كورونا وشهر رمضان: كيف أثرت الجائحة على المسلمين في اليابان؟

مجتمع

لا تزال جائحة كورونا تؤثر على العديد من أنشطة حياتنا اليومية المعتادة بشكل كبير، حتى أصبحنا نعيش أوقاتًا غير تلك الأوقات التي تعودنا عليها، وعادات جديدة اكتسبناها في ظل دعوات المحافظة على التباعد الاجتماعي للهروب من فتك هذا الفيروس القاتل. في اليابان ومع دخول شهر رمضان هناك أيضا العديد من المتغيرات التي طرأت على حياة المسلمين هنا، وعلى الشعائر والعادات المتبعة في هذا الشهر الكريم.

رمضان في زمن الكورونا

هذا هو العام الثاني الذي يمر على العالم في ظل جائحة كورونا التي ضربت حياتنا اليومية، وكل ما كنا نعتقد أنه أمر عادي في مقتل. فقد أصبحنا نخاف من التجمع مع أصدقائنا، أهلنا، ومعارفنا حرصًا منا على تقليل الاختلاط الذي نصح به الخبراء، للتقليل من خطر الإصابة بهذا الفيروس دون أن ندري.

ولعل شهر رمضان الكريم وشعائره الدينية قد أصابها من الفيروس الكثير أيضا، فقد تم حظر صلاة التراويح والتجمعات المعتادة حرصًا على صحة الناس في العديد من الدول العربية والإسلامية، لكن ماذا عن اليابان؟

يقول السيد شيموياما شيغيرو وهو المسؤول الإعلامي في المركز الثقافي التركي وجامع طوكيو ”لقد أثرت جائحة كورونا على أنشطة الجامع والمركز الثقافي بشكل كبير العام الماضي، خاصة أن شهر رمضان المبارك جاء أثناء إعلان حالة الطوارئ في اليابان للسيطرة على انتشار فيروس كورونا في البلاد. لذلك فقد تم إلغاء الإفطار الجماعي الذي اعتدنا إقامته كل عام للمسلمين وغير المسلمين، كما تم إلغاء صلاة التراويح أيضًا حرصًا على صحة الناس، وعدم المخاطرة بإصابة الناس بالعدوى“.

السيد شيموياما المسؤول الإعلامي في المركز الثقافي التركي وجامع طوكيو.
السيد شيموياما المسؤول الإعلامي في المركز الثقافي التركي وجامع طوكيو.

ويضيف ”لكن هذا العام سيتم إقامة صلاة التراويح وكذلك صلاة الجمعة مع المحافظة على التباعد والمسافات الآمنة بين المصلين، وإلزام المصلين بوضع الكمامات، كما سيتم تطهير اليدين بالمطهرات قبل دخول الجامع للحرص على حياة الناس“.

لم تصدر محافظة طوكيو تعليمات خاصة بتجمع الناس في جامع طوكيو وفقًا للسيد شيموياماـ لكنه أبدى حرصه الشديد على الالتزام بوضع الكمامات، وتطهير اليدين قبل دخول الجامع، ولن يسمح بدخول أي شخص لا يلتزم بتلك القواعد. كما شدد على فتح نوافذ الجامع وهي كثيرة حتى تتم عملية تغيير الهواء داخل الجامع، مما يقلل من فرص انتشار عدوى كورونا.

جامع طوكيو.
جامع طوكيو.

غياب التجمعات بسبب الكورونا

يقيم جامع طوكيو إفطارا جماعيًا كل عام يوميا خلال شهر رمضان، ويدعو فيه كافة الناس المسلمين وغير المسلمين من كافة الجنسيات لتناول وجبة الإفطار سويًا خلال الشهر الكريم. ويقوم الجامع بدعوة اثنين من الطباخين من تركيا خصيصا ليقوما بإعداد وجبات الإفطار من المطبخ التركي يوميًا لحوالي 500 شخص وفقًا للسيد شيموياما. لكن بسبب كورونا، فقد تم إلغاء الإفطار الجماعي العام الماضي، وكذلك سيتسمر هذا الوضع، هذا العام للأسف الشديد.

إفطار رمضان في جامع طوكيو قبل الكورونا. الصورة من السيد شيموياما.
إفطار رمضان في جامع طوكيو قبل الكورونا. الصورة من السيد شيموياما.

العلاقات الإنسانية في زمن الكورونا

يقول السيد شيموياما ”يجب أن نتعلم الكثير من أزمة كورونا التي نعيشها جميعًا حاليًا، وأول الدروس التي يجب أن نتعلمها هو أهمية العلاقات والروابط الإنسانية التي نسيناها في ظل الانشغال بالحياة اليومية. خاصة أثناء فترة البقاء في المنزل التي فرضت علينا بسبب الجائحة، والعمل عن بعد من المنزل، مما تسبب لنا في الشعور بالوحدة، لذلك فتلك الفترة العصيبة فرصة لنا لنتعلم من جديد استحالة أن نعيش وحدنا، وأن نعيد حسابتنا في طريقة حياتنا من جديد“.

”أعتقد أن الناس في أوروبا، أمريكا، واليابان كانوا يعانون بشدة من الوحدة حتى قبل جائحة كورونا، ربما لعدم ووجود مكان يجمعهم مثلما يحدث أثناء تجمع المسلمين للصلاة في الجامع. حيث إن ذلك يمنح الشخص ذلك الشعور بالطمأنينة وبأنه ليس وحيدًا. وأعتقد أن اليابان ستعاني بعد انتهاء الجائحة، خاصة مع توجه العديد من الشركات للعمل عن بعد وهو ما سيؤثر على العلاقات الاجتماعية بين الناس ويزيد من تقوقعهم ووحدتهم أكثر فأكثر. أعتقد أن العمل عن بعد وما شابه ذلك من طرق العمل لا يتناسب مع طبيعة المجتمع الياباني، وسيتسبب في تصدع وضعف العلاقات الإنسانية بين الناس بشكل متزايد“.

ويضيف ”إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده أبدًا، وهذا ما يجب أن نتعلمه ونخرج به تلك الأزمة، خاصة المجتمع الياباني الذي يعاني من الوحدة“.

لا يزال العالم يكافح من أجل الخروج من أزمة كورونا، ربما تنتهي قريبًا، وربما تستمر معنا إلى أبعد من ذلك، لكننا بكل تأكيد سنخرج منها بالعديد من الدروس المستفادة التي ستنعكس على شكل حياتنا في المستقبل.

(النص والكتابة من إعداد nippon.com، صورة العنوان من بيكستا)

الإسلام رمضان جامع طوكيو