مسلسل هانزاوا ناؤكي عمل خيالي ينتصر فيه الخير دائما

ثقافة

يحقق مسلسل الدراما التلفزيونية الذي يحمل عنوان ’’هانزاوا ناؤكي‘‘ ويعرض على تلفزيون TBS نجاحا باهرا في موسمه الثاني بعد 7 سنوات من أول عرض للمسلسل في عام 2013. وفي هذه المقالة تشارك الكاتبة والخبيرة المسرحية ماتسوي كيساكو آراءها حول العناصر التي تجذب بشدة المشاهدين للمسلسل.

ماتسوي كيساكو MATSUI Kesako

كاتبة ومولعة بفن الكابوكي. ولدت في كيوتو عام 1953 حيث نشأت وترعرعت بالقرب من مسرح الكابوكي الشهير ’’مينامي زا‘‘. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات المسرحية من كلية الدراسات العليا للآداب والفنون والعلوم بجامعة واسيدا وانضمت إلى شركة شوتشيكو للإنتاج السينمائي والمسرحي وفن الكابوكي. انتقلت إلى العمل بصورة مستقلة حيث كتبت وأنتجت وانتقدت أعمالا لمسرح الكابوكي. ظهرت لأول مرة كروائية في عام 1997 وفازت في العام نفسه بجائزة عن روايتها التاريخية ’’ناكازو في نوبة جنون‘‘ التي يظهر فيها ممثل كابوكي كبطل. وفي عام 2007 فازت بجائزة ناؤكي عن فيلم ’’دليل إلى يوشيوارا‘‘. أحدث أعمالها المنشورة هي ’’قصة أحلام إيدو‘‘ وهي رواية عن إيتشيكاوا دانجورو الأول.

استقطبت بداية الموسم الثاني من المسلسل الدرامي الذي يحمل عنوان ’’هانزاوا ناؤكي‘‘ المشاهدين اليابانيين. يُبث المسلسل على قناة TBS، ويروي قصة مصرفي متمرد يحمل نفس الاسم يخوض قتالا ضاريا في عالم الشركات اليابانية. أثار العرض إعجاب مشاهدي التلفزيون في وقت يقضي فيه الكثير منهم فترات أطول في المنزل وسط جائحة فيروس كورونا، من خلال ما يعرض من أحداث مشوقة بمشاركة فريق من الممثلين النجوم من بينهم العديد من ممثلي الكابوكي المعروفين.

إن تصوير المسلسل للبنك باعتباره كيانا شريرا ضخما لا يتماشى قليلا مع الزمن الحاضر نظرا لكيفية عمل القطاع المالي الياباني اليوم، ولكن مواقع التصوير تدل على أن المسلسل خيال محض. يبدو مسلسل هانزاوا ناؤكي وكأنه دراما تاريخية تدور أحداثها في الماضي القريب أثناء فترة اقتصاد الفقاعة في اليابان، ويتعزز الشعور المسرحي في الدراما بلعب فناني كابوكي أدوارا مهمة في المسلسل. يجد المشاهدون بهذا الانفصال عن الواقع أمرا مطمئنا، مما يسهل الجلوس على الأريكة والاستمتاع بمشاهدة تكشف الأحداث.

العروض عبارة عن رسوم كاريكاتورية لمسرح الكابوكي، حيث يعرض الممثلون تعابير وجه متقنة ويؤدون أدوارهم بطريقة درامية للغاية. حتى أن بعض الحلقات تبدو وكأنها تحاكي مشاهد شهيرة من مسرحيات كابوكي. هناك أيضا أوجه تشابه مع المانغا في العروض المبالغ فيها وفي الطريقة التي يرسم فيها المسلسل خطا واضحا بين شخصيات الخير والشر. المسلسل جذاب على وجه التحديد لأنه يجنب المشاهدين التفكير بمنطقية ويمكنهم من الهروب من الواقع.

الواقع لا يحمل طابعا ترفيهيا

العالم الحقيقي معقد. وفي اليابان كما هو الحال في أي مكان آخر، بدأت الآراء الاجتماعية والخطوط الثقافية التي لا جدال فيها في التبدل بوتيرة مذهلة. كانت اليابان خلال سنوات نموها الاقتصادي السريع شبه مجمعة على وجهة نظرها بأن التقدم الاقتصادي أمر جيد. ولكن حاليا يتساءل الكثير من الناس عن عن جدوى السعي الأعمى لتحقيق مكاسب اقتصادية ويعبرون عن استيائهم من القادة السياسيين غير القادرين على السير بالبلاد في اتجاه جديد، حتى مع استمرارهم في التصويت لصالح بقائهم في مناصبهم.

مشاهدو التلفزيون اليابانيون لا ينجذبون عادة إلى العروض التي تقدم صورا واقعية عن العالم، فهم يسعون وراء الترفيه وهذا هو الدور الذي يؤديه مسلسل هانزاوا ناؤكي بكل ثقة، ما يمنح المشاهدين راحة من القلق اليومي من خلال الأجواء الخيالية الشبيهة بالمانغا على نحو لا يعرف الخجل.

لعب دور الشخصية الرئيسية ساكاي ماساتو الذي يتعرض للإهانة مرارا وتكرارا ويضعه خصومه في مواقف محرجة داخل البنك الذي يعمل به. لكنه ينجح دائما في رد الصاع صاعين لمن يضايقه. ليس هناك أدنى شك في أن هانزاوا سينتصر. يدرك المشاهدون أن الأمور نادرا ما تسير بهذه الطريقة في الحياة الواقعية، ما يجعل انتقامه مرضيا للغاية. وهم يتشاركون معه نجاحه ويستمدون طاقة جديدة في نهاية كل حلقة ويصبحون جاهزين لمواجهة صعوبات يوم آخر.

التداعيات على مسرح كابوكي

إن ظهور فناني الكابوكي في أعمال درامية تلفزيونية ليس بالأمر الجديد، ولكن يمكن أن يكون قفزة صعبة الأداء عليهم. من أهم التحديات أن العروض الحية الأكبر التي تميز المسرح التقليدي هي على خلاف التمثيل الأكثر هدوءا للشاشة الصغيرة. ليس من غير المعتاد أن يخفف ممثلو الكابوكي من أسلوبهم الجذاب في محاولة للظهور بمظهر أكثر ’’واقعية‘‘ أمام مشاهدي التلفزيون. ولكن مثل تلك الجهود غالبا ما تتسبب في ظهور الشخصيات بشكل جامد.

ولكن في هانزاوا ناؤكي يتم استخدام أسلوب الكابوكي المبالغ فيه لإحداث تأثير كامل ليس من قبل ممثلي الكابوكي أنفسهم فحسب ولكن من قبل جميع الممثلين. أصبح المشاهدون يتوقعون مشاهدة هذا الأداء المبالغ فيه وربما حتى يستمتعون به كنوع من تكييف المانغا للتلفزيون.

يحتفظ الكابوكي بالكثير من عناصره التقليدية، ولكنه أيضا شكل فني مفعم بالحياة يجب أن يتطور باستمرار للحفاظ على حضور الجماهير إلى العروض. وفي هذا الصدد يعمل مسلسل هانزاوا ناؤكي على استقطاب جماهير جديدة من خلال تسليط الضوء على القيمة الترفيهية للكابوكي.

ولكن ينبغي النظر إلى العروض المبالغ فيها في المسلسل على أنها مجرد رسوم كاريكاتورية للكابوكي وليست تمثيلا حقيقيا للمسرح التقليدي بأي حال من الأحوال. إن فن الكابوكي الحقيقي هو إضفاء طابع درامي على حالة الإنسان بأسلوب لم يتغير على مر أجيال عديدة. وسيكون من غير الملائم لفناني الكابوكي وزملائهم المشاهدين إذا زار معجبو هانزاوا ناؤكي مسرحا للكابوكي لأول مرة وكانت ردة فعلهم على المشاهد بإطلاق نوبة من الضحك أو الهيجان كما لو كانوا يشاهدون المسلسل التلفزيوني.

قوالب نمطية للمرأة

على النقيض من تصوير المصرفيين في المسلسل بأنهم ذكوريون بشكل مبالغ فيه، تظهر هانا زوجة هانزاوا والتي تلعب دورها أويتو آيا، كشخصية معتدلة السلوك وغير مؤذية ويبدو أنها تعيش في عالم مختلف تماما. إنها عروس من النوع النموذجي الذي يحلم به الكثير من الرجال اليابانيين فهي امرأة رزينة لا تفهم أو لا تهتم كثيرا بعمل زوجها. لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها شريكة لها مكانة متساوية مع زوجها، لكنها جميلة وبسيطة وقادرة بطريقة ما على تزويد هانزاوا بمعلومات قيمة عندما يحتاج إليها فقط. وفي كل مرة يحدث ذلك، يعانقها بشدة.

تستحضر هذه الصورة النمطية الطريقة التي يتم بها تصوير النساء الشقراوات في أفلام ألفريد هيتشكوك. لكن في الولايات المتحدة تغيرت صورة المرأة بشكل كبير منذ ذلك الحين. فالبطلات اليوم متنوعات، فهن نساء قويات قادرات تماما على تخطي صعوبات الحياة بمفردهن. في المقابل لم يتطور التصوير الفني للمرأة في اليابان على الإطلاق. وهذا أمر غير معتاد مقارنة بالدول الأخرى حول العالم.

من المحتمل أن تنظر المتابعات لمسلسل هانزاوا ناؤكي باستياء إلى شخصية هانا، حيث يرونها نتاج تخيلات ذكورية صبيانية. فعلى النقيض من حالة الكدح ومكابدة المشاكل التي يعاني منها زوجها، تظهر هانا غير مبالية بعد أن ضمنت الاستقرار المالي من خلال الزواج من مصرفي، وهي مهنة من شأنها أن تجعل أي امرأة تتزوج من أجل نشوة المال. وبعد أن وجدت هانا في هانزاوا شريكها المنتظر، تقوم هانا بدورها كزوجة مطيعة تلبي رغبات زوجها.

قد يتمنى الرجال الذين لا يدركون هذه الآثار أن تكون زوجاتهم مثل هانا، وهي أمنية غير واقعية تُظهر مسلسل هانزاوا ناؤكي على أنه عمل خيالي محض.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية. الترجمة من الإنجليزية. صورة العنوان: من اليسار إلى اليمين، كاغاوا تيرويوكي (حقوق الصورة لجيجي برس) وساكاي ماساتو (حقوق الصورة لكيودو) وكاتاؤكا آينوسوكي (حقوق الصورة لكيودو)

طوكيو الفن السينما الفن المعاصر الثقافة الشعبية الثقافة التقليدية