ساتو تاكوما: المتسابق المخضرم وأداء أفضل مع تقدمه في العمر

رياضة

في موسم رياضة السيارات عام 2020 الذي اختصر بسبب جائحة كورونا، فاز سائق إينديكار، ساتو تاكوما بأحد أرقى الألقاب حول العالم، وهو إينديانابوليس 500. وفي هذا المقال، ينظر ماتسوموتو هيروئاكي، المصور الذي تابع مسيرة ساتو المهنية لأكثر من عقدين، في كيفية قيام المتسابق المخضرم بشق طريقه إلى النصر للمرة الثانية.

مستوى ثابت في أوقات غير واضحة المعالم

تسببت جائحة كورونا في تعثر وتعطيل عالم الرياضة بشكل غير مسبوق خلال عام 2020. حيث تسببن الجائحة التي أصابت جميع أنحاء العالم، في تأجيل أو تقليص أو إلغاء الأحداث والمواسم بأكملها. بما في ذلك ألعاب طوكيو الأولمبية والبارالمبية التي عقد الآمال عليها بأن تكون الحدث الصيفي الأبرز، والتي من المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام. وجرت العديد من المسابقات دون جمهور، مما أدى إلى مشاهد غريبة للمتنافسين الذين يتبارزون أمام المدرجات الصامتة بشكل مخيف.

ولم يكن ذات العام في رياضة السيارات أقل اضطرابًا. واجتاح عدم اليقين الدوائر في اليابان وخارجها، حيث تأثرت المنافسات الواحدة تلو الأخرى مع انتشار حالات الإصابة بعدوى كورونا. وفي خضم كل هذه الاضطرابات، وعلى الرغم من ذلك، قدم ساتو تاكوما، الذي يقود سيارة رحال ليترمان لانيجان ريسينغ، لمشجعيه سببًا للاحتفال به في أغسطس/ آب من خلال فوزه بسباق إينديانابوليس 500. وكانت هذه ثاني رحلة لساتو إلى منصة التتويج في السباق المرموق، وهو ثلث تاج سباق السيارات الثلاثي التاج الذي يشمل كل من الجائزة الكبرى لسباق فورمولا وان موناكو، وسباق لومان 24 ساعة. وكان قد ربح أول ألقابه واللقب الأول على الإطلاق لسائق ياباني مع أنريتي أوتوسبورتس في عام 2017.

السيارة رقم 30 لساتو تاكوما، وهي متصدرة سباق إيندي 500 لعام 2020. يجري السباق الشهير الذي أقيم لأول مرة في عام 1911، في 200 جولة من السرعة والاستراتيجية حول مضمار بيضاوي بطول 2.5 ميل (4 كيلومترات تقريبًا).
السيارة رقم 30 لساتو تاكوما، وهي متصدرة سباق إيندي 500 لعام 2020. يجري السباق الشهير الذي أقيم لأول مرة في عام 1911، في 200 جولة من السرعة والاستراتيجية حول مضمار بيضاوي بطول 2.5 ميل (4 كيلومترات تقريبًا).

وكان ساتو، الذي برز لأول مرة كسائق فورمولا وان، قد انضم إلى سلسلة سباقات إيندي كار التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها في عام 2010. وبينما استعصت ألقاب الفورمولا وان على سائق السرعة الياباني، فقد كان لديه عقد مثمر في مضمار سباقات أمريكا الشمالية، حيث أعتلى منصات الفوز لست مرات، منها فوزين في سباق إيندي 500. ومع ذلك، فقد أصبح ساتو، وهو في الأربعينيات من عمره، من بين أقدم السائقين على الحلبة. ولكن أثبت انتصاره الأخير في بريك يارد أن السائق المخضرم ليس مستعدًا بعد لإبطاء سرعته والاعتزال.

مبتدئ كبير في السن

بدأ ساتو المولود في طوكيو حياته المهنية في مدرسة سوزوكا لسباق السيارات الشهيرة التابعة لشركة هوندا عندما كان في التاسعة عشرة من عمره، وهو سن نضوج نسبي في رياضة يبدأ فيها المنافسون عادة في سباقات الكارت وهم صغار السن. وعلى الرغم من افتقاره للخبرة خلف عجلة القيادة، إلا أنه برع في المضمار، وبفضل تطلعه لتحقيق النجاح وبراعته في السباقات، وصل إلى قمة فئته. وبعد تخرجه من سوزوكا، اختار ممارسة مواهبه إلى أوروبا، ليبدأ ظهوره الاحترافي لأول مرة في بريطانيا عام 1998.

وفي هذا الوقت تقريبًا، بدأت في متابعة ساتو، الذي تحلى بثقة نفس شابة يمكن بسهولة أن يخطئ البعض في فهمها على أنها غرور. وأتذكر مقابلة مبكرة معه، أعلن فيها بلا مبالاة عن نيته الوصول إلى منصات التتويج الدولية. وعند سماعه يتحدث عن الأمر باستخفاف لافت، كان علي أن أمسك لساني عن الإشارة في حديثي إلى أنه لم يفز أي سائق ياباني بأي حدث من بين مئات السباقات منذ بدايات الفورمولا 1.

ساتو محمولًا على أعناق طاقمه بعد فوزه ببطولة الفورمولا 3 البريطانية في عام 2001، مما مهد الطريق لظهوره الأول في الفورمولا 1 في العام التالي.
ساتو محمولًا على أعناق طاقمه بعد فوزه ببطولة الفورمولا 3 البريطانية في عام 2001، مما مهد الطريق لظهوره الأول في الفورمولا 1 في العام التالي.

بينما كنت أشاهد ساتو، الذي كان شعاره ”لابد من الهجوم لاقتناص الفرص“، يحقق انتصارات في المستويات الدنيا، تراجعت شكوكي ليحل محلها آمال متوسطة. وفي عام 2000، أنهى فترة 19 عامًا من حالة انعدام الفوز التي عانى منها السائقون اليابانيون في بطولة الفورمولا 3 البريطانية، حيث فاز بأربعة سباقات وهو في طريقه إلى المركز الثالث في هذه السلسلة. حتى أنه تفوق على رقمه القياسي في الموسم التالي، حيث حصد لقب البطولة بـ 12 فوزًا وحجز تذكرته إلى أعلى مستوى في السباقات الدولية.

اندفاع في التنافس

في عام 2002، ظهر ساتو لأول مرة في الفورمولا وان وهو في الخامسة والعشرين من عمره، حيث كان يقود سيارة تعمل بمحركات هوندا لصالح فريق جوردان. ثم انتقل إلى فريق بار هوندا في الموسم التالي، وعلى الرغم من أنه لم يحظى بالإثارة سوى في السباق الأخير، سباق الجائزة الكبرى الياباني، فقد خاض تنافسًا لا يُنسى مع النجم الألماني مايكل شوماخر من فريق فيراري في طريقه إلى المركز السادس. وشهد العام التالي، 2004، تحقيقه أرقامًا من أفضل ثمانية نتائج، بما في ذلك حصوله على المركز الثالث في سباق الجائزة الكبرى للولايات المتحدة، وهو أول صعود له على منصات التتويج. وأنهى الموسم بالمركز الثامن في ترتيب البطولة برصيد 34 نقطة.

وكان لدى ساتو ولع بقديم أشواط تأهيلية مثيرة للإعجاب وكان يبدو في كثير من الأحيان يقاتل من أجل الصدارة، لكن أسلوبه الهجومي المندفع، الذي وصفه البعض بأنه متهور غالبًا ما كان ينتهى بالفشل. حيث كان أي اندفاع في توقيت غير مناسب أو تقدير خاطئ من شأنه أن يبلغ ذروته في دوران السيارة حول نفسها أو تصادم ينهي السباق، وينتهي به خارج المنافسة مبكرًا.

يتقدم ساتو إلى ممر الصيانة والتموين بالوقود بعد أن احتل المركز الثالث في سباق الجائزة الكبرى للولايات المتحدة عام 2004.
يتقدم ساتو إلى ممر الصيانة والتموين بالوقود بعد أن احتل المركز الثالث في سباق الجائزة الكبرى للولايات المتحدة عام 2004.

وفي عام 2006، انتقل ساتو مرة أخرى، هذه المرة إلى فريق سوبر أغوري، وهو فريق الذي أسسه سائق فورمولا وان الياباني المتقاعد سوزوكي أغوري في محاولة لبناء فريق ياباني بالكامل من الألف إلى الياء. ولقد حصل على أربع نقاط في أقل من موسمين. فيما يعد بالنظر إلى مستوى المنافسة، نتيجة رائعة للفريق الذي تم تشكيله حديثًا وعديم الخبرة. ومع ذلك، أجبرت المشاكل المالية الفريق على الانسحاب من الفورمولا وان في عام 2008 بعد أربعة سباقات فقط، مما ترك ساتو بدون سيارة يتنافس بها. ثم تقدم للاختبار مع الفريق الإيطالي سكودريا تورو روسّو، لكنه فشل في الحصول على مكان في الفريق، مما أدى فعليًا إلى إنهاء مسيرته في الفورمولا وان.

الحلم الأمريكي

لقد كان الوصول إلى مكانة سائق دولي مهمة محفوفة بالمخاطر، ومع إغلاق باب الفورمولا وان، راجع ساتو الخيارات المتاحة أمامه. وبدلاً من انتظار فرصة جديدة في أحد الفرق، والذي بدا غير مرجح بالنسبة لسائق يبلغ من العمر 33 عامًا، استفاد من مهاراته واتصالاته مع رعاة مثل هوندا وانطلق في مهنة جديدة في الولايات المتحدة، حيث وقع على القيادة لصالح فريق كي في ريسينغ تكنولوجي المتنافس في سباقات إيندي كار 2010.

ساتو في عام 2010 خلف عجلة قيادة سيارة سباق لفريق كي في ريسينغ.
ساتو في عام 2010 خلف عجلة قيادة سيارة سباق لفريق كي في ريسينغ.

ومع أكثر من 90 مشاركة في سباقات فورمولا وان، قدم ساتو للفريق خبرته الثمينة في السباقات. ومع ذلك، فإن التكيف مع التحديات الفريدة للسلسلة الأمريكية استغرق وقتًا. ففي موسمه الأول خلف عجلة القيادة، تمكن ساتو من إنهاء 8 سباقات فقط من أصل 17 سباقًا بدأها. ولكن كان أداؤه أفضل في العام التالي، حيث حصل على تصنيف في المركز الأول والعديد من المراكز العشرة الأولى. لكن كان أول فوز له مع فريق رحال ليترمان لانيجان ريسينغ في عام 2012 هو ما حصد له إعجاب المشجعين عندما كاد أن يحقق مفاجأة مذهلة في إيندي 500. وتوجه إلى المنعطف الأول في اللفة الأخيرة من السباق، وتنافس مع الاسكتلندي داريو فرانشيتي لصدارة السباق. ومع ذلك، انتهت محاولته الشغوفة بالمرور من الداخل بالدوران والاصطدام في الحائط.

وحصد ساتو فوزه الافتتاحي في موسم 2013، وهو ثالث فوز له على حلبة إيندي كار وأول مشاركة له مع فريق إي جي فويت إينتربرايزز، عندما حصل على العلم ذو المربعات سباق الجائزة الكبرى في لونغ بيتش. وجاءت رحلته التالية إلى الفوز بعد عدة سنوات على حلبة إينديانابوليس موتور سبيدواي الشهيرة في عام 2017. وفي سباق صعب، أظهر ساتو أنه تعلم من أخطائه في عام 2012 في بريك يارد من خلال خوضه السباق ببراعة في البداية مع تبقي خمس جولات متبقية. وتمكن من الحفاظ على تقدمه أمام اندفاع عنيد من السائق البرازيلي هيليو كاسترونيفيس لينتزع اللقب.

ساتو يقبل كأس بطولة إيندي 500 بعد فوزه في عام 2017.
ساتو يقبل كأس بطولة إيندي 500 بعد فوزه في عام 2017.

مرحلة النضوج

كان انتصار ساتو في سباق إيندي 500، وكان يبلغ 40 عامًا وقتها، تتويجًا لسنوات من العمل الجاد لتعديل أسلوب قيادته واستراتيجيته لتلائم متطلبات السباق. وقام بتحسين هذه المكونات المختلفة إلى ما يقرب من الكمال في عام 2020، بداية من مهارات إدارة الوقود وتغييرات الإطارات واستراتيجيات القيادة بشكل لا تشوبه شائبة للاستحواذ على الصدارة والحفاظ عليها حتى خط النهاية.

ساتو يقف مع سيارته بجوار كأس بورغ وورنر الذي تم تقديمه للفائز بسباق إينديانابوليس 500. ويحمل الكأس صورة واسم الفائزين في السباقات 104 التي أقيمت حتى الآن، وأصبح ساتو واحدًا من 20 متسابقًا فقط استطاعوا المشاركة لأكثر من مرة.
ساتو يقف مع سيارته بجوار كأس بورغ وورنر الذي تم تقديمه للفائز بسباق إينديانابوليس 500. ويحمل الكأس صورة واسم الفائزين في السباقات 104 التي أقيمت حتى الآن، وأصبح ساتو واحدًا من 20 متسابقًا فقط استطاعوا المشاركة لأكثر من مرة.

وبقي ساتو في مقدمة المجموعة طوال السباق، متجاوزًا النيوزيلندي سكوت ديكسون ليأخذ الصدارة للمرة الأولى مع تبقي أقل من ربع المسابقة. وقام السائقان بتبادل المراكز، لكن ساتو اندفع إلى الأمام مرة أخرى مع أقل من 30 جولة قبل الوصول. واستمر ديكسون في الضغط، لكن اصطدامًا تسبب في خروج العلم الأصفر قبل خمس جولات من النهاية، مما سمح لساتو، الذي يُزعم أنه كان يقود بينما قاد قاربت طاقته للمواصلة على النفاذ، بالانتصار الصعب. وبعد السباق، ألمح ديكسون إلى أنه كان بإمكانه الفوز إذا كانوا يتسابقون في ظل ظروف العلم الأخضر الذي يسمح له بالاستمرار في المنافسة، لأن وقود ساتو لم يكن من المحتمل أن يصمد حتى النهاية.

وعندما سألت ساتو عن هذا الأمر، تجاهله، ورد مؤكداً لي بثقة ”لون العلم لا يهم. لقد حسبت وقودي وكان لدي ما يكفي في الخزان لأتفوق على ديكسون حتى لو كان سباقًا شاملاً حتى النهاية“.

وبينما يجلب النصر معه استحقاق التفاخر، إلا أن ساتو قدم بالفعل أداءًا كاملاً طوال السباق. حتى قبل أن يتولى زمام المبادرة، قام هو وطاقمه بضبط استراتيجيتهم بدقة لتعظيم كل شيء من الوقود إلى الإطارات إلى الخطوط الدفاعية والهجومية. ولم يترك شيء للصدفة.

وسيبقى ساتو مع فريق أر إل إل ريسينغ حتى موسم 2021 ويأمل المشجعون أنه في سن 44 سيواصل سجل انتصاراته في الفوز في بريك يارد، وفي غضون سنوات قليلة سبضمن ذلك تجاوز المتسابق الكبير آلا أونسر، الذي أصبح في عام 1987 أكبر متسابق سنًا يفوز بسباق إيندي 500، وعمره 47 عامًا. وتعلم ساتو أثناء نضجه كسائق، تعلم السيطرة على شعاره ”لابد من الهجوم لاقتناص الفرص“. وهو الآن على استعداد لارتقاء مستويات أعلى وهو خلف عجلة القيادة.

(النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: ساتو تاكوما يحتفل بفوزه في سباق إينديانابوليس 500 رقم 104 في 23 أغسطس/ آب 2020، من خلال غمر نفسه بزجاجة الحليب التي تمنح عادة للفائز في تقليد متعارف عليه. جميع الصور من قبل المؤلف)

تكنولوجيا المجتمع الياباني رياضة سباق السيارات