تعرف على رحلة السكان الأصليين لليابان من العنصرية والتهميش للاعتراف والتغيير

مجتمع

لا يزال شعب الأينو يكافح ضد التمييز العنصري والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي. بعد أن عانى من التهميش جيلاً بعد جيل، يقول أشيزاوا ميتسورو من جمعية Etekekampa التابعة لمجموعة الأينو إن المجتمع الياباني بدأ أخيرًا في التغيّر.

بدأ أراتا يوكي يحضر في جمعية Etekekampa في توكاتشي، وهي مدرسة خاصة لطلاب الأينو المقيمين بمدينة أوبيهيرو في هوكايدو، وذلك لأن شقيقه الأكبر كان يذهب إلى نفس المدرسة. تم تأسيس المدرسة، المعروفة باسم Eteke، في عام 1990 لتوفير مكان للتعلم والتفاعل للشباب المحليين المنتمين لعرق الأينو. يتذكر أراتا قائلاً: ”لقد اعتدنا أن نلتقي مع أشي“، في إشارة إلى أشيزاوا ميتسورو أحد الأعضاء المؤسسين والرئيس الحالي للجمعية.

تخرج ساكاي مانابو من مدرسة Eteke ولديه ذكريات جميلة مماثلة عن أشيزاوا، حيث يقول ”لولا فضل أشي عليّ ماكنت سأنجح، لقد مكثت في منزله من أجل الدراسة. كان يهتم بي أكثر من أساتذتي في المدرسة وفهم ما كنت أمر به “.

تتذكر ساكاي ماري زوجة مانابو، وهي أيضًا طالبة سابقة في مدرسة Eteke، أنها كانت على خلاف مع أشيزاوا لإهمالها واجباتها المدرسية. تروي قائلة: ”ذهبت إلى Eteke لألعب فقط، لكن أشي كان يدفعني لأهتم بالدراسة. لقد كنت منزعجةً في ذلك الوقت، ولكن الآن بعد أن كبرت أشعر بالامتنان لما فعله من أجلي“.

أشيزاوا ميتسورو.
أشيزاوا ميتسورو.

البحث عن الذات

نشأ أشيزاوا في مدينة نايورو شمال هوكايدو. عندما كان طالبًا في المدرسة الثانوية، كان قلبه ينفطر لرؤية صور المجاعة الحاصلة في إفريقيا نتيجة للأزمات الإنسانية في بلدان مثل إثيوبيا. وحينها استوحى من جهود المجموعات الخيرية رفيعة المستوى مثل Band Aid و USA for Africa، حلمه بتقديم الدعم الزراعي كحل للتخفيف من معاناة الناس في المناطق المتضررة.

في عام 1987، بعد عامين من دراسته في جامعة أوبيهيرو للزراعة والطب البيطري، حضر ندوة زراعية في سابورو شارك فيها الكثيرون من جميع أنحاء هوكايدو. وهناك رأى عرضًا قدمته امرأة مسنة من عرق الأينو غيّر مجرى حياته. يتذكر أشيزاوا ”لقد غطّت عدة موضوعات، لكن أكثر ما أتذكره هو أنها أنهت حديثها بقولها “أيها اليابانيون، اخرجوا من هوكايدو”! ولأنني لم أكن من عرق الأينو فقد شعرت بالغضب.

في الصيف التالي، سافر أشيزاوا إلى كندا حيث عمل في وظائف زراعية مختلفة وعمل في مركز أبحاث تابع لمنظمة مسيحية لإعالة نفسه. ثم سافر إلى الولايات المتحدة وبقي هناك حتى نفدت مدخراته. يقول إنه خلال هذه الفترة لم يفكر كثيرًا في كلمات امرأة الأينو، ولكن عندما وجد نفسه وحيدًا في نيويورك في وقت عيد الميلاد، عادت تلك الكلمات لتؤرقه مجدداً. ”كانت المرة الأولى التي يخطر ببالي أنه بحكم ولادتي في هوكايدو، فقد أكون متواطئًا في اضطهاد الأينو، ولقد أزعجتني الفكرة لدرجة أنني فقدت الرغبة في الحياة. لا شك أن كلمات تلك المرأة تركت بداخلي جرحاً أعمق مما تخيلت“.

في عام 1989، التقى بالصدفة مع اثنين من طلاب التبادل اليابانيين في مينيسوتا، وتطرقوا في حديثهم إلى فيلم Cry Freedom الذي تدور أحداثه في جنوب إفريقيا خلال نظام الفصل العنصري. يروي كيف جادل أحد الطلاب بأن السود في جنوب إفريقيا يجب أن يقبلوا السكان البيض المقيمين في البلاد. ”لقد صدمتني الكلمات مثل المطرقة وشعرت أنه إذا حصلت على قبول الأينو فسيمكنني العودة إلى هوكايدو مرتاح البال. في وقت لاحق، علمت أن المرأة نفسها تنتمي إلى عرق الأينو“.

توحيد الجهود لمكافحة التمييز

بعد عودته إلى اليابان، قام مدرس في مدرسة ثانوية خاصة في أوبيهيرو بالاتصال بأشيزاوا ليطلب منه تعليم اثنين من طلاب الأينو الذين يحضرون المؤسسة. من خلال مشاركته مع الطلاب التقى بالسيدة كيمورا ماساي، التي كانت في ذلك الوقت تساعد في ترتيب إجراءات وصول الدعم المالي لعائلات الأينو التي يعولها أحد الوالدين. سيساعد الزوجان المستقبليان – كيمورا التي تبلغ من العمر 41 عامًا وأشيزاوا الطالب الجامعي الذي يبلغ من العمر 24 عامًا - في تأسيس مدرسة Eteke.

كيمورا ماساي.
كيمورا ماساي.

كانت حالات التمييز ضد الأينو شائعة في المدارس المحلية وكان كل من كيمورا وأشيزاوا منشغلين في التعامل مع الحوادث. تتذكر كيمورا مواجهتها معلمة الصف الذي كانت فيه فتاة توقفت عن حضور الفصل لأنها تعرضت للتنمر. ”خرجنا فورًا وسألنا عما إذا كانت المعلمة تعتقد أنه من المقبول ألا تتمكن الفتاة من الالتحاق بالمدرسة لمجرد أنها من الأينو لكنني لم أحصل على إجابة مباشرة“ وبسبب غضبها من تحفظ المعلمة، ازدادت حدتها وهي تقول ”أخبرت المعلمة أنه من الواضح أنهم لا يهتمون بمحنة الفتاة وإلا لكانوا اتخذوا إجراءً بدلاً من تشجيع المتنمرين من خلال السكوت على أفعالهم وعدم عقابهم“. وفي مواجهة سخط كيمورا، انفجرت المعلمة بالبكاء.

كطالب جامعي، اعتاد أشيزاوا على زيارة منازل ومدارس أطفال الأينو. على الرغم من أنه تمسك بحلمه بالعمل في الخارج، إلا أن هذه اللقاءات كانت توجهه إلى مسار مختلف دون أن يعلم. في عام 1991، ساعده معلمه الجامعي في الحصول على منصب تدريسي في مدرسة ثانوية خاصة في أوبيهيرو. وبالرغم من انشغاله بمنصبه الجديد، إلا أنه واصل عمله في Eteke، وكان يضطر أحيانًا إلى الاستئذان خلال ساعات الدراسة للتعامل مع بعض المشاكل الطارئة.

يتذكر مرة وصوله إلى المدرسة ليجد طفلًا من عرق الأينو قد تعرض للتنمر وكان ينظر للأرض بحزن وانكسار. ويشرح قائلاً: ”كتب أحدهم )دي، أينو!) على السبورة“. لقد كان هذا الأمر يتكرر بشكل مزعج ” وجدنا الكلمات نفسها مكتوبة في حديقة بالقرب من المكان الذي كنت أعيش فيه“، أزعجه الحادث بشدة، لكن كان على أشيزاوا أن يتعامل أيضًا مع الصعوبات التي يواجهها المعلمون داخل الفصل الدراسي. ”كان المعلمون يعبرون لي عن حيرتهم بشأن أفضل نهج يمكن اتباعه للتعامل مع طلاب الأينو“.

في وقت مبكر، يقول أشيزاوا إن العديد من الأمهات أصررن على عدم قيام Eteke بتعليم أطفالهن المحتوى المرتبط بالأينو. اندهش من هذا، يقول: ”كنت مقتنعًا بأن أطفال الأينو يحتاجون قبل كل شيء إلى تعليم قوي“. وهذا سيمكنهم من تقدير تراثهم ومواجهة التنمر والنبذ. وبالتالي يمكنهم الاستمرار في الدراسة وصولاً إلى المدرسة الثانوية وحتى الجامعة. أردت أن أقدم لهم تعليمًا قويًا يفتح أمامهم فرصًا جديدة ويساعدهم في العثور على السعادة ويضمن لهم حقهم الطبيعي في عيش حياة كريمة”.

التواصل مع الشعوب الأصلية الأخرى

لاحقًا، بناءً على إصرار أشيزاوا، وسعت Eteke نطاق أنشطتها حيث نظّمت المدرسة رحلات خارجية لأطفال الأينو للقاء السكان الأصليين الآخرين. سافرت المجموعات إلى كندا في 1995 و 1998 و 2001 وإلى تايوان في 2010.

شارك أراتا يوكي في الرحلة الثالثة إلى كندا، وهي تجربة يقول إنه كان لها تأثير كبير عليه. يروي قائلاً: ”لقد كوّنت صداقات مع صبي في سني ينتمي إلى أمة هيلتسوك. كان لدينا الكثير من القواسم المشتركة بما في ذلك التجارب السيئة التي مرت علينا في المدرسة“ وعندما أدت المجموعات المختلفة رقصات تقليدية لبعضها البعض، أُعجب أراتا بحماس صديقه الجديد. ”كان يرقص عاري الصدر ويصرخ. كنت أنتمي إلى جمعية مشهورة للحفاظ على ثقافة الأينو، لكنني جئت من أجل المتعة ولما رأيته غدوت أشكك في جدية دوافعي“. يقول إنه بعد الرحلة بدأ ينظر نظرة أكثر جدية لمشاركته.

يقول أشيزاوا إن تأثير الرحلات على الأطفال قد تجاوز توقعاته. ”قال الجميع إنهم شعروا بالتواصل من خلال كونهم من السكان الأصليين. هذا شيء لا يمكنني الارتباط به لأنني لست من الأينو، ولكن يكفيني أن أرى الأطفال يطورون وعيهم كأبناء الشعب الأصلي من خلال مشاركتهم.

كما قام ساكاي مانابو وزوجته ماري بزيارة كندا مع Eteke. التحق ابناهما التوأم بالمدرسة منذ أن كانا في الصف الأول. الآن بعد أن أصبح الأولاد في المدرسة الثانوية، يأمل الزوجان أن يزور ابناهما كندا أيضًا وأن يعيشا نفس التجارب التي لا تُنسى.

التغييرات محليًا وعبر المجتمع

مرت ثلاثون عامًا منذ تأسيس Eteke. كان العديد من الطلاب الدارسين يعيشون في مجمع الإسكان العام المحلي، ويطلق عليه شقق أزورا. لكن أعداد المقيمين داخل المجمع والمباني المماثلة آخذة في الانخفاض في جميع أنحاء المدينة، مما أثر على التحاق الطلبة. كان يلتحق حوالي 30 طفلًا بمدرسة Eteke في أوج ازدهارها، ولكن نظرًا لانخفاض معدل المواليد في اليابان وعوامل أخرى، يوجد حاليًا حوالي 10 طلاب فقط تتراوح أعمارهم ما بين المدرسة الابتدائية والمدرسة الثانوية. جميعهم يذهبون إلى المدرسة بانتظام، وهو أمر يدعو إلى الفخر ما كنا لنحلم بتحقيقه في الماضي.

يقول أشيزاوا: ”لقد تغير المجتمع، كل عام أرى أطفال الأينو يلتحقون بالمدرسة ويعلنون بفخر هويتهم وتراثهم الخاص، وهو شيء ما كان ليحدث في الأيام الخوالي“.

الطلاب في مدرسة Eteke. تجتمع المجموعة كل خميس، مع أحداث منتظمة للأطفال وعائلاتهم بما في ذلك المعسكرات والأيام الرياضية والرحلات.
الطلاب في مدرسة Eteke. تجتمع المجموعة كل خميس، مع أحداث منتظمة للأطفال وعائلاتهم بما في ذلك المعسكرات والأيام الرياضية والرحلات.

في عام 1997، استبدلت اليابان قانون حماية السكان الأصليين السابق، وهو تشريع قديم يرجع تاريخه إلى عام 1899، بقانون تعزيز ثقافة الأينو. يعتقد أشيزاوا أن القانون أثر بشكل كبير على التعليم. يقول: ”بعد إقرار القانون، بدأت المدارس الابتدائية في هوكايدو بإدراج محتوى الأينو الثقافي في المناهج الدراسية“. تتم الآن دعوة أهالي الأينو لإلقاء محاضرات للطلاب، كما أن بعض المدارس الابتدائية لديها أطفال يؤدون رقصات تقليدية في مهرجاناتهم الفنية. أصبح لدى المدرسين الذين كافحوا في السابق لتضمين المحتوى المرتبط بالآينو المزيد من الخيارات”.

أشيزاوا متحمس للتغييرات التي يراها في المجتمع. ”من الصعب تصديق ذلك، ولكن حتى الأمهات اللاتي منعنني ذات مرة من تعليم أطفالهن ثقافة السكان الأصليين يحضرون الآن دروس التطريز الخاصة بالأينو في المركز الاجتماعي“

في أكتوبر/ تشرين الثاني 2020، قدمت مؤسسة ثقافة الأينو تقديرًا لتاريخ Eteke في تقديم الدعم التعليمي للمجموعة جائزة تعزيز ثقافة الأينو. لا يحاول Ashizawa إخفاء مشاعره. يقول: ”حتى الآن، أشعر بالامتنان والفرح كل يوم خميس عندما أرى الأطفال“. ”إن الالتقاء ينشط الطلاب والمعلمين ويجعل الروابط متقاربة“.

لقد نجح نضال وجهد الناس على مر السنين من أجل التصدي للتمييز الذي يواجهه الأينو في إحداث تغيير اجتماعي تدريجي وواضح. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به. حدث تذكير صارخ بهذا في مارس/ آذار من العام الجاري عندما بث برنامج إخباري صباحي افتراءات عنصرية ضد شعب الأينو على التلفزيون الوطني. أثار البث عددًا كبيرًا من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي المليئة بالتعليقات المتعصبة واللغة المسيئة والمعلومات المضللة.

عندما زرت Eteke، شارك الأطفال أفكارهم وأحلامهم معي أثناء فترة الراحة. لقد تأثرت ببراءة تطلعاتهم، مثل العمل في ماكدونالدز وممارسة كرة الريشة واللعب مع زملائهم في الفصل. أتساءل كيف يمكننا ضمان سعادة هؤلاء الأطفال. لا يجب على الضحايا وحدهم حل مشكلة التعصب الأعمى، بل يجب على الجناة أيضًا أن يكونوا جزءاً من الحل، علينا جميعا أن نقدم يد المساعدة.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: طالبة من جامعة أوبيهيرو للزراعة والطب البيطري تدرّس الأطفال في جمعية Etekekampa. جميع الصور بواسطة إيكيدا هيروشي)

الحزب الليبرالي الديمقراطي المجتمع الياباني الحكومة اليابانية