البحث عن الصفاء الروحي عبر اليابان

ثقافة

سمعت لأول مرة عن دور الضيافة في المعابد التي يطلق عليها ˮشوكوبو“ في رحلتي الأولى إلى اليابان في عام 2003. وذكرت المعلومات الواردة في دليلي أن الزوار الأجانب إلى اليابان يمكنهم المبيت في المعابد وممارسة تأملات الزن ونسخ نصوص السوترا. ومنذ ذلك الحين، كنت أرغب في الإقامة في المعبد. وتحققت أمنيتي أخيرًا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عندما مكثت في معبد تايوجي في مدينة تشيتشيبو بمحافظة سايتاما.

الهروب من صخب المدينة الكبيرة

لقد اخترت معبد تايوجي، وهو معبد يقع في مدينة تشيتشيبو بمحافظة سايتاما، كوجهة لي لأن أحد الأصدقاء الصحفيين اليابانيين كان قد نشر تقريرًا عنه في السابق. وتم ترشيحه لي باعتباره مثاليًا للمبتدئين في ممارسة طقوس زازين (الجلوس الهادئ والتأمل). وقد يبدو المعبد بعيدًا، لكنه على بعد ساعتين ونصف فقط من طوكيو، ويمكن الوصول إليه بسهولة كذلك.

لكن رحلتي بدأت بشكل سيء. حيث كان من المقرر أن التقي بمجموعة مسافرة إلى المعبد في محطة إيكيبوكورو بطوكيو في الساعة الثانية بعد الظهر، وكنت قد تباطأت وحزمت بعض الملابس الثقيلة. وعندما وصلت إلى هناك وحاولت ركوب القطار السريع المتجه إلى تشيتشيبو بتذكرة عادية، تم إيقافي عند البوابات ولم أتمكن من اللحاق بالقطار الذي كان قد غادر قبل دقيقة واحدة فقط أو نحو ذلك من وصولي.

وعندما وصلت إلى محطة سيبو تشيتشيبو بعد ركوب قطار أبطأ، كانت سيارة من المعبد قد استقبلت المجموعة قبل وصولي بوقت طويل. ولحسن الحظ، تمكنت من الانتقال إلى قطار محلي واستقلال سيارة أجرة إلى المعبد من محطة ميتسومينى-غوتشي، وهي أقرب محطة للمعبد.

وقد استقبلني رئيس الكهنة (أسامي سوتاتسو)، ورحب بي بابتسامة دافئة. وأخبرني أن المجموعة قد بدأت للتو درسًا في اليوغا وعرض أن يرشدني إلى القاعة بمجرد أن اتوقف قليلًا لاستجماع أنفاسي.

يقال أن معبد تايوجي، وهو معبد لممارسات الـ (زن) ‒ جلسات الاستغراق في التفكير والتأمل، والذي ينتمي إلى فرع كينتشوجي من طائفة رينزاي، قد تم تأسيسه في عام 1313 على يد ابن الإمبراطور غو-ساغا. وأعيد بناء القاعة الرئيسية في القرن الثامن عشر.
يقال أن معبد تايوجي، وهو معبد لممارسات الـ (زن) ‒ جلسات الاستغراق في التفكير والتأمل، والذي ينتمي إلى فرع كينتشوجي من طائفة رينزاي، قد تم تأسيسه في عام 1313 على يد ابن الإمبراطور غو-ساغا. وأعيد بناء القاعة الرئيسية في القرن الثامن عشر.

وكانت مجموعتنا مكونة من 22 شخصًا، 15 امرأة و7 رجال. وعلى الرغم من أن الأجانب كانوا يقيمون في كثير من الأحيان في المعبد قبل تفشي جائحة فيروس كورونا، إلا أنني كنت هذه المرة الشخص الوحيد غير الياباني، مما جعلها فرصة مثالية للانغماس في الثقافة اليابانية.

وكان الجميع يتحدثون بطريقة ودية، لذلك افترضت أنهم جميعًا يعرفون بعضهم البعض، ولكن من المدهش أن معظم الناس جاءوا بمفردهم. وقد اعتقدت دائمًا أن اليابانيين متحفظون عند مقابلة الغرباء، لكن لا يبدو أن هذا هو الحال هنا. حيث بدا الـ ”شوكوبو“ (مكان الاستضافة في المعبد) وكأنه مكان يتقرب فيه الغرباء بسرعة من بعضهم البعض.

وسألت الآخرين لماذا اختاروا أن يأتوا إلى المعبد. حيث روت لي امرأة في العشرينات من عمرها أنها تركت وظيفتها للسفر حول العالم. لكن هذه الخطة انهارت عندما اجتاح الوباء، وهي الآن هنا، تحاول معرفة ما ينبغي عليها أن تفعله بعد ذلك.

وقال مشارك آخر، وهو شاب طويل القامة وقوي البُنية، أنه كان حارس أمن لكنه ترك العمل بعد مرضه بسبب الإجهاد والإرهاق. والآن تعافى جسديًا، وقد آتى إلى المعبد أملًا في الشعور بالسلام الداخلي. وقد فوجئت بعدد الشباب القلقين على مستقبلهم والذين اختاروا الإقامة في الـ شوكوبو سعياً للتخلص من الضغوط والمخاوف.

وعن نفسي كنت أعاني من مشاكل شخصية، وأردت أن أبدأ بداية جديدة في منأىً بعيد في أحضان الطبيعة، خارج نطاق أي إشارة للهاتف المحمول. وأنا أيضًا أعاني من (حالة المناعة الذاتية) والتي تتفاقم بدورها عند التعرض للضغط النفسي، وبما أنني لاحظت سلوك كهنة المعبد الهادئ دائمًا، فقد تمنيت أن أعرف سرهم.

محاولة الوصول للصفاء الروحي

بعد جلسة اليوغا، عدنا إلى القاعة الرئيسية وبدأنا تدريبنا بجدية، بدءًا من ترديد نصوص السوترا. ويتألف نص ˮسوترا القلب“ في بوذية الزن من 262 مقطع كانجي فقط، ولكنها خلاصة تعاليم الماهايانا البوذية عن مفهوم الصفاء.

ونجد في الممارسات الدينية المسيحية، أن الحضور يرددون أدعية وصلوات القس أو ابتهالات الوعاظ، بناءً على فهمهم لكلمات المسيح أو آيات الكتاب المقدس. لكن في بعض الأحيان بدا الأمر غريب جدًا عندما كنت أتلو آيات من الكتاب المقدس لا أفهم معناها على الإطلاق.

ويبدأ رئيس الكهنة، وهو جالس أمام أحد التماثيل البوذية الكبيرة، في الترتيل وهو يضرب ˮوعاء الغناء“ (كيسو) بهراوة سميكة. وبدا الأمر وكأنه كان يحاول إعادة التمثال إلى الحياة، وسرت قشعريرة في جسدي. وبدا أن الكاهن، وهو يهتف بسرعة، قد انتقل إلى مستوى مختلف، كما لو كان مفتونًا ببوذا.

للمشاركين الحرية في ترديد نصوص السوترا إذا رغبوا في ذلك. ويمكنهم أيضًا التجول في أراضي المعبد أو الجلوس على شرفة ˮإنغاوا“ للاستمتاع بالمناظر الطبيعية. وعلى حد تعبير رئيس الكهنة ˮأسامي“، ˮفي تعاليم الـ زن، فإن صوت الماء المندفع عبر الوادي هو سوترا والجبل هو بوذا.“
للمشاركين الحرية في ترديد نصوص السوترا إذا رغبوا في ذلك. ويمكنهم أيضًا التجول في أراضي المعبد أو الجلوس على شرفة ˮإنغاوا“ للاستمتاع بالمناظر الطبيعية. وعلى حد تعبير رئيس الكهنة ˮأسامي“، ˮفي تعاليم الـ زن، فإن صوت الماء المندفع عبر الوادي هو سوترا والجبل هو بوذا.“

بعد الانتهاء من الإنشاد والترتيل، بدأنا في نسخ نصوص سوترا القلب. حيث تم وضع ورقة شفافة فوق نموذج النص، وهو تمرين بسيط بما فيه الكفاية حتى بالنسبة لغير اليابانيين الذين لا يستطيعون قراءة الحروف أو كتابتها. وبعد صوت الترنيمة، ساد الصمت أرجاء الغرفة التي بدا الجميع فيها مستغرق أثناء نسخ النصوص.

ولكن على الرغم من أنني حاولت التركيز على القيام بعملية النسخ وحدها، إلا أن انتباهي تشتت بعد خمس دقائق فقط. ولم أستطع أن أفهم لماذا يسافر الجميع بعيدًا لمجرد الجلوس ونسخ نصوص السوترا، وفي نهاية المطاف، استغرق الأمر مني ساعة كاملة لإتمام عملية النسخ. وفي نهاية التمرين، كتب الجميع أمنيتهم: وأمنيتي كانت أن أفهم سبب قيامي بما قمت به للتو. وعندما استرجعت أحداث الماضي، كان جليًا أني لم أدرك على الإطلاق مفهوم ˮالصفاء الروحي“ من قبل.

وبعد ذلك، عندما حاولت النهوض، سقطت على أرضية التاتامي. حيث تخدرت كلتا ساقي.

يمكن إعطاء نصوص السوترا المنسوخة إلى المعبد أو الاحتفاظ بها كابتهالات للصلاة.
يمكن إعطاء نصوص السوترا المنسوخة إلى المعبد أو الاحتفاظ بها كابتهالات للصلاة.

وبينما كنت انتظر أن يهدأ الوخز في ساقي، دعاني رجلان لمرافقتهما إلى حمام الاسترخاء الخارجي في الحديقة. حينها كانت قد غربت الشمس، وبدء الجو يبرد قليلًا. ونظرًا لأنه كان لا يزال هناك متسع من الوقت قبل موعد تناول العشاء، قررت الدخول إلى الحمام لتدفئة جسدي. وقد كانت رائحة الماء كبريتية بشكل طفيف، وعندما نظرت إلى السماء المرصعة بالنجوم، شعرت بالاستجمام والراحة كما لو كنت في الجنة النقية.

استغرق بناء الحمام الحجري الخارجي، الذي بناه رئيس الكهنة ˮأسامي“ بنفسه، سنة واحدة. وكان قد ملأه بالماء من نبع معدني ينبع من تحت الأرض في سفوح التلال، وقام بنقله بالسيارة.
استغرق بناء الحمام الحجري الخارجي، الذي بناه رئيس الكهنة ˮأسامي“ بنفسه، سنة واحدة. وكان قد ملأه بالماء من نبع معدني ينبع من تحت الأرض في سفوح التلال، وقام بنقله بالسيارة.

الطبخ وتناول الطعام جزءًا من التدريبات أيضًا

أنا أحب جميع أصناف الطعام الياباني، وأتطلع حقًا إلى تناول طهي المعبد.

ونظرًا للحظر البوذي ضد قتل الروح، فإن طعام المعبد نباتي. لكن كوني من ثقافة أكلي اللحوم، كنت متخوفًا بشأن ما إذا كان ذلك سيرضي شهيتي أم لا. ولم يكن هناك متجر كومبيني قريب يمكنني الذهاب إليه في حالة عدم إحساسي بالشبع، حيث كنت أشعر بالجوع الشديد بعد أن فرغنا من تدريبات اليوغا، وترديد الأناشيد، ونسخ نصوص السوترا، وتمنيت أن تكون وجبتي كافية لسد جوعي حتى موعد تناول الفطور في صباح اليوم التالي.

ولكن في حقيقة الأمر لم يكن هناك داعي للقلق. حيث كان هناك العديد من الأطباق - يخنة ”كينتشين جيرو“ المليئة بالخضروات، وفجل الدايكون المطهو على نار هادئة مع حساء الـ ميسو، وقطعة من الأرقطيون والجزر المقلي، والسبانخ مع تتبيلة السمسم، والباذنجان المقلي في مرق شهي، ومجمد مغلي على نار هادئة. والتوفو المجفف مع الجزر. وكانت هناك كميات مناسبة من الطعام، وكنت متأكدًا من أنني سأنام قرير العين.

 دخل رئيس الكهنة ”أسامي“ الحياة الدينية في سن الخامسة والثلاثين بعد أن ترك وظيفته المكتبية، وتدرب في معبد كيوتو ميوشينجي. ويتم تقديم طعام المعبد في أطباق مطلية باللون الأحمر. والطبق الأكثر شعبية في المعبد، كينتشين جيرو مع حساء الـ ميسو الخفيف (أسفل اليمين).
دخل رئيس الكهنة ”أسامي“ الحياة الدينية في سن الخامسة والثلاثين بعد أن ترك وظيفته المكتبية، وتدرب في معبد كيوتو ميوشينجي. ويتم تقديم طعام المعبد في أطباق مطلية باللون الأحمر. والطبق الأكثر شعبية في المعبد، كينتشين جيرو مع حساء الـ ميسو الخفيف (أسفل اليمين).

لكنني لم أفكر في برودة الجو. حيث يقع معبد تايوجي لوحده على جبل يبلغ ارتفاعه 800 متر، وبينما كانت درجة الحرارة 20 درجة مئوية خلال النهار في ذلك الوقت من العام، انخفضت درجات الحرارة إلى ما يقرب من الصفر بمجرد غروب الشمس. وكنت أنام في مبنى معرض للتيارات الهوائية تم بناؤه قبل ثلاثة قرون تقريبًا، وليس على سرير، بل على مرتبة فوتون على حصير بارد. لذلك ارتديت سترتي وتوشحت بغطاء الرأس، ووضعت ثلاث بطانيات، ولكن دون جدوى. واستيقطت فجأة بعد أن غفوت قليلًا قبل الفجر مباشرة، عندما استيقظت على كابوس. حيث رأيت تمثال بوذي مرعب بجوار سريري فصرخت مرتعدًا، الأمر الذي جعلني استيقظ.

وفي وقت لاحق، بينما كانت مجموعتنا تجلس حول مدفأة في القاعة الرئيسية وقصصت كابوسي، قالت إحدى النساء أنها رأت غولًا في حلمها وشعرت بالرعب، ووصف رجل كيف استيقظ من النوم بسبب صوت وهمي لوعاء الغناء. وقد بدت تجاربنا صادقة للغاية بحيث لا يمكن اعتبارها صدفة، لذلك استنتجت أن بوذا كان يراقبنا.

وبما أنني كنت الشخص غير الياباني الوحيد في المجموعة، فقد بدأ العديد من الأشخاص في التحدث معي بدافع الفضول كوني أجنبي ينجذب إلى الثقافة اليابانية. حيث كانت الرسوم المتحركة والمانغا — دراغو بول، سيلور مون، كابتن ماجد وما إلى ذلك — بمثابة معرفتي الأولى عن اليابان. ففي فرنسا، كانت كل الرسوم المتحركة التي صادفتها أعمالاً يابانية، لذلك كانت رغبتي في مشاهدة الرسوم المتحركة وقراءة المانغا باللغة اليابانية أمرٌ آثار لهفتي لتعلم اللغة.

في صباح اليوم الثاني من إقامتنا، انتقلت مع المجموعة إلى حديقة قريبة واستمتعنا بشروق الشمس مع تدريبات اليوغا.
في صباح اليوم الثاني من إقامتنا، انتقلت مع المجموعة إلى حديقة قريبة واستمتعنا بشروق الشمس مع تدريبات اليوغا.

عصا الـ ”كيساكو“

وبالعودة إلى تدريباتنا، بدأ اليوم الثاني بتلاوة نصوص السوترا، تلها جلسة تأملات الزن. والحقيقة أني لم أكن مرن بالقدر الكافي، لذلك خشيت أني لن أتمكن من الجلوس متربعًا، لكني اتخذت الوضعية بسهولة أكبر مما كنت أتوقع. واعتقدت أن هذا قد يكون بفضل تدريب جلوس اليوغا الصباحي، أو ربما لأن بوذا أراد أن يُسرع بي على الطريق نحو التنوير.

وبالجلوس وعيناي نصف مغلقة، ونظري موجه للأمام بضعة أمتار، ونفسي ينساب بعمق، وظهري مستقيم وكتفي مسترخيتين، اعتقدت أنه سيكون من السهل التأمل والاستغراق في التفكير والتدبر. ولكن بدلاً من البحث عن السلام الداخلي، شعرت بأن قلبي ينبض بقوة وأسرع من المعتاد. يبدو أنه كان عليَّ أن أخفض من سقف توقعاتي بدلاً من التفكير في حقيقة أن التأمل سيكون مفيدًا لي، وأنني سأختبر العالم كما لم أختبره من قبل. ربما وضعت الكثير من الضغوط على نفسي. واعتقدت أنني سأكون فاشلاً إذا لم يكن لدي نوع من الخبرة الغامضة.

وضعية الجلوس الأساسية هي وضع القدم اليمنى على الفخذ الأيسر، والقدم اليسرى على الفخذ الأيمن. وإذا كان الأمر صعبًا للغاية، فيُمكن الجلوس مع وضعية ”سييزا“ (الجلوس مع ثني الساقين تحت الجسم).
وضعية الجلوس الأساسية هي وضع القدم اليمنى على الفخذ الأيسر، والقدم اليسرى على الفخذ الأيمن. وإذا كان الأمر صعبًا للغاية، فيُمكن الجلوس مع وضعية ”سييزا“ (الجلوس مع ثني الساقين تحت الجسم).

وأثناء الجلوس يمر علينا الكاهن حاملًا عصا خشبية مسطحة تسمى ”كيساكو“. وعادة، أي شخص غير قادر على التركيز أثناء جلسة التأمل يتلقى ضربة قوية بالعصا على كتفه. لكن في معبد تايوجي، يتم استخدامها فقط لأولئك الذين يطلبونها عن طريق انحناء الرأس ووضع راحتي اليد معًا في وضعية الـ غاشو (ضم راحتي اليد معًا أمام الصدر) عندما يمر الكاهن أمامهم. واعتقدت أنه سيضعها بخفة على كتفي بما أننا مبتدئين، لكنني كنت مخطئا. حيث كان الصوت كالسوط مخترقًا صمت أرجاء المكان. وكانت الضربة مؤلمة بقدر ألم السوط نفسه.

نصيحة رئيس الكهنة: ”كلما حاولت أن تفكر في اللاشيء، كلما تشتت انتبهاك أكثر فأكثر. حاول أن تتخيل أنك في أعماق المحيط“.
نصيحة رئيس الكهنة: ”كلما حاولت أن تفكر في اللاشيء، كلما تشتت انتبهاك أكثر فأكثر. حاول أن تتخيل أنك في أعماق المحيط“.

وفي الواقع، عندما جلست بشكل صحيح وتنفست بهدوء بعد تلقي ضربة العصا، تمكنت من الشعور بالهدوء، وتلاشت الأفكار الخاملة التي كانت تدور في ذهني تدريجيًا.

وتقع قاعة التأمل على قمة منحدر، ويمكن للمرء الجلوس في مواجهة النوافذ للاحساس بالطبيعة. وبينما كنت أحدق في أوراق الشجر التي بدأت تتلون بألوان الخريف، شعرت كما لو كنت أطفو على سحابة، لقد بدا الأمر كما لو كان مكافأة من بوذا، على ما أعتقد.

وليس من الممكن التعمق في ممارسات الزن من خلال الإقامة لليلة واحدة أو يومين فقط في المعبد. ومع ذلك، شعرت كما لو أنني ذقت حلاوة ˮالصفاء الروحي“. بمعنى آخر، لقد تعلمت أهمية أن أعيش اللحظة، واكتشفت مكانًا يمكنني من خلاله التريث قليلًا لاستعادة الاتزان ولملمت شتات نفسي عندما تصبح حياة المدينة الصاخبة تضغط علي من كل الجوانب.

وعندما عدت إلى طوكيو، نقلت هذه الأفكار إلى الأصدقاء والعائلة في فرنسا عبر البريد الإلكتروني. وفي صباح اليوم التالي، تلقيت ردًا من والدتي، التي تعيش في جنوب فرنسا، قائلة بأنها ترغب في زيارة اليابان والذهاب إلى معبد تايوجي بمجرد انحسار الوباء.

وأجبتها بسعادة غامرة: ˮنعم، تعالِ في الربيع وسنذهب إلى المعبد. وبالقرب منه كذلك يوجد متنزه هيتسوجياما الشهير بأزهار الكرز. ويمكننا كذلك الاستمتاع بالمساحات الشاسعة من نبات ˮالقبس الزاحف“ مع وجود جبل فوجي في الخلفية.“

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من اللغة الإنكليزية. المقالة من إعداد وتنسيق أمانو هيساكي. صورة الموضوع: معبد تايوجي، المعروف أيضًا باسم ˮمعبد السماء“. حيث توفر نوافذ القاعة التي يمارس فيها الزوار جلسات تأملات الزن مناظر بانورامية خلابة. جميع الصور © أمانو هيساكي)

معبد تايوجي

  • العنوان: 459 أوتاكي، مدينة تشيتشيبو، محافظة سايتاما
  • طريقة الوصول: 25 دقيقة بسيارة الأجرة من محطة ميتسوميني-غوتشي على خط سكة حديد تشيتشيبو. تتوفر خدمة استقبال زوار دور الضيافة الـ ˮشوكوبو“، مع الحجز المسبق.
  • هاتف: 0494-54-0296
  • الموقع الإلكتروني:
    http://www.taiyoji.com (المعلومات متاحة باللغة اليابانية فقط)

السياحة الثقافة الثقافة الشعبية التاريخ الياباني