
فوكوشيما اليابانية تُفاجئ العالم بأحدث الابتكارات التكنولوجية لمستقبل أفضل!
تكنولوجيا- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
تعزيز الابتكار
انطلقت فكرة ”ساحل الابتكار في فوكوشيما“ لتؤسس قاعدة صناعية جديدة على امتداد منطقة هامادوري الساحلية في فوكوشيما، بهدف تسهيل تعافي هذه المنطقة من آثار زلزال شرق اليابان الكبير والكارثة النووية عام 2011. ويغطي هذا المشروع الحكومي 15 بلدية، ويوفر بنية تحتية حيوية لتطوير أفكار الباحثين الطموحين والشركات الناشئة المبتكرة في مجالات رئيسية مثل الروبوتات والطيران والطاقة والبيئة.
وقد شرعت منشآت مثل ”حقل اختبار الروبوت في فوكوشيما (RTF)“ و ”مركز الاحتضان في ميناميسوما“ في إنتاج تكنولوجيا متقدمة، ابتداء من الطائرات المسيرة لأغراض البناء، مرورا بنوع جديد من نظام نقل حضري معلق، وصولا إلى طرق موفرة للطاقة لإطلاق الصواريخ.
حقل اختبار الروبوتات (RTF) في ميناميسوما. توفر المنشأة بيئة مثالية لأعمال فحص البنية التحتية وتدريبات التعامل مع الكوارث، بالإضافة إلى تجارب إثبات جدوى الطائرات المسيرة والروبوتات والمركبات ذاتية القيادة (© هاشينو يوكينوري).
طائرات مسيرة وروبوتات طورتها شركات مقرها في RTF معروضة في قاعة عند مدخل المنشأة (© هاشينو يوكينوري).
يتيح مركز الاحتضان في ميناميسوما (MIC) للشركات الناشئة مكاتب ومساحات عمل للإيجار، بالإضافة إلى تقديم الدعم في جمع التمويلات وتشغيل الشركات (© هاشينو يوكينوري).
شركة ”زيب إنفراستركتشر“: نظام نقل معلق جديد
من بين الشركات التي تتخذ من مركز الاحتضان في ميناميسوما مقرا لها، تبرز ”زيب إنفراستركتشر“ التي تعمل على تطوير نظام نقل معلق آلي، تقول إنه يوفر وسيلة أكثر راحة وأمانا وكفاءة لتنقل الناس داخل المدن. وتقوم الشركة حاليا بإنشاء مسار تجريبي في حقل اختبار الروبوتات، وتبدي ثقة كبيرة بأن منتجها سيسهم في التخفيف من الازدحام المروري، عبر توفير عدد من المحطات التي يسهل الوصول إليها في مناطق حضرية مكتظة.
نموذج أولي لعربة من نظام النقل الحضري المعلق ”زيبار“ من تطوير شركة زيب إنفراستركتشر، في منشأة التصنيع الخاصة بها داخل مركز الاحتضان في ميناميسوما (© هاشينو يوكينوري).
على خلاف التلفريك التقليدي الذي تُسحب عرباته بواسطة كابلات، تتحرك عربات ”زيبار“ بشكل مستقل على سلكين ثابتين ومتوازيين، بطريقة تشبه قطارا معلقا أحادي السكة. يمكن تصور هذا النظام على أنه مركبة كهربائية ذاتية القيادة تسير على أسلاك، وتكون العربة معلقة أسفلها.
يعالج هذا التصميم إحدى أبرز سلبيات نظام العربات المعلقة، التي لا تتحرك إلا في خط مستقيم. أما عربات زيبار فهي غير متصلة مباشرة بالأسلاك، ومن خلال استخدام سكك فولاذية على طول المنعطفات أو عند التقاطعات، تصبح العربة قادرة على تغيير اتجاهها وسلوك مسارات متعددة. وعلاوة على ذلك، يسهم نظام الأسلاك المتوازية في تعزيز الاستقرار، ما يقلل من التأرجح ويوفر تجربة تنقل أكثر سلاسة.
تمثيل مصور لنظام زيبار في بيئة حضرية (© زيب إنفراستركتشر، بيوغون بيكتشرز).
نظام منخفض التكلفة وفعال
تزن كل عربة نحو طنين ونصف فقط، ويمكن تثبيتها على أعمدة فولاذية خفيفة تقام بمحاذاة الأرصفة أو في الجزر الوسطية، ما يقلل حاجة السلطات المحلية إلى شراء أراض إضافية، ويخفض كلفة تركيب النظام ومدة إنجازه. وتتوقع الشركة أن تصل كلفة تنفيذ زيبار إلى 1.5 مليار ين لكل كيلومتر، أي أقل بخمس مرات من كلفة إنشاء قطار أحادي السكة، وأقل بـ20 إلى 30 مرة من كلفة بناء مترو أنفاق. وفضلا عن ذلك، يمكن إنجاز النظام وتجهيزه للخدمة خلال عام واحد تقريبا.
ورغم أن تكلفة زيبار ما تزال أعلى من تأسيس خطوط حافلات جديدة، إلا أن شركة زيب إنفراستركتشر تؤكد أن النظام يتمتع بأفضلية الانسيابية والدقة، إذ لا يتأثر بالازدحام المروري أو الإشارات المتكررة. كما أن زيبار ذاتي القيادة، ما يجعله محصنا ضد مشكلة نقص السائقين التي تواجه شركات الحافلات، ويسهم في خفض تكاليف التشغيل. وتقول الشركة إن أسطولا من العربات التي تنقل 12 راكبا، يعمل بوتيرة وصول كل 12 ثانية، يمكنه نقل 3600 راكب في الساعة، بسرعة قصوى تبلغ 40 كيلومترا في الساعة.
عربة زيبار تجتاز منعطفا في مسار اختبار في هادانو بمحافظة كاناغاوا (© زيب إنفراستركتشر، بيوغون بيكتشرز).
بسبب عدم وجود حاجة لمقصورة سائق، تكون المساحات الداخلية للعربات مفتوحة وواسعة (© هاشينو يوكينوري).
تسعى شركة زيب إنفراستركتشر إلى إطلاق تجاري لنظامها المعلق، ومن المقرر أن تبدأ اختبارات السلامة وغيرها من التجارب في مسارها التجريبي الكبير الجاري إنشاؤه في حقل اختبار الروبوتات في يونيو/حزيران عام 2025. ويشرح ماريو إيان كارلوس فريدو ريبونكوين – مدير العمليات في الشركة – أن RTF يوفر المساحة والدعم اللازمين لإيصال المنتج إلى السوق. ويقول ”نحن بحاجة إلى مساحة واسعة جدا لإجراء الاختبارات التجريبية، وهذا ما يوفره لنا المركز“. ويضيف ”بوجود قاعدتنا التطويرية في مركز الاحتضان القريب، ومع توفر دعم سخي من مدينة ميناميسوما ومحافظة فوكوشيما، أصبح الموقع مثاليا بحق“.
وقد أبرمت الشركة بالفعل اتفاقيات أولية مع عدة بلديات داخل اليابان لإدخال نظام زيبار، وتأمل في تشغيل أول خط فعلي بحلول عام 2027 على أقرب تقدير. كما حظيت زيب إنفراستركتشر باهتمام من الخارج، فقد وقعت مذكرة تفاهم مع هيئة تحويل وتطوير القواعد العسكرية في الفلبين لإجراء دراسات تمهيدا لاعتماد نظام زيبار هناك.
ريبونكوين مدير العمليات في زيب إنفراستركتشر يقف مع نموذج أولي للعربة (© هاشينو يوكينوري).
أسترو إكس: إطلاق الصواريخ من مناطيد
من المبادئ الأساسية في علم الصواريخ أن تُطلق باتجاه الشرق للاستفادة من دوران الأرض في زيادة السرعة، ولهذا تُعد منطقة هامادوري، المطلة على المحيط الهادئ باتجاه الشرق، موقعا مثاليا لتطوير تقنيات الفضاء. ويسعى أودا شوبو الرئيس التنفيذي لشركة أسترو إكس إلى الاستفادة القصوى من إمكانات هذه المنطقة بهدف جعل شركته رائدة في مجال الفضاء.
تعمل أسترو إكس التي تتخذ من مركز الاحتضان في ميناميسوما مقرا لها، على تطوير طريقة لإطلاق الصواريخ من مناطيد تحلق إلى ارتفاع يبلغ نحو 20 كيلومترا فوق سطح الأرض. وقد أطلقت الشركة على هذا النظام اسم ”روكون“، ويتيح كفاءة في استهلاك الطاقة، إذ يُنقل الصاروخ عبر منطاد إلى طبقة الستراتوسفير الخالية من الغيوم لإطلاقه.
تستهلك الصواريخ التقليدية كميات هائلة من الطاقة لاختراق التروبوسفير وهي الطبقة الدنيا من الغلاف الجوي، حيث تكون مقاومة الهواء في أشدها. أما الصاروخ الذي يُطلق من ارتفاع أعلى، فيواجه مقاومة هوائية أقل ويستهلك كمية وقود أقل بكثير. كما أن الاهتزازات الناتجة عن الإطلاق تكون أدنى ما يمكن، ما يقلل الحاجة إلى تجهيزات لحماية الأجهزة والشحنات من التلف. وتؤكد الشركة أن هذه الفوائد وغيرها من المزايا يمكن أن تخفض كلفة الإطلاق إلى أقل من 500 مليون ين، أي ما يعادل نصف تكلفة الإطلاق من الأرض.
تمثيل مصور لنظام إطلاق الصواريخ روكون (© شركة أسترو إكس).
أودا شوبو (يسار) الرئيس التنفيذي لشركة أسترو إكس والمدير التقني وادا يوتاكا، الذي يشغل أيضا منصب بروفيسور في معهد تشيبا للتكنولوجيا (© شركة أسترو إكس).
يوفر نظام روكون مرونة أكبر لبرامج الفضاء، إذ يغني عن الحاجة إلى مساحات شاسعة من الأراضي الخالية، ويتيح إطلاق المناطيد من مواقع متنوعة، بما في ذلك من على متن سفن في عرض المحيط. وفي حال الإقلاع من المحيط، يمكن للسفينة الإبحار مع اتجاه الرياح، ما يسمح بعمليات إطلاق أكثر سلاسة وتقليل التأخيرات المرتبطة بالأحوال الجوية.
نموذج لصاروخ هجين بالحجم الكامل معروض في مركز الاحتضان في ميناميسوما (© هاشينو يوكينوري).
واجهت شركة أسترو إكس تحديات عديدة في تطوير نظام روكون، من أبرزها التحكم في اتجاه الصواريخ بعد انفصالها على ارتفاع مرتفع في طبقة الستراتوسفير. وفي حقل اختبار الروبوتات، طورت الشركة وحدة للتحكم في الاتجاه، واختبرتها بنجاح على صاروخها الهجين بالحجم الكامل. ودخلت الشركة منذ بداية هذا العام في شراكة مع وكالة استكشاف الفضاء اليابانية ”جاكسا“ للبحث وتطوير وحدة تعليق للتحكم في الاتجاه، تُستخدم على منصات المناطيد، وتأمل في بدء تسويقها التجاري اعتبارا من عام 2029.
وحدة التحكم في الاتجاه التابعة لشركة أسترو إكس (© هاشينو يوكينوري).
اختبرت شركة أسترو إكس بنجاح إطلاقا تجريبيا لصاروخ هجين في 9 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024 (© شركة أسترو إكس).
مجموعة آيزاوا: خرسانة باسيليسك ذاتية الترميم
تتصدر شركة آيزاوا للخرسانة جهود الإنتاج واسع النطاق للخرسانة ذاتية الترميم، وذلك بالاستفادة من تقنية جديدة. وقد بدأ اعتماد منتج الشركة المعروف باسم ” باسيليسك“، في مشاريع البنية التحتية وغيرها من الاستخدامات.
تقع المقرات الرئيسة للشركة في توماكوماي بمحافظة هوكّايدو، وقد بدأت بإنتاج الباسيليسك عام 2020. ومن منطلق دعم الابتكار في صناعة الخرسانة، وبما ينسجم مع أهداف إطار عمل ساحل الابتكار في فوكوشيما، أنشأت الشركة مركز ”فوكوشيما للبحث والتطوير والتصنيع RDM“ في ناميي في يونيو/حزيران عام 2023. وإلى جانب تصنيع الباسيليسك ومنتجات أخرى موجهة لمشاريع البنية التحتية، تنخرط الشركة أيضا في أبحاث وعمليات تطوير جديدة، ما يسهم في جذب الكفاءات وتعزيز التبادل المهني في منطقة هامادوري.
هذه الواجهة المميزة هي لمبنى البحث والتطوير، وقد صُنعت باستخدام طابعة خرسانية ثلاثية الأبعاد. وتشير ”RDM“ إلى ”البحث“ و ”التطوير“ و ”التصنيع“ (© هاشينو يوكينوري).
خرسانة ”خضراء“ معمرة
يبدأ تدهور الخرسانة المسلحة غالبا بتشققات صغيرة عرضها أقل من 1 مليمتر. تتسرب المياه والأوكسجين من خلال هذه الشقوق، ما يؤدي إلى تآكل الهيكل الفولاذي. وتعتبر الفحوصات والصيانة الدورية أمرا ضروريا، ولكن حتى في هذه الحالة، فإن عمر الخرسانة قصير بشكل مدهش، حيث لا يتجاوز 50 إلى 60 عاما.
مصارف الطرق ومنتجات البنية التحتية الخرسانية الأخرى في مصنع شركة آيزاوا (© هاشينو يوكينوري).
يُصنع الباسيليسك من خلال مزج نوع خاص من البكتيريا والبولي لاكتيد مع خرسانة جاهزة، ما يمنحها القدرة على الترميم الذاتي عند ظهور التشققات. العملية بسيطة إلى حد ما. تقوم المياه والمواد القلوية في الخرسانة الجاهزة بتفكيك البولي لاكتيد، ما ينتج عنه لاكتات الكالسيوم الذي يغذي البكتيريا التي يمكن أن تظل خاملة داخل الخرسانة القلوية لفترة تتجاوز 200 عام.
وعندما تحدث التشققات ويدخل الماء والأوكسجين، تنخفض القلوية في الخرسانة، ما يُنشط البكتيريا. ثم تتكاثر هذه الكائنات الدقيقة بينما تمتص لاكتات الكالسيوم والأوكسجين، مُطلقة كربونات الكالسيوم التي تملأ التشققات في الخرسانة. يمكن للبكتيريا ترميم شق بعرض 1 مليمتر في غضون أسبوعين تقريبا. وعندما يتوقف دخول الماء والأوكسجين إلى الخرسانة، تزيد القلوية وتصبح البكتيريا مجددا خاملة.
شكل حوض التصريف المصنوع من الباسيليسك لا يختلف عن حوض التصريف المصنوع من الخرسانة التقليدية (© هاشينو يوكينوري).
خرسانة تقليدية تظهر فيها تشققات (أعلى اليمين)، بينما الخرسانة ذاتية الترميم باستخدام الباسيليسك تبدو سليمة (أعلى اليسار). في الأسفل، المواد الخام المستخدمة في تصنيع الباسيليسك (© هاشينو يوكينوري).
يأتي الباسيليسك بسعر أعلى، إذ تبلغ تكلفته نحو مرة ونصف مقارنة بالخرسانة التقليدية. لكنه على المدى الطويل يثبت أنه الخيار الأكثر توفيرا بفضل انخفاض تكاليف الصيانة. كما أن الحاجة إلى إعادة البناء تكون أقل، إذ يمكن أن تدوم الخرسانة 100 عام أو أكثر. وهذا العمر الطويل يجعل الخرسانة أكثر استدامة، نظرا لما ينتج عن تصنيع الأسمنت من إطلاق كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون.
يمكن لطابعة الخرسانة ثلاثية الأبعاد في مبنى البحث والتطوير التعامل مع الباسيليسك بسهولة (© هاشينو يوكينوري).
تعمل آيزاوا حاليا على تطوير خرسانة ذاتية التسخين قادرة على إذابة الثلج والجليد، وأخرى يمكنها تخزين الطاقة. كما تعمل على تطوير طائرة مسيرة عالية الأداء قادرة على حمل طابعة خرسانية ثلاثية الأبعاد، ما يتيح بناء منشآت خرسانية من دون الحاجة إلى تركيب قوالب أو سقالات.
قطع معروضة من خرسانة آيزاوا القادرة على تخزين الطاقة (© هاشينو يوكينوري).
نماذج أولية للطائرات المسيرة عالية الأداء التي تطورها آيزاوا (© هاشينو يوكينوري).
تواصل هامادوري جهودها للتحول من منطقة منكوبة إلى مركز للابتكار قادر على إثراء العالم بطيف واسع من التقنيات المتقدمة.
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: مركز البحث والتطوير والتصنيع التابع لشركة آيزاوا للخرسانة في ناميي بمحافظة فوكوشيما. © هاشينو يوكينوري من Nippon.com)