رجل أسطوري: الأمير الياباني شوتوكو

تاريخ اليابان

كان الأمير شوتوكو زعيما مؤثرا في اليابان في القرن السابع، ويعزى له الفضل عموما في الإنجازات التي تحققت من تأسيس رتب في البلاط الإمبراطوري ووضع دستور لتشجيع انتشار البوذية وإرسال مبعوثين إلى الصين. في هذه المقالة يغوص المتخصص في التاريخ القديم تونو هارويوكي في أعماق الماضي للنظر في كيفية الحصول على اكتشاف الصورة الحقيقية لهذه الشخصية شبه الأسطورية.

فرصة لإعادة البحث

اشتهر الأمير شوتوكو (574-622) أحد أشهر سياسيي الأسرة الإمبراطورية في التاريخ الياباني، بإسهاماته الثقافية. وعلى الرغم من أن هناك الكثير من الأشخاص المشهورين الذين عاشوا في اليابان منذ أكثر من ألف عام، إلا أننا لا يمكننا التحديد بوضوح سنوات ميلاد ووفاة إلا عدد قليل جدا منهم، فضلا عن إنجازاتهم.

يعود سبب معرفتنا بهذه التفاصيل للأمير شوتوكو إلى التوقير الذي منح له بعد وفاته بفترة وجيزة، مما يعني أن الكثير من المواد وسجلات السيرة الذاتية لا تزال باقية. توافق السنة القادمة مرور 1400 عام على وفاته، وفي فترة الاثني عشر شهرا التي تسبق هذه المناسبة، ستُقام مراسم تأبينية في معابد بوذية. وهناك أيضا خطط لعرض ممتلكات ثقافية مرتبطة بحياته في نارا وأوساكا وطوكيو. إنها فرصة لإعادة البحث في سيرته.

على الرغم من العدد الكبير من الوثائق والمواد الثقافية الباقية إلى الآن، من الصعب للغاية الحصول على صورة حقيقية للأمير شوتوكو. هناك أدلة تشير إلى أنه حظي بالتبجيل بشكل كبير حتى في سنواته الأخيرة، واستمر الأمر بعد وفاته. هناك العديد من الحكايات الأسطورية في نصوص سيرته الذاتية، وفي نهاية المطاف أصبح يُعبد باعتباره تجسيدا للإلهة المستنيرة كانّون.

تاريخيا كان يُعرف باسم أومايادو، أما اسم شوتوكو والذي يعني ’’الفضيلة الرشيدة‘‘ فقد أصبح متداولا بعد وفاته. إن حقيقة أن هذا حدث بعد أقل من قرن من وفاته تظهر السرعة التي أصبح يعتبر بها استثنائيا.

شخصية مثالية

الصورة الشائعة في أذهان اليابانيين عن شوتوكو هي كما يلي: في عام 593 بعد تولي عمته الإمبراطورة سويكو العرش، أصبح وليا للعهد وعُين وصيا على العرش. وفي عام 601 كان لديه قصر مشيد في إيكاروغا إلى الشمال الغربي من أسوكا (الآن محافظة نارا)، والتي كانت العاصمة آنذاك. وعندما انتقل إلى هناك بعد أربع سنوات، أسس على الجانب الغربي من القصر معبد إيكاروغاديرا وهو الآن جزء من هوريوجي، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.

أسس نظاما مكونا من 12 رتبة من مسؤولي البلاط يمكن تمييزهم من القبعات الملونة، ودعم الترقية على أساس الجدارة، ووضع دستورا من 17 مادة وأيد السياسات القائمة على الانسجام والتركيز على الحاكم الإمبراطوري لأولئك الذين خدموا في البلاط الإمبراطوري. وبصفته بوذيا متدينا ألقى محاضرات وكتب تعليقات على لوتس سوترا (نص رئيسي يشكل أساس التعاليم البوذية) ونصوص أخرى مماثلة. كما أرسل مبعوثين إلى الصين وشجع على تبني الثقافة من القارة الآسيوية.

وقرب نهاية حياته تعاون مع رجل الدولة الكبير سوغا نو أوماكو في إعداد سجل لتاريخ اليابان. وهو من أطلق الحركة التي من شأنها أن تؤدي إلى دولة مركزية في النصف الثاني من القرن السابع، لكنه توفي قبل أن يتمكن من تحقيق كل ما كان يصبو إليه.

هذا ما يمكن أن يسميه المرء الصورة النموذجية للأمير شوتوكو، استنادا إلى ’’نيهون شوكي (السجلات اليابانية)، التي اكتملت بعد قرن أو نحو ذلك من وفاته، والتراجم المبكرة نسبيا. ومع ذلك كانت تلك بالفعل صورة مثالية إلى حد كبير، ومن الخطر تصديقها بدون تحفظات. أشار العديد من الباحثين على مر السنين إلى تلك الأخطار وتفحصوا بعناية إنجازاته المزعومة.

من المؤكد أن المواد القديمة لا تذكر شوتوكو فيما يتعلق بسياسات مثل رتب البلاط الاثنتي عشرة وإرسال السفراء إلى الصين. الدستور المؤلف من 17 مادة الذي قيل إن شوتوكو كتبه يتضمن نقاطا وتعبيرات تظهر في غير محلها بالنسبة للوقت الذي كان ينشط فيه وهو ما يثير الشكوك. يُقال إنه كان وليا للعهد (كوتايشي)، لكن لم يستحدث هذا المنصب رسميا حتى نهاية القرن السابع. حتى أن منصب وصي (سيشّو) ظهر في وقت لاحق.

نقش مهم

مثل تلك الاعتبارات تثير دائما الشكوك بالنظر إلى عدم وجود أدلة تاريخية قوية. لا بد من وجود حقائق دامغة لتجنب حالة الجدل غير المنتهي. قد يبدو من المستحيل توفير دقة موثوقة للأحداث التي وقعت منذ أكثر من 1400 عام، لكنني أدركت أنه يمكن العثور على مثل هذا المصدر بين الكتابات الوافرة المتعلقة بشوتوكو. هذا المصدر هو النقش الموجود على الهالة التي تحيط بالتمثال البرونزي المذهَّب لبوذا والذي يحيط به اثنان من المستنيرين في القاعة الرئيسية لهوريوجي.

يتكون النقش الموجود على الوجه الخلفي للإطار من 196 حرفا مرتبة في شبكة من 14 صفا و 14 عمودا. ينص النقش على أن التماثيل منحوتة بعد وفاة والدة شوتوكو وزوجته بالإضافة إلى شوتوكو نفسه على التوالي من 621 إلى 622. تاريخ وفاة شوتوكو هو اليوم الثاني والعشرون من الشهر الثاني في العام الموافق 622 (يوافق حاليا 8 أبريل/نيسان حسب التقويم الحديث). وبطبيعة الحال، حظيت التماثيل والنقش بشهرة منذ فترة طويلة، وكان هناك جدل راسخ بين أولئك الذين اعتبروها موثوقة وآخرين قالوا إنها نقشت لاحقا.

وبهذا المعنى فالنقش ليس اكتشافا جديدا، ولكن التركيز عليه يقود إلى أدلة جديدة. يتناسب النقش المكون من أحرف على 14 عمودا و 14 صفا، مع مربع أكبر نافر من الإطار. وهذا يشير إلى أن النقش كان مخططا له عندما تم صنع الهالة. هناك أيضا بقع مرئية على نفس الجانب الذي يلتصق فيه الذهب. توضح هذه النقاط أن النقش والتماثيل تعود إلى نفس الزمن. من الصعب تبديد أية شكوك في أن النقش هو إضافة لاحقة فقط من خلال مناقشة النص، لكن نظرة على الجوانب المادية تبدو حاسمة.

الحقيقة الأكثر أهمية التي يمكن للمرء أن يستنتجها من النقش الموجود على الوجه الخلفي للإطار هو أن شوتوكو كان بالفعل شخصية مرموقة بما يكفي ليتم وصفه بـ’’هوؤو‘‘ في وقت وفاته وهي كلمة مكتوبة بـ ’’法 皇‘‘، علما أنها غالبا ما تكتب ’’法‘‘ في نصوص أخرى، ولكنه مصطلح احترام يستخدم كثيرا مع شوتوكو. في القرن السابع كان الحرفان ’’皇‘‘ و’’王‘‘ (حاليا يعنيان ’’إمبراطور‘‘ و’’ملك‘‘ على الترتيب) يستخدمان بنفس الطريقة إلى حد كبير. الحرف ’’法‘‘ يشير إلى البوذية، وذلك من أجل الاعتراف بسعة معرفته في هذا المجال.

كان هناك ميل نحو التشكك في المحاضرات والتعليقات المختلفة على النصوص البوذية المنسوبة إليه، بالإضافة إلى المعابد الكثيرة التي قيل إنه أسسها. في حين أن وصفه بهوؤو لا يعني أنه يجب علينا ببساطة قبول الأساطير المتعلقة به، إلا أنه كان يمتلك بلا شك معرفة وفهما غير عاديين للبوذية. إن الأخذ بالاعتبار محتوى تعليقه على لوتس سوترا وخصائصه كممتلكات ثقافية يعطي نظرة على شوتوكو الحقيقي. إن الدستور المكون من 17 مادة والذي أثيرت الشكوك حوله أيضا، يضع بندا يشجع على الديانة البوذية قبل بند يحض على احترام الأوامر الإمبراطورية، وبطرق أخرى يبدو أن الدستور من أعماله. كتبت المزيد عن هذا في كتابي (البحث عن الأمير شوتوكو الحقيقي).

تأسيس مكانة للبوذية

ولكن أود الإشارة إلى التأثير الكبير لشوتوكو على تبني اليابان للثقافة الأجنبية في فترة أسوكا (593-710). شهد عصره تأثيرا كبيرا للبوذية. وعلى الرغم من كونه بوذيا متدينا إلا أنه لم يصبح كاهنا، وبدلا من ذلك عمل كسياسي لإنشاء مكان للدين في المجتمع.

وبصرف النظر عن لوتس سوترا، كانت الكتابات التي اختار التحدث عنها والتعليق عليها هي فيمالاكيرتي سوترا وسريمالاديفي سيمهانادا سوترا وهما على التوالي عن كاهن وملكة. ومن خلال اختيار الترويج للبوذية على وجه الخصوص، من المحتمل أن شوتوكو اعتقد أنه يستخدم ثقافة القارة لجمع شتات بلد يشهد نزاعات مستمرة بين العشائر القوية، وخلق مجتمع أكثر تحضرا. عند العودة إلى المصادر المتبقية إلى الآن، من الصعب القول إن شوتوكو كان نشطا بشكل بارز في السياسة، لكنه يظهر كشخصية متعلمة لا تعرف الكلل تعمل خلف الكواليس لدعم الإمبراطورة سويكو وسوغا نو أوماكو لتطبيق السياسات.

كيف كان شكل شوتوكو؟ يُعتقد الآن أن صورته المألوفة لدى اليابانيين الكبار في السن والتي ظهرت على أوراق نقدية سابقة لفئة 1000 ين ياباني تظهر في الواقع أحد الأرستقراطيين من فترة نارا (710-794). يقال إن التمثال المركزي في القاعة الرئيسية لهوريوجي والتي تضم 3 تماثيل يشبه شوتوكو. ,نظرا لأنه يمثل أيضا بوذا، فقد نحت على تلك الهيئة، ولكن ربما يمكننا هنا إلقاء نظرة خاطفة على وجه شوتوكو. بالمناسبة، من الممكن أيضا من هذا التمثال حساب الارتفاع وهو أقل بقليل من 165 سم، والذي كان يعتبر طويلا جدا في تلك الفترة.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 8 مارس/آذار عام 2021. صورة العنوان: صورة ساد اعتقاد في أحد الأوقات أنها للأمير شوتوكو، وقد استخدمت كأساس لصورته على الورقة النقدية فئة 1000 ين في القرن العشرين، ولكن حاليا يُعتقد بشكل عام أنها صورة أرستقراطي من فترة نارا.)

التاريخ الثقافة الشعبية الثقافة التقليدية