كيف تُسهم ملصقات ذوي الاحتياجات الخاصة في بناء مجتمع شامل في اليابان

كيف تعزز «علامة المساعدة» روح التضامن والرحمة في المجتمع الياباني؟

ثقافة

في عالم سريع الخطى، حيث يتلاشى التواصل الإنساني خلف زحام الحياة اليومية، تبرز ”علامة المساعدة“ كرمز يرمز إلى التعاطف والتفهم. في اليابان، تُعتبر هذه العلامة أكثر من مجرد ميدالية تُعلق على حقائب الظهر أو غيرها من الأماكن؛ فهي نافذة تطل على عالم من التحديات الصحية الكامنة وغير المرئية. تمثل العلامة صوتًا لمن يعانون من حالات صحية مزمنة، مثل أمراض القلب واضطرابات أخرى. إنها دعوة للآخرين لتقديم الدعم، وإدراك أن بعض الأعباء لا تُرى بالعين المجردة، بل تتطلب منا جميعًا لمسة من الرحمة والاحترام. دعونا نستكشف معًا أهمية هذه العلامة وكيف تُعزّز الوعي الاجتماعي وتعكس روح التعاون في المجتمع الياباني.

علامة المساعدة” أو “ヘルプマーク” (Help Mark) هي مبادرة أطلقتها الحكومة اليابانية في عام 2012 من قِبل حكومة طوكيو، بهدف مساعدة الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية غير مرئية أو تحديات جسدية غير ظاهرة، مما يجعل من الصعب على الآخرين التعرف على احتياجاتهم في الأماكن العامة. تُعلّق هذه العلامة في أماكن مرئية مثل حقائب الظهر أو المحافظ، وتستخدمها فئات متنوعة من الأشخاص، بما في ذلك الذين يعانون من أمراض القلب، صعوبات في الحركة، أولئك الذين لديهم أطراف أو مفاصل اصطناعية، الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري، أو حتى النساء الحوامل في مراحل الحمل المبكرة.

تأتي الشارة مزودة بحزام صغير، مما يتيح لمستخدميها ربطها بممتلكاتهم. صُممت هذه العلامة لتسهيل حصول الأشخاص الذين يعانون من ”إعاقات غير مرئية“ على المساعدة من الآخرين. يُفترض أن يتعرف الناس على العلامة ويقدموا مقاعدهم في وسائل النقل العامة مثل الحافلات والقطارات، أو يساعدوا في حمل الأمتعة.

حصلت ”علامة المساعدة“ على ”شهادة المعيار الصناعي الياباني في يوليو/ تموز 2017، وتم اعتمادها كعلامة على مستوى البلاد قبل دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في طوكيو 2020. وقد تم توزيع الشارات في 23 محافظة بالإضافة إلى طوكيو. كما وضعت بعض شركات السكك الحديدية والحافلات لافتات بالقرب من مقاعد كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، موضحة أن العلامة تشير إلى أن الشخص قد يحتاج إلى مساعدة.

صُممت هذه العلامة لتشجيع الآخرين على تقديم المساعدة أو إفساح المجال للأشخاص في الأماكن العامة، مثل وسائل النقل. تعتبر هذه العلامة جزءًا من الثقافة اليابانية التي تركز على الرعاية المجتمعية والتفهم، حيث تتيح للأفراد الذين يعانون من ظروف صحية غير مرئية الحصول على الدعم اللازم دون الحاجة إلى الإفصاح عن تفاصيل حالتهم.

التصميم والرمزية

تأتي العلامة بلون أحمر مميز مع رمز أبيض للصليب على شكل قلب، مما يجعلها سهلة التعرف في الأماكن العامة. وتدل على أن حاملها قد يكون بحاجة إلى مساعدة أو فسح المجال في المواصلات العامة، مثل القطارات والحافلات، أو في أماكن الانتظار المزدحمة. بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض كامنة لا يمكن التعرف عليها بالعين المجردة، تؤدي إلى إعياء مفاجئ أو حاجة للجلوس يستخدمونها كإشارة لحاجتهم إلى الأولوية في المقاعد المخصصة.

الفئات التي تستخدم من علامة المساعدة

تشمل الفئات التي تستخدم من هذه العلامة:

  1. الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة: مثل أمراض القلب، الرئة، الكلى، السكري، حيث يحتاج هؤلاء إلى رعاية خاصة أو مساعدة في بعض الأحيان.
  2. الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية: حيث قد يواجهون صعوبة في التعامل مع مواقف اجتماعية معينة.
  3. الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة الطبية: مثل المضخات الطبية أو أجهزة تنظيم ضربات القلب التي قد لا تكون مرئية بسهولة.
  4. الحوامل في المراحل الأولى من الحمل: اللواتي قد يواجهن صعوبة في الحركة أو الوقوف لفترات طويلة دون أن يظهر على مظهرهن علامات الحمل الواضحة.

عند مقابلة شخص يحمل ”علامة المساعدة“، يُنصح باتباع إجراءات معينة للتأكد من تقديم الدعم المناسب. تختلف هذه الإجراءات بناءً على الحالة، لكن يُفضل دائمًا تقديم المساعدة الممكنة.

إليك بعض الإرشادات المستندة إلى المعلومات المقدمة على موقع مكتب الرعاية الاجتماعية والصحة العامة حكومة منطقة طوكيو الحضرية:

في وسائل النقل العام (القطارات والحافلات)

  • يُرجى تقديم مقعدك للشخص الذي يحمل علامة المساعدة.
  • على الرغم من أن الشخص قد يبدو سليمًا، إلا أنه قد يشعر بالتعب بسهولة من الوقوف لفترات طويلة.
  • الجلوس على في المقاعد المخصصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة قد يكون مرهقًا، خاصة عندما يصعب تحديد الإعاقة من المظهر الخارجي. 

في المحطات أو المرافق التجارية

  • يُفضل تقديم المساعدة عند الحاجة.
  • قد يواجه الأشخاص الذين يضعون علامة المساعدة صعوبة في القيام ببعض الأمور، مثل الوقوف أو المشي أو الصعود والنزول على الدرج.
  • سيكون دعمك مهمًا جدًا لأولئك الذين يجدون صعوبة في التعامل مع المواقف السريعة.

في حالات الكوارث

  • إذا واجهت شخصًا يحمل علامة المساعدة أثناء وقوع كارثة، يُفضل توجيهه إلى الملجأ أو منطقة الإخلاء الآمنة إذا كان ذلك ممكنًا.
  • قد يكون من الصعب على الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو السمع الحصول على المعلومات الضرورية عن الكارثة، لذا يمكن أن تكون مساعدتك ذات فائدة كبيرة.

بشكل عام، من المهم أن تتذكر أن الأشخاص الذين يحملون علامة المساعدة قد يحتاجون إلى دعم إضافي، وأن تصرفات بسيطة مثل تقديم المقعد أو المساعدة في التنقل يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في حياتهم اليومية. 

التنفيذ والتطبيق

تم تعميم هذه العلامة في جميع أنحاء اليابان بعد نجاحها في طوكيو، وتُوزع مجانًا في مكاتب البلدية والمستشفيات. وتعتبر علامة المساعدة جزءًا من مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز بيئة شاملة تراعي احتياجات الجميع، بما في ذلك ”علامة الحمل“ التي تُستخدم لتحديد النساء الحوامل، و”علامة الكرسي المتحرك“ لتحديد الأشخاص ذوي الإعاقات الحركية.

التوعية المجتمعية

رافق إطلاق ”علامة المساعدة“ حملات توعية كبيرة عبر وسائل الإعلام والمواصلات العامة. تُعلق الملصقات في محطات القطارات والحافلات، وتبث رسائل في وسائل النقل توضح أهمية العلامة وكيفية الاستجابة لها. الهدف من هذه الحملات هو نشر الوعي المجتمعي وزيادة الفهم حول أهمية مراعاة احتياجات الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية كامنة أو غير مرئية.

التأثير والمستقبل

أظهرت هذه المبادرة نجاحًا في تحسين مستوى التعاطف المجتمعي وزيادة الوعي بضرورة توفير دعم للأشخاص الذين قد لا تبدو عليهم علامات التعب أو المرض بشكل واضح. ومع تزايد استخدام التكنولوجيا في تحسين الرعاية الصحية، يمكن أن تتطور هذه المبادرة في المستقبل لتتضمن عناصر رقمية مثل تطبيقات الهواتف الذكية التي تسهل على الأشخاص طلب المساعدة بطريقة غير ملفتة للنظر.

”علامة المساعدة“ تعد رمزًا للتكاتف والتضامن المجتمعي في اليابان، وهي تسلط الضوء على أهمية رعاية الفئات الضعيفة وتعزيز ثقافة التعاون والمساعدة في الحياة اليومية.

(صورة العنوان من © بيكستا)

مجتمع المجتمع الياباني كبار السن شيخوخة المجتمع