هل ’’العقارات الموصومة‘‘ المنبوذة في اليابان حقا مسكونة بالأشباح؟

لايف ستايل

’’العقارات الموصومة‘‘ هي مساكن شهدت موت أشخاص غالبا في ظروف غير سارة أو غامضة. عادة ما تكون مثل تلك العقارات منبوذة وييأس ملاكها من بيعها أو تأجيرها مرة أخرى. شغلت هذه الزاوية القاتمة من سوق العقارات حيزا في التغطية الإعلامية مؤخرا، ويأمل بعض الناس في أن تكون المواقف الاجتماعية تجاه تلك العقارات قد تغيرت.

هاناهارا كوجي HANAHARA Kōji

المدير التنفيذي لشركة نيكّي ماركس العقارية. ولد في تويوؤكا بمحافظة هيوغو في مارس/آذار عام 1977. انضم إلى دايوا هاوس في أبريل/نيسان عام 1999، حيث عمل حتى مغادرته وتأسيسه شركته الخاصة في عام 2016.

ماتسوبارا تانيشي MATSUBARA Tanishi

فنان وكوميديان. من مواليد عام 1982 في كوبي بمحافظة هيوغو. انتقل للعيش في أول ’’عقار موصوم‘‘ في أوساكا في إطار تصوير سلسلة تلفزيونية عام 2012، وقد عاش حتى الآن في 12 من تلك ’’الأماكن المخيفة‘‘ في أرجاء البلاد، بما فيها أوساكا وطوكيو وأوكيناوا. في عام 2018، أصبح كتابه الذي يؤرخ لخبراته في العيش في تلك الشقق الأكثر مبيعا، حيث بيعت منه أكثر من 100 ألف نسخة. وقد أُنتج فيلم مستوحى من الكتاب في أغسطس/آب عام 2020 ليحصد أكثر من 2.3 مليار ين في شباك التذاكر. ومنذ ذلك الحين كتب متابعات شهيرة لكتابه الأول عن مواضيع مماثلة.

جوانب إيجابية للعقارات السلبية

هناك عبارة يتم استخدامها في قوائم عروض العقارات المعدة للتأجير تقول ’’هناك تفاصيل يتعين الكشف عنها لأي عميل محتمل‘‘. إنها إشارة إلى أن العقار المعني هو من النوع الذي يدعى ’’حادث‘‘ أو عقارات ’’حوادث‘‘ (باليابانية ’’جيكو بوكّين)‘‘، وهو مكان انتحر فيه مقيم سابق أو تورط في جريمة قتل أو توفي بمفرده، خاصة إذا كانت الجثة لم تُكتشف إلا بعد مرور بعض الوقت. تلحق بمثل هذه العقارات وصمة قوية: حيث يميل الناس إلى تجنب مثل تلك العقارات باعتبارها أماكن مشؤومة ويعتقد الكثيرون أنها من المحتمل أن تكون مسكونة بالأشباح. يبتعد معظم المستأجرين المحتملين بمجرد أن يكتشفوا أن العقار يندرج ضمن هذه الفئة، ويكافح أصحاب تلك العقارات للعثور على أي شخص مستعد للعيش فيها. إن هذه ’’العقارات الموصومة‘‘ بالنسبة لهذا القطاع تشكل أخبارا سيئة.

ولكن في السنوات الأخيرة بدأ بعض الأشخاص في النظر إلى الجوانب الإيجابية لهذه العقارات الإشكالية، وفي مقدمتها حقيقة أنه يمكن استئجارها عموما بسعر أرخص بكثير من العقارات الأخرى ذات المساحة والموقع المماثلين، وتجتذب ’’العقارات الموصومة‘‘ مؤخرا اهتمام وسائل الإعلام أكثر من أي وقت مضى.

ولإعداد هذا المقال تحدثت مع اثنين من المتخصصين في هذا المجال غير المعروف -ولكن المخيف كثيرا- من الأعمال العقارية. المتخصصان هما: هاناهارا كوجي وهو رئيس شركة نيكّيي ماركس التي تشغل وكالة عقارات متخصصة في ’’جيكو بوكّين‘‘، وماتسوبارا تانيشي هو فنان وشخصية إعلامية صنع لنفسه اسما بأنه ’’رجل يعيش في عقارات موصومة‘‘ وله كتابات كثيرة عن هذه الظاهرة.

حل مشكلة المنازل المهجورة

وُلد هاناهارا في محافظة هيوغو، وكان طالبا جامعيا في كوبي عندما دمر زلزال هانشين أجزاء كبيرة من تلك المدينة في عام 1995. وبعد أن رأى بأم عينه الأهمية الكبيرة للمساكن المبنية جيدا والمقاومة للزلازل والتي أنقذت حياة الكثيرين، انضم بعد التخرج إلى ’’دايوا هاوس إندستري‘‘ إحدى أكبر شركات الإسكان في اليابان، وسرعان ما أصبح أحد أفضل مندوبي المبيعات في الشركة.

يقول هاناهارا ’’إن المجتمع الياباني آخذ في الشيخوخة، وإحدى المشاكل الناجمة عن ذلك هي قضية المساكن المهجورة. أصبحت المشكلة أكثر تعقيدا خلال العقد أو العقدين الماضيين. بدأت أشعر أنه من خلال التركيز على مبيعات المنازل الجديدة على حساب العقارات المستعملة التي كان من الممكن شغلها مرة أخرى، كنا جزءا من المشكلة‘‘.

في عام 2016 أسس هاناهارا شركة الوساطة العقارية نيكّيي ماركس. وبعد ثلاث سنوات أطلق علامته التجارية ’’جوبوتسو‘‘ وتعني ’’الارتقاء إلى منزلة بوذا‘‘ أي تحرير الروح بعد الموت، استنادا إلى مفهوم إعادة تأهيل العقارات الموصومة وتداولها في سوق العقارات مرة أخرى.

يقول هاناهارا إن فكرته الأصلية للموقع الإلكتروني كانت تسهيل ’’لفت انتباه الأشخاص الذين لا يمانعون في الارتباطات السلبية التي تعلق بتلك العقارات. اعتقدت أنه قد يكون من المفيد قليلا إعادة بعض تلك العقارات إلى السوق. لكن في الحقيقة لم أكن أتوقع أي شيء أكثر من ذلك‘‘. لكن المبادرة الجديدة لقيت ترحيبا واسعا من قبل أشخاص آخرين في القطاع الذي عانى على مدار سنوات مع تلك العقارات، وقد أثار الموقع استجابة أوسع بكثير مما كان يتوقع. ومنذ ذلك الحين تتدفق طلبات بانتظام للتغطية الإعلامية.

قوة المحرمات

أكبر عامل جذب للعقارات الموصومة هو أن إيجارها أو سعر بيعها أقل بكثير مما سيكون في الأحوال الطبيعية. وفي حالة شقة ضمن مجمع سكني، يكون السعر بشكل عام منخفضا جدا بحيث يوجد خطر ضئيل في تدهور القيمة السوقية للمجمع بشكل أكبر. ويقول هاناهارا إنه على الرغم من تلك المغريات، بعد 18 شهرا من إطلاق الموقع أصبح سوق تلك العقارات الموصومة صعبا بسبب مجموعة من المضاعفات المرتبطة بها.

’’لا يكاد يكون هناك أي بيانات مبيعات متراكمة لتلك العقارات، لذلك من الصعب معرفة إلى أين كانت أسعارها تتجه في الماضي. حتى أن هذا صعّب علينا مهمة الحصول على تمويل مصرفي لهذه الأعمال في المقام الأول‘‘.

هاناهارا كوجي يتحدث عن أعماله (حقوق الصورة لسايتو هاياتو).
هاناهارا كوجي يتحدث عن أعماله (حقوق الصورة لسايتو هاياتو).

ثبت أنه ليس بالسهل إزالة الوصمة المرتبطة بتلك العقارات. غالبا ما يعتقد الناس أن تلك العقارات قد تكون مسكونة بالأشباح، وهذه المسحة غير العادية تصعّب من عملية إجراء تقييم عادل لقيمتها العقارية.

’’يموت الكثير من الناس في حالات انتحار أو حوادث قطار أخرى في محطات قطارات معينة أو في دور إيواء المسنين، لذلك فإن هذه الأماكن تعتبر ’’عقارات موصومة‘‘ أيضا. ولكن لسبب ما، لا تؤدي مثل تلك الحوادث إلى فقدان تلك الأماكن لقيمتها السوقية. حيث يستمر الناس في استخدام تلك المحطات في اليوم التالي للحادث، كما أن دور رعاية المسنين غالبا ما تكون لديها قوائم طويلة من الأشخاص الذين ينتظرون شاغرا للدخول إليها. أتمنى أن يزداد عدد الأشخاص الذين ينظرون إلى تلك العقارات على أنها أماكن ذات قيمة حقيقية ومستمرة كعقارات بدلا من التفكير في أنها أماكن مخيفة قد تكون مسكونة بالأشباح‘‘.

أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الناس يميلون إلى تجنب العقارات التي يموت فيها الناس فجأة أو في ظروف مروعة إلى حد ما، يتعلق بالنظرة الثقافية عميقة الجذور للموت على أنه شيء يُدنِّس، وبالتالي فهو من المحرمات. لمحاولة محاربة هذه المعتقدات، قام ماتسوبارا بتشكيل فرقة خاصة من عمال النظافة الذين يؤدون مجموعة من طقوس التطهير للعقارات التي توفي فيها أحد السكان السابقين. وعلاوة على عملية التنظيف الشاملة المعتادة لأي عقار قبل طرحه في السوق، جعل ماتسوبارا فريقه يقوم بأداء طقوس التطهير وفق الشعائر الشنتوية والاحتفالات البوذية للصلاة من أجل الأرواح المتوفية. ثم تصدر الشركة شهادة تفيد بأن روح المتوفى قد وجدت السلام ولم تعد تشكل أي تهديد باضطراب غير معتاد. تحاول الشركة من خلال تقديم أعلى درجات الاحترام لروح الشخص الذي مات في العقار تقليل العوائق النفسية للمقيمين الجدد المحتملين.

تعمل الشركة أيضا على تطوير خطط من أجل سبل لتحقيق أقصى استفادة من الرخص النسبي لتلك العقارات عن طريق التخطيط لتعاون مع فنانين ومتخصصين في تحسين المنازل. في نهاية المطاف، يأمل ماتسوبارا أن تساعد هذه الجهود في إنشاء مجموعة أكثر إيجابية من الارتباطات في أذهان الناس بشأن هذه العقارات باعتبارها أماكن أنيقة وتستحق الثمن المدفوع فيها.

بمن تريد أن تتصل؟ تضمن جوبوتسو العقارية بفريقها الخاص من المنظفين إزالة أي تلوث يتجاوز قوانين الطبيعة (الصورة بإذن من جوبوتسو العقارية).
بمن تريد أن تتصل؟ تضمن جوبوتسو العقارية بفريقها الخاص من المنظفين إزالة أي تلوث يتجاوز قوانين الطبيعة (الصورة بإذن من جوبوتسو العقارية).

معركة لتغيير وجهات نظر اجتماعية

تصورت أنه لا بد وأن ماتسوبارا تانيشي ساعد في زيادة شعبية تلك العقارات من خلال كتابه الأكثر مبيعا ’’حكايات غريبة عن عقارات موصومة: خطط أرضية من الخوف‘‘ خاصة بعد تحويله إلى فيلم. لكن اتضح أن الأمور ليست بتلك البساطة. يقول هاناهارا: ’’لسوء الحظ، لم يكن هذا هو الحال حقا‘‘.

’’أفترض إلى حد ما أنه من الصحيح أن الاهتمام بهذه العقارات قد ازداد بفضل السيد ماتسوبارا وعدد قليل من الأشخاص الآخرين مثله. لكن عليك أن تتذكر أن هذه زيادة عن المستوى الذي ربما اختفت فيه تلك العقارات أيضا من على وجه الأرض. لقد أوضحت التغطية الإعلامية مؤخرا أن هناك مجموعتين من الناس في المجتمع: أولئك الذين لا يرون بأسا في تلك العقارات الموصومة، وأولئك الذين لا يستطيعون تحمل فكرتها على الإطلاق. هذه في حد ذاتها خطوة كبيرة إلى الأمام، على ما أعتقد‘‘.

يقول هاناهارا إن الطريق لا يزال طويلا قبل أن تختفي الوصمة لتلك العقارات.

لا يزال الناس في اليابان بشكل عام متمسكين بالاعتقاد بأن العقارات المبنية حديثا هي الأفضل. لكن العقارات الموصومة لها عدد من العوامل التي تجعلها جذابة، ليس فقط للأشخاص الذين يبحثون عن مكان رخيص للعيش فيه ولكن للمجموعات الأخرى مثل الأجانب وكبار السن الذين غالبا ما يجدون صعوبة في العثور على إيجارات في السوق التقليدية. فالعقبات أقل بكثير من تلك الخاصة بالعقارات العادية. أعتقد أنه من الخطأ اعتبار هذه الأماكن بأنها فئة خاصة من العقارات التي يجب التعامل معها بشكل مختلف عن أي شيء آخر. من الناحية المثالية أود أن أرى أنها أصبحت مجرد صفة من صفات العقارات الأخرى مثل البعد عن أقرب محطة وعدد الحمامات وما إلى ذلك‘‘.

’’مسكونة بالأشباح؟ آمل ذلك!‘‘

بعد ذلك دعونا نلتقي بمؤلف الكتاب الأكثر مبيعا ماتسوبارا تانيشي الذي صنع لنفسه اسما باعتباره شخصية إعلامية تعيش في عقارات موصومة.

بدأ كل شيء -كما يقول- عندما وافق على العيش في أحد هذه الأماكن لمسلسل تلفزيوني يعرض قصص ’’رعب حقيقي‘‘ واقعية لأحداث خارقة. سألت ماتسوبارا إن كان يعتقد شخصيا أن هذه الممتلكات قد تكون مسكونة.

’’أعتقد بالتأكيد أن الأشباح موجودة. لكن أكثر من ذلك، أنا في الحقيقة أريد أن يكون هناك أشباح. هناك الكثير من الأخبار المحزنة هذه الأيام ومن السهل جدا الحصول على المعلومات. هناك شيء يبعث على الإحباط بشأن الطريقة التي يمكننا بها العثور على إجابات بهذه السرعة لجميع أسئلتنا. يبدو أحيانا أنه لم يعد هناك أي غموض في العالم للإثارة أو تخويفنا بعد الآن...‘‘.

يأمل ماتسوبارا في ظهور أحداث خارقة في حياته اليومية (حقوق الصورة لسايتو هاياتو).
يأمل ماتسوبارا في ظهور أحداث خارقة في حياته اليومية (حقوق الصورة لسايتو هاياتو).

’’إذن وبهذا المعنى، مع الأشباح... حسنا، لا يوجد دليل علمي بطريقة أو بأخرى، أليس كذلك؟ إنه شيء غير معروف، شيء لا يمكن للعلم أن يفسره. وتشعر بأن الأشباح أقرب إلينا ومن حياتنا اليومية أكثر من أشياء أخرى مثل الأجسام الطائرة المجهولة. إنه شيء يختبره الناس على المستوى الفردي. وحتى إذا كنت تعتقد أنهم ربما يكذبون أو يهلوسون، تظل الحقيقة أن هناك أشخاصا يقولون إنهم رأوا أشباحا‘‘.

يقول ماتسوبارا: هناك بعض الأشياء التي لا يمكننا تفسيرها. ’’لذا ربما الأشباح موجودة بالفعل. تعجبني فكرة أنه لا تزال هناك بعض الأشياء التي لا نعرفها. أعتقد أنه نوع من الأمل والتشجيع للعالم المنكمش والمبتذل إلى حد ما الذي نعيش فيه اليوم‘‘.

رواية الأحداث كما وقعت

إن نشر كتاب ماتسوبارا الأول عن تجاربه مع تلك العقارات جعل منه شخصا مشهورا أكثر من أي وقت مضى. لكنه يقول إن موقفه لم يتغير.

’’أنا لا أحاول كشف تلك العقارات أو زيادة قيمتها السوقية أو أي شيء من هذا القبيل. كل ما أفعله هو نشر قصص عن بعض الأشياء التي حدثت في هذه الأماكن. لا أعتقد أن أي شيء قمت به كان سببا في عدم الرضا للمالكين‘‘.

وعلى الرغم من هذه الاحتجاجات، يجادل بعض الناس بأنه من خلال تناول العقارات من منظور الأحداث الخارقة، فإن ماتسوبارا جعل الوصمة المرتبطة بها أسوأ من أي وقت مضى.

’’أعتقد أن الجميع ينظرون إلى هذه الأماكن وفقا لوجهة نظرهم الشخصية. يرغب المالكون في التخلص من الوصمة السلبية لعلامة ’’جيكو بوكّين‘‘ في أسرع وقت ممكن. أما أفراد الأسرة الثكلى فلا يريدون منك أن تضخم الأمر من حقيقة أن أحبائهم ماتوا هناك. قد لا يرغب الشخص الذي يستأجر العقار الآن في التفكير في أن العقار قد يكون مسكونا بالأشباح. وعلى نفس المنوال، هذا هو بالضبط ما يريد الأشخاص المهتمون بالأمور الخارقة سماعه: قصص حول نشاط خارق وأشباح تسكن المنزل وأشياء لا يمكن تفسيرها. لدينا جميعا وجهات نظرنا المختلفة‘‘.

لكن ماتسوبارا يحتفظ بموقف محايد. ’’أنا لست إلى جانب مشجعي القصص الخارقة أيضا. ربما يريد معظم الأشخاص المنخرطين في السحر والتنجيم أن يكون هناك أشباح في كل عقار مماثل. لكنني قلت دائما إن هناك بعض الأماكن التي تحدث فيها أحداث خارقة، وأخرى لا يحدث فيها شيء غير عادي. حقا أنا لست في صف أحد. ليس لي ناقة ولا جمل في هذا الصراع. مهمتي هي فقط معرفة المزيد عن هذه الأماكن: هل هي مسكونة حقا؟ هل الأشباح موجودة حقا؟ أي نوع من الأماكن هي عقارات الحوادث؟ هذه هي الأسئلة وراء كل ما أفعله‘‘.

تمني قدوم يوم لا تبقى فيه إلا العقارات العادية

يحلل ماتسوبارا الزيادة الأخيرة في الاهتمام بالعقارات الموصومة بالعبارات التالية.

’’حسنا، بادئ ذي بدء، لا يمكنك إغفال تأثير موقع أوشيمالاند الإلكتروني، والذي يحتوي على خريطة يمكن البحث عن طريقها عن تلك العقارات في جميع أنحاء البلاد. وأعتقد أن التغييرات الاجتماعية جعلت المستأجرين في وضع أقوى. بدأ عدد السكان بالتراجع مع شيخوخة المجتمع وأصبح من الصعب على ملاك الأراضي وأصحاب العقارات إخفاء الحقيقة حول ماضي ممتلكاتهم العقارية‘‘.

يقول ماتسوبارا إن حقيقة أنه عاش في سلسلة متعاقبة من العقارات الموصومة منذ أكثر من عقد دليل على أن العيش في هذه الأماكن لا يعني تلقائيا أنك ستواجه حوادث مشبوهة أو تتعرض لقتل مروع أو يتخلى عنك حظك. ومع ذلك فهو يعترف بأن اهتماماته لا تلقى استحسانا دائما ممن حوله.

’’لم أدرك إلى أي مدى أشياء مثل سوء الطالع تعني لبعض الناس إلا بعد أن بدأت العيش في أحد هذه العقارات بنفسي. أعلم أن بعض الناس يتجنبونني عمدا الآن فقط بسبب المكان الذي أعيش فيه. لذا ستكون هذه نصيحتي لأي شخص يفكر في العيش في أحد هذه العقارات: تأكد من أن أصدقائك والأشخاص الآخرين على دراية بالفكرة قبل الانتقال إلى السكن في تلك العقارات!‘‘.

سألته أخيرا عن آماله إزاء تلك العقارات. ما الذي كان يعتقد أنه سيحدث لها في المستقبل؟ كانت إجابته مختلفة تماما عما كنت أتخيله قبل المقابلة.

’’أود أن يقبلها الناس على أنها مجرد شيء طبيعي. من السهل العثور عليها الآن، لكنني أرغب في تغيير وجهة نظرهم حتى لا يعتبرها الناس شيئا مخيفا أو مسكونا بالأشباح. آمل أن تصبح مجرد نوع آخر من العقارات العادية، بحيث يتحول الجانب الوصمي للأشياء إلى مجرد صفة أخرى لتلك العقارات. ففي النتيجة، يمكن أن يصبح أي مكان عقارا مثل تلك. قد يصبح المكان الذي تعيش فيه الآن أحد تلك العقارات غدا، فقط للعلم......‘‘.

ماتسوبارا تانيشي مع المجلد الثاني من روايته للعيش في ’’مخططات أرضية من الخوف‘‘ (حقوق الصورة لسايتو هاياتو).
ماتسوبارا تانيشي مع المجلد الثاني من روايته للعيش في ’’مخططات أرضية من الخوف‘‘ (حقوق الصورة لسايتو هاياتو).

’’أعتقد أن هذا التجنب المحظور للأماكن المرتبطة بالوفيات التي حدثت في الماضي في كثير من الحالات هو إحدى وسائل اليابانيين لتجنب مواجهة خوفهم وعدم ارتياحهم لفكرة الموت بشكل عام. لكننا جميعا سنموت في النهاية. وبدلا من محاولة تجنب الموت، أعتقد أننا يجب أن نحاول التصالح معه. يجب أن يكون هدفنا إيجاد طريقة للموت نشعر بالرضا عنها أو على الأقل قبولها. إذا تمكنا من تغيير الطريقة التي نفكر بها حيال نهاية الحياة، عندئذ يمكن أن ينظر الناس إلى تلك العقارات بطريقة مختلفة أيضا‘‘.

مستقبل ’’عقارات الحوادث‘‘

في الختام أود تسليط الضوء على بعض الأسباب وراء الارتفاع الأخير في الاهتمام بتلك العقارات. أول شيء يجب ملاحظته هو تأثير الموقع الإلكتروني الشهير ’’أوشيمالاند‘‘ الذي ذكره ماتسوبارا. إن هذا الموقع الإلكتروني هو الأكثر ظهورا عند البحث عن الإنترنت عن ’’جيكو بوكّين‘‘ باللغة اليابانية.

أعتقد أن التغييرات الاجتماعية هي من العوامل أيضا. فنظرا لتفاقم مشكلة العقارات غير المستخدمة، يتعرض أصحاب العقارات والملاك لضغوط متزايدة للكشف عن مزيد من المعلومات حول عقاراتهم. وأعتقد أنه من العدل أن نقول إن كتاب ماتسوبارا والفيلم المستوى منه قد ساهما أيضا في زيادة الاهتمام بهذه المنطقة القاتمة من سوق العقارات.

في الوقت نفسه، كما أخبرني هاناهارا، ربما يكون صحيحا أيضا أنه على الرغم من أن تلك العقارات قد تجذب المزيد من الاهتمام أكثر من ذي قبل، إلا أنه سيكون من المبالغة القول إنها أصبحت أكثر قبولا على الصعيد الشعبي. إن تلك العقارات موصومة ومنبوذة بسبب ارتباطها بالموت. وكما نوه ماتسوبارا أيضا، من المحتمل أن يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن نتمكن من التحدث عنها باعتبارها ’’رائجة شعبية‘‘ حقا.

دعونا نفكر بالأمر، إن حقيقة أنني كنت قادرا على كتابة مقال حول تلك العقارات هي بحد ذاتها انعكاس للواقع الحالي والطريقة التي لا يزال يُنظر بها إلى تلك العقارات باعتبارها شيئا قاتما وغامضا. فلو كان المجتمع يقبل تلك المنازل على أنها مجرد نوع عادي آخر من أماكن السكن، فلن يكون الموضوع يستحق الكتابة عنه. ربما يكون هذا هو نوع المجتمع الذي يجب أن نهدف إلى تحقيقه في المستقبل.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان لبيكستا)

المجتمع الياباني الحكومة اليابانية السكان