استكشاف نظام ”سانكين كوتاي“ في اليابان

مساكن الساموراي في إيدو تتحول إلى مراكز لنشر المعرفة والثقافة في عموم اليابان

ثقافة

تتمثل إحدى فوائد نظام سانكين كوتاي ’’الحضور بالتناوب‘‘ في حقيقة أن السفر المتكرر للساموراي إلى إيدو من جميع أصقاع اليابان قاد إلى تعزيز انتشار المعرفة والثقافة في شتى أرجاء البلاد.

ازدهار إيدو

يرجع الفضل إلى الشوغون الثامن توكوغاوا يوشيموني (حكم من 1716 إلى 1745) في تطور إيدو (طوكيو حاليا) إلى نظام سانكين كوتاي ’’الحضور بالتناوب‘‘، حيث كان يُطلب من قادة الإقطاعيات وأتباعهم قضاء بعض الوقت في العيش في المدينة بصورة منتظمة. ذكر يوشيموني في السجلات الرسمية للشوغونية أن الجو في إيدو كان مقفرا وغير مأهول بالسكان بشكل لا يليق بمكانة الحكومة إلى حين استحداث أحد أسلافه، إيميتسو (حكم من 1632 إلى 1651)، نظام ’’الحضور بالتناوب‘‘ في أوائل القرن السابع عشر.

ووفقا ليوشيموني إن الغرض من استحداث المكوث الإلزامي في المدينة لرؤساء الإقطاعيات ’’دايميو‘‘ وأتباعهم كان لإضفاء الحيوية عليها وتحقيق ازدهار جديد لها. تم تخصيص ثلاث ’’ياشيكي (مناطق سكنية‘‘ للمقاطعات هي ’’علوية‘‘ و’’وسط‘‘ و’’سفلية‘‘ حول قلعة إيدو. ولكن تلك الأماكن تعود ملكيتها رسميا لحكومة الشوغونية، وكانت زوجات وأطفال الدايميو، الذين كان يقطنون في إيدو بشكل دائم، رهائن قيد المراقبة المستمرة.

ومع وجود الكثير من الدايميو المقيمين في إيدو، بالإضافة إلى عائلاتهم وأتباعهم، انتقل التجار أيضا إليها مما أدى إلى تعزيز الأنشطة التجارية. وهذا بدوره عزز فرص العمل. كما انتقل الكثيرون من غير الساموراي إلى المدينة الصاخبة بشكل متزايد، وبالتالي باتت الآن مناسبة لغرضها الإداري.

كان نظام الحضور بالتناوب هو الشرارة التي أشعلت النمو الهائل في إيدو. ولكن هل كانت نية إيميتسو أن تصبح المدينة بهذا الشكل، يظل ذلك سؤالا مفتوحا، ولكن يوشيموني كان يعتقد ذلك.

فرص للدراسة

نظرا لأن الساموراي من جميع أنحاء البلاد كانوا يقضون أوقاتا في إيدو، أدى ذلك أيضا إلى زيادة تدفق المعلومات بين المدينة والإقطاعيات. أصبحت ياشيكي مراكز لنقل أحدث المعارف العلمية.

كانت مدارس الإقطاعيات تشيد عموما في المنطقة الأصلية للإقطاعيات، ولكن في بعض الحالات كانت تشيد في إيدو. في عام 1797 أنشأت إقطاعية هيروساكي (الآن محافظة آوموري) مدرسة لأتباعها المقيمين في المدينة. هناك سجلات تفيد بأن إقطاعية ماتسوشيرو (الآن في محافظة ناغانو) عقدت ندوات في إيدو بحضور علماء كونفوشيوسيين دعتهم حكومة الشوغونية أثناء عصر بونسيي (1818-1830)، وإن كانت لم تفتتح رسميا مؤسسة لذلك.

في ذلك الوقت كان سانادا يوكيتسورا هو رئيس ماتسوشيرو. وكان نسبه مثيرا للإعجاب فقد كان ابن ماتسودايرا سادانوبو الذي اشتهر بإصلاحاته لنظام الشوغونية، وحفيد حفيد يوشيموني. تبنته عشيرة سانادا عندما كان يبلغ من العمر 25 عاما، بسبب عدم وجود أبناء يخلفون قادتها. وقد شجع أولئك الذين درسوا في إيدو على نقل معارفهم وخبراتهم إلى الإقطاعية.

صورة لسانادا يوكيتسورا (حقوق الصورة لمتحف كنوز سانادا).
صورة لسانادا يوكيتسورا (حقوق الصورة لمتحف كنوز سانادا).

يمكن أن يلتحق الساموراي المختارون من إقطاعيات مختلفة بالمؤسسة التعليمية الكبرى التي تحمل اسم ’’شوهيئيكو‘‘ في يوشيما بإيدو. وكان الشباب الموهوبون الذين رافقوا إقطاعياتهم في الحضور بالتناوب يطبقون معارفهم في أدوار قيادية بعد عودتهم من المدينة الكبيرة.

من بين خريجي شوهيئيكو كان فوجينو كاينان. وُلِد عام 1826 لابن محارب ساموراي من إقطاعية إييو-ماتسوياما (الآن محافظة إيهيميه)، وأصبح مديرا لمدرسة الإقطاعية بعد أن درس في مؤسسة إيدو.

كانت الإقطاعية داعمة على الدوام لنظام الشوغونية، ولكن عندما تحولت التوترات بين الشوغونية والمتمردين الذين أصبحوا حكومة مييجي، إلى حرب من أجل البقاء في عام 1868، وجه فوجينو رأي الإقطاعية لدعم المنتصرين النهائيين.

انتشار ثقافة الطعام

هناك أيضا حالات انتشرت فيها أطعمة تتميز بها إيدو إلى جميع أنحاء البلاد. أحد الأمثلة على ذلك هو طبق تسوكوداني الذي تطهى فيه المكونات في صلصة الصويا والسكر.

جاء طبق تسوكوداني في الأصل من منطقة تسوكودا في إيدو، حيث كان الصيادون يحتفظون لأنفسهم بالأسماك الصغيرة جدا التي لا يمكن شحنها. اكتسب الطبق سمعة طيبة في أنحاء المدينة لذلك كان رؤساء الإقطاعيات الذين يزورون إيدو يأخذونه كهدية تذكارية إلى إقطاعياتهم.

توتو هاناغويومي: (تقويم تفتح الأزهار في العاصمة الشرقية: اصطياد أسماك جليد قبالة تسوكودا). (الصورة بإذن من مكتبة البرلمان القومية).
توتو هاناغويومي: (تقويم تفتح الأزهار في العاصمة الشرقية: اصطياد أسماك جليد قبالة تسوكودا). (الصورة بإذن من مكتبة البرلمان القومية).

عندما بدأت غلات الصيد في التراجع في تسوكودا في نهاية القرن الثامن عشر، انتقل الصيادون من المنطقة إلى جميع أنحاء البلاد بدعوة من الدايميو وغيرهم من الساموراي. بعض أطباق تسوكوداني التي صنعوها من الأسماك الصغيرة والمحار المصطادة من المياه بالقرب من منازلهم الجديدة، انتقلت فيما بعد إلى إيدو.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 24 يناير/كانون الثاني عام 2021. الترجمة من الإنجليزية. صورة العنوان: رجال إطفاء كاغا بريشة أوتاغاوا تويوكوني. يظهر في الخلفية أماكن سكن إقطاعية كاغا في إيدو. البوابة حاليا اسمها بوابة أكامون لحرم جامعة طوكيو في هونغو. حقوق الصورة لمكتبة البرلمان القومية.)

التاريخ الحكومة اليابانية الثقافة التقليدية الساموراي