سوكوشينبوتسو: التحول إلى مومياء بوذية سعيا إلى الخلاص الأسمى في نهاية تنسُّك صارم
تاريخ اليابان- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
محفوظة في المعبد الأساسي لعقيدة جبل يودونو
إن السوكوشينبوتسو هي جثة المتنسِّك التي تم تحنيطها. وهناك عقيدة تقوم بعبادة مثل هذه الجثث المحنطة على أنها بوذا منذ عصر الممالك الشمالية والجنوبية (1336-1392)، ويوجد 18 مومياء في جميع مناطق اليابان في الوقت الحالي. وتم حفظ رفات كوبو دايشي كوأوكاي (774-835) مؤسس طائفة شينغون البوذية في داخل معبد في جبل كويا بعد بلوغه مرحلة السوكوشينبوتسو، ويُعتقد أنه مازال على قيد الحياة حتى الآن، لذلك يقوم الرهبان بتقديم وجبات الطعام له بشكل يومي.
لذلك فإن معظم السوكوشينبوتسو محمية في معابد طائفة شينغون البوذية. ومن بينها، تم حفظ ست مومياوات في منطقة شوناي عند سفوح جبال ديوا الثلاثة (جبل غسَّان، جبل يودونو، جبل هاغورو)، ومومياوتين في منطقة أوكيتاما في محافظة ياماغاتا. ويُعتقد أن سبب وجود حرف الكانجي ”كاي“ في أسماء السوكوشينبوتسو يعود إلى وجود نفس الحرف في اسم كوكاي مؤسس طائفة شينغون. وهناك أربع مومياوات في محافظة نيغاتا المجاورة، ومومياء واحدة في كل من محافظة فوكوشيما، ومحافظة إباراكي، ومحافظة كاناغاوا، ومحافظة ناغانو، ومحافظة غيفو، ومحافظة كيوتو.
المعابد التي يتم فيها حفظ السوكوشينبوتسو في داخل محافظة ياماغاتا
منطقة شوناي
اسم المعبد | اسم السوكوشينبوتسو | عام الحفظ |
---|---|---|
كايكوجي | تشوكاي شونين | 1755 |
إنميوكاي شونين | 1822 | |
نانغاكوجي | تيتسوريوكاي شونين | 1881 |
هونميوجي | هونميوكاي شونين | 1683 |
تشورينجي | تيتسومونكاي شونين | 1829 |
داينيتشيبو | شينيوكاي شونين | 1783 |
منطقة أوكيتاما
اسم المعبد | اسم السوكوشينبوتسو | عام الحفظ |
---|---|---|
زوكوين | كوميوكاي شونين | 1854 |
ميوجوين | ميوكاي شونين | 1863 |
يتم حفظ هذه المومياوات في المعابد التي أصبحت مراكز رئيسية لعقيدة جبل يودونو في عصر إيدو. والمكان المقدس في جبل يودونو (جسد الإله بعد عصر ميجي) ليس الجبل بحد ذاته، وإنما صخرة كبيرة تنبع منها عين ساخنة. ويُطلق عليها اسم ”قبة الينابيع الساخنة“ حيث ترسبت المعادن التي تحتويها الينابيع الساخنة. ويُعبد جبل يودونو باعتباره المعبد الداخلي لجبال ديوا الثلاثة منذ العصور القديمة.
ومنذ أن تم ضم جبل هاغورو إلى طائفة تينداي في عام 1641، اشتدت المواجهة بين طائفتي تينداي وشينغون في جبال ديوا الثلاثة. حيث قامت طائفة شينغون برفع دعوى قضائية ضد طائفة تينداي التي أصبحت قوة ضخمة بموافقة رسمية من حكومة توكوغاوا. وتم الحصول على حكم قضائي أصبح بموجبه ”جبل هاغورو وجبل غسَّان تابعين لطائفة تينداي، وجبل يودونو تابعا لطائفة شينغون من بين الجبال الثلاثة“.
ومن أصبح سوكوشينبوتسو هو المتعبِّد مدى الحياة والذي يعني المتنسِّك لجيل واحد فقط، وهو ليس من المنطقة المقدسة، بل متدين من طبقة دنيا جاء من خارج المنطقة. وبالنسبة لطائفة شينغون فقد اكتسب المتعبدون مدى الحياة فيها قدرات دينية من خلال تدريبهم في جبل يودونو، وجعلهم ينشطون في الخطوط الأمامية للعمل التبشيري، وقاوموا طائفة تينداي. وقد أثرت هذه المواجهة على ظهور الكثير من السوكوشينبوتسو في منطقة شوناي خلال عصر إيدو.
التحول إلى سوكوشينبوتسو بعد التنسُّك الصارم
يمكن تقسيم المجموعات التي شاركت في الأنشطة الدينية في جبل يودونو إلى رهبان من طائفة شينغون، ومتدربي مذهب طوزان الذين قام بتأسيسه كاهن شوبو (832-909) من نفس الطائفة، والمتعبدين مدى الحياة. حيث قام الرهبان بجعل تلامذتهم يتَّبعونهم، وجعل المتدربون الذين كانوا متزوجين أبناءهم يقتفون أثرهم. وكان الرهبان يحرسون المعابد، ويذهب المتدربون إلى أماكن إقامة الأتباع في فصل الشتاء للعمل التبشيري، لذلك لم يكن من الممكن إجراء التدريبات الصارمة التي كان يقوم بها المتعبدون مدى الحياة في جبال الشتاء. ووفقا للتقاليد المتوارثة في المعابد، قام المتعبدون مدى الحياة بالامتناع عن تناول المحاصيل العشرة (الأرز والقمح والدخن والجاورس والفول وغيرها)، وتدربوا على تناول ثمار الأشجار والنباتات التي تنمو بشكل طبيعي في الجبال، وانعزلوا في مجرى مياه سينينزاوا في جبل يودونو وقاموا بالتنسُّك هناك.
وتمت كتابة عبارة ”المنعزلون في الجبال لمدة ألف يوم“ على النصب الحجري الذي تم نقش أسماء المتعبدين مدى الحياة عليه، ويمكن معرفة أنهم واصلوا تنسُّكهم في سينينزاوا في منتصف الشتاء الذي تتراكم فيه ثلوج كثيرة أيضا. وكما ذكرت سابقا، فإن المكان المقدس هو قبة الينابيع الساخنة، ويبدو أنهم قاموا بالحصول على الدفء من الماء الساخن الذي ينبع من هناك، واستطاعوا أن يتحملوا برودة الشتاء الشديدة. وتشير سجلات عصر إيدو إلى أن الأتباع الذين قاموا بزيارة مثل هؤلاء المتعبدين مدى الحياة المنعزلين في الجبال خلال الشتاء قاموا بحمل الهدايا لهم معهم. ويدخل المتعبدون مدى الحياة الذين أنهوا التنسُّك الصارم إلى النعش وهم أحياء، ويتم دفنهم في التراب على تلك الحالة بطريقة تُسمى ”دوتشونيوجو (الدفن في التراب)“، ويتم إخراجهم بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر بعد أن يتحولوا إلى سوكوشينبوتسو.
ولكن، أظهر مسح ميداني أجرته كلية الطب في جامعة نيغاتا في ستينيات القرن الماضي أن معظم السوكوشينبوتسو قد تم تحنيطها من خلال تجفيفها بشكل اصطناعي بعد الموت وغير ذلك. ففي بيئة مناخ اليابان الدافئ والرطب، لا يمكن أن تولد مومياوات طبيعية مثل مصر، وبالتالي فقد تم تحنيطها من قبل البشر قبل أن تصبح سوكوشينبوتسو.
والدفن في التراب هو تقليد تم توارثه في المعابد التي تقوم بحماية السوكوشينبوتسو، ولم يتم العثور على وثائق تاريخية قامت بذكر ذلك. ويوجد بعض من تلال الدفن في مناطق مختلفة من اليابان حيث لا تزال أسطورة الدفن في التراب قائمة، ولكن لم يخرج من تلك التلال التي أجريت فيها حفريات بالفعل إلا بقايا هياكل عظمية فقط. لذا كان عدد الأشخاص الذين تم تحنيطهم بعد الموت وأصبحوا سوكوشينبوتسو قليلا.
الفجوة بين التقاليد والحقائق التاريخية
ونظرا لأن المتعبدين مدى الحياة ليسوا رهبانا، فقد كانوا يقومون بإطالة شعرهم ويربطونه من أعلى الرأس مثل المتدربين. أما بالنسبة للباسهم، فلم يكونوا متدربين، لذلك لم يكن بإمكانهم ارتداء زي اليويغيسا. وأكثر سوكوشينبوتسو شهرة في جبل يودونو هو تيتسومونكاي شونين الذي تم حفظ رفاته في معبد تشورينجي في مدينة تسوروكا في محافظة ياماغاتا. ومن الممكن رؤية زيه من صورته المرسومة. وبعد أن قام بقتل اثنين من الساموراي بسبب شجار معهم، والهروب إلى المعبد والاختباء في داخله، حصل على دعم واسع النطاق من عامة الشعب لأنه كان يعمل بجد في المشاريع الاجتماعية أيضا مثل تعبيد الطرق واستصلاح الحقول الجديدة. وكان يقوم بأنشطة تبشيرية من أجزاء مختلفة من منطقة توهوكو مثل مدينة موراكامي في محافظة نيغاتا، ومدينة موريوكا في محافظة إيواتي وحتى منطقة إيزو، ويتضح من المواد التاريخية المكتشفة لاحقا أنه حصل على أتباع جدد.
وتوجد نُصب يودونو التذكارية التي نُقشت عليها أسماء المتعبدين مدى الحياة الذين أصبحوا سوكوشينبوتسو في مختلف مناطق محافظة ياماغاتا، ولكن تم إنشاء معظمها قبل مماتهم. أي أنه تم تقييم نشاطاتهم الدينية قبل مماتهم من قبل أتباعهم وأصبحوا معبودين، ولم يقوموا بجمع الأتباع بعد أن أصبحوا سوكوشينبوتسو. ولكن، نظرا لدمار معبد تشورينجي ومعبد كايكوجي بالكامل بسبب اشتعال النيران بهما، وتضرر معبد داينيتشيبو بسبب الزلزال في منتصف عصر ميجي، لم يتبق الكثير من الوثائق التاريخية، لذلك فإنه من الصعوبة بمكان سد الفجوة بين التقاليد والحقائق التاريخية. والقيام بتوضيح الدور الذي لعبه المتعبدون مدى الحياة كالمتدينين من خلال الوثائق التاريخية والنصب التذكارية مع احترام التقاليد التي تم توارثها في المعابد التي يتم فيها حفظ السوكوشينبوتسو هو مهمة مستقبلية.
الشهرة بعد قمع الديانة البوذية
إن السوكوشينبوتسو التي كانت مشهورة في عصر إيدو هي كوتشيهوئين (تم حفظها في عام 1363)، وتوجد في معبد سايشوجي في مدينة تيرادوماري في محافظة نيغاتا، وقد كتب الكثير من المسافرين الذين زاروا هذه المنطقة انطباعاتهم عنها. كما شاهدها الشاعر ماتسوأو باشو خلال رحلته ”الزقاق الخلفي“. ومن ناحية أخرى، هناك العديد من سجلات الرحلات إلى جبال ديوا الثلاثة، لكن القليل منها فقط ذكر أنه تمت مشاهدة سوكوشينبوتسو هناك. وقام الرحالة سوغاي ماسومي بالقيام بالكثير من الرحلات، وقام بكتابة شائعات حول معبد هونميوجي والسوكوشينبوتسو هونميوكاي شونين، ولكنه يقول إن شهرته بعيدة كل البعد عن شهرة السوكوشينبوتسو كوتشيهوئين.
ويُعتقد أن سوكوشينبوتسو جبل يودونو أصبحت مشهورة بعد القيام بقمع الديانة البوذية نتيجة لانفصال الديانتين الشنتوية والبوذية بعد نهضة ميجي. وقد أُجبرت معظم المعابد في جبال ديوا الثلاثة إلى التحول إلى الديانة الشنتوية. فبعد أن أنكرت حكومة ميجي السياسات الدينية لحكومة توكوغاوا والتي كانت حكومة بوذية، وقررت أن الشينتو هي الديانة الرسمية للدولة، تحولت العديد من معابد عقيدة الجبال التي كانت تمارس الشنتو والبوذية إلى الشنتو. وبالإضافة إلى ذلك، فبموجب القانون الجنائي الجديد الذي سنته حكومة ميجي، فإن دفن المتعبدين مدى الحياة وهم على قيد الحياة هو مساعدة على الانتحار، والقيام بإخراجهم بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر لجعلهم سوكوشينبوتسو يعد جريمة حفر قبر والتمثيل بجثة، لذلك أصبح من غير الممكن السعي للتحول إلى سوكوشينبوتسو.
وادعت المعابد الأربعة لطائفة شينغون التي جعلت من قبة الينابيع الساخنة لجبل يودونو مكانا مقدسا أن ”جبل يودونو هو جبل بوذي“، ولكن لم يتم الاعتراف بذلك. ومع ذلك، ظل معبد تشورينجي الذي يقدس تيتسومونكاي شونين ومعبد داينيتشيبو الذي يقدس شينيوكاي شونين معبدين بوذيين من أجل حماية التقاليد، الأمر الذي أدى إلى فقدان الحق بالطقوس الدينية لجبل يودونو. وخلال عصر إيدو كان يتم دفع رسوم في المعابد الموجودة في مدخل طريق الحج في جبال ديوا الثلاثة للحصول على جولة دينية في تلك الجبال، لكن هذين المعبدين فقدا مصدر دخلهما. لهذا السبب، يُعتقد أنه تم جعل السوكوشينبوتسو كرمز وعبادته كإله، وتم توزيع التمائم، وتم دفع السوكوشينبوتسو إلى المقدمة لنشر الدين وتأمين مصدر دخل جديد.
من الصعب اعتبارها ملكية ثقافية لأنها ليست تماثيل لبوذا
إن السوكوشينبوتسو ليست ”تمثالا لبوذا“، بل جسد بشري، لذلك لا يمكن تحديدها كملكية ثقافية. وبالتالي لا يمكن الحصول على إعانات من الدولة والإدارات المحلية للحفاظ عليها، وتكلفة القيام بذلك عبء على المعابد التي تقوم بتلك المهمة. ونظرا لأنها تعتبر كتمثال سري لبوذا، فإن طقوس تغيير زي السوكوشينبوتسو التي تُقام مرة كل 6 أعوام أو 12 عاما، لا تُقام أمام عامة الناس، ومن الصعب تصنيفها على أنها ملكية ثقافية شعبية غير ملموسة.
ويبدو أن أولئك الذين قاموا بزيارة تلك المواقع، وتواصلوا عن كثب مع السوكوشينبوتسو، وتلقوا شرحا مفصلا حول مساعدة عامة الناس، يفهمون الدور الذي لعبه المتعبدون مدى الحياة كأشخاص متدينين، وتأثروا بعمق بهم. ومن أجل الحفاظ على حالة السوكوشينبوتسو ونقلها إلى الأجيال القادمة، يجب العمل على جذب المزيد من الناس لزيارتها، وزيادة عدد الأشخاص الذين يفهمون قيمتها. ولكن العديد من المعابد توجد في أماكن بعيدة عن المناطق الحضرية، لذلك أتمنى أن يكون هناك دعما إداريا لتخصيص سيارات أجرة سياحية وحافلات صغيرة تقوم بجولات لزيارة معابد السوكوشينبوتسو.
(النص الأصي باللغة اليابانية، صورة العنوان الرئيسي: شينيوكاي شونين المحفوظ في معبد داينيتشيبو، حقوق صورة العنوان داينيتشيبو)