
إيساغيوي: مفهوم عميق يكشف أسرار الثقافة اليابانية وفلسفتها في الحياة
ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
اليابانيون الحازمون
عند دراسة الثقافة اليابانية، يستوقفني مفهوم ”إيساغيوي“ الذي يُترجم إلى ”الحزم“ أو ”النقاء“ أو ”الشجاعة“ أو ”الاستقامة“، وهو يحمل في طياته معاني خاصة تبرز وجهة نظر اليابانيين تجاه الذات والعلاقات مع الآخرين. تتميز هذه الكلمة بتلميحات عن النقاء والخلو من الشوائب، وغالباً ما تُستخدم لوصف الشخص المتواضع الهادئ، الذي يتصرف بتواضع وبدون تفاخر.
تكتب كلمة”إيساغيوي“ بمقطع الكانجي (潔)، الذي يظهر أيضاً في مصطلحات مثل ”كوكيتسو“ (高潔)، ويعني النبل والنقاء، ما يشير إلى شخصية تتحلى بروح نقية ورفيعة. ويُعَد مفهوم ”إيساغيوي“ جزءاً أساسياً من الجماليات الروحية اليابانية، حيث يعكس قيم الشجاعة المتجردة من الأنانية، ويصور نوعاً من النقاء الأخلاقي الذي يحظى بتقدير عالٍ في المجتمع الياباني، كأن يتصرف المرء بوضوح وشفافية حتى في أوقات الشدائد.
من المهم أن ندرك أن نقل المصطلحات اليابانية مثل ”إيساغيوي“ إلى لغاتنا قد يُوقعنا أحيانًا في إشكالات لغوية تعكس اختلافات في فهم الجوانب الثقافية. فعندما نحاول ترجمة هذا المصطلح، نجد أنفسنا مضطرين لاختيار كلمات قد لا تحمل نفس الثقل الثقافي، فتبدو لنا الترجمة غير قادرة على إيصال المعنى العميق الذي تحمله ”إيساغيوي“ في الثقافة اليابانية.
تزامنًا مع استضافة باريس لدورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية الصيفية، نجد أنها فرصة مناسبة للتأمل في تطبيق مفهوم ”إيساغيوي“ على مواقف الرياضيين وتصرفاتهم. على سبيل المثال، يمكن أن نتخيل متسابقة تعرضت لإصابة أو ألم حال دون فوزها بالميدالية الذهبية، ورغم كونها من المرشحات الأوائل، فإنها في حديثها إلى وسائل الإعلام تمتنع عن ذكر إصابتها كتبرير لخسارتها. في هذا السلوك تتجلى ”إيساغيوي“، فهي تعبر عن روح الشجاعة والاستقامة في مواجهة المحن، دون البحث عن أعذار أو تحميل الآخرين أعباء ما جرى.
وهنا يُقدَّر الرياضي أو الرياضيّة ليس لمجرد مهاراته أو إنجازاته، بل كذلك لتجسيده لمفهوم ”إيساغيوي“ في تلك اللحظات الصعبة، حيث يعكس الصمود وتقدير الذات والانضباط الشخصي بوضوح وأصالة في الموقف.
المفهوم العالمي، ولكن...!
أجد نفسي منزعجاً باستمرار من تساؤلات حول الضمير البشري. هل يختلف ما نطلق عليه ”الضمير“ من ثقافة إلى أخرى؟ وهل من الممكن أن يتغير طبيعياً بناءً على الخلفية الثقافية للشخص؟ إذا كان ذلك ممكناً، فما هي الأنواع والمعايير المختلفة التي قد تشكل هذا الضمير في كل ثقافة؟
أعتقد أن جميع البشر يولدون بنفس القدرة على التمييز بين الفضيلة والرذيلة، والخير والشر. في الثقافة الإسلامية، على سبيل المثال، لدينا مفهوم ”الإحسان“، وهو الدافع نحو إتقان العمل وتحقيقه بعناية وصبر للوصول إلى الكمال. قد تظهر بعض الفروق في كيفية تطبيق هذا المفهوم في المجتمعات المختلفة، لكن في جوهره، هناك مفهوم عالمي مشترك يتجاوز الحدود الثقافية.
بعد سنوات من التواصل مع ثقافات متعددة والانغماس فيها، أدركت أن أحد المعايير الأساسية التي تحدد قدرتنا على التواصل بعمق هو مدى تشابه مفاهيمنا وإدراكاتنا، أي الطريقة التي نفكر بها ونفهم بها العالم من حولنا. سواء كنا ننتمي إلى خلفيات لغوية مختلفة أو نتحدث نفس اللغة، فإن هذا العامل هو ما يحدد مدى قدرتنا على فهم بعضنا البعض بشكل حقيقي عند التواصل
(النص الأصلي باللغة اليابانية والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع © بيكستا)