هل يصبح تطبيق لاين في طي النسيان؟

تكنولوجيا

ميكامي يوو MIKAMI Yō

صحفي متخصص في مجال الأمن ووسائل التواصل الاجتماعي ومخاطر ومضايقات الإنترنت. قام بكتابة العديد من المقالات على الإنترنت حول أمن المعلومات الشخصية، وكثيرًا ما يظهر على التلفاز والراديو لتقديم المشورة لعامة الناس. ويقوم حاليًا بالإشراف على دورة تدريبية في جامعة بونكيو حول وسائل التواصل الاجتماعي والحالات المتعلقة بالمضايقات والإعتداءات اللفظية على شبكة الإنترنت.

الشباب يبتعدون عن لاين ويتجهون إلى تويتر

أظهر أحد الاستطلاعات التي أُجريت في عام 2020 والتي تبحث في اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي عن انخفاضٍ طفيفٍ في الوقت الذي يقضيه الأشخاص ممن هم في العشرينيات من عمرهم على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل المرء يتساءل عما إذا كان جيل الشباب يبتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي. يوضح الصحفي والمحاضر ميكامي المتخصص في تكنولوجيا المعلومات والقضايا المتعلقة بالإنترنت قائلًا ”لا نشهد انخفاضًا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل جيل الشباب ككل. وبالأحرى، يستخدم المراهقون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر، بينما يستخدمها من هم في العشرينيات من عمرهم بشكل أقل. فالشباب ممن هم في العقد الثالث مرتبطين بتطبيق لاين، أي أنهم جزء من جيلٍ نشأ مع الهواتف المحمولة وتطبيق لاين. ويجد البعض أنه نظرًا لأن تطبيق لاين يتطلب منك التفاعل مع الأشخاص الذين تعرفهم، فقد يكون من الصعب أن تكون متصلًا بحسابك طوال ساعات اليوم الأربع والعشرين. الأمر الذي قد يكون سأم منه من هم في العشرينيات من عمرهم وبدأوا في العزوف عن استخدام التطبيق“.

منصات التواصل الاجتماعي الأكثر تداولًا في اليابان

المنصة التفاعل الشهري
لاين 84 مليون
تويتر 45 مليون
إنستغرام 33 مليون
فيسبوك 26 مليون
تيك توك 9,5 مليون
لينكدإن 2 مليون

طبقًا للبيانات المتاحة للعامة اعتبارًا من يونيو/ حزيران 2020.

يحظى تطبيق لاين في اليابان بالتفاعل الأكبر بين مستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي، يليه تويتر ثم انستغرام، ثم فيسبوك، وأخيرًا تيك توك. إلا أنه مع تضاؤل شعبية تطبيق الـ لاين، يتجه جيل الشباب لاستخدام تويتر بشكل متزايد.

ويوضح ميكامي قائلًا ”بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في الابتعاد عن التواصل مع معارفهم في الحياة الواقعية على الإنترنت، رغبة في الاسترخاء والانفصال عن الواقع، حيث وجدوا في تويتر ضالتهم المفقودة، حيث الخيار الخال من الضغوطات. فمعظم المستخدمون يمتكلون حسابات متعددة على تويتر بحيث يمكنهم الاضطلاع بشخصيات مختلفة، تمامًا كما هو الحال في الطريقة المختلفة التي يتصرف به الأشخاص في المنزل والعمل. وبالمقارنة مع ضغوطات تطبيق لاين، حيث يمكن أن يتسبب عدم الرد على رسالة ما في حدوث قطيعة أو عواقب غير مرغوبة، فإن تويتر هو وسيلة خالية من تلك الضغوطات وطريقة سرية للبقاء متصل بالإنترنت، وربما كان ذلك هذا هو سبب اكتسابه تلك الشعبية“

إلا أن تلك السهولة التي يمكن للمستخدمين من خلالها التعبير عن أنفسهم على تويتر يمكن أن تشكل أيضًا خطرًا عليهم. ففي مايو/ آيار الماضي، أقدمت المصارعة المحترفة ونجمة تلفزيون الواقع كيمورا هانا صاحبة الـ 22 عامًا على الانتحار بعد تعرضها لسلسلة من الاعتداءات اللفظية والتنمر على موقع تويتر. وينوه ميكامي بقوله ”تويتر بالفعل أصبح ساحة تضم كل التوجهات. فالمستخدمون يتعرضون للشتائم والتشهير وخطابات الكراهية. والمضايقات التي واجهتها كيمورا هي مجرد واحدة من المشكلات التي تظهر نتيجة للتفاعل على تويتر“.

السيدات والتفاعل المتزايد على الانستغرام

في الوقت الذي يتزايد فيه أعداد المستخدمين لمنصة تويتر من قبل المراهقين ومن هم في العشرينيات من عمرهم، يحظى تطبيق استغرام بشعبية كبيرة بين الإناث. كما يضم على منصته العديد من المستخدمين المشاهير ونخبة كبيرة من الرياضيين.

ويقول ميكامي ”لقد تزايد عدد مستخدمي تويتر في السنوات القليلة الماضية، تهيمن فيهم الإناث على معظم الفئات العمرية، حيث إن أكثر من 60 في المائة من مستخدمي تويتر ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و 39 عامًا من الإناث. وعندما قمت باستطلاع للرأي بين الطلاب في صفي لمعرفة أي منصات التواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا، وجدت أن تطبيق انستغرام هو الأكثر شعبية. وكان تطبيق لاين هو المنصة الاعتيادية للتواصل فيما بينهم، لكن انستغرام كانت له الكلمة العليا بين بقية منصات التواصل الاجتماعي داخل هذه المجموعة“.

وخلال حالة الطوارئ التي أُعلنت في عموم اليابان لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورنا، استخدم العديد من المشاهير حساباتهم على انستغرام لنشر مقاطع للفيديو. على سبيل المثال، تصدر انستغرام قائمة المصطلحات الأكثر تدولًا مع أسماء مثل المغني هوشينو غين.

ويشرح ميكامي الأسباب التي كانت وراء هذه الشعبية الطاغية قائلًا ”بدأ الأمر كمنصة لتحميل الصور، إلا أن التطبيق الآن مالبث حتى أصبح منصة لنشر مقاطع الفيديو. ونمت عائدات المنصة بشكل كبير حيث يستخدمها المشاهير لنشر أحداث يومياتهم مع مجموعات مختلفة من الصور ومقاطع الفيديو التي تختفي بعد أربع وعشرين ساعة، إضافة إلى بث الحفلات الموسيقية. ومع نمو الإيرادات من خدمات التجارة الإلكترونية والإعلانات، أصبح انستغرام الآن يمثل أكبر عائد في مجموعة شركات فيسبوك“.

تيك توك والانتشار السريع

ويأتي الدور الآن على تطبيق تيك توك الذي يتحدث عنه ميكامي قائلًا ”هذه منصة صينية للتواصل الاجتماعي انتشرت كالنار في الهشيم خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، حيث يصنع المستخدمون مقاطع فيديو قصيرة ويضبطونها على إيقاعات موسيقية. وفي اليابان، يحظى تيك توك بشعبية بين المراهقين ومن هم في العشرينيات من عمرهم. وهي منصة تستهدف بشكل مباشر مستخدمي الهواتف الذكية، وتعرض المنصة مقاطع الفيديو بشكل عمودي، كما في انستغرام، بعكس تويتر وفيسبوك اللذان يستخدمان المقاطع الأفقية“.

ويوضح أن نمو شعبية تيك توك يمكن أن يُعزى أيضًا إلى طول الفيديو الافتراضي الذي يبلغ 15 ثانية.

”ولقد تم تصميم تطبيق تيك توك واضعًا في اعتباره مستخدمي الهواتف الذكية. فالعديد من المستخدمين ممن يقومون بمهام متعددة، يتصفحون مقاطع الفيديو على صفحتهم الشخصية أثناء القيام بشيء آخر. والناس يحبون الطريقة التي يجعل بها تيك توك من السهل على أي شخص نشر مقطع فيديو. والاختلاف الكبير بين تيك توك ويوتيوب هو أنه حتى المبتدئين يمكنهم إنشاء مقطع فيديو يلقى انتشارًا سريعا“.

ويشير ميكامي إلى أن خوارزمية عمل المنصة تعرض بشكل مقصود مقاطع الفيديو الأعلى تصنيفًا مع تلك التي ليس لها مشاهدات أو عدد قليل من المشاهدات، مما يعني أن عدد المشاهدات يمكن أن يتحول من بضع مئات من إلى عدة آلاف بين عشية وضحاها. ويقول ”يتطلب عمل مقاطع فيديو على تيك توك مواهب فنية أقل من تلك الموجودة على اليوتيوب، حيث أن كل ما عليك فعله هو اختيار إيقاع موسيقي أو أغنية والرقص عليها. لذلك عندما تفكر في أن تطبيق تيك توك قد تم إنشاؤه بحيث يمكن أن ينتشر عليه أي مقطع فيديو إذا لاقى استحسان، عندها يمكنك معرفة سبب إقبال الشباب عليه“.

إلا أنه مع تفاقم الخلاف حاليًا بين الصين موطن شركة بايت دانس لتكنولوجيا الإنترنت والشركة الأم لمنصة تيك توك مع والولايات المتحدة، وما تبع ذلك من حظر للتطبيق في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يكون له تداعيات في اليابان، يطالب بعض أعضاء الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني الحكومة الآن بفرض قيود على تطبيقات مقاطع الفيديو في السوق الياباني أيضًا.

فيسبوك الأقل شعبية

على النقيض من تويتر وانستغرام وتيك توك، وهي المنصات الأساسية لجيل الشباب اليوم، فإن فيسبوك يعتبر بالمقارنة منصة أقدم منهم عهدًا.

و يقول ميكامي ”وأنا عن نفسي استخدم الفيسبوك، فهو منصة التواصل الاجتماعي للجيل الأقدم“.

”والفيسبوك هو الأكثر شعبية بين الناس ممن هم في الأربعينيات من عمرهم، يليهم من هم في الخمسينيات ثم من هم في عقدهم الرابع. والفئة الديموغرافية الأقل احتمالًا لاستخدام الفيسبوك هم المراهقون. ومن ضمن التسعين طالبًا الذين أقوم بمحاضراتهم في الجامعة، فقط حفنه قليلة منهم يستخدمون الفيسبوك، وجميعهم في العشرينيات من عمرهم. فالشباب الأصغر سنًا لا يستخدمونه على الإطلاق. حيث ذكر معظمهم أنهم اضطروا إلى إنشاء حساب على الفيسبوك عندما كانوا يبحثون عن وظيفة“.

ويمكن وصف الفيسبوك في اليابان بأنه المنصة المفضلة لمن هم في منتصف العمر، ففي الولايات المتحدة وبقية العالم، يمتلك ما بين 80٪ و90٪ من السكان حسابات على فيسبوك. ومع ذلك، يعتقد ميكامي أن فيسبوك مجبر على تغيير منهجه.

”وعلى مدار السنوات السبع أو الثماني الماضية، تعرض فيسبوك للعديد من الفضائح. حيث اتُهمت شركة الاستشارات السياسية كامبريدج أناليتيكا بجمع ملفات شخصية لعدد كبير من مستخدمي الفيسبوك واستخدامتها في الترويج للإعلانات السياسية التي تدعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب. وهناك عدة شكوك حول طريقة تعامل فيسبوك واستغلالها للمعلومات الشخصية للمستخدمين. ومع ذلك، يظل هو المنصة الأولى في عالم وسائل التواصل الاجتماعي العالمية“.

لينكد إن وحالة من التخبط في اليابان

واحدة من المنصات المذكورة في القائمة تمثل قوة لا يستهان بها في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها فشلت في أن تأحذ مكانًا متقدمًا وسط المنصات الأخرى في اليابان. إنها منصة لينكد إن، وهي التي تستهدف سوق الأعمال والشركات.

ويقول ميكامي ”أعداد المستخدمين منخفضة للغاية في اليابان، فعلى الرغم من أن الموقع يضم رسميًا 2 مليون عضو، إلا أنني أعتقد أن العدد الذي يستخدم الموقع فعليًا أقل بكثير. وفي الولايات المتحدة يستخدم الأشخاص فيسبوك في المنشورات الشخصية ولينكد إن في الأشياء المتعلقة بالأعمال. ويُستخدم الموقع بشكل رئيسي من قبل الباحثين عن الكفاءات. أما في اليابان، فنظرًا لاختلاف طرق وأساليب العمل، فلا يغير الأفراد وظائفهم إلى ذلك الحد المتواجد في الولايات المتحدة. ويُعتقد أن هذا هو سبب عدم زيادة أعداد المستخدمين“.

وكما يشرح ميكامي فإن لكل منصة في عالم وسائل التواصل الاجتماعي سماتها الخاصة، وتجد الشركات أنه من السهل صياغة استراتيجية تسويقية على وسائل التواصل الاجتماعي لأنها قادرة على تضييق نطاقها الديموغرافي المُستهدِف للمستخدمين الذين من المرجح أن يكون لديهم صلة بالمنتج أو الخدمة التي يعلنون عنها.

وتحتوي منصات وسائل التواصل الاجتماعي على معلومات شخصية بما في ذلك البيانات المتعلقة بالعمر والجنس والمهنة، مما يتيح استهداف الإعلانات لشرائح سكانية بعينها. ويُعد الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر فاعلية من إعلانات الإنترنت العادية، خاصةً مع تلك التي تحتوي على عناصر متحركة، والتي تحقق نسبة نقر عالية. وبمعنى آخر، فإن إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي ملفتة للنظر بشكل أكبر. لذلك نجد أن عدد الإعلانات الموضوعة على وسائل التواصل الاجتماعي آخذ في الازدياد بشكل ملحوظ”.

زيادة التفاعلات على شبكة الإنترنت أثناء الجائحة

عند النظر في أحدث توجهات وسائل التواصل الاجتماعي، فيجب أن نتطرق أيضًا إلى الطرق التي غيرت بها جائحة فيروس كورونا حياتنا. ففي الوقت الذي يتعلم فيه الأفراد التأقلم المعيشي مع فيروس كورونا، يتساءل المرء عما إذا كان الناس قد استخدموا التطبيقات هي الأخرى بشكل مختلف أم لا.

ويشير ميكامي بقوله ”ينتابني ذلك الشعور بأن مع بقاء السكان في منازلهم، يتزايد أعداد الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، وأشعر أن منشورات الفيسبوك وتويتر تلقى إعجابًا من المستخدمين وتتم مشاركتها بشكل متكرر. وأشعر كذلك بأن قلقنا مرتبط بوسائل التواصل الاجتماعي، كما كان الحال بعد زلزال وتسونامي عام 2011، ونشهد عددًا أكبر من المعتاد من المشاركات النقدية والمنددة والغاضبة والخائفة“.

ويقول ميكامي بأن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة يميلون إلى عدم الانتباه إلى الوسائل الإعلامية الأخرى. وهذا يعني أن المعلومات الرسمية التي يتم بثها عبر التلفاز والصحف ووسائل الإعلام الأخرى تلقى انتشارًا أقل. وتميل منصات وسائل التواصل الاجتماعي إلى إتاحة قدر هائل من المعلومات، ووضع معايير منخفضة لنشرها واستقبالها. وهذه السمة بالتحديد هي التي ستجعل وسائل التواصل الاجتماعي، والتي انتشرت بسرعة لتتبع عن كثب درب وسائل الإعلام الأقدم عهدًا من حيث التأثير، ستجعلها أكثر تأثيرًا في المجتمع في المستقبل القريب، وخاصة مع تزايد أهميتها كمجموعة من أدوات شبكة الإنترنت.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: عمل فني يعطي انطباعًا عن وسائل التواصل الاجتماعي. صورة العنوان من بيكستا)

الاقتصاد الشركات اليابانية الحكومة اليابانية التكنولوجيا