحة، وأن أكون قادرًا على السباحة في أفضل أداء ممكن بالشكل المثالي كما أتخيله في ذهني. وإذا كان بإمكاني القيام بذلك، أعتقد اعتقادا راسخا بأن الميدالية الذهبية ستكون في متناول اليد”.

لقد غرس والدا سيتو عقلية إيجابية فيه منذ صغره، وسماه بإسمه (وهو جناس لفظي قريب من كلمة يابانية تعني ”الماس“) اعتقادًا منه أنه مثل الأحجار الكريمة، فكلما أصقل مواهبه، كلما كان أكثر إشراقًا ولمعانًا. وفي هذا الصيف، ستمنحه الألعاب الأولمبية فرصة أخرى ليسطع نجمه خلال أكبر المنافسات على الإطلاق.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: سيتو دايّا مبتسمًا يحتفل بفوزه بسباق 200 متر فردي متنوع في بطولة اليابان للسباحة في مركز طوكيو للألعاب المائية في الثامن من أبريل/ نيسان 2021. إيه إف بي جيجي برس)

طوكيو الرياضة الألعاب الأولمبية الحكومة اليابانية رياضيون يسعون وراء الذهب في أولمبياد طوكيو