10 سنوات من الكارثة: مسؤول كبير في وكالة إعادة الإعمار يتحدث عن الإنجازات التي تمت والتحديات المستقبلية في المناطق المنكوبة

كوارث

وافق 11 مارس/ آذار من هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لزلزال وتسونامي 2011 اللذان دمرا ساحل المحيط الهادئ بمنطقة توهوكو شمال شرق اليابان. كيف تسير جهود الإنعاش هناك، وما الذي تعتبره الحكومة اليابانية من القضايا التي يجب معالجتها في المستقبل؟ مقابلة مع نائب رئيس وكالة إعادة الإعمار.

يوكي فوميهيكو YUKI Fumihiko

يشغل منصب نائب رئيس وكالة إعادة الإعمار. ولد عام 1960 في محافظة شيمانى، بعد تخرجه من جامعة طوكيو التحق بوزارة البناء ”وزارة الأراضي والبنية التحتية والنقل والسياحة حاليا“. وهناك تقلد عدة مناصب بما في ذلك المدير العام لمكتب الإسكان والمدير العام لمكتب السياسات، كما يشغل منصب نائب عمدة محافظة كيوتو منذ يوليو/ تموز 2020.

مخطط إعادة إعمار فوكوشيما يدخل حيز التنفيذ

المحاور: لقد مرت عشر سنوات على كارثة 11 مارس/ آذار 2011. ما هو وضع التعافي في المناطق المتضررة في منطقة توهوكو؟

يوكي فوميهيكو: يمكنني القول إننا استطعنا أن نحقق تقدمًا كبيراً في عملية إعادة الإعمار بشكل عام، ولكن درجة التقدم تختلف من منطقة إلى أخرى، وذلك على حسب المنطقة وطبيعة الكارثة التي واجهتها. فنحن على وشك الانتهاء من عملية إعادة الإعمار في المناطق الرئيسية التي تأثرت بشكل أساسي بالزلزال والتسونامي، وهي المناطق الواقعة على طول الساحل في محافظتي إيواتي ومياغي. بينما نجد أن المناطق المتضررة من الكارثة النووية أي محافظة فوكوشيما قد بدأت فيها عملية إعادة الإعمار والتنشيط بشكل جدي مؤخراً فقط.

اكتملت أعمال البنية التحتية في إيواتي ومياغي. الآن المهمة الرئيسية هي تحقيق ”إعادة البناء الذهني والعاطفي“ للسكان الذين عاشوا الكارثة. كيف يمكننا ضمان صحة الأطفال وكبار السن هناك؟ كيف سنعيد بناء المجتمع المدمر؟ مازال هناك العديد من القضايا العالقة. هناك أيضاً قضية الصناعات الرئيسية المحلية ومصايد الأسماك التي تعتبر الدعامة الأساسية لاقتصاد المنطقة والتي لم تستعيد كامل عافيتها بعد أن فقدت قنوات المبيعات التي كانت تتمتع بها قبل الكارثة، نحن بحاجة إلى مواصلة الدعم.

في الوقت نفسه لا تزال هناك مناطق بها أوامر إخلاء سارية حتى الأن في فوكوشيما، ولا يستطيع السكان العودة إلى منازلهم في حوالي 330 كيلومترًا مربعًا من شمال شرق المحافظة، وهي منطقة تقارب نصف مساحة بحيرة بيوا، أكبر بحيرة في اليابان. حتى في المناطق التي أُلغيت فيها عمليات الإجلاء مؤخراً لا يرغب في العودة سوى قلة من السكان، وحتى الذين يرغبون في العودة الأن أغلبهم من كبار السن. نحتاج إلى مواصلة العمل لتهيئة بيئات معيشية أفضل هناك. وفي المناطق التي لم يتم تحديدها بعد على أنها جاهزة لعودة السكان، فإننا نعمل على تحديد مناطق معينة نركز فيها أعمال تطهير التربة وإعادة بناء البنية التحتية، بهدف فتح بعض المناطق للعائدين في وقت مبكر من ربيع عام 2022. وستستمر هذه الجهود.

يوكي فوميهيكو، نائب رئيس وكالة إعادة الإعمار.
يوكي فوميهيكو، نائب رئيس وكالة إعادة الإعمار.

المحاور: ما هي تكلفة أعمال إعادة الإعمار حتى الآن؟ ماذا يمكنك أن تخبرنا عن الخطط من الآن فصاعدًا؟

يوكي: كجزء مما يسمى بخطة إعادة الإعمار، خصصت اليابان ميزانية قدرها 31.3 تريليون ين على مدى السنوات العشر الماضية لإعادة بناء المناطق المتضررة من الزلزال والتسونامي والكارثة النووية. كما تم إصدار سندات إعادة الإعمار الخاصة لجمع هذه الأموال على المدى القصير، ومن المقرر تغطية التكاليف على مدى خمسة وعشرين عامًا من خلال زيادة ضريبة الدخل وغيرها من الإجراءات. هذا هو النهج الرئيسي في اليابان. بعد أن اكتملت أعمال البنية التحتية العامة في المناطق المتضررة من كارثة تسونامي بشكل أساسي، وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، من المقرر أن نخفض حجم إطار إعادة الإعمار إلى حد كبير، إلى حوالي 1.6 تريليون ين في الإنفاق الإضافي.

في مجال البنية التحتية، من المفترض أن يشهد هذا الربيع استكمال طريق ساحلي يمر عبر منطقة سانريكو بأكملها من الشمال إلى الجنوب، بالإضافة إلى ”طرق إعادة الإعمار“ التي تربط المناطق الساحلية بالداخل. كما تم إعادة تأهيل السكك الحديدية وهي قيد التشغيل اليوم. وبحلول نهاية شهر مارس/ آذار سننتهي من بناء 30 ألف وحدة سكنية عامة في جميع أنحاء منطقة الكارثة، بالإضافة إلى تشكيل أرض مرتفعة حيث تم نقل 18 ألف منزل من المناطق المنخفضة بالقرب من الشاطئ.

لقد كان هذا نجاحًا كبيرًا من حيث وضع مخطط لإعادة الإعمار وتنفيذ ما يجب القيام به وفقًا لذلك المخطط. أعتقد أننا وضعنا سابقة يمكن الاستفادة منها إذا حدثت كارثة مماثلة يومًا ما في مكان آخر حول العالم.

بناء المجتمعات من جديد

المحاور: من وجهة نظر الحكومة، ما هي أكبر التحديات المتبقية في المناطق المتأثرة؟

يوكي: إذا كنا نتحدث عن إعادة إعمار المناطق التي ضربها الزلزال والتسونامي بشدة، فالمشكلة الرئيسية التي تواجهنا هي أن معظم السكان مازالوا لا يرغبون في العودة. لقد أنشأنا أحياء مرتفعة جديدة لهم للعيش فيها وتركنا الأراضي المنخفضة التي وصل إليها التسونامي لاستخدامها كمناطق صناعية أو كمرافق عامة أو للزراعة.

تم العمل على تحريك الأرض لإنشاء هذه المنصات وبناء المناطق السكنية، الجديدة فوقها، ولكن لم يتم تحديد أي استخدام لحوالي %30 من الأرض المرتفعة حتى الآن. لقد رأينا أيضًا حالات قام فيها الأشخاص الذين كانوا يعتزمون الانتقال إلى الأراضي المرتفعة بإلغاء خططهم لأسباب عائلية أو لأسباب أخرى. بالطبع لا يمكننا إنشاء مجتمعات سكنية جديدة تمامًا في غضون عام أو عامين، ولكن هذا النوع من إنشاء المجتمعات الجديدة هو بالضبط ما نحتاج إلى العمل عليه الفترة القادمة.

وبالنظر إلى ما تم إنجازه في منطقة فوكوشيما المتضررة من الحادث النووي، يمكننا أن نرى بعض التقدم. في البداية كانت هناك مساحة شاسعة تبلغ 1150 كيلومترًا مربعًا حيث أُمر الناس بإخلاء المكان. على مدى العقد الماضي تم تخفيض هذا إلى حوالي الثلث. تكمن المهمة الآن في إنشاء بيئات تجعل من الممكن عودة الناس للعيش هناك. ستكون هناك أيضًا آليات دعم ليس فقط للسكان السابقين الذين يتطلعون إلى العودة إلى ديارهم، ولكن للأشخاص الذين سينتقلون إلى هذه المناطق لأول مرة.

يحتاج الناس إلى أماكن للعمل إذا ما أرادوا العودة، لذلك تهدف الحكومة إلى جذب شركات التكنولوجيا المتطورة لإنشاء متجر في المنطقة. لدينا أيضاً إطار عمل ساحل فوكوشيما للابتكار، وهو الاسم الذي اطلقناه على المبادرة التي تتضمن بناء منشآت صناعية لصناعة طائرات بدون طيار وروبوتات للاستخدام العملي، ولجلب الطاقة الهيدروجينية إلى مرحلة التطبيق. وغني عن القول أن المنطقة تحتاج منا أيضًا إلى بذل المزيد من العمل لمعالجة الضرر الذي أصاب سمعة منتجاتها الزراعية والسمكية بسبب كارثة المفاعل النووي فوكوشيما دايتشي.

الدعم الدولي

المحاور: جذبت منطقة توهوكو ككل قدرًا كبيرًا من الاهتمام والدعم المالي وغيره من أشكال الدعم، لا سيما في أعقاب كارثة عام 2011 مباشرة. هل ترى أن دور الحكومة هو رد الجميل للعالم في شكل مشاركة الدروس والحكمة التي اكتسبتها اليابان من عملية التعافي بعد الكارثة؟

يوكي: قبل عشر سنوات أي بعد وقوع الزلزال مباشرةً، تلقينا تعهدات بالدعم من 163 دولة ومنطقة، إلى جانب 43 منظمة دولية. لقد أرسلوا فرقًا طبية ومتخصصين إلى المناطق المنكوبة، وتبرعوا بالمال والإمدادات اللازمة، وكل ذلك ساعد في وضع جهود التعافي لدينا على أسس آمنة بالفعل. أثناء توليه منصب نائب الرئيس في عهد باراك أوباما زار الرئيس الأمريكي جو بايدن محافظة مياغي وشاهدنا عددًا لا يحصى من الشخصيات السياسية والرياضيين والفنانين والعديد من الزوار الآخرين يأتون إلى المنطقة ويحثون السكان على التحلي بالشجاعة اللازمة. لا يمكننا الإعراب عن الامتنان الكافي لكل ما فعله المجتمع العالمي من أجل اليابان.

نحن نكافح حاليًا من أجل مواجهة جائحة كوفيد-19، ولكن نأمل أن نتمكن من استضافة دورة الألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة في طوكيو هذا العام، ووضعها كمرحلة للمشاركة مع العالم في عملية التعافي من آثار زلزال شرق اليابان الكبير. ومن المقرر تنظيم مباريات البيسبول في فوكوشيما ومباريات كرة القدم في مياغي.

بالطبع من واجبنا أيضًا مشاركة ما تعلمناه والمعرفة التي اكتسبناها مع الناس في جميع أنحاء العالم. تجربتنا وخبرتنا في إعادة الإعمار من أجل التعافي من الكارثة ستكون متاحة للجميع. في عام 2015 استضافت مدينة سينداي بمحافظة مياغي المؤتمر العالمي الثالث للأمم المتحدة بشأن الحد من مخاطر الكوارث. منذ ذلك الحين يُعقد منتدى بوساي العالمي بشكل دوري كل عامين، ونحن ندعو الخبراء من جميع أنحاء العالم للحضور إلى المناطق المتأثرة في توهوكو للتعلم من تجارب اليابان هناك.

المشاركون في منتدى بوساي العالمي يزورون منطقة يورياغى في ناتوري بمياغي في 17 مارس/ اذار 2015، ويستمعون إلى شرح امرأة محلية تروي ما مر به السكان بعد 11 مارس/ آذار 2011. جيجي برس.
المشاركون في منتدى بوساي العالمي يزورون منطقة يورياغى في ناتوري بمياغي في 17 مارس/ اذار 2015، ويستمعون إلى شرح امرأة محلية تروي ما مر به السكان بعد 11 مارس/ آذار 2011. جيجي برس.

ترى الحكومة اليابانية أن هناك ثلاث نقاط مهمة يجب مشاركتها مع المجتمع الدولي، وهي بمثابة الدروس المستفادة من تجربة ما بعد الكارثة. أولاً، لا يجب أن يكون تعاملنا مع الكارثة مجرد رد فعل، فمن الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة مسبقًا. من حيث التأهب لكارثة تسونامي، هذا يعني بالطبع بناء البنية التحتية المادية مثل حواجز الأمواج. ولكن بالنظر إلى إمكانية حدوث موجات كما رأينا في عام 2011 على نطاق لا يأتي إلا مرة واحدة كل عدة قرون، فمن الواضح أيضًا أننا بحاجة إلى التفكير في كيفية التخطيط لمجتمعاتنا لتكون أكثر مرونة. يتضمن ذلك إنشاء طرق للإخلاء السريع، ومشاركة المعلومات في وقت مبكر حول الأماكن التي يحتاج الناس إلى الفرار منها عندما يحين الوقت، وما إلى ذلك.

ثانيًا، في مجال الاستجابة للكوارث والتخفيف من حدتها، كثيرًا ما نسمع عبارة ”إعادة البناء بشكل أفضل“. فعندما نتعافى ونبدأ في البناء بعد وقوع كارثة ما، يجب علينا أن نحاول إنشاء شيء أفضل مما كان موجودًا في السابق.

ثالثًا وأخيراً، علينا أن ندرك أن الاستجابة للكوارث ليست شيئًا يمكن للقطاع العام التعامل معه بمفرده. نحتاج إلى مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة -بما في ذلك القطاع الخاص- التي يمكنها أن تعمل معًا من أجل إعادة الإعمار.

إذا كانت هناك رغبة في سماع تجربة اليابان في إنشاء وكالة من أجل إعادة الإعمار، أو في جمع الأموال اللازمة لدفع جهود إعادة البناء، يسعدنا بالطبع مشاركة ما لدينا من خبرات.

المحاور: لقد قامت الوكالة أيضًا بتأسيس بوابة إلكترونية تحتوي على معلومات عن عشر سنوات من جهود إعادة الإعمار في توهوكو. ماذا تستطيع ان تقول عن هذا؟

يوكي: جائحة كوفيد-19 جعلت من الصعب التخطيط للاحتفال هذا العام بما أنجزناه خلال العشر سنوات الماضية في المناطق التي تأثرت بكارثة 11 مارس/ آذار. على الرغم من ذلك، يمكننا مشاركة الكثير من المعلومات حول كيفية إعادة الإعمار مع الناس في جميع أنحاء العالم وفي اليابان أيضاً عبر شبكة الإنترنت. كذلك نحن ننظم مسابقة للصور من أجل تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزته الحكومة اليابانية في مخطط إعادة الإعمار في محافظات إيواتي ومياغي وفوكوشيما. يتميز الموقع أيضًا بمحتوى يقدم منطقة توهوكو من زوايا مختلفة، وروابط لمصادر من متحف إيواتى التذكاري الخاص بكارثة التسونامي، ويتضمن المتحف قسمًا خاصاً باللغة الإنجليزية. كما نخطط لاستضافة ”ندوة عبر الانترنت“ وتحميلها على الموقع، يمكننا أن نتوقع أن يصبح الموقع أكثر فائدة في المستقبل.

موقع بوابة الذكرى العاشرة لزلزال شرق اليابان العظيم

( المقالة الأصلية باللغة اليابانية استنادًا إلى مقابلة أجريت في 19 فبراير/ شباط، 2021 مع إيشي ماساهيتو، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: منطقة سكنية مبنية حديثًا تقع فوق منطقة خطر تسونامي في هيغاشي ماتسوشيما بمحافظة مياغي. كيودو)

كارثة الزلزال الكبير في شرق اليابان فوكوشيما الحكومة اليابانية